أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - أوهام التعظيم وضلالات القداسة المزيفة عند العقل الديني المأزوم بالتفاهة















المزيد.....

أوهام التعظيم وضلالات القداسة المزيفة عند العقل الديني المأزوم بالتفاهة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7647 - 2023 / 6 / 19 - 07:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حساب التاريخ ليس كحساب عطوافنا وموقف الله من الوجود ليس يجري وفق ما نهوى ونؤمن ويبقى الإنسان بما قدم للوجود، صغيرا كان أم كبير نبيلا شريفيا أو وضيع من قاع المجتمع والله تعالى يقول (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، مرجحا العمل على الصفة ليعود وبقول تأكيدا (كل نفس بما كسبت رهين)، فمقدار التقوى والتقى لا يقاس أصلا إلا عندما يكسب الإنسان، أي عندما يترجم وجوده عملا نافعا وتواصلا حسنا ودعوة للإصلاح والتبصرة بالوجود وقوانينه، وحماية مشروع الله من الأنتهاك والتدمير والإساءة، من هذه النقطة أفهم قيمة الإنسان مجردا من عناوين ملصقة أو لاصقة له بإرادته أو بما يريده الأخرون، وأفهم قيمة العمل الإيجابي وأفهم معنى التعظيم والأحترام لرموز تاريخية عظمت أو تعظمت بحق، أو لمجرد أنها صدفة في عالم أو وجود أكتسب القداسة بوهم، أو نتيجة ظروف لم يستطيع هذا المعظم أو المقدس أن يفعل فيها شيء، لا له ولا لغيره ولا حتى قدم معنى لوجوده سوى أنه وجد هكذا بدون إرادة أو تصميم أو عمل.
حين يغيب وعي الإنسان عن إدراك الحقيقة أو فهم الواقع كما ينبغي نجده يحاول أن يجد مبررات وربما أعذار لهذا الفشل، يخفف به من وطأة شعوره بالهامشية والدونية فيذهب إلى الاصطفاف مع رموز كبرى يستسقي منها عطشه للمجد، أو لتعويض حالة الهامشية التي يعيشها، ليس فقط على المستوى المادي أو الروحي، بل أن أساس هذا الميل يعود لعوامل سيكولوجية ربما أكتسبها باللا وعي أو من خلال التاريخ والقيم التي أمن بها، والتي بدورها ومن خلال الإيمان بها أعطت دافعا وحافزا للشعور بالهامشية والدونية، وانه لا يمكن أن يكون سويا دون أن يتخذ رمزا ما سندا له أو تعويضا عن نقص مزمن في قواعد الشعور بالمساواة، هذا الأمر قد يكون جزء من واقع كل المجتمعات البشرية في كل الأزمان وفي غالب ما يمكن أن يوجد بشر، فهي ليست ظاهرة يمكن معالجتها أو التغلب عليها بوسائل معرفية أو حتى عقائدية، لكنها ولرسوخ الإيمان بها ضارت من صفات وخصائص بعض المجتمعات لا سيما التي لا تقبل أو لا تحاول أن تتغير في فهمها التاريخي لقيمة الإنسان كما أراده وجعله وقدره الله.
مناسبة هذا الكلام هو ما نراه اليوم على الساحة الدينية عموما والإسلامية خصوصا فيما يظنه البعض تقديرا للرب ولرموزه الدينية، فقد فاق هذا التعظيم والتقديس مسميات حقيقة وجودها مجردا أو مع العنوان، خارج ما في الدين من قيم أعتبارية أو تعبيرية أو تعزيز ابعض المسميات لدورها في أمر الدين، قد نتفق أن الرسل والأنبياء لهم خصائص وأدوار طليعية، وهم حملوا بروح العطاء المطلق مسئوليتي التبليغ ونشر الدين، لذا عندما يكرمهم الله بمحبة الناس لهم ويكرمهم الإنسان بالتقدير والإجلال، فهذا أمر طبيعي ومنطقي وأصل أخلاقي محمود ومطلوب وسامي، مع أن الله لم يطلب من الناس وحتى هم أنفسهم قالوا أنهم معظمون متألهون فائقوا في القدرة والعطاء، بل جاء عنهم أنهم بشرا مثلنا وأنهم ممن خلق تجري عليهم المقادير والتبدلات والتحولات وفق ما يجري على غيرهم، فهم يهلكون ويموتون ويبقى منهم عملهم وأداء الكامل والتام للرسالة كموقف إنساني وأخلاقي وتأريخي نبيل.
