أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح5














المزيد.....

العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح5


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7657 - 2023 / 6 / 29 - 00:19
المحور: الادب والفن
    


الذهاب نحو خطوة أخرى
وأخيرا قررت الهروب من نفسي واللحاق بقلبي وتركت عقلي في مخدعي ينتظر أخباري مع العتيق، أوصيته بالهدوء والسكينة وأن لا يكرر أخطاءه الماضية، لم يقاوم قلبي فهو يعرف عنادي حين أقرر أن لا شيء يمكنه إيقافي... قلبي يرقص معي رقصة زوربا فاليوم سنكون معا ولوحدنا نتبادل الهمس والبوح على المكشوف.
كانت خطواتي تسبقني وأفكاري تتزاحم لا أعرف ماذا سيقول لي؟ وماذا سأرد عليه؟ كانت أمنيتي أن يكون اللقاء بعيدا عن أعين الناس ... بعيدا عن مسامعهم...
تمنيت لو أني سأصرخ بوجهه أيها العتيق أين كنت؟... فقد مزقني الصمت ومزقني السكون... أين صهيل خيلك ووقع خبط سيوفك التي تقتل حراسي الأغبياء أولئك الذين يحسبون خطواتي وكأنها مسبحة منتظمة... أه يا حبيبي العتيق ماذا لو كنت فارسي الذي خطفني من أحضان أمي.... بالأمس البعيد.... يالك من بخيل.
جلسنا على حافة المقهى قريبا جدا من الشارع قريبا من الضوضاء... المكان مزدحم كالعادة... ليس مكانا مناسبا لبث لواعج الحب أو تفريغ شحنات الشوق... لكنه كان البداية الضرورية... الخطوة الأولى التي جرتني لسلسلة من الخطوات اللاحقة... شربنا القهوة كما يشتهب العتيق... ليست بطعم تلك التي أحتسيناها أول مرة...
سحبت نفسا عميقا من سيجارة طلبتها من أحد رواد المقهى.. كان من الضروري جدا أن أنفس عن مكنون غاضب داخل نفسي.. لا أعرف بالتحديد هل هو غضبي على عتيق لأنه لم يختر مكانا مناسبا لأقول له ولأول مرة يا حبيبي، أو أنه غضب ساكن في داخلي على تلك الأيام الزائفة التي أضافوها لعمري دون أن أعي وجعلوها من سنيني وأنا لم أعش معها إلا بالأرقام فقط.
تحدثنا .. تكلمنا خضنا في كل شيء إلا كلام الحب الممنوع علينا لحكم المكان... الأجمل أن ما كنا نخاف أن يظهر كان هو الكلام الحقيقي الذي دار بين العيون .. مع اللمسات البسيطة بين أصابعنا... مع حرارة أنفاسنا وهي تغلي مرة وتهدأ مرات لكنها تعبر عن حالة حميمية جدا...
تخيلت منظر تشكل في رأسي منذ أن جلسنا معا .. أننا على مقعد واحد نجلس مع بعض، رأسي على كتفه الأيسر ويقبل يداي في كل مرة ... أسمع دقات قلبه كرنين طبول في عرس شعبي ... أه وأنا أرى النهر يجري من أمامي يلقي التحية مع كل موجة صغيرة تتجه للشاطئ تقول لنا ما أسعدكم.
الحب وحده الذي يليق بكم .... حبوا بعضكم أكثر فلا قيمة للحياة إن لم تجعلوا من الحب روح تمشي في أبدانكم.
عندما تعشق أنسى معادلات حكمت حياتك من قبل، العشق حرية والحب طاقة كبرى تخلص العقل من أنانية النفس وسطوتها، لذا كل العشاق متسامحون أنقياء، قلوبهم مثل حرير الشام ناعم ومتين يزهو بالألوان البراقة... المسألة هنا ...هل نستطيع الحب أو لا نستطيع... الوجود متوقف على إجابتك... فمع الحب سيفشأ السلام ومع غيره سنغوص في وحل اللا معنى...
هذه العبارة قرأتها اليوم على أحدى صفحاته العلنية... أردت أن أعاكسه، وأظهر له أن الحب ليس كل شيء في الوجود... هناك الإيمان وهناك العمل وهناك المصالح وهناك القوانين والأعراف... وهناك حاكم مستبد علينا أسمه الضمير...
عتيق لا يمكن أن تقترب منه ما لم تفهم كيف يفكر... رد علي قائلا... الحب يعني أن نذوب في الوجود وأن لا نعاكس سيره... لذا فكل ما هو أصيل وضروري هو من الحب، وكل ما هو زائق ومغشوش لا ينتمي إلا لغيره... طغيان الحب لا يعني أن نترك الشهوات تقودنا ، بل نترك الأرواح تسير على قانون ربها حين خلقها...
