أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - قراءة في كتاب فيروز














المزيد.....

قراءة في كتاب فيروز


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7681 - 2023 / 7 / 23 - 12:17
المحور: الادب والفن
    


قراءة في كتاب "إلى فيروز" للكاتب الأسير مجاهد الشني
حكاية الفلسطيني الأولى
مجاهد سائد الشني، لاجئ من اللد، من سكان مخيم الجلزون قرب رام الله، وُلد في ٣/٣/١٩٩٩، وهو أسير لدى سجون الاحتلال الإسرائيلي للمرة الثالثة، وكتب هذا الكتاب في سجن عوفر عام ٢٠٢١، وهو صادر عن مركز بيت المقدس للأدب.
قبل إتمام قراءتي الأولى لهذا الكتاب، لفت انتباهي العاطفة المفعمة، حيث لاحظت أولًا أنّ هذا النص لا يعكس أحداثًا خيالية فحسب، أو واقعية محضة، أو مقروءة، بل هو مزيج من كل ذلك، ومن هنا بدأ النص يأخذ وضعيته العاطفية في هذه القراءة، وهي تغوص بي شيئًا فشيئًا إلى أعماقه، حين نقول أحداثًا واقعية، فنحن نتحدّث عن الذاكرة.
"رسالة إلى فيروز: صافحي الورد إذا مررت به، فصلة الرحم واجبة".
"أرجع ثانية وعلى مضض، لأطفو قدر المستطاع على زواريب الذاكرة، أرقص وأصرخ، ألتف حولي، أصفق على رأسي".
إنّ الأحداث المقروءة هي مجموعة من التناصّات، أو الاستلهامات السردية التي تكوّنت لدى السارد نتيجة قراءته للعديد من الأعمال السردية، لأن التناص يكون بمثابة اللقاح الذي يُكسب الجسم قوة وعافية، وبناءً على ما تقدّم، فإنّ هذا النص قائم على ثلاثة أسس، وهي: القراءة، والذاكرة، والخيال.
إنّ القراءة تكشف، "نكن غزة، وضيفًا،  وعياشًا، رنتيسًا وياسينًا، فندخل قدسًا ونجوبُنا نصرًا على كل فلسطيني، نعلو قمة إفرست، نعلوها بمئة ألف ميغا حب من الشوق"، والذاكرة تحفظ، "رسالة إلى فيروز: أشعليني ذكريات، انتشليني يا أجمل البنات، آه لكِ وآه عليّ من عينيك، أنتِ عيناك من عسل"، والخيال ينقل هذه المعطيات إلى قممها الرمزيّة والدلاليّة من خلال الصياغة الفنية والأسلوب الخاصين بالكتاب، "رسالة إلى فيروز: أحبّ أن أبدأ اسمك بأشباع الراء"، إنّ الخيال هو المحرك الإبداعي للأحداث، سواء من العدم إلى الوجود، أو من الذاكرة إلى النص، " رسالة إلى قلمي: رغم هذا على نصلك، شكرًا لأنك نسجت قلبي قصة جميلة، شكرًا لحياكة حزني وخزًا على الورق، شكرًا قلمي".الأذن والعين يعدّان من أهم الآليات التي تتلقى بها الذاكرة هذه الأحداث السردية، فإذا كان الأمر كذلك، فإننا نستطيع بسهولة أن نميّز بين السارد الذي يعتمد أكثر على السمع، وبين السارد الذي يعتمد على الرؤية، فعندما نعلم لاحقًا بأن سارد هذا النص الذي بين أيدينا، يعتمد كثيرًا على رسائله لحبيبته، ويربط ذلك بالكتابة، فسيتبيّن لنا بأنه يعتمد على الرؤية أكثر من السمع، فهذه هي الحكاية الأولى للفلسطيني، وهذا يسمح لنا باستنتاج أن آلية حفظ الأحداث في ذاكرة ساردنا هي العين.
"هل أخبرها عن حسام الحب الذي انغرس في صميم القلب، أم عن ريامي براما الحرب، هذا ثقيل عليها لتستمع لما أحب وكيف أحب، ثقيل على فيروز التي آلمها معرفة أن القمر ما هو إلا صخر وحجر"، إنّنا في هذا النص، أمام سارد يخاطبنا من سجن عوفر الإسرائيلي، يقرأ علينا نص إلى فيروز، وقد نفاجئ القارئ إذ نقرر، بناءً على ما تقدم، أنّنا في الحقيقة أمام ثلاثة نصوص متداخلة بشكل رمزي، حيث يتم هذا التثليث وهذا التداخل في حالة من الوعي تشبه الحلم، لأنها تحرك الأحداث في مسار أفقي للنص من وعي السارد إلى وعي القارئ مباشرة في حالة غير عادية، وبخصوص شخصية فيروز، فيشاركنا تجاربه الإنسانية معها في عمق أرض فلسطين، والحب شبه المستحيل في إتمامه بالزواج، لكونه معتقل في السجون الإسرائيلية لأنه مارس الحب مع أرضه، فكان العقاب سجنه.
