أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عِيدْ آمَقْرَانْ















المزيد.....

عِيدْ آمَقْرَانْ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7658 - 2023 / 6 / 30 - 13:17
المحور: الادب والفن
    


لَمّة عيد أمقران مثل شقيقتها آلصغيرة آمْ وُولَتْماسْ تَامَزْيانتْ مع فارق في آستعجال تنفيذ الطقوس من أجل التفرغ للمهمة الأساس التي تنتظر النساء ونترقبها نحن الصغار بشوق نستشرف عمليات ذبح سيتكلف بها الكبار والفقهاء والأشراف وحجاج المواسم التي خلت، وما يلي ذلك من سلخ وقطع وبتر وتفتيت وتصفيف يتولاه المحنكون المجربون وما أكثرهم في قريتنا الصغيرة .. الكل نهض مبكرا في صباح ليس يشبه كل الصباحات.اجتمعنا قبيل آجتماع المجتمعين نناور الأكباش والعتاريس نبعبع بعبعتَها نناوشها بألسنة تحاكي الرعاة في الفيافي دون أن نستطيع الوصول إلى مبتغانا في مهادنة البهائم المستنفرة التي عُزِلَتْ بعناية لوحدها بعد أن راح القطيع إلى مسرحه اليومي المعتاد مما جعل المرشحين للذبح يملؤون الدنيا بلغب الثغاء الذي لا ينقطع إلا ليبتدئ من جديد.ابتدأت صلاة الصبح بتهليلات وتكبيرات تتواتر بألسنة الحاضرين المعممين بعمائم بيض تشبه جلابيبهم الناصعة يجلسون القرفصاء في حِضن رحبة الجامع العتيق المطل على عين بلدة الفحص القديمة والجديدة، فُوَيْقَ جدول صغير يُطلق عليه الأهالي (أغْزَرْ آيْتْ عَيادْ) المسافر بآحتشام في منحدر ينحدر بتؤدة جهة وادي (المَشْرَعْ) تحت ظلال زيتونات شامخات شائخات راسخات في الترب والأحجار المحجرة شاهدات على تواريخ خلتْ عاشت فيها حيواتٌ عابرةٌ الحياةَ كما كُتبَ لها أن تُعاشَ .. كان فتية شباب آلبلدة (إيترَّاسَنْ) يذرعون فجاج الوهدات خفافا كأجنحة طير من بهاء ورُواء يُعِدُّون يستعدون وقد توزعوا بين سَاق على ظهر بغال وبين مَنْ يصعد عقبة رَبوة (طَاسْطَرْتْ) ويهبط مُنْحَدَر (تَاكْسَارْتْ) ذهابا وإياب من الدور المنتشرة في البلدة إلى مَجْمع المُعَيِّدِين إلى بساتين (تِيبَحَّارْ) يقصلون منها أعشاب فْلييو وآلنعاع آلحار آلكابي وآلفاتح المترع بأعشاب الزعتر البري وأزير وتوابل القصبر والمعدنوس يرحب بالراغبين والواردين، وبين مَنْ يتفحصُ عتاد طعام ( بَازِينْ) وعُدة كتل اللحم المُتَوِجَة رؤوس كومات التريد المتراكمة في قصع من خشب أو صحون عملاقة بيضاء (إيطَبْسِيلَنْ إيمَلَّالَنْ) يحملها الحاملون بين أيديهم لخدمة الحاضرين، وبين مَنْ يذرع مسالك (إيزُوقَاقْ) وشعاب الطرقات الضيقة يأتي بكيت وكيت من الحاجات تتطلبها المناسبة أو يتفقد ما يلزم من الأشغال في وقتها وزمانها المناسب من سخرة أو حاجة طارئة أو غير طارئة ... كل ذلك بهمة ونشاط وحيوية المُحبين المتحمسين لإنجاح هذا المجمع العائلي القشيب ..

_آلله اكبر آلله آآآآكبر ولله آلحمد سبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ولا إله إلا آلله ...

تُردد الألسن والحناجر بتناوب منظم رصين .. وهَا .. الكبش الذبيح ينقذ فتى صبيحا يُبلسم قُليبَ أب جريح وغيلانا تطير وأباليس بقرون ملتوية ومنتصبة ومردة بأنوف طويلة معقوفة تصخب لَا لَا لَا وجحيم بدَركااات سُفلى لا تُقْهَر تهوي بزوارها أسفل سافلين ونعيم آلمنعمين بعيد آلمنال يحلم به الحالمون في أمد المحال لا يُنال ...

