أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - لو شكيت لحظة واحدة














المزيد.....

لو شكيت لحظة واحدة


محمود حمدون

الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 02:04
المحور: الادب والفن
    


" لو شكيت لحظة واحدة "
===
" لو شكيت لحظة واحدة, كنت قتلته "
قال عبارته السابقة بخشونة لفظية واضحة, ثم كوّر قبضة يمينه في الهواء, سمعت أضراسه وهي تطحن الفراغ بقسوة. تقديرًا للموقف آثرت الصمت, كما أفعل دومًا في مثل هذه الحالات, فقط هززت رأسي كأنما أأسف للحادثة و أستنطقه المزيد من الكلام, ففعل دونما انتظار وقال: خرجت قبيل منتصف ليلة العيد, لأشتري طلبات للبيت, ارتديت جلبابي الفضفاض الأبيض, فأنا أجد راحتي فيه, خاصة مع ابتعادي عن الرياضة منذ عقود, فهو يخفي كثيرًا مما أرغب في مداراته عن العيون.
- أدرت رأسي حوله فوجدته فعلًا أقرب إلى هضبة صغيرة تعلوها رأس بشرية!
توقف هنيهة عن الكلام, كأنما تذكر أمرًا, ثم قال بحدة أكبر , عارف:" لو شكيت لحظة واحدة, كنت قتلته ", فرسمت على وجهي نظرة فارغة من أية معنى, فأنا حتى اللحظة لا أعرف ماذا حدث!
لم يتركني لخيالاتي, إذ قال: وجدت من يجاورني كتفًا بكتف, يسير لصق ذراعي الأيمن, شعرت بلفح أنفاسه الساخنة, على رغم أن الشارع لم يكن مزدحما في " شارع الرملة", إلاّ أنه كان يمشي بجواري, يقف حيث أقف, يسير حيثما سرت, لعلي استغربت الرجل, غير أنني لم أعره اهتمامًا, فدومًا الحياة تزخر بأنماط من البشر لا حصر لها, ثم نظر إليّ من جديد و قد احمّرت عيناه وتطاير منهما شررًا كثيرًا, قال: " لو شكيت لحظة واحدة, كنت قتلته "," لو شكيت لحظة واحدة, كنت قتلته "
استأنف حديثه,, قال: لم يكتف الرجل بذلك, بل صحبني حتى مدخل العمارة التي أقطن بها, حين مررنا ب"البواب", الذي كان يتكئ على كرسيه العتيق, بادلني نظرة استغراب كأنما يقول: من هذا الرجل؟
لكنّي كنت في شغل عنه, تجاهلته بأَنَفَة و شردت إلى عوالم بعيدة, حيث رأيت سريري يتراقص أمامي, يناديني بوّد, يدعوني للنوم بعد جهد مشوار كبير, فلمّا وصلت للسلم, وجدت الرجل يرافقني, سألته: أنت ساكن هنا؟
فقال بأدب و عينيه لا تغادران موطئ قدمه: نعم, في الدور الثاني.
فقلت: غريب, فأنا ايضًا أقطن في نفس الطابق !, لكن لا يوجد غيري هنا! , باقي الشقق هي مخازن لمحلات تجارية. غير أنني رددت على نفسي, قلت: لعله يعمل في أحد تلك المتاجر, أو لربما,,, ثم طرحت تفسيرات كثيرة تبرر وجود هذا الشخص الغامض!
فلمّا وصلت إلى باب " شقتي" إذا به يصرّ على اصطحابي, يقف خلفي, على عينيه نظرة شغف و تلهّف, لكني لم أهتم, همست لنفسي: لعله سائل من أولئك الذين يسألون بإلحاح, لن ألتفت إليه, فلما دفعت الباب للدخول, وجدتي ينحني لأسفل بحركة مسرحية درامية, ثم يعتدل بقامته القصيرة, يقول بدماثة خُلق كبيرة: أعتذر إليك, ثم انصرف, أتبعته بعيني حتى توارى في عتمة السلام, حين غلقت بابي, شعرت بتمزق في جيب جلبابي, فأبصرته باستغراب, تحسست موضع " محفظتي"!
حينما توقف " سمير" , عن سرد بقية حكايته مع اللص, الذي تبعه كظله, ليكرر عبارته الخالدة, ليرى تأثير كلماته علىّ, أيقنت ما يرمي, و قبل أن أسأل من جديد, وقبيل أن يشنّف أذنيّ بمأثورته ,فوجئت بأننا على أعتاب ميدان " الشيخ سالم", الذي امتلأ عن بكرة أبيه, كما توقفت سيارات أجرة لخطيّ " 4,5" عن الذهاب و إلى و العودة من حي" الصوفي", نزل جميع ركابها, تجمهر زبائن المحلات وأصحابها على الجانبين, جميعهم وقفوا و بصوت واحد, قد سبقوا " أبو سمرة " و قالوا: " لو شكيت لحظة واحدة, كنت قتلته"
حينئذ ارتسمت على وجهه بسمة شملت الخلق المتحلّقين حولنا, استقرت بين عينيه نظرة تجمع بين براءة شديدة و سذاجة لم تتنزّل إلاّ على بضعة نفر منذ أن هبط أبينا " آدم" على الأرض, قال و على وجهه نظرة استغراب: هو " الحرامي " ده سرقكم برضه!"



#محمود_حمدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- A.T.M
- حقائق راسخة
- السلاح الأخير
- سنةُ من نوم
- - تسليم أهالي-
- لو رأيتُكِ الآن ..
- لحنُ مميَّز
- ثقب أسود
- دفعة جديدة
- مال قيصر
- ميتا فيرس - وجود وهمي جديد
- محاسبة القرار
- أزمة - رشدي - , قراءة في فقه المسكوت عنه
- قدسية النص وجرأة الخروج عليه


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - لو شكيت لحظة واحدة