أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الرّابع والعشرون، بتاريخ السابع عشر من حزيران/يونيو 2023















المزيد.....



متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الرّابع والعشرون، بتاريخ السابع عشر من حزيران/يونيو 2023


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 7645 - 2023 / 6 / 17 - 13:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحتوي العدد الرابع والعشرون من نشرة "متابعات" على عدد من الأخبار والتحاليل القصيرة عن اقتصاد المغرب العربي وفقرة عن اقتصاد تونس ومصر، وفقرة تجسد نموذجًا للعلاقات غير المتكافئة بين أوروبا (المَرْكَز) وإفريقيا (المُحيط أو الأَطْراف) من خلال ابتكار الإتحاد الأوروبي أساليب إقصاء الإنتاج الإفريقي من أسواقها باسم المحافظة على البيئة، وفقرة عن التأثير السّلبي لاستخدام المبيدات على الأرض والبيئة وصحّة البشر وجميع الكائنات الحية، وأخرى عن تورّط أوكرانيا على مدى طويل بسبب الإنفاق على الحرب الحالية والقُروض التي أقرها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ويحتوي هذا العدد على فقرات تتناول العلاقات بين الدّول التي تناصبها الولايات المتحدة العداء، منها، وتطوير علاقات التبادل التجاري بغير الدّولار، ومنها فقرة بعنوان "روسيا والصين تجارة بِغَيْر الدّولار" وأخرى بعنوان "روسيا وإيران، تعاون إقليمي"، وفقرة عن مناجم تشيلي، وفقرة عن دور وسائل الإعلام كأدوات دعاية.

المغرب العربي
أظْهَر آخر تقرير نشره موقع البنك العالمي (السابع من حزيران/يونيو 2023) أن معدلات الفائدة المرتفعة و الحرب في أوكرانيا تُشكّل بعض عوامل بُطْء النمو الاقتصادي العالمي الذي يتوقّع البنك انخفاضه من 3,1% سنة 2022 إلى 2,1% سنة 2023، وهو أحد أضْعَف معدلات النمو خلال العُقُود الخمسة الماضية، وَوَصَفَ مُعِدُّو التقرير وضع الإقتصاد العالمي بأنه "غير مُستَقِرٍّ"، ومن غير المتوقع أن يتحسّن الوضع سنة 2024، بصورة مكلكوسة، حيث لن تتجاوز معدّلات النمو 2,4% مع توقعات بتراجع تدريجي لمعدل التضخم العالمي، بفعل تراجع الطلب...
في التفاصيل، يُقدّر الناتج المحلي لدول المغرب العربي بأكثر قليلا من تريليون دولارا، وأظْهَرت بيانات صندوق النقد الدولي بشأن المغرب العربي، إن الناتج المحلي الجزائري (بالأسعار الجارية) بلغ خلال 2022، نحو 195,4 مليار دولار، ليشكل 45% من الناتج المحلي لدول المغرب العربي من موريتانيا إلى ليبيا، وحل المغرب في المرتبة الثانية بنحو 138,1 مليار دولار، أو ما يُعادل 32% من الناتج المحلي لدول المغرب العربي، ثم تونس ثالثا بناتج محلي قدره 46,6 مليار دولار، بنسبة 11% من الناتج المحلي لدول المنطقة، وحلّت ليبيا في المرتبة الرابعة بناتج محلي قدره 44,1 مليار دولار، أو نحو 10% من الناتج المحلي لدول المغرب العربي وحلت موريتانيا في المركز الخامس بناتج محلي قدره 10,3 مليار دولار، أو ما يُعادل 2% من الناتج المحلي للمنطقة.
يُشكّل اقتصاد المغرب العربي نسبة 13,9% من الإقتصاد العربي و14,6% من اقتصاد إفريقيا سنة 2021، ونحو 12,4% من الاقتصاد العربي البالغ 3,52 تريليون دولار، ونحو 14,6% من اقتصاد دول قارة إفريقيا الذي بلغ 2,97 تريليون دولار سنة 2022، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي لدول المغرب العربي بالأسعار الجارية من 401,6 مليار دولارا سنة 2021 إلى 434,5 مليار دولارا سنة 2022، بزيادة نسبتها 8,2%، بدعم من نمو الاقتصاد الجزائري الذي استفاد من ارتفاع أسعار النفط، فارتفع الناتج المحلي الإجمالي الجزائري بنسبة 19,8% والليبي بنسبة 13% وموريتانيا بنمو 4,3%، فيما تراجع اقتصادا المغرب بنسبة -3,4%، واقتصاد تونس بنسبة -0,2%، ويعزى هذا التراجع لاقتصاد المغرب وتونس إلى الجفاف الذي أَلْحَقَ أضْرارًا كبيرة بقطاع الزراعة وتربية المواشي. (الرجاء مراجعة الفقرة بعنوان "بعض ملامح الإقتصاد العالمي، سنة 2023"، الواردة بالعدد السابق - الثالث والعشرون، بتاريخ العاشر من حزيران/يونيو 2023 - من نشرة "متابعات" الأسبوعية )