أليس كذلك؟ لم أجب.. بل كنت أقول في نفسي.. نعم يا حبيبي نعم... هذا ديني... هذا قانون ضميري... الروح النقية هي التي تصنع قواعد الحب وتلتزم بها .... إنها الحياة بطعم الحب.
لم تمضي الساعتان كالمعتاد بل هربتا سريعا... لا أعرف لماذا الزمن لا يعمل وفق نظام الحاجة... عندما لا نريده يثقل بخطواته، وعندما نحتاج المزيد منه يسارع بالهروب بألف عذر وعذر.
علينا أن نرحل الأن... حزنت.
ندمت أني لا أستطيع أن أضمه لصدري... فقط كنت أحتاج ذلك الآن.
يقول التبريزي " حِب نفسَكَ، لأنّكَ إن أحببتها، ستعرفُ كيف تُحبُّ الآخرين"، أنا أقول "حب نفسك وأجعلها تبحث عن يحبها بصدق عندها ستكون حتى الشمس عاشقة لمن يقترب منها".... أحببت نفسي الأن... لأنني أحببت عتيق... وعتيق يذوب من نيران قربي.... كأنه قطعة ثلج في ظهيرة تموز تداعبها حرارة ويهزها ريح.
ركبنا معا في الباص الكبير... وحده قلبي يقول لي لو اختبأت فيه.. تحت طيات ملابسه ضميه بقوة ... ليس الآن وقت الخوف..
أه من قلبي المشعوذ... يريدني أن أنزع أخر شعرة من شعيرات معاوية...
ويحك أيها الشقي وددت لو أضمه طويلا وبصمت ليس هنا فقط .. حتى في المقهى تمنيت أن أجعله ينام على صدري ويسمع ما يقول له قلبي.
إني أعشق أنفاسه كما أعشق كلماته ...
نظراته..
حنينه البادي على وجهه الحزين دوما.
عدت ألملم بقايا شتاتي بعد أول خطوة.... فقد تشظيت اليوم كثيرا لم أعد تلك السيدة التي أدارت أشياء كثيرة.. بحكمة العلماء وبقوة القادة... أنا اليوم مجرد طفلة صغيرة تشتهي أن تلعب مع رفيقاتها في باب بيتنا القديم.. لم يعد هناك زمن في ذاكرتي سوى رغبتي بالبكاء في حضن أمي أو تحت يد أبي الكريمة... أنا هنا وحيدة دون مسافة أمان... الصحراء من حولي... حتى السماء من فوقي خالية لا شمس لا قمر لا نجوم... فقط بحاجة إلى عناق ينتشلني من أزمتي ...
لماذا أحب في هذا الزمن؟... سؤال حاولت أن أخترق فيه حالي.. حتى في هذا فشلت في إقناع حالي بإجابة... لماذا أيها القلب؟ ... تجن في الوقت الذي عليك أن تكون وقورا عقلانيا، تعديني للوراء... ما كان هذا الرجاء منك أيها المغفل... هلا تعقلت قليلا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح4
- العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح3
- العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح2
- العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح1
- أوهام المتخيل الديني، المنقذ المهدي أنموذجا
- على باب الله
- العقل مفتاح الوجود وسر الخلق والتكوين
- لماذا يحرص المعبد وكهنته على ضعف الإنسان وتهميشه؟
- سؤال أفتراضي لمسئول أفتراضي
- العالم القديم والعالم الجديد
- أوهام التعظيم وضلالات القداسة المزيفة عند العقل الديني المأز ...
- أحلام شهريار وأحلام أخرى
- بوح أخر
- الرابحين من الشمس
- افسح لي الطريق... دعني أمر بسلام
- أذكى حمار ق ق ج
- أجتهاد تدبري تدبر أم تدبير؟
- أنا شمعة وحيدة
- لعنة الــــــ الو
- وجوديات صوفية


المزيد.....




- الروائية ليلى سليماني: الرواية كذبة تحكي الحقيقة
- -الرجل الذي حبل-كتاب جديد للباحث والأنتروبولوجي التونسي محمد ...
- شارك في -صمت الحملان- و-أبولو 13?.. وفاة المخرج والمنتج الأم ...
- تحميل ومشاهدة فيلم السرب 2024 لـ أحمد السقا كامل على موقع اي ...
- حصريا حـ 33 .. مسلسل المتوحش الحلقة 33 Yabani مترجمة للعربية ...
- شاهد حـ 69 كامله مترجمة .. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 69 بجود ...
- التمثيل الدبلوماسي العربي في فلسطين... أهلا وسهلا بالكويت
- معرض الدوحة الدولي للكتاب.. أجنحة ومخطوطات تحتفي بثقافات عُم ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- -نغم يمني في الدوحة-.. 12 مقطوعة تراثية بأسلوب أوركسترالي


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح5