أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - نار الرغبة














المزيد.....

نار الرغبة


محمود حمدون

الحوار المتمدن-العدد: 7682 - 2023 / 7 / 24 - 21:44
المحور: الادب والفن
    


نار الرغبة"
====
لمن لا يعرف" أم شوكشوك", هي سيدة عاقر, في أواخر عقدها الخامس, سمراء كأرض قاحلة خاصمها ماء السماء منذ عقود, متشققة الأطراف والكعبين, ضامرة بشدة, عيناها ضيقتان منغرستان في قاع جمجمتها, غير أنهما تبرقان بلمعة غريبة.
لم يكن الفقر وصمة تلحق بصاحبها, فالجميع فقراء وإن كان بعضهم يتوهم أنهم غير ذلك, لكنها تمايزت عن باقي نسوة الحي بشوارعه وأزقته وحواريه الملحقة به, كما سرت سُمعتها في الأحياء المجاورة, فلم يعد يُضرب بها المثل شأن غيرها من النساء ممن يمارسن سلاطة اللسان ويتصفن بسوء أدب, بل أصبحت أداة للتهديد, وسيلة لإنهاء الخصومة فورًا.
وقد اشتهرت" أم شوكشوك ", بسلاطة لسان, قدرة على سب وشتم, فلا يصمد أمامها رجل أو امرأة. الضحية تسقط صريعة قبيل مرور أول دقيقة على نشأة الصراع, الذي يشتعل دائمًا من طرف واحد فقط.
اتقاء لشّرها فقد تجنبها الجميع, منهم من انتقل من الجوار لشارع آخر, منهم من هجر المدينة كلها لأخرى دون رجعة خوفًا على عياله وأسرته. منهم من صبر على آذاها إعمالًا للقول المأثور" اصبر على جار السوء.."
لكن زادها هجران الخلق من حولها بؤسًا على بؤس, فاتقدت بين جنباتها نار الغل بصورة لم تعرفها البشرية من قبل, أصبحت " قنبلة زمنية من لحم ودم ", تعمل بمقابل, يستأجرها الخصوم من يسبق الآخر منهم لتصفية الحسابات, أو للقضاء على سمعة منافسه بصورة جذرية..
شاهدتها ذات مرة, تترصّد ضحية جديدة قبيل أذان الظهر, تربصت بها حتى أقبلتْ المسكينة من بعيد, سيدة في أربعيناتها, شكلها يدل على وقار, التزام بالسير جوار الحائط شأن أغلب سكان مدينتنا من رجال ونساء وأطفال.


كانت الوقعة مما لا يمكن سردها على الورق بتفاصيلها الدقيقة, كما لا يمكن توثيقها بصورتها الفجة كما حصلت.

لكنها على أية حال حادثة أثارت حفيظة إمام المسجد, فلم يكمل صلاة الفرض جماعة, خرج بالمصلين إلى ساحة الوغى, فاصطدموا بالمنظر كما عاصرناه, زعق في الناس: أليس منكم رجل رشيد, قادر على وقف هذه المهزلة؟ فلمّا لم يجبه أحد, تفل على يساره ثلاث بعدما حَسْبَنْ واستعاذ, ثم دخل محرابه, أغلق خلفه باب المسجد.
لكن تظل" أم شوكشوك", عَلَمًا في مضمارها, إذ ما زلنا نتذكر كيف قفزت على المرأة بنهر الطريق, وأعملت مخالبها فنزعت عنها جميع ملابسها في ثانية أو ربما اثنتين فقط, في وضح النهار وعلى مرأى من الناس, ثم شرعت بعد ذلك في هتك عرضها, بل أجزم أن نشوة الخناقة وجسد المرأة العاري ببياضه الناصع, تضاريسها الجغرافية الواضحة بجباله الشاهقة , وديانه السحيقة, قد أشعلت نار الرغبة في جسد "أم شوكشوك", فانتقلت بسرعة البرق كما ينتقل عازف ماهر على آلته بين درجات سُلّمه الموسيقي, من فعل النزع بمهارة إلى الهتك ثم مواقعة أنثى لغريمتها دون رضاها في وضح النهار, فلمّا أنجزت مهمتها بكفاءة, تجشأت, مسحت فمها بطرف جلبابها من بقايا " أحمر شفاه", الضحية, عدلت من وضع طرحتها على رأسها, ثم ألقت نظرة جانحة على نهديّ الغائبة عن الوعي الملقاة بنهر الطريق, ثم غابت مثلها من المشهد.



#محمود_حمدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغوص في الرمال – رحلة بحث عن حُشيفة الحقيقي
- المياه الجوفية
- قراءة في فقه الانقراض
- حين يصبح المخلوق خالقًا
- أبو سبعة
- لا تتحدث مع الغرباء
- مجرد -سحابة صيف-, ل:نادي جاد
- مرور عابر على - أنفاس مستعملة -, للقاصة - غادة صلاح الدين-
- إيقاع راقص
- نسخة مكرّرة
- سيكوباتي
- لغة جديدة
- اعترافات الملك قبيل الرحيل
- - سرير بروكرست- , رؤية انطباعة عن رواية -مقتل دميه-
- لو شكيت لحظة واحدة
- A.T.M
- حقائق راسخة
- السلاح الأخير
- سنةُ من نوم
- - تسليم أهالي-


المزيد.....




- الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار ...
- -الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع ...
- “المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس ...
- المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
- بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل ...
- حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
- عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و ...
- عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا ...
- كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ ...
- الحلقة 2 الموسم 6.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 166 كترجمة على ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - نار الرغبة