تونس
تعددت اللقاءات والاتصالات بين مسؤولين من إيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة مع مسؤولين حكوميين تونسيين لبحث "سبل إنقاذ اقتصاد تونس المُنهار" فيما تريد إيطاليا التوصل إلى اتفاق سريع يُؤَمّن وَقْفَ تدفق المزيد من المهاجرين إلى شواطئها في حال ازداد الوضع الإقتصادي التونسي تدهورًا، ولهذا الغرض زارت رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني ( يمين متطرف) تونس يوم السادس من حزيران 2023، بهدف تحويل النظام التونسي إلى شرطي في خدمة أوروبا وإيطاليا بشكل خاص، يلقي القبض على من يعتزم الهجرة إلى إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسّط، مقابل الحصول على دعم مالي، قد يفتح الباب أمام حكومة تونس للحصول على قروض أخرى، مع الإشارة إلى ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين، من ألفي مهاجر وصلوا عبر القوارب إلى الساحل الإيطالي سنة 2019، إلى 18 ألفاً بنهاية 2022، وفق بيانات الحكومة الإيطالية، ويعود ارتفاع العدد إلى الأزمة الاقتصادية الحادّة التي تشهدها تونس وارتفاع عدد المُعَطّلين عن العمل، بالإضافة إلى ارتفاع عدد المهاجرين من بلدان إفريقيا بعد تفتيت ليبيا، حيث كان يعمل حوالي ثلاثة ملايين مهاجر قبل الإطاحة بالنظام الليبي السابق، وأعلنت رئيسة حكومة إيطالية "فتح خطّ تمويل بـ700 مليون يورو لتمويل الخدمات الأساسية والقطاعات الحيوية كالصحة والتعليم بتونس"، ولكن سوف يُستخدم القسم الأكبر من هذه الأموال لتحويل تونس إلى حارس لحدود أوروبا، مقابل بعض الفُتات من قُرُوض وتمويلات بشروط أقل صرامةً من شروط صندوق النقد الدولي، وبذلك يتم تحويل تونس إلى مُحتشد كبير للمهاجرين غير النظاميين، فيما تمتنع دول الإتحاد الأوروبي عن منح تأشيرات سياحة أو تعليم أو عمل أو زيارة لمواطني المغرب العربي، ما أثار احتجاجات على زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية، زعيمة أحد الأحزاب اليمينية المتطرفة والعنصرية في إيطاليا، واحتجاجا على عدم احترام دول الإتحاد الأوروبي حقّ التنقّل، وطالبت المنظمات الحقوقية التونسية بالتخفيف من حدّة شروط الهجرة إلى أوروبا، التي تتسم حاليا بالانتقائية والتمييز العنصري في إسناد التأشيرات لسكان الضفة الجنوبية من المتوسط، وتميزت ممارسات الحكومة الإيطالية بتحويل البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة واسعة بحَظْر نجدة قوارب المهاجرين، كما أثارت هذه الزيارة انتقادات الصحافة والرأي العام الإيطالي...
نظّمت بعض الجمعيات وقفة احتجاجية بتونس يوم الزيارة ( الثلاثاء 6 حزيران/يونيو 2023) تندّد بالمعاملات السيئة وبعمليات الترحيل القَسْرِي للمهاجرين غير النظاميين التونسيين بإيطاليا، وتُطلب بكشف حقيقة مصير المهاجرين المفقودين، وأشارت اللافتات إلى "حق التنقل والهجرة " الذي تنسفه مؤسسات الإتحاد الأوروبي والإتفاقيات الثنائية التي تجعل من تونس "الحارس الأمين لحدود إيطاليا والاتحاد الأوروبي"...

مصر
تعد مصر أكثر الدّول العربية كثافةً سُكّانية بأكثر من 105 ملايين نسمة، بنهاية أيار/مايو 2023، لكنها لا تنتج ما يكفي استهلاك مواطنيها من القمح،حيث تستهلك البلاد نحو 23 مليون ولا يبلغ الإنتاج 11 مليون طنا سنويا، فتضطر الدّولة إلى استيراد القمح وهي أكبر مستورد عالمي للقمح (تليها الجزائر) بنحو 12 مليون طنًّا سنويا، خصوصًا من أوكرانيا وروسيا، غير أن الدّولة تواجه نقصًا كبيرًا في السيولة التي تحتاجها لتسديد أقساط الدّيون الخارجية وفوائدها، وارتفعت هذه الدّيون بنسبة 400% خلال ثماني سنوات حيث تورّطت الدّولة في بناء عاصمة جديدة وتشييد بنية تحتية وشراء أسلحة ودعم العملة المحلية، وفق تقرير صادر عن وكالة "رويتر-طومسون بتاريخ 06/06/2023) وكانت الحكومة المصرية تتوقّع تدفُّق الإستثمارات الأجنبية نحو المشاريع الضخمة لكنها أخطأت التقدير، ولذلك خفضت وكالات التصنيف الائتماني الرئيسة الثلاثة النظرة المستقبلية لديون مصر، ما زاد من تكاليف الاقتراض، فاضطرت الحكومة لجمع السيولة من خلال بيع شركات القطاع العام، لكن المبالغ التي جمعتها لا تكفي لتوريد السلع ولتسديد الدّيون الخارجية، فيما فاق سعر الدّولار 31 جنيها في السوق الرسمية و39 جنيها في السوق الموازية، وتُعول الحكومة على جمع العملات الأجنبية من إيرادات السياحة ورسوم عبور قناة السويس ومن تحويلات المصريين العاملين في الخارج الذين يحولون معظم أموالهم عبر السوق الموازية...
شَكّكت وكالات التصنيف الإئتماني (وهي مؤسسات خاصة للإستشارات في خدمة الدّائنين) وفاء مصر بالتزاماتها عند حلول مواعيد استحقاق الدين الخارجي، حيث يجب تسديد 2,95 مليار دولارا لصندوق النقد الدّولي بنهاية سنة 2023، و1,58 مليار دولارا لحاملي السندات الأجانب، أو ما مجموعه 4,53 مليار دولارا لصندوق النقد وحاملي السندات الأجنبية وحدهم، أو أكثر من نصف العائدات التي تجنيها مصر سنويا من قناة السويس والبالغة ثمانية مليارات دولار
أعلن النظام المصري، في آذار/مارس 2015، خلال مؤتمر اقتصادي دولي عن سلسلة من المشاريع العملاقة، من بينها العاصمة الإدارية الجديدة وثلاث محطات للطاقة، واقترضت مرتين من صندوق النقد سَنَتَيْ 2016 و2020 ومن حكومات أجنبية ومؤسسات استثمارية، ما رَفَع قيمة القروض الخارجدية من حوالي 39 مليار دولارا سنة 2015 إلى 162,9 مليار دولارا، بنهاية 2022، وفق بيانات المصرف المركزي المصري، منها ثمانية مليارات دولارا، خلال الربع الأخير من 2022 ( لتسديد الدّيون وسد العجز) بحسب تقرير صادر عن المصرف الأمريكي " غولدمان ساكس"...