إن مظاهر التأليه والتعظيم الفارطة في حدودها والمتطور في إشكاليات وصور أداءها دون أن يكون هناك من مبرر عقلي أو منطقي أو ديني لأحد، هذا يعني أن عقل الإنسان لا يعمل بالشكل الطبيعي كما يعمل عقل أي حيوان صغير، مع عدم قدرة الحيوان على التعقل وأختيار الموقف المعرفي بناء على معادلات فهم وإدراك ويقين، لذا نجد أن الله يقارن هؤلاء بالأنعام التي ليس من همها غير ما يسد مبررات وجودها البيولوجي فقط، التكاثر والتغذي وربما الأقل من هذا فهي مرهونة بحوائجها الغرائزية فقط، عندما يعبد رجل بقرة أو تمثال من حجر أو صورة مرسومة أو شخص قد مات من قرون وقرون، ويظن أن هذه الإيمان أو العبادة أو حتى الثقة بأن وراء هذه المسميات رجاء بأمل أو خير، هل سأل نفسه عنها أنها قادرة أن تفعل لذاتها الشيء المطلوب؟، أو أنها فعلا تستطيع أن تكون جسرا بين الإنسان والله الذي يقول أن أقرب للإنسان من حبل الوريد، أنا لا أناقش هؤلاء على أساس معتقد أو دين بل على أساس أنهم يملكون عقلا أمن بالدين، فبالتالي يعني عقلا يقبل التصديق والتكذيب للمواقف بناء على العقل مرشد، من يقول أنها عقائد راسخه لديه وموثوقة الفعل والتأثير فهذا غير معني لا بالسؤال ولا بالتنبيه، لأنه كالأنعام أو أضل سبيلا.
ومع ذلك ومن خلال التجربة الشخصية التي تشترك مع كثير من التجارب البشرية على أمتداد الزمن والمكان، أن هذا الإيمان في عميق الذاتي يشكل إشكالية لا تقبل لا للرضوخ والتسليم ولا تقبل التخلي عنها أو مفارقتها، لأن العقل ذاته لم يستطيع أن يتخذ قرارا نوعيا بهذا الشأن، فيبقى الإنسان أسير شكه وخوفه وخشيته من أن لا يكون واثقا من قراره الحاسم الجاسم، فيراوح مرة بين التسليم المطلق ومرات مع الشك الخجول الذي لا يكسر قيدا ولا يحدث هزة وجدانية ذات أثر فعال في إعادة صياغة موقف جدي وحدي، كثيرا ما بدأ البعض ممن حاول ونجح في العبور من حالة الإيمان السلبي إلى أتخاذ موقف عقلاني حتى لو كان هذا الموقف أكثر أو أقل مما يحتمل، هذا التحول بدأ من ملاحظة نقدية ربما من موقف صاحبه أهتزاز قيمي التقطه العقل وطور أثاره، ليكون بالتالي قرارا مهما في حياة الفرد، مثل هذه التحولات قد تحدث ببطء شديد وقد لا يكون ملحوظا مباشرة، وقد تحدث فجائيا بحسب قيمة وقوة المؤثر الدافع للتحول ومدى أستعداد العقل للقبول به وتنفيذه.
