أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - شخصية الفتوة بين المورث الشعبي والمونولوج الدرامي في السينما















المزيد.....

شخصية الفتوة بين المورث الشعبي والمونولوج الدرامي في السينما


ياسر جابر الجمَّال
كاتب وباحث

(Yasser Gaber Elgammal)


الحوار المتمدن-العدد: 7647 - 2023 / 6 / 19 - 18:23
المحور: الادب والفن
    


شَكّلتْ فكرة الفتوة قدرًا كبيرًا في الوجدان المصري عبر مورثاته الشعبية على مدار السنين، هو ذلك الشاب مفتول العضلات، عريض المنكبين، يتسم بالشجاعة والإقدام، والقدرة على المجابهة والتصدي للمعتدي، هذه بعض الملامح الجسدية والنفسية للفتوة، كما أنه لديه القدرة على نجدة الملهوف ومساعدة الضعيف، ودائما ينحاز إلى الضعفاء والمساكين، هذا على الجانب المشرق.. أما الجانب المظلم فهو يجمع الإتاوات ويستغل نفوذه على من حوله، وهو يمثل تعبيرا عن الحكومة الرسمية من خلال حكومة الظل .
ومن ذلك يمكننا القول بأن من " وظائف دراسات المأثور الشعبى إلقاء الضوء على المراحل التاريخية السابقة من حياة الثقافة والمجتمع، حيث إن دراسة الفولكلور للتاريخ الثقافي لمجتمع من المجتمعات هي المدخل والمقدمة التي لا غنى عنها فى فهم الثقافة الحالية والبناء الاجتماعي القائم، كذلك البعد الزماني لتطور ثقافة المجتمعات وأبعاد أخرى كالبعد النفسي ومدى تأثره بعوامل التطور والتغيرات الفردية التى تؤثر فى الجماعة الشعبية فيه فيرى المراحل التي اجتازتها الأشكال الثقافية والاجتماعية الماثلة أمامه، ومن خلاله يفهم مدلولات كثير من الممارسات والمواقف والعلاقات والعمليات فإن دراسة الفولكلور- خاصة في الجانب التاريخي منها - هي أكبر عون يمكن أن يساعد دارس الثقافة والمجتمع"
بدأت فكرة الفتوة أو العايق أو الفهلوي مع انتهاء العهد المملوكي، وكان الفتوة يتمركز في مناطق متعددة من أحياء القاهرة، بخلاف صعيد مصر والأماكن التي تسيطر عليها القَبلية، وظاهرة العُمَد، ففي حواري القاهرة هناك فتوات، كفتوة بولاق، وفتوة السيدة، وفتوة القلعة، وفتوة الحسينية، وباب الخلق وغير ذلك... كانت تشمل الرجال والنساء، وليست مقتصرة على الرجال فقط .
إن عوامل وجود الفتوة بالقاهرة تختلف عن عوامل أماكن أخرى – عوامل وجود الفتوة - كالصعيد أو أماكن القبائل التي تستخدم نفوذها بديلا للدفاع عن أتباعها ولا حاجة للفتوة، وهذه النقطة المحورية في وجود فتوات في القاهرة دون غيرها .
من خلال تتبع ظاهرة الفتونة يظهر لنا أن بين هؤلاء الفتوات قواعد وضوابط تنظم العمل فيما بينهم، كما كانت بينهم عداوات وخصومات، ويوجد بينهم مصاهرات وعلاقات أُسَرية، وهو ما يمكن أن نطلق عليه ( قوانين الفتونة ).
هذا الفتوة لابد أن يكون معترفًا به من الملك، ويحصل على ذلك من خلال خوض معركة مع فتوة أخر وينتصر عليه .
كما في علاقة الفتوة بخصومه فإن هناك شيئا واحدا هو الذي يفصل في النزاعات بين هؤلاء المتخاصمين، وهو السلاح في تلك المعركة، إنها الشومة أو النّبُّوت التي يسجل بها الفتوة تاريخا من البطولة والمعارك والمقاومة على امتداد مسيرته .
فالنّبُّوت – الشومة أو العصاية – لها تاريخ محفور في الذاكرة المصرية؛ فقد كانت تعبر عن الرجولة والفحولة، وهي الصديق في وقت الكِبَر وتقهقر العمر، وهي زينة في يد الشباب المتطلع إلى الفتوة أو لمن يريد أن يكون له دور في المستقبل .
كثير من القصص والحكايات ارتبطت بالشومة – النّبُّوت – العصاية – في العقل المصري، فحولها تُنسَج القصص والحكاوي والأساطير التي يقصها الأجداد على الأحفاد، ويتسامر بها الأطفال، ويحفظونها عن ظهر القلب، فقد بلغت مبلغًا كبيرًا حتى أصحبت من الثوابت في الفلكور الشعبي المصري، وأصبح النّبُّوت من ميراث الأجداد جيلا بعد جيل كما في عصاية "عاشور الناجي"، وبعضهم يطلق عليها اسمًا مثل " الحاجة ".
هذه بعض الأفكار المتعلقة بالشومة من الناحية الفلسفية وأبعادها الدلالية في التراث الشعبي المصري، وما يعنينا هنا هو علاقة الشومة بالفتوة، فهي زراعه اليُمنى التي يؤدب بها ويحمي بها في ذات الوقت.
وإذا نظرنا إلى الفتوة في الأعمال الدرامية، فإننا نجد أن فكرة الفتوة بدأت في السينما حتى قبل كتابات " نجيب محفوظ " الأدبية التي لاقت حضورا كبيرا؛ فقد غاص في حواري القاهرة، وبدأ يخرج مكنوناتها أو ما يمكن أن نطلق عليه أحشائها الداخلية، وأخذ في التركيز على صفات الشعب المصري، ومنها شخصية الفتوة وملامحه الجسدية والخُلُقيَّة، وما يتمتع به من صفات تؤهله لذلك، ومن ذلك (الثلاثية )، وسيرة "عاشور الناجي" في (الحرافيش )، (فتوات الحسينية)،( الشيطان يعظ ).
عرضت السينما المصرية الفتوة في أعمال عديدة منها فيلم ( الفتوة ) لـ"فريد شوقي"، و"زكي رستم"، و"توفيق الدقن"، و"تحية كاريوكا"، وتم اختيار "فريد شوقي" لصفات معينة كان يتمتع بها، بخلاف "رشدي أباظه"، فقد وصفته السيده "تحية كاريوكا" بأنه ( تلح ) يعني منسبك عليه الدور، وفي هذا الفيلم بدأ دور الفتوة من الضعف ثم القوة ثم التحول المريع الذي حدث لـ"فريد شوقي" من التخلي عن القضايا التي كان يعاني منها كالظلم والفقر، ونصرة الضعفاء .
وفيلم (فتوات الحسينية ) لـ"فريد شوقي" .
كما يعد "نور الشريف" من أكثر مَن قدم دور الفتوة، وذلك من خلال فيلم (المطارد) الذي يصور لنا سيرة "عاشور الناجي" وسيرته في الفتوة، وماكان يتمتع به من العدل ونصرة الضعفاء والفقراء، وأنه كان يعمل بنفسه، ويجمع الإتاوات من الأغنياء من أجل الفقراء، وهكذا أصبح حفيده "سماحة الناجي" .
كذلك نجد فيلم (الشيطان يعظ )، لـ"نور الشريف" و"فريد شوقي" و"عادل أدهم "، فيه ظهر جليًا الصراع بين الفتوات. وفيلم ( فتوات بولاق ) وفيه ظهر موقفا مُهِما عندما قاتل أحد رجال البوليس الفتوة الجديد، وتغلب عليه، وأصبح القانون هو الفتوة، فلم يقتنع "فريد شوقي" بذلك، وقال مقولته الخالدة ( القانون فتوة خايب ). وفي مسلسل ( الحرافيش ) أي سيرة "عاشور الناجي" في ثلاثة أجزاء .
كما قدم "محمود ياسين" (الحرافيش )، وقدم "محمود عبدالعزيز " (الجوع ).
وقدم "أحمد ذكي" (سعد اليتيم )، وغيرهم الكثير من الأعمال الدرامية... ومن ذلك فإن فكرة الفتوة حاضرة وبصورة كبيرة في المورث الشعبي والمونولوج الدرامي، كما أنها كانت ترمز إلى قضايا متعددة، فالشعب المصري متأثر بصورة كبيرة بقضية الفتوة، فهو دائمًا يعظم الفتوات ويعتبرهم أصحاب قدرات خارقة، وينحاز إليهم سواء أكانوا على صواب أو خطأ، يحب الضعفاء لكن لا يقف معهم ولا يعطيهم حقوقهم، وهذه هي طبيعة البشر .