إفريقيا والإتحاد الأوروبي: ميز وإقصاء باسم المحافظة على البيئة
برّر الاقتصادي الأمريكي لورانس سمرز، قبل حوالي أربعة عُقُود، نقل الصناعات الملوثة إلى إفريقيا بأن سكان هذه القارة يموتون صغارًا على أي حال بالتلوّث أو بدونه، وعانت قارة إفريقيا من اصطياد شبابها وتسويقهم إلى أمريكا كعبيد، ثم من الإستعمار المباشر فالإستعمار غير المباشر، ولا تزال 33 دولة إفريقية من بين أفْقَر 46 دولة في العالم ( أشدّها فقرًا)، ولا يزال اقتصادها مرتبطًا بالدّول الإستعمارية الأوروبية، حيث تمثل دول الإتحاد الأوروبي أوّل منفذ لصادرات إفريقيا وتستوعب نحو 26% من صادرات الأسمدة و 16% من صادرات الحديد والصلب و 12% من صادرات الألمنيوم و 12% من صادرات الأسمنت و 33,1% من صادرات السلع المصنعة، غير أن الإتحاد الأوروبي اكتشف أن هذه السلع مُلَوّثة للبيئة، فأقَرّ تعرفة أوروبية بيئية، أو تعريفة الكربون، تحت إسم (آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية)، تضع حواجز جمركية (أي مالية) أمام واردات إفريقيا، وسيتم تطبيقه على سبعة قطاعات من النشاط الاقتصادي اعتبارًا من عام 2026، وسوف تبلغ تكلفة خسارة دول إفريقيا جراء هذا الإجراء 25 مليار دولار سنويًا من الإيرادات المفقودة، وفقًا لتقرير نشرته مؤسسة المناخ الأفريقي ومعهد فيروز لالجي لأفريقيا ،يوم التاسع من أيار/مايو 2023، وهو مركز أبحاث في كلية لندن للاقتصاد، غير إن قارة إفريقيا ليست مُهيّأة لتحمل هذا العِبْء الإضافي، ولا تمتلك القدرة المالية والتكنولوجية التي تساعدها على إعادة هيكلة عملية الإنتاج، وإزالة الكربون.
سيُخْضِعُ الاتحاد الأوروبي المنتجات المستوردة من إفريقيا لنفس سعر الكربون المفروض على السلع المنتجة في أوروبا، وستدخل التعريفة حيز التنفيذ في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2023، مع فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، وسوف يبدأ التطبيق على سبعة قطاعات صناعية (الأسمنت والصلب والحديد والألمنيوم والأسمدة والكهرباء والهيدروجين)، قبل توسيع القائمة وتوسيع قائمة الأضرار التي سوف تلحق صادرات إفريقيا، وبالتالي فإن السياسات "الخضراء" التي تفرضها دول الإتحاد الأوروبي مُوَجَّهَة ضد أفقر دول العالم، وهي مجموعة من الإجراءات المصممة للحفاظ على الهيمنة الأوروبية وعرقلة التنمية الاقتصادية للبلدان الأخرى، لكي تقتصر الرفاهية على فئة صغيرة من السكان المتميزين الذين يهيمنون على العالم ويحدّدون توجّهات السياسات الدّولية...
اعتبرت العديد من المنظمات ووسائل الإعلام الإفريقية هذه التعريفة إجراءً حمائيًّا للإقتصاد الأوروبي موجهًا ضد إفريقيا، رغم الذرائع البيئية الزائفة، وخاصة حقوق الانبعاثات التي تهدف إلى تعجيز الدول الفقيرة، باسم المحافظة على البيئة، من خلال فرض تعريفة جمركية، لكي لا تنتقل الصناعات الأوروبية إلى إفريقيا...

