أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - A.T.M














المزيد.....

A.T.M


محمود حمدون

الحوار المتمدن-العدد: 7229 - 2022 / 4 / 25 - 17:57
المحور: الادب والفن
    


" A.T.M "
=====
تتلاقى الرؤوس فتراها من أعلى خيمة سوداء, تتضاءل كلما بعُدت المسافة حتى تصبح نقطة شديدة السواد, كتلة بشرية تنضغط بشدة في بقعة مكانية صغيرة, يجتمعون على غاية ظاهرها الرحمة وباطنها دون ذلك بكثير.
ذلك حالنا حين أصبحت ماكينة " A.T.M " كعبة نحج إليها مرغمين كلما هلّت بوادر الأشهر الميلادية, نتحلّق حولها كجيش من هوام يلتفّون حول جيفة, لا يردعنا هجير أو صقيع. الأمس القريب كان ميقات المعركة للوصول للمرتب, زحام رهيب, طابور طويل لا يغني عن حدوث تدافع, تلاصق يعقبه تلاسن, تلصص على " الشاشة", فرغبة محمومة لدى كل فرد أن يعرف " كلمة مرور" من أصابه الدور في الوصول, شغف أكبر لمعرفة الرصيد المتاح, نظرات شك و ريبة تساور الجميع حيال بعضهم.
ينقسم الواقفون لفئتين: أصحاب وجوه مكفهرة, غاضبة, يضيق بهم المكان, لا تطيقهم الألة" فسرعان ما تبصق إليهم بالمقدّر و المقسوم من نقد مستحق, فيخرج كلّ منهم قابض على جنيهات قليلة في يمينه, بينما شماله تفرك بشدة "إيصال" سحب المبلغ, يكوّره, يلقيه في وجه الوجود. يقذفه في الهواء ثم يُتبعه بعينيه و هو يسب و يلعن. نحن جميعًا نعرف ما يقول, كلما أصاب أحدنا الدور إلاّ وقال مثل قول ذلك الرجل.
بينما طائفة أخرى قليلة العدد, وجوهها ناضرة, لسعيها راضية. تعرفهم بسيماهم, نستدل عليهم حين يرتفع أزيز "الماكينة" لفترة حتى تنتهي من العد. مدة زمنية تطول حتى يصيبنا ملل, يضجر حارس " البنك" فيعبث بجهاز " اللاسلكي " في يده, يرعش شاربه وهو يذكّرنا بالالتزام بالدور, لا ينسى أبدًا أن ينبهنا إلى ضرورة أن نحمد الله على نعمة الأمان, ذلك الذي يفتقده آخرون, يشير بيده لبعيد جدًا.

يقول لنا كل مرة أشياء كثيرة عن بركة تحل في القليل, أن خطيئة الشيطان في تمرّده على حاله, ثم يعيد فتل شاربه و الاستيثاق من استوائه تحت أنفه الغليظ.
"يغيب العدل عن هذه الحياة, ضاقت المعيشة علينا ", عبارة أفلتت من بين أسنان شيخ على المعاش, كان يقبض على" معاشه", قالها أثناء عبوره للطريق. رأيته ينظر حوله بيأس, تزيغ عيناه بشدة, يرقب, سيارة "أجرة" كانت قادمة من بعيد, تنهب الأرض بسرعة غريبة. كطلقة رصاص مسوّمة, تعرف طريق ضحيتها. التقت أعين الرجل و السائق فترة لم تزد عن ثانية, بعدها انفرجت أسارير أحدهما, غامت الرؤية أمام الآخر, ثم أطبق على الطرفين ظلام مُهلك .



#محمود_حمدون (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقائق راسخة
- السلاح الأخير
- سنةُ من نوم
- - تسليم أهالي-
- لو رأيتُكِ الآن ..
- لحنُ مميَّز
- ثقب أسود
- دفعة جديدة
- مال قيصر
- ميتا فيرس - وجود وهمي جديد
- محاسبة القرار
- أزمة - رشدي - , قراءة في فقه المسكوت عنه
- قدسية النص وجرأة الخروج عليه


المزيد.....




- -منتدى أصيلة- يسلم الإيفوارية تانيلا بوني جائزة -تشيكايا اوت ...
- هل يمكن فصل -التاريخ- كما جرى عن -التأريخ- كما يُكتب؟ الطيب ...
- لازلو كراسناهوركاي.. الكاتب الذي عبر من الأدب إلى السينما وص ...
- صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية ت ...
- أسماء أطفال غزة الشهداء تقرأ في سراييفو
- الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي يفوز بجائزة نوبل للأدب
- تامر حسني يعيد رموز المسرح بالذكاء الاصطناعي
- رئيس منظمة الاعلام الاسلامي: الحرب اليوم هي معركة الروايات و ...
- الدكتور حسن وجيه: قراءة العقول بين الأساطير والمخاطر الحقيقي ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - A.T.M