أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - سنةُ من نوم














المزيد.....

سنةُ من نوم


محمود حمدون

الحوار المتمدن-العدد: 7214 - 2022 / 4 / 10 - 09:44
المحور: الادب والفن
    


===
عندما أرسلوا في طلبي للادلاء بشهادتي أمام المحكمة, لم أتأخر إذ توقعت ذلك منذ فترة , تأهبت للأمر جيدًا, وإن كنت لا أخفي أن وجلًا شديدًا سيطر عليّ ,تزايد بمرور الوقت فالموقف جديد والشهادة تحت القسم تحمل معاناة كبيرة لا تطيقها نفسي ويضطرب لها جسدي.
ذهبت في الموعد المحدد, مثلتُ أمام القاضي ,الذي حدّجني بنظرة نارية نفذت إلي عظامي, سألني ماذا تعرف عن الواقعة ؟ ثم اثنى بقوله :حريّ بك أن تنطق صدقًا ,
قلت : الحق أن الرجل كان يأتي صبيحة كل يوم في تمام التاسعة, لم يتخلّف صيفًا أو شتاءً , يُقبل من ناصية الميدان الكبير, يسير بجوار حائط المدرسة القديمة, يتكاسل قليلًا بفعل السن وضعف جسده, ثم يتوقف بجانب بناية هجرها سكّانها منذ زمن, يتحسس أحجارها بشغف ويقبّلها واحدة بعد الأخرى, أقسم أني رأيت ذات مرّة دمعة تنحدر سريعًا على خدّه ...
ثم صمتُّ لألتقط أنفاسي, فعاجلني القاضي بضجر: انتهيت ؟!
= لا يا سيدي, فالرجل يأتي يوميًا في نفس الموعد, يسير ذات الطريق و يمارس طقسه دون تخلّف, رأيته وأنا صبيّ غض ,ثم و أنا شاب يافع يندفع بين شعاب الحياة, عاصرته و أنا كهل يتوارى خلف نضجه, متدثّرا بحكمة واهية ,
بصوت رخيم لا أثر لحياة فيه, سألني القاضي من فوق منصّته: ربما تخلّف عن موعده يومًا ؟ أو ربما غافلتك الحياة أو أصابتك سنة من نوم فلم تلحظه, فهل فعلت ؟!
غرقت في مقام الحيرة, اعتصمت بالصمت, كان عقلي يرتج بعنف و يوشك أن ينفجر, دقيقة أو أكثر ثم نطقتُ : أجزم أن سلطان النوم ربما هزمني ذات يوم وأطبق على أجفاني فمنعني الرؤية السليمة, ربما يا سيدي ... أعتذر .
هوى القاضي بقبضة يده على المنصة فأحدث دويًّا شديدًا ثم نطق: كذبت وأنت تحت القسم.
= لم أكذب , فقط نسيت, للمكان رهبة وأي رهبة .!
قال: تغافلك يعني أنك بأعماقك تريد المواراة, تبغي إنكار الحقيقة .
أجبته سريعًا: لا يمكنكم أن تطّلعوا على ما يعتمل بداخل نفسي محرّم على إنسان معرفته حتى ينطق به لساني .
لكنه قاطعني ببرود: المنصة قادرة على قراءة أعماقك . وقف وحمل أوراقه وغادر القاعة غاضبًا يجرجر عباءته الطويلة السوداء, يتدلّى من رقبته وشاح أخضر اللون, تزيّنه نجوم وصقر مهيب ذهبي اللون.



#محمود_حمدون (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - تسليم أهالي-
- لو رأيتُكِ الآن ..
- لحنُ مميَّز
- ثقب أسود
- دفعة جديدة
- مال قيصر
- ميتا فيرس - وجود وهمي جديد
- محاسبة القرار
- أزمة - رشدي - , قراءة في فقه المسكوت عنه
- قدسية النص وجرأة الخروج عليه


المزيد.....




- -منتدى أصيلة- يسلم الإيفوارية تانيلا بوني جائزة -تشيكايا اوت ...
- هل يمكن فصل -التاريخ- كما جرى عن -التأريخ- كما يُكتب؟ الطيب ...
- لازلو كراسناهوركاي.. الكاتب الذي عبر من الأدب إلى السينما وص ...
- صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية ت ...
- أسماء أطفال غزة الشهداء تقرأ في سراييفو
- الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي يفوز بجائزة نوبل للأدب
- تامر حسني يعيد رموز المسرح بالذكاء الاصطناعي
- رئيس منظمة الاعلام الاسلامي: الحرب اليوم هي معركة الروايات و ...
- الدكتور حسن وجيه: قراءة العقول بين الأساطير والمخاطر الحقيقي ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمدون - سنةُ من نوم