بيئة- تأثير المبيدات على الأرض والبيئة وصحّة البشر والكائنات الحية
انتشَرَ استخدام المواد الكيميائية والمُبيدات في المزارع للقضاء على الحشرات والأعشاب "الطُّفَيْلِيّة" ولزيادة إنتاجية الأرض، لكن للمُبيدات مَضارّها العديدة على صحة الإنسان وعلى المُحيط، وتحرم هذه المبيداتُ الطيورَ من الحشرات ومصادر غذاءها الرئيسي، ما أدّى إلى تراجع عدد الطيور، ومنها المُهاجرة بين أوروبا وإفريقيا، وأثبتت بعض الدّراسات القليلة الصادرة بأوروبا انخفاض أنواع وأعداد الطيور التي تعيش على الأقل جزءًا من حياتها في أوروبا، وفقدت أوروبا نحو 550 مليون طائر خلال أربعة عُقُود في 28 دولة أوروبية، بسبب الإستخدام المُكثّف للمبيدات والأسمدة الكيماوية، بغرض زيادة المحاصيل، وبسبب تغير المناخ وتأثيره على درجات الحرارة، والتغيرات في الغطاء الحرجي، والتوسع الحضري، فالعديد من أنواع الطّيور تتغذى بالحشرات والحبوب، وبغياب أو تَلَوُّث الغذاء بين سَنَتَيْ 1980 و 2016، انخفضت أعداد الطيور الشائعة في أوروبا بمقدار الرُّبع ( 25% )، لكن انخفضت أعداد طيور الأراضي الزراعية بأكثر من النصف خلال نفس الفترة، كما انخفضت أعداد طيور الغابات والمناطق الحضرية، بشمال أوروبا وجنوبها، واستنتجت الدّراسة "إن الاستخدام الكبير للمبيدات الحشرية والأسمدة في المزارع على وجه الخصوص هو السبب الرئيسي لانخفاض أعداد الطيور في جميع أنحاء أوروبا..."
عاش سكان أوروبا (ومستعمراتها في إفريقيا والوطن العربي) مجاعات رهيبة أثناء الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب، بدأت الأساليب الزراعية تتغير بشكل كبير، حيث اتخذت البلدان تدابير لزيادة إنتاج المزارع، من خلال الإعتماد المتزايد على مبيدات الآفات والأسمدة الكيماوية، ما أدّى إلى تدهور البيئة والحياة البَرِّيّة وصحّة الإنسان، وكانت الطيور إحدى "الضّحايا الجانبية" لهذا النّمط من الزراعات المُكثّفة.
تَوَصَّلَ تقرير حديث للحكومة البريطانية إلى نفس النتائج ومنها "إن فقدان التنوع البيولوجي، إلى جانب تغير المناخ ، يمثل أكبر تهديد متوسط إلى طويل الأجل لإنتاج الغذاء المحلي... وإن لفقدان التنوع البيولوجي عواقب على المجتمع تتجاوز بكثير الأنواع المهددة بالانقراض..."
إن مبيدات الآفات مصممة لقتل الحشرات واللافقاريات التي تأكلها الطيور، فيما تُغَيِّرُ الأسمدة الكيماوية نوع النباتات التي تنمو في البيئة، وغالبًا ما يكون ذلك على حساب مجموعة متنوعة من النباتات التي تحتاجها الحشرات والدّود، مثل اللافقاريات، للغذاء والمأوى، وتَتَأَثَّرُ الطيور بشكل أساسي بالمبيدات الحشرية والأسمدة من خلال فقدان الطعام، فضلا عن تأثير هذه المواد الكيميائية بشكل مباشر على صحتها، كما تعتبر اللافقاريات ( الدّود والحشرات التي ليس لها عامود فقري) جزءًا مهمًا من النظام الغذائي للعديد من أنواع الطيور، وكذلك لتنمية الكتاكيت (أبناء الدّجاج) التي تُشكل جزءًا من غذاء سُكّان الريف (البيض ولحم الدّجاج)، وخاصة الفقراء منهم الذين يحتاجون إلى مزيد من الدعم، للتخلي عن المبيدات والأسمدة الكيماوية، ولممارسة الزراعة الصديقة للبيئة، واستخدام الأسمدة العضوية لإنتاج الغذاء الصحي، ومن الضروري إعلام المواطنين وتأهيلهم ليتعرفوا على محيطهم بهدف المحافظة عليه والتعاون عبر الحدود للنهوض بالعلم وفهم المُحيط الطبيعي بشكل أفضل، ويتمثل دور الحكومات والسّلطات المحلّية في دعم مخططات إدارة الأراضي التي تكافئ الزراعة الصديقة للبيئة، بالتوازي مع إصلاح نظام الغذاء من المزرعة إلى محلات البيع، مرورًا بمصانع تحويل ومعالجة وتخزين الأغذية...