_فَصَلِّ لربك وآنحرْ إنّا شانئكَـ هو الأبتر ..

راح الشيخ الإمام يسرد مناقب المومنين تحت التُّربِ وما نُعِّمُوا به من حظ في جنائن الذهبِ في برازخ من لهو ولعب وبذائخ الطرب في وقت يشقى فيه أشقياء هائمون تحت لسعات عقارب كجثت البغال وأفاعي كجذور دوال تلفُّ على الأجسام تقهرها وعلى الحناجر تخنقها .. خقخقخق .. تلتفّ الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق ... ولم يترك الخطيب المدَثَر المُبَرْنَسُ ببرنوص تقليدي أبيض بعد أن آعتلى حجرا من صوان مشهدا من مشاهد الغيب إلا أخطر به الجموع يذكرهم لعلهم يهتدون يرعوون يرتدعون في يوم عيد سعيد لا بد أنّ الذكرى فيه ستنفع المومنين ..

_آوَدِ إِيطَا دَ العيد آمقرانْ آ لْعالَمْ نّغْ إيني شا وَوَالْ ني صَبْحْنْ بَحْرَا آنَفْرَحْ شْوَايْ (١) ..

همس أحدهم لجاره خفية يحاوره ..

_بَـبَا بَبَا لَعْفُـو الله يحضرْ السلامة ..

ناجى آخر، بينما آستمر الفقيه الواقف يتلو ما تراه عيناه في صحف صفراء قرأ حروفها تباعا دون يبدوَ عليه تعب أو نصب أو ملل أو برم أو أنه على وشك الانتهاء

_ .. وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ..

_ الله أكبر الله أكبر ..

راح أحدهم يقيم الصلاة ..

_ مَنْ أذِن لك مَع مَن آستشرتَ وِوييشْتْ يَنَّانْ ..

اعترضه معارضٌ ..

_ مَايَن قاعْ تْرَوَّانَتْ (٢) ..

صاح آخر ..

_ مِيغْ دَامَّـا (٣) .. الله يلعن الشيطان ..

_ الشيطان هُو شَنْوِي نيقيمَنْ آلْ آمَّاسْ وَاسْ بْلا أتنحرمْ الضحية نْوَنْ ماتا لَمُّودا (٤) ..

احتج مقيم الصلاة فَأيده البعض ووقف في وجهه البعض الآخر وآختلط الحابل بالنابل في حين صمت الإمام وقد أسقط في يديه لا يدري بأي داهية آبْتُلي .. وعندما همت الجموع أن تفترق على غير هدى صاح صائح من بعييييد

_آآآآيَجْران آآآيَجْران .. !! .. (٥)

_ماذا حدث (مَايَنْ اِيوَقْعَنْ)

سألت الأعين حيارى وقد هالهم الصوت الجائر ..

_آطُوطَا تْفُونَاسْتْ دَكْ وَجْدِيرْ تَنْقَرْطْ آطُوطا وَلَّغاسْ طُوطَا آزَّلْتْ دَغْيَا .. (٦)

