أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - إمرأة اخرى 1988(وودي ألن): مسرح الذات














المزيد.....

إمرأة اخرى 1988(وودي ألن): مسرح الذات


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 7675 - 2023 / 7 / 17 - 15:32
المحور: الادب والفن
    


إمرأة اخرى فيلم متفرد حقيقي في مسيرة وودي ألن،مختلف في اللكنة التي ألفناها عنده،من السخرية والحوار الصاخب بالكلام لدرجة الثرثرة،بالاضافة الى الشخصية العصابية المتوترة باندفاع الحاضرة دائما في افلامه،وكانه حاول صنع فيلم ذا منهجية درامية وأكثر عقلانية واكثرا تحيزا لسينما السرد الشخصي الطبيعي محاكيا الى درجة كبيرة مخرجه الأثير أنغمار بيرغمان التي كانت المراة بالنسبة اليه هما منفردا خاصا والتي حقق من خلالها أشهر أفلامه وانجحها مثل برسونا والصمت،وليس من المبكر القول أن نقول أن وودي ألن استخدم كمديرا للتصوير Sven Nykvist وكلنا نعرف من هو هذا الشخص وكيف أن اسمه مرتبط الى درجة كبيرة بالمخرج أنغمار بيرغمان...
الشخصية الرئيسية في الفيلم هي ماريسون -Gena Rowland-من الطبقة الاكاديمية المثقفة رئيسة
قسم الفلسفة في احد الجامعات ،وهي بلغت الخمسين مع اللحظة الأولى للفيلم...انه فيلم بالدرجة الأولى عن أزمة منتصف العمر.
تقول ماريسون -الفيلم يعتمد كثيرا على المونولوج الداخلي لماريسون-:
لو طلب مني ان اقيم حياتي بعد ان بلغت الخمسين،لقلت أنني قد حققت مستوا لائقا من الانجاز سواء كان على المستوى الشخصي أو المعنوي...أنني في اجازة حتى اتفرغ لتأليف كتابي وتاليف كتاب جديد دائما ما يكون مشروع مرهق يقتضي أن أنعزل دائما....
الشقة التي استأجرتها (ماريسون) تطل من خلال التهوية على عيادة طبيب نفسي،وهي تستمع الى العديد من الاعترافات الجنسية الساخنة،ولكن يبدو ان الأهم منها هو اعترافات إمرأة...من تلك المراة التي تماثلها من حيث مشاعرها كإمرأة ومن حيث انعكاسات حياتها المتشابه مع حياتها:
كان صمت إمرأة،كان مليئا بالألم حتى انه فطر قلبي واسرني بالحزن الذي يملأه....
تقول المرأة:ومضى الوقت وكانت هناك خيالات غريبة بدأت تراودني وأفكار مؤلمة عن حياتي،كما لو كان هناك شيء فيها غير حقيقي مليء بالخدع،وان هذه الخدع قد اصبحت من فرط كثرتها وكأنها جزا لا يتجزأ مني الى الدرجة التي لم أعرف من فيها من أنا حقا...؟!
من الاعترافات:فجأة بدات اتصبب عرقا،واعتدلت في الفراش وقلبي يدق بعنف ونظرت الى زوجي الراقد بجانبي،وبدا كأنه شخص غريب فأضأت النور وايقظته وطلبت منه ان يحتضني وبعد وقت طويل بدات اتمالك نفسي ولكن،لبرهة قبلها، بدا لي وكأن ستارة قد فتحت واني ارى بنفسي بوضوح ولكني خفت مما رأيت ومما أتوق إليه فكرت في ان أنهي كل شيء...
الفيلم هو عن أزمة منتصف العمر فالحسنة الوحيدة لبلوغ الخمسين هي انك لم تبلغه مرة ثانية مع عمل جرة قلم حسابية مع الحياة بحيث يبدو الماضي في هذا السن أهم من المستقبل،والسبب هو أفول الحياة والشعور باقتراب الموت،وما المستقبل إلا أسيرا للماضي الطويل نسبيا،الذي مهما حاولت لن يتنصل المستقبل منه.
ولا يبدو كتاب ماريون في علم الالسنة الألمانية سوى محاولة لعقلنة ما مضى من حياتها،ومحاولة دمجه مع مستقبلها المتبقي بشيء من الرضا عن النفس والاعتراف بالذنب.
الماضي يشي بالخطيئة...يشي بالكثير من الأخطاء،فهي ارتكبت خطيئة الزنا مع زوجها الحالي في وقت كانت زوجته في المستشفى يستأصلون مبيضها،عندما حاول والدها ارغام أخاها للعمل في مصنع للكرتون من أجل تعليمها...لابد من عمل مصالحة مع الماضي قبل ترتيب الحاضر لتتم المصالحة التامة...
عندما كنت في السادسة العشرة من عمري كتبت مقالة عن قصيدة النمر،وهي عن الصورة التي يراها النمر وهو يحرق من وراء القضبان قفص،فخلصت الى ان هذه الصورة لا بد أن تكون للموت...ثم رأيت قصيدة أمي الأثيرة:جذع أبولو العتيق
كان هناك آثار على الصفحات لدموعها التي تساقطت على السطر الأخير للقصيدة...
يقودها وودي ألن الى مسرح الذات،الى مسرح الماضي والحاضر...هنا كل شيء ممكن ان يعالج جلد الذات...انه يعالج البقية والانتقال الهادئ نحو الموت...ربما بدأت تسأل نفسها:هل سببت الألم الى كل من حولها...؟!
هذا المسرح الذهني العقلي يراجع كل شيء ممكن في الحياة...
زوج حالي بارد العواطف اتجاهها،زوج سابق مات تقريبا منتحرا ورفضت ان تنجب منه،وحبيب حالي يكتب الروايات ويستلهم روائيا شخصية حبيبته ماريسون ويستدعي مشاعره...
لقطة مسرحية جمالية ،لايوجد فيها مبالغات أو تحيز نحو الحلم او الاسقاط أو المجاز غير المفهوم،في لقطة ينعكس الضوء فيها على الشخصية المركزية فقط...هل الفيلم عن حكايات بيرغمان النسوية...؟
عن كل حكايات بيرغمان النسوية...؟!
من الممكن ان تكون الاجابة ب....نعم
تقول ماريسون تقريبا في ختام الفيلم:
لم يعني لي شيئا ان ابلغ الثلاثين،الكل قال بان هذا سيكون شعوري،ثم قالوا اني سأتحطم عندما ابلغ الاربعين،ولكنهم كانوا مخطئين ولم أعر الأمور أي اهتمام،ثم قالوا بأني سأنهار عندما أبلغ الخمسين وكانوا على حق...وتساءلت:هل الذاكرة هي شيء نملكه...ام هي شيء نفقده...؟
ولأول مرة منذ وقت طويل شعرت بالسكينة...؟!
الفيلم جيد وان كان مختلفا عن اللكنة الدرامية الساخرة المألوفة لوودي ألن...أنه حكاية متعمدة من حكايا بيرغمان المنسية...ربما أراد بيرغمان ان يحققه ذات مرة وتوقف لسبب ما...
ولكن،هذا الاسترجاع للحظات لا يمكن يخضع للجهل ولا لعتمة الذاكرة ولا للذاكرة العشوائية هذه الذاكرة ليست مرآة تاركوفسكي على الاطلاق...