تُجّار الحرب
اقترضت حكومة أوكرانيا سنة 2019 نحو 350 مليون دولارا من مصرف جي بي مورغان، مقابل شراء سندات اليورو التي أصدرتها الحكومة التي تعتزم حاليا إنشاء منصة استثمار، لأنها بحاجة إلى المزيد من الأموال، ولهذا الغرض التقى رئيس أوكرانيا فلوديمير زيلنسكي ( شباط/فبراير 2023 ) بإدارة مصرف جي بي مورغان، أحد أكبر المصارف الاستثمارية في العالم، لبحث طرق الحصول على الأموال التي تحتاجها حكومة أوكرانيا المُكبّلة بالدّيون، فيما تريد المصارف (ومجموع الدّائنين) ضمانات، ومن بينها الإستيلاء على الثروات الطبيعية والممتلكات العامة والأراضي الخصبة، وهو ما اشترطته "جي بي مورغان" كما المؤسسات الأخرى، ومنها مجموعة "بلاك روك"، ما مكّن هذه المؤسسات المالية من الإستحواذ على السندات المُؤَمَّنَة بالممتلكات العامة، منها البنية التحتية ومحطات توليد الطاقة ومحطات الطاقة النووية والشركات الزراعية والصناعية، ويتم استخدام سندات اليورو من قِبَلِ كبار المستثمرين مثل جي بي مورغان كضمان للإستحواذ على أصول الدّولة، إذا تخلفت الحكومة الأوكرانية عن سداد سندات اليوروبوندز، وهو سيناريو محتمل نظرًا لعجز الميزانية الأوكرانية المستمر الذي يُغطّيه حاليا صندوق النقد الدولي.
كما تشتري شركة رأس المال الاستثماري الأمريكية فانغارد ممتلكات عامة أوكرانية بحجة تقديم المساعدة المالية لحكومة كييف، وبدأت تنتشر بعض الأخبار، منذ شهر نيسان/ابريل 2023، بشأن مفاوضات شركة "نفطوغاز" العامة لإنتاج ونقل ومعالجة النفط والغاز الطبيعي لِبَيْع أُصُولِها إلى الشركات الأجنبية العملاقة ( الأمريكية خصوصًا) مثل شيفرون وإكسون موبيل وهاليبيرتون (Chevron و ExxonMobil و Halliburton )، من خلال صندوق ( Vanguard vulture ) بذريعة رفع إنتاج الطاقة وتعويض الإمدادات الروسية، ويمتلك صندوق "فانغارد" أكبر مجموعة من أسهم الشركات الثلاث ويسيطر على أنشطتها ويوجهها بشكل فعال، وبعد الاستحواذ على أصول شركات الطاقة الأوكرانية ، ستصبح Vanguard محتكرة في قطاع النفط والغاز في البلاد، وسبق أن استحوذ الصندوق الإستثماري فانغارد وكذلك بلاكروك على أُصُول أوكرانية ونحو 17 مليون هكتارًا من الأراضي الزراعية ( حوالي 52% من إجمالي الأراضي الخصبة بالبلاد) منذ سنة 2020، لصالح شركات الطاقة وشركات احتكارية أخرى مثل مونسانتو وكارغيل ودوبونت ، المساهمون الرئيسيون فيها هم فانغارد مع بلاكروك ، على ما يقرب من 17 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في أوكرانيا. ، حوالي 52 في المائة من كامل المساحة الزراعية للبلاد.
تمكّنت الشركات الأجنبية وصناديق المُضاربة ( الصناديق الطُّفَيْلِيّة) التي موّلت انقلاب سنة 2014 ومليشيات مرتزقة اليمين المتطرف مثل آزوف وقطاع اليمين، من الإستحواذ على العديد من الأصول الأوكرانية، وكانت الأعمال العسكرية غطاءً للإستثمارات الوهمية، حيث يُعلن المستثمرون عن تدميرها، ليحتفظوا بالمبالغ التي كانت مُعَدّة للإستثمار وكذلك بمبالغ التأمين والتعويضات المختلفة، بتواطؤ من الرئيس زيلينسكي شخصيا، والذي ارتفعت ثروته خلال ثلاث سنوات من 500 مليون دولار إلى 1,5 مليار دولار سنة 2022، وفقًا لمجلة "فوربس"، وتورّط مسؤولون حكوميون أوكرانيون في الحصول على عمولة من شركات أجنبية استحوذت على أُصُول الدّولة، مقابل قروض أقل عدة مرات من القيمة الحقيقية للأصول...

روسيا والصين
تُعتَبَرُ مدينة "فلاديفوستوك" الساحلية حديثة التّأسيس (1860)، وهي بوابة روسيا نحو آسيا والشرق الأقصى، حيث تقع على ساحل بحر اليابان وتبعد حوالي 6500 كيلومتر عن موسكو، لكنها لا تبعد سوى 750 كيلومترا عن سيول، عاصمة كوريا الجنوبية وألف كيلومتر عن طوكيو عاصمة اليابان ونحو 1335 كيلومترا عن بكين، عاصمة الصين، وبعد الثورة البلشفية ( 1917) احتلت القوات اليابانية والبريطانية والفرنسية والأمريكية المنطقة، طيلة سنتَيْ 1920 و 1921، ضمن الحصار والحرب على الثورة، وأصبحت المدينة، منذ سنة 1958 قاعدة بحرية ومدينة مُغْلَقَة يُحَجّرُ دخولها على الأجانب، من 1958 إلى 1992، إثْرَ انهيار الإتحاد السوفييتي، لتتحول إلى ميناء تجاري ضخم ومركز هام لصيانة السُّفُن، ومركز صناعي (صيانة السفن وتصنيع الأسماك والأغذية والصناعات الخفيفة...) وتجاري ومالي وعِلْمي (معهد الشرق وجامعة فلاديفوستوك للعلوم التقنية وجامعة العلوم الطبية وأكاديمية العلوم البحرية وغيرها ) وبها العديد من المتاحف والمواقع الأثرية والمسارح، حيث تقام العديد من المهرجانات الفنية، كما تستضيف المدينة قمة التعاون الإقتصادي والتقني الآسيوي ( آبيك) والمنتدى الإقتصادي الشرقي
تكمن أهمية المدينة في موقعها الإستراتيجي بين موسكو وبيكين وطوكيو، كنقطة الربط لخطوط النقل بالسكك الحديدية والنقل البحري، بين آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا، عبر الميناء الضخم وهو أكبر ميناء روسي، بمياهه العميقة، ويمتد على مسافة تقارب 4200 مترا وبه 16 رصيفا و45 رافعة لشحن 13 مليون طنا من السّلع سنويا تنقلها أكثر من أَلْفَيْ سفينة، ويشتغل بالميناء 2300 عامل، ويقع الميناء على خليج يربُط طَرَفَيْه أطول جسور العالم ( 1104 مترا) بارتفاع 324 مترا، والجسر الذّهبي بطول 1338 مترا...
كان موقع مدينة فلاديفوستوك الحالية تابعًا للصين حتى نهاية النصف الأول من القرن التاسع عشر، وأصبح أرضًا روسية طبقًا لاتفاقية "تيانجين"، سنة 1860، ما حَرَم الصين من منفذ مائي هام، لكن مع عودة الصين إلى قيادة العالم، حاولت حكومتها الإستحواذ على ميناء فلاديفوستوك وفاوضت حكومة روسيا التي رفضت شروط الصين منذ سنة 2007، ثم اضطرت لقبولها مع اشتداد الحصار الأمريكي والأوروبي ضد روسيا، وبذلك يمكن نقل السلع بين المقاطعات الصينية، عبر ميناء فلاديفوستوك، دون الخضوع لتعريفات الجمارك الروسية...
بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين وروسيا 73,15 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2023، بزيادة سنوية فاقت نسبتها 40%، وتهدف الحكومتان رفع قيمة المبادلات إلى 200 مليار دولار سنويا، وزاد حجم الشحن البري 1,5 مرة في السنة، مع عبور أكثر من 75000 شاحنة الحدود الروسية الصينية، وتكمن أهمية مرور البضائع عبر ميناء فلاديفوستوك في توفير الوقت والتكاليف ويوفر للصين منفذًا بحريًا إضافيًا لمقاطعاتها الشمالية الشرقية، ما يُساعد في تعزيز التنمية الاقتصادية لمنطقة متخلفة عن أجزاء أخرى من الصين... كما تكمن أهمية ميناء فلاديفوستوك في موقعه الإستراتيجي، على بعد أقل من 100 كيلومتر من الحدود الصينية وحوالي 500 كيلومتر من عاصمتي مقاطعة جيلين وهيلونغجيانغ، ليكون مُحفِّزًا لتنشيط وتطوير اقتصاد شمال شرق الصين ولنمو الشرق الأقصى الروسي، ولزيادة التكامل والتعاون بين الصين وروسيا في شرق آسيا.
أعرب قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن امتعاضهم من العواقب الاستراتيجية لهذا التعاون، الذي يصب في مصلحة الصين إلى حد كبير، التي قد تتمكن مستقبلاً من استخدام ميناء فلاديفوستوك كمنصة عسكرية للوصول إلى القطب الشمالي، وهو مُقترح روسي تتم دراسته من قِبَل الصين، وإن تحقق هذا المشروع، سوف يُشكّل مصدر قلق إضافي للقوات اليابانية والكورية الجنوبية والأمريكية التي سوف تضطر لتكريس المزيد من الموارد لعرقلة نمو التعاون الروسي - الصيني.

