|
-سنكون معا حتى القبر-
محمد ناجي
(Muhammed Naji)
الحوار المتمدن-العدد: 7629 - 2023 / 6 / 1 - 08:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"هل سيخوض ديكتاتور يوماً ما جولة انتخابات ثانية ؟" طرح رجب طيب أردوغان هذا السؤال الساخر على بيكي أندرسون من قناة سي إن إن ، رافضاً المخاوف من أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لن تكون عادلة . في القرن الحادي والعشرين ، الإجابة على سؤاله هي : نعم .
غالباً ما يحافظ المستبدون اليوم على الانتخابات للحفاظ على قشرة الحرية ، لكن بمرور الوقت يتمكنوا من التلاعب بالنظام السياسي ، لكي تمكّن النتائج القائد وحزبه على البقاء في السلطة لسنوات عديدة . "سنبقى معا حتى القبر". أعلن أردوغان بشكل ينذر بالشؤم في خطاب النصر الذي ألقاه .
هذا ما يسمى الاستبداد الانتخابي ، وهو ما أدى إلى فوز أردوغان بفارق ضئيل (52٪ مقابل 47٪) على زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو . المبدأ الكامن وراء هذا بسيط . فكلما كنت كقائد غير كفء وقادر على التدمير ، زادت الرقابة والمعلومات المضللة والقمع والحيل الانتخابية التي تحتاجها للبقاء في المنصب . ساعدت هذه الصيغة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على إعادة انتخابه في الربيع الماضي .
أردوغان كان بحاجة للتلاعب بالمنافسة . فالاقتصاد التركي يمر بأزمة بسبب سياسات أردوغان المتناقضة ، والتي