أسرع مَن قدر على السرعة إلى عين المكان جهة راعٍ (أمَسْشَا) تشير يدااه إلى مكان الواقعة، وسرعان ما لحقهم الكثيرووون؛ وإذا بلمة الجامع تتلملم من جديد وعلى غير آستعداد في رحبة المقبرة (إيمطلان) أين وقع ما وقع .. لقد أحسن مَن وصل أولا الصنيع عندما عمد إلى خنجر (تاجَنْويشْتْ) يتأبطها للمناسبة وأعتق الضحية مِن أن تذهب سُدى فبسمل .. الله الله أكبر .. ذبحها كما جرت الأعراف في مثل هذه الوقائع، الشيء الذي لقي آستحسانا من لدن الجميع ومن صاحب البهيمة الذي تضامن معه الأهالي وآقترحوا تقاسم بدن الذبيحة ( تَاسْقيـتْ نْ تْمُوغْرُوسْتْ ) وإياه حلالا طيبا، بل هناك من ذهب إلى أن تكون أضحيته من الوزيعة المقسومة مما عجل في التخفيف من هول الأثر البالغ على نفس المكلوم نتيجة هذا المصاب الجلل .. وسرعان ما عاد القوم إلى سابق رشدهم وطفقوا يضحكون منشرحين يهنئ بعضهم البعض بعيدهم الكبير يتصافحون يجددون السلام وهم يكدون في إنهاء مهمهتهم الجديدة ونية التوادد والتعايش في وئام تلفهم بلفائفها الشفيفة يتسامحون وقد دفعتهم العواطف الجياشة إلى معانقة باكية تذرف دمع الندامة الصادقة تُعْقَبُ بنوبات قهقهة جماعية تُبلسم اللواعج والجراح وترتق ما آنفتق من خرق وما تشقق من ثلم .. وهـاااا .. قد جاء موكب الطعام التليد وَفَوَّارة قصع آلتريد، وجعل الحضور يهللون يُكبرون رافعين أصواتهم (يَكَّرْ أُوزَارَمْ تكَّرْ هَايْلالا) بالصلاة على النبي، وجوقة الصغار تكركر كَرْكَرةَ الاستحسان ممزوجة بمقالب يغمزون بها بعضهم بعضا بلجب لا ينقطع .. وآختلطت نبرات آلرجال بحناجر الصبيان بصلصلة آلمعالق وآلصحون آلبيضاء وقعقعة صحون الخشب (إغَتْريين نلخشب) بلغب جديان صغار هالهم الجو المشحون المُتحفزُ، فراحوا يبحثون عن أمهات لهم غادرن زرائبهن منذ آنبجاس العلامات الأولى للصباح، بينما طفقت كلاب البلدة تجأر بالنباح تُرَجِّعُ صَدى عواء ذئاب أبناء آوى تحاول عبثا أنْ تأويَ خارج مداراتها الحيوية بحثا عن غنائم تجود بها فراغات تستر الخطو وتوهم الأثر في مغيب شمس يوم حار جعلت تأفل على مهل ...

☆ترجمات :
١_آوَدِ إِيطَا دَ العيد آمقرانْ آ لْعالَمْ نّغْ إيني شا وَوَالْ ني صَبْحْنْ بَحْرَا آنَفْرَحْ شْوَايْ : أظن أن هذا اليوم يوم عيد كبير يا عالمنا الجليل أتحفنا بكلام حَسن تستحسنه الأسماع كي نفرح قليلا
٢_مَايَن قاعْ تْرَوَّانَتْ : ما هذا العبث ما هذه الفوضى
٣_مِيغْ دَامَّـا : أهكذا يتصرف العقلاء
٤_الشيطان هُو شَنْوِي نيقيمَنْ آلْ آمَّاسْ وَاسْ بْلا أتنحرمْ الضحية نْوَنْ ماتا لَمُّودا:
الشيطان هو ما تقترفونه من آثام تركتم أضاحيكم بلا نحر وقد أزف الزوال على نهايته ليس بمثل هذا جرت الأعراف
٥_آآآآيجران آآآيَجْران : وامصيبتاه !!
٦_آطُوطَا تْفُونَاسْتْ دَكْ وَجْدِيرْ تَنْقَرْطْ آطُوطا وَلَّغاسْ طُوطَا آزَّلْتْ دَغْيَا : لقد هوت البقرة في جرف المنحدر انقصم ظهرها اسرعوا



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لِيغَارَاا لِيغَارَااا
- غَدَّا الْعِيدْ وَنْذَبْحُو عِيشَا وَسْعِيدْ
- هَلْ ثَمَّةَ أَمَلٌ لِسِنْدِبَاد
- كُلُّهُمْ ذَهَبُوا
- قَهْوَةُ فِينِيق
- قُبْلَةُ آلْآبَالِيسِ
- تَابْحِيرْتْ نْإيمُوسْكانْ(بستان آلعفاريت)
- غُولَااااكْسْ أيها آلْمُمْتَحَنُون
- اِسْمُهَا آلحَياة
- كأنّهَا صُورَتُكَ في عَسَفِ آلظَّلاَمِ
- تِيسِيلَا نَلْگامُوسْ
- قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ فَأَوْدَتْ بِهِ آلَّلعَنَات
- تَامَرْجُولْتْ (رتَاج)
- آحَرُّودْ (طِفْل)
- مُمَانَعَةُ آلْقَمَر
- قطاف
- هَلُمَّ التَّو السّاعَة العَجَل
- دَمُ شَاعرٍ
- مُدَرسونَ نحنُ لسنا مطافئ
- غُودَااانْ / الصّبيحُون


المزيد.....




- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - عِيدْ آمَقْرَانْ