تجارة بِغَيْر الدّولار
أسّست بعض دول آسيا اتحاد المقاصة الآسيوي الذي يَضُمُّ المصارف المركزية لدول بنغلادش وبوتان والهند وجزر المالديف ونيبال وباكستان وسريلانكا وميانمار وإيران، رغم العزل الذي تواجهه إيران بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية، ويمكن أن تتوسّع المجموعة لتضم بيلاروسيا وموريشيوس وبلدانًا أخرى قدمت طلبا للانضمام إلى اتحاد المقاصة الآسيوي، واتفقت الدّول الأعضاء على إطلاق نظام جديد للتحويلات المالية العابرة للحدود، بداية من حزيران/يونيو 2023، لتجنب التعامل مع شبكة "سويفت" التي تتحكم بها الولايات المتحدة، فضلا عن التكاليف الباهظة التي تفرضها والإقصاء الذي تفرضه على بعض الدول، وفق مجلة فوربس الأمريكية بتاريخ 24 أيار/مايو 2023.
حضر القمة الأخيرة المنعقدة بطهران، محافظ المصرف المركزي الروسي ومسؤولون من بيلاروسيا وأفغانستان كمراقبين، فيما يسعى اتحاد المُقاصّة الآسيوي إلى حشد أعضاء جدد لتوسيع نطاق التبادل التجاري باستخدام العملات المحلية، وحماية احتياطيات النقد الأجنبي للدول الأعضاء، لأن " التخلص التدريجي من الدولار لم يَعُد اختيارًا طوعيًا للدول، بل أصبح بديلاً ضروريًّا لعسكرة الدولار"، وفق وكالة فارس الإيرانية (01 حزيران/يونيو 2023)، فالعقوبات والضغوط الأمريكية دفعت عدة دول للبحث عن بدائل للدولار، وبذلك تضاعفت الاتفاقيات التجارية الثنائية بالعملات المحلية، بين روسيا وإيران والصين، على سبيل المثال، بالإضافة إلى المحاولات في أمريكا الجنوبية وبين أعضاء مجموعة “بريكس”، بينما وقعت دول أخرى اتفاقيات لتبادل البضائع (مُقايضة)، فقد أعلنت الحكومة الباكستانية يوم الجمعة، الثاني من حزيران/يونيو 2023، عن اتفاقية مقايضة مع أفغانستان وإيران وروسيا، من أجل الحفاظ على احتياطياتها الصغيرة من السيولة بالعملات الأجنبية التي لا تتجاوز أربعة مليارات دولارا، وتتيح آلية المقايضة تبادل الوقود والقمح والحديد والصلب مقابل الفحم والفواكه والخضروات وغيرها من المنتجات، بين الدول الأربع، اعتبارًا من أول حزيران/يونيو 2023.
أدت العقوبات الأمريكية إلى تعقيد العلاقات الاقتصادية بين إيران وباكستان لسنوات عديدة، ما أدّى إلى فشل إنجاز خط أنابيب نقل الغاز من إيران إلى ميناء غوادار الباكستاني، حيث عجزت باكستان عن إنجاز حصتها، وتواجه غرامة مالية قدرها 18 مليار دولار، وفقًا لاتفاقية سابقة وقعها البلدان، ولجأت حكومة باكستان (التي انقلبت على حكومة عمران خان، بدعم من آل سعود) إلى صندوق النقد الدولي الذي رفض طلب القرض، في آذار/مارس 2023، مما أدى إلى تفاقم النقص في احتياطيات النقد الأجنبي ومما قد يؤدي إلى عدم القدرة على سداد الديون المتأخرة والتي يحل أجل تسديدها، وعدم القدرة على استيراد الضروريات الأساسية.
ستسهل آلية المقايضة تصدير 26 منتجًا باكستانيًا إلى روسيا وإيران وأفغانستان، بما في ذلك الحليب والفواكه والمكسرات والخضروات والأرز والملح والأدوية والجلود والمنسوجات والمعدات الكهربائية والسلع الرياضية، وقد يُخفّف ذلك من الأزمة السياسية والإقتصادية التي تعانيها البلاد، فضلا عن أزمة ميزان المدفوعات ونقص احتياطيات النقد الأجنبي وصعوبة الحصول على تمويل من أسواق الائتمان الأجنبية.