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات الخطرة -بيير كوديرلوس دولاكلو: رواية اسيرة اللحظة ا ...
- اشتراكية 2010(جان لوك غودار):مقال صحفي
- نون يمسك بالنرد1971(ألن روب غرييه):عقلنة اللقطة
- عدن وما بعدها (ألن روب غرييه) 1970:ارتجال الواقع
- الفيلا الزرقاء1995(الن روب غرييه):تلك الاصوات التي تقود الى ...
- اللعب بالنار1975(ألن روب غرييه):محاولة اكتشاف
- حنا وأخواتها1986(وودي ألن): الطاولة التي تقف على ثلاثة ارجل
- Moebius2013 (كيم كي دك):الأوديبية التي تتحرك من خلف الظل
- ذوبان 2019:الفيلم الأخير الذي حققه كيم كي دك في حياته الدنيا
- مقت/اشمئزاز 1965:من ثلاثية الغرف المغلقة-رومان بولونسكي
- مستأجر 1976(رومان بولونسكي):لعنة الفراعنة
- الانزلاقات المتعاقبة للرغبة1974(آلن روب غرييه):نظرية نقدية-ن ...
- تس (Tess)1979 رومان بولونسكي:بين تس وجستن
- خيال حقيقي 2000 (كيم كي دك): أنا الآخر
- رهينة الوهم 2012:الفيلم الأخير لإليسو سوبيلا
- ضربة المباراة 2005:فيلم عن الاحتكام لوودي ألن
- العنوان مجهول 2001(كيم كي دك):العدو في الداخل
- معجزات صغيرة 1997(اليسو سوبيلا): الحياة هي الجانب الخارجي لل ...
- حيوان طبيعي 1996(كيم كي دك):نقطة اللاعقل
- نتيجة الحب (2007)اليسو سوبيلا: التقاء على هامش الحياة


المزيد.....




- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - إمرأة اخرى 1988(وودي ألن): مسرح الذات