#ياسر_جابر_الجمَّال (هاشتاغ)       Yasser_Gaber_Elgammal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقل المعلومة وتوثيقها بين إحداث المعرفة وتكرارها .
- دلالة تكرار الموقف بين خيال الدراما والواقع الموازي
- المنهج بإعتباره آليه لتحيق المنجز البحثي
- كبرياء التفاهة في بلاد اللامعنى
- الإنسان الفاعل والمفعول والمعزول
- الأدبيات المتعلقة بالمنجز المراد النهوض به وطريقة معالجتها
- المحتوى الرقمي الهادف والمزيَّف
- إنتاج المعرفة وأهمية ذلك
- مسألية البحث العلمي بين المفاهيمية والتطبيق .
- فاعلية السيمياء في العنوان البحثي - اختيار العنوان والدلالة ...
- آليات ومراحل البحث المعرفي.
- البحث العلمي: تقديم لا بد منه.
- عرض لكتاب جمالية الكتابة المسرحيَّة والسَّرديَّة عند السيد ح ...
- علم القيمة وعلم الثمن
- عوامل النشأة والتكوين - قراءة في عوامل خارج النص-
- الفاعلية الاجتماعية في النصوص الإبداعية
- أزْمة النقد ونقد الأزْمة (ابن الأثير 3) (انفتاح النص وثراء ا ...
- التناص الخطابي بين البنية السطحية و البنية العميقة
- انبعاث العتبات الصوفية من النص الحديث -قراءة كرونولوجية -
- فاعلية المنجز العربي في مشروع تُشُومِسكي اللغوي


المزيد.....




- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر جابر الجمَّال - شخصية الفتوة بين المورث الشعبي والمونولوج الدرامي في السينما