روسيا وإيران، تعاون إقليمي
تم التوقيع على اتفاقية إنشاء خط السكك الحديدية (ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب) سنة 2022 من قبل روسيا وإيران والهند، ومرت أول شحنة تجارية بين ميناء أستراخان في روسيا وميناء جواهر لال نهرو في مومباي، سنة 2022، عبر ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، والتقى ممثلو الهند وإيران وأرمينيا في يريفان، بنهاية نيسان/ابريل 2023، لمناقشة خطط الطريق الجديد (ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب ) الذي يهدف إلى زيادة التجارة بين الهند وإيران وأرمينيا وروسيا، عبر شبكة من الطرقات البرية والبحرية والسكك الحديدية، بهدف تسهيل التجارة من روسيا إلى الهند عبر إيران وأرمينيا، وتعزيز الاقتصاد الإقليمي، وعلى سبيل المثال، استثمرت الهند الهند في ميناء تشابهار لزيادة التجارة مع روسيا وإيران عبر آسيا الوسطى، لكن المشروع يتطور ببطء شديد...
تكتسي هذه المشاريع اللوجستية المشتركة بين العديد من البلدان، صبغة استراتيجية هامة، وتم إدماج أرمينيا في هذا المشروع لأن إيران وروسيا تُريدان تهميش أذربيجان، وهي دولة حليفة للناتو والولايات المتحدة وتركيا والكيان الصهيوني، فيما تبحث أرمينيا التي ليس لديها منفذ مباشر إلى البحر عن شركاء معاديين لأذربيجان، مثل إيران، أو حلفاء يمكنهم أن يدعموا صناعتها الدفاعية، مثل الهند التي وقعت عقدًا بقيمة 155 مليون دولار على صفقة أسلحة مع أرمينيا.
وقع الرئيسان الروسي والإيراني، يوم 17 أيار/مايو 2023، اتفاقية لإنشاء خط سكة حديد بطول 164 كلم (ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب) يربط بين مدينتي أستارا الإيرانية، على الحدود مع أذربيجان ( التي تُؤْوِي قواعد عسكرية أمريكية وصهيونية وتركية) و"رشت" جنوبا، ويُعتَبَرُ هذا المشروع جزءًا من خطة استراتيجية للتّخلِّي عن الطريق البحري التقليدي الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر عبر قناة السويس، ولتجنيب روسيا عبور بحر البلطيق، وكذلك البحر الأسود الذي تسيطر عليه تركيا، حيث يمكن لشبكة الطرقات التجارية الجديدة أن تقلل أوقات العبور بنسبة تصل إلى 40% وتكاليف الشحن بنسبة 30% مقارنة بالطريق التقليدي عبر قناة السويس.
سيتم نقل البضائع الروسية بالسكك الحديدية من مدينة رشت الإيرانية إلى الموانئ الجنوبية، حيث يمكن شحنها إلى الهند وشبه الجزيرة العربية وشرق إفريقيا.

تشيلي – مناجم
تُقَدَّرُ حصّة تشيلي بنحو 30% من الإنتاج العالمي للنحاس الذي أدّى تأميمه إلى تنظيم وكالة الإستخبارات الأمريكية انقلاب 11 أيلول/سبتمبر 1973 ضد الحكومة الشرعية واغتيال الرئيس سلفادور أليندي...
تُعَدُّ صناعة التعدين كارثية على النظم البيئية، بسبب الحمأة السامة وتلوث المجاري المائية وتدمير الأنهار الجليدية، وفق مجموعات من المواطنين الأصليين وجمعيات حماية البيئة التي كافحت لعدة سنوات ضد مشروع ضخم للتعدين في حفرة مفتوحة لاستغلال الحديد والنحاس في شمال البلاد، بالقرب من أرخبيل "هونبولت" الذي يضم محمية طبيعية فريدة، تُؤْوِي نحو 80% من طيور البطريق والعديد من الأنواع المهددة بالانقراض في العالم، فضلا عن مئات من أسود البحر وآلاف الطيور والدلافين قارورية الأنف الخ، وأخيرًا أثمرت هذه النضالات الطويلة، حيث أعلنت الحكومة التشيلية، يوم 19 كانون الثاني/يناير 2023، رفض هذا المشروع الضخم للتعدين الذي لم يكن محل جدل ورفض فحسب بل كان محل شكوك حول فساد رئيس الجمهورية السابق الملياردير "سيباستيان بينيرا"، أحد أغنى رجال تشيلي، وفقًا لوثائق "Pandora Papers"، وتورّطت عائلة "بينيرا" في التواطؤ مع شركات يمتلكها أصدقاؤها في مشاريع استثمارية عديدة، وفي تهريب الأموال إلى الملاذات الضريبية ومنها جزر فيرجن البريطانية.
تعتبر تشيلي كذلك ثاني أكبر منتج لليثيوم في العالم بحوالي 39 ألف طن سنة 2022، بعْدَ أستراليا التي تنتج 61 ألف طن سنة 2022 ، واللّيثيوم ضروري لإنتاج البطاريات للسيارات الكهربائية وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وما إلى ذلك، وأصبح هذا الخام المستخرج من منطقة (أتكاما سالار) ثاني إنتاج يساهم بأكبر قدر في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بعد النحاس.
تستغل شركتان خاصتان مناجم الليثيوم في تشيلي: شركة تشيلية، كانت مُؤمّمة ووقعت خصخصتها، وأخرى أمريكية (Albemarle )، وهي أكبر شركة ليثيوم في العالم، وتستغل معدن الليثيوم أيضًا في أستراليا والصين.
أعلنت الحكومة، يوم 20 نيسان/أبريل 2023، عزمها تأميم جزء من إنتاج الليثيوم، بعد النضالات الطويلة ومتعددة الأشكال للسكان الأصليين والجمعيات أو المنظمات اليسارية ضد "استغلال الثروة المعدنية لصالح أقلية" ومن أجل "توزيع ثروة البلاد بين جميع التشيليين"، ووعدت الحكومة بـ "إشراك المجتمعات المحلية التي تعيش حول المناجم في عملية التأميم".