في زمن وعصر العلم والمعرفة الإعجازية وفي مخاض تحولات كونية بنيوية كبرى وجذرية تعصف بالعالم المعاصر، إيذانا ببدء عصر أخر مختلف ربما كثيرا في قضاياه وطروحاته، نجد ملايين ممن يسمون أنفسهم مؤمنين وعقلاء وإراديين يبالغون في تقديس وتعظيم أشياء من السخف أن يؤمن بها إنسان بدائي حتى، بحجة أن هؤلاء يقربونا زلفى إلى الله وكأن الله بعيد عنا وبحاجة لمن يقربنا له أو يقربه منا، هذا الادعاء نوع من جنون العبودية وليس مبالغة بالعبادة والتعبد ولا هي من فعل العقل السليم، والأنكى من كل ذاك أن هذا الأمر يجري تحت أنظار مفكرين ومثقفين ونخب تحتسب على عالم المعرفة والعلم دون ردة فعل مناسبة، وحتى أن كثيرا ممن ينتمون لهذا العالم يشاركون ويؤمنون بجنون التعظيم والتقديس ويبررون له بأنه حق طبيعي وحرية شخصية ولا موجب للتدخل في عقائد الناس، دون أن يدركوا أمرا مهما أن الأستمرار بهذا الواقع المتخيل الوهماني الضلالي، هو تهديم لقيم الوجود وإرادة الله عندما تخرج أجيال بريئة قادمة لتقع في نفس الوهم والمطب والإشكالية، لأن بعض العقول التي بإمكانها أن تقود حراكا معرفيا بأتجاه التخلص من هذه السلوكيات الضلالية، يعتريهم الخوف والجين والعبودية العميقة.
إن الحديث اليوم وغدا وفي المستقبل بخصوص هذا الأمر سوف لن يتوقف وسينتج أثرا بعد أثر بشرط التخلص من أوهام الخوف اللا مبرر والانحياز للعقل والمنطق وهو أنحياز لمبادئ الدين الحقيقة، وأنحيار لإرادة الله وقيمه العليا والسامية وما وضع في الدين من قواعد واصول وأركان حقيقية، وهذا يعني أيضا أنقاذ وتصحيح وتطوير للسيرورة البشرية التي تريد أن تحيا حياة سوية فاعلة ومنظمة وطبيعية تضع الحقائق أما الأنظار وتجعل العقل قائدا للوعي وليس العواطف والغيبيات والأوهام والضلالات هي التي ترسم لنا خرائط العيش والتطور والبقاء.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام شهريار وأحلام أخرى
- بوح أخر
- الرابحين من الشمس
- افسح لي الطريق... دعني أمر بسلام
- أذكى حمار ق ق ج
- أجتهاد تدبري تدبر أم تدبير؟
- أنا شمعة وحيدة
- لعنة الــــــ الو
- وجوديات صوفية
- أحلم أيها المجنون وليحلم حلمك بحلم
- رسائل إلى الكل
- رسالة إلى سيدة من طراز الملائكة الصالحين
- وأنتهى الأمر
- رسالة قديمة لعالم جديد
- مشاعر وأحلام وطرق بلا نهاية
- الفقه هو تدبير القرأن بالميزان 2
- الفقه هو تدبير القرأن بالميزان
- سأمضي
- الميزان الثابت التقني المستلزم لفهم النص القرآني ح2
- الميزان الثابت التقني المستلزم لفهم النص القرآني ح1


المزيد.....




- أبسطي صغارك بأغاني البيبي..ثبتها اليوم تردد قناة طيور الجنة ...
- إيهود أولمرت: عملية رفح لن تخدم هدف استعادة الأسرى وستؤدي لن ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة 2024 بأعلى ...
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل المنتخب الوطني لكرة قدم الصالات ...
- “نزلها لطفلك” تردد قناة طيور بيبي الجديد Toyor Baby بأعلى جو ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- مصر.. هيئة البث الإسرائيلية تكشف اسم رجل الأعمال اليهودي الم ...
- كهنة مؤيدون لحق اللجوء يصفون حزب الاتحاد المسيحي بأنه -غير م ...
- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - أوهام التعظيم وضلالات القداسة المزيفة عند العقل الديني المأزوم بالتفاهة