"تخيلي معي، أنا مرابط على ثغور الوطن وأنت تمديني بالدعاء والعتاد، أصد البارود بصدري ولا أسقط، ففيه قلب جنته وطنًا، وهل يسقط قلب فيه وطن؟! "
أمّا النص الثاني فيتحدث عن سيرة السارد، وعن البؤس الذي يعيشه في المعتقل.
"ولمّا ضاق بي كتمي، رسمت قضبان صدري من أضلعي، وكان السجين قلبي، وما ذنبي؟، أنا الذنب، هكذا قال الكتمان وأضاف أن عيشي هذا باهظ، وأعطاني الموت من عروض المجان، قلت طالما لي عُمرًا وليس عمرين، لن أكون الميّت الولهان، طالما هناك موت فلماذا الكبت؟".
أمّا بخصوص النص الثالث، فقد جاء بشكل جزئي وشبه استباقي على النحو الآتي:
"يتبعني الحاضر، مرهق أن أقدم مجالس المكتظين بكَّم معرفي وأنا مكبل الفم، مقيّد الانسجام، مجبر أن أتنحى، ومرهق أن أُجبر على سماع تراهات المثقفين الرنّانة".
وبعد إدراكنا لهذا التوجه الثلاثي على المستوى المذكور، كان من السهل أن نلقي نظرة مرة أخرى على لوحة الغلاف لهذا النص، فنلاحظ أنّ عنوانه يتكون من ثلاثة مقاطع، وأن لذلك ارتباطًا سحريًا بالشبكة الدلالية التي تحكم النص، أمّا الصورتان الكبيرتان على تلك اللوحة، وهما: رقصة اللاجئ وأنفاس مستقطعة، فتبدوان شبه متداخلتان وكأنهما امتداد رمزي للتداخل الذي تحدثنا عنه بين النصوص الثلاثة التي يتضمنها النص.
أمّا الحكاية الأولى مني للكاتب الأسير مجاهد الشني، فلا أملك من عدة خطابي إلّا خيبات طعناتها واندهاش مرتبك يحاول ترتيب ما تبقى من شتاتي وظنون تعاستي، لا أملك من الوقت إلّا دقائق مبتورة تحاول إخفاء عقارب اللجوء من حنايا ودهاليز مخيم الجلزون، فجدّي وجدّتي من سكان هذا المخيم الذي تعرّفت عليه أول مرة وأنا طفل قادم من الكويت، أي ماسأة هذه ونحن أبناء مخيم واحد نلتقي على بياض الورق، أنت في المعتقل الإسرائيلي، وأنا في عمّان بعد تهجيري من الكويت كباقي شعبي الذي هُجّر عام ١٩٩١، وأنتظر العودة، لكن هذه المرة إلى حيفا، ليكن كلامي اكتمالًا للذكرى ولذّة اللقاء في اللد وحيفا، ليكن المعتقل بوابتك للحرية، وأنا أكتب بهذيان القلم، باسمنا نحن الذين اخترنا الحياة باسم اللاجئين، سنلتقي يومًا ما..



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في وداع محمد أبو حلتم
- رواية المرافعة للأسير حسام الديك
- حماس في فلسطين
- صورة حماس_الإخوان في غزة _
- نافذة هروب
- الكتابة ضد النسيان
- رواية نساء بطعم الرماد
- رواية عندما تبتسم الشمس
- رواية حياة بعد الموت
- رواية أبواب ومفاتيح
- رواية بقعة عمياء
- رواية أنت طالق
- رواية منّ السما
- زحمة أفكار تستريح على رصيف الرواية
- رواية صيف مع العدو
- رواية أسرار القوقعة
- ملحمة الخلاص في عالم موبوء
- رواية هكذا صرت ملاكا
- رواية مرايا للكاتبة نسرين الحمود
- رواية الحب ثالثا وأخيرا


المزيد.....




- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم النجار - قراءة في كتاب فيروز