وسائل الإعلام = أدوات دعاية
ينشر معهد رويترز لدراسة الصحافة تقريرًا سنويا عن تداول الأخبار بوسائل الإعلام الرّقمية، وفي إصدار سنة 2023، تم استطلاع آراء أكثر من 93 ألف شخص من 46 دولة حول العديد من الموضوعات الساخنة منها التغطية الإعلامية للحرب في أوكرانيا والعديد من المواضيع الأخرى وعن تأثير انتشار الإعلام الرقمي في تغيير عادات وأساليب عمل وسائل الإعلام.
تُظهر الدراسة أن الثقة في وسائل الإعلام قد تراجعت في 21 دولة من أصل 46 دولة تم تحليل نتائج الإستطلاع بها، بينما ظلت على نفس المستوى في 18 دولة ولم تزد إلا في 7 دول.
تمتلك فنلندا أعلى نسبة من المُشاركين ( 69% ) الذين يقولون إنهم يثقون بوسائل الإعلام، بزيادة 4 نقاط عن العام الماضي، وهو مؤشر سلبي لأن الثقة بوسائل الإعلام زادت بعد تورّط فنلندا في حرب أوكرانيا وبعد طلب الحكومة الإنضمام إلى حلف شمال الأطلسي، أي إن هذه النسبة المرتفعة تُفيد انحياز الرأي العام إلى اليمين المتطرف وإلى الإمبريالية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، أما بالولايات المتحدة وسلوفاكيا، فيعتقد 26% فقط من الناس أن معظم المعلومات التي تنشرها وسائل الإعلام موثوقة، ويلاحظ المواطنون الأوروبيون أن هناك رقابة انتقائية على المعلومات، بما في ذلك المعلومات المنشورة بشبكات التواصل المسمى "اجتماعي"، وفقًا لتقرير رويترز، ويعتقد معظم المواطنين في البلدان التي شملها الاستطلاع أنه يتم إبلاغهم بانتظام ( بشكل انتقائي للمحتوى)، لكن مستويات الثقة تتناقص كل عام بالدّول الرأسمالية المتطورة، سواء في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو إسبانيا أو في فرنسا، وفقاً للدراسة التي نشرها تقرير الأخبار الرقمية.



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثالث والعشرون، بتاريخ العاشر ...
- ملامح الحركة النقابية بالولايات المتحدة
- قراءات - عرض كتاب
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثاني والعشرون، بتاريخ الثالث ...
- تجارة المخدرات – من المستفيد؟
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الواحد والعشرون، بتاريخ 27 أيا ...
- النسخة الأمريكية من الديمقراطية - الجزء الأول والثاني
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد العَشَرون – 20 أيّار/مايو 202 ...
- الولايات المتحدة: المُنْحَدَر؟
- الولايات المتحدة- انهيار بطيء
- الذكرى الخامسة والسّبعون للنّكبة
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد التاسع عَشَر – 13 أيّار/مايو ...
- تركيا قُبَيْل انتخابات 14/05/2023
- اقتصاد سياسي – محاولة تعميم المعرفة عرض قراءات
- من التّراث النّضالي للعاملات السوداوات بالولايات المتحدة
- متابعات - نشرة أسبوعية - العدد الثّامن عَشَر – السّادس من أي ...
- من لعنة النفط إلى لعنة الليثيوم
- جذور القوة الأمريكية: المجازر والعبودية
- مؤتمر طنجة 1958 - 2023
- الإتحاد الأوروبي وريث الإستعمار والعنصرية


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: عائلات العسكريين الأوكرانيين القتلى تفشل من ...
- مدفيديف يتحدث عن العلاقات بين روسيا ولاوس
- وسائل إعلام: بولندا تفتح قضية تجسس ضد القاضي شميدت الهارب إل ...
- البرلماني الجزائري كمال بن خلوف: بوتين أعاد لروسيا هيبتها ال ...
- مصر تحذر من -تصعيد خطير- إثر استمرار سيطرة إسرائيل على معبر ...
- النازحون بالقضارف السودانية.. لا غذاء ولا دواء والمساعدات قل ...
- الأسد وانتخابات -البعث-.. -رسائل للعرب-
- الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن ...
- بيان إماراتي بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح
- -طلائع التحرير- المجهولة تتبنى قتل إسرائيلي في مصر.. ومصادر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الرّابع والعشرون، بتاريخ السابع عشر من حزيران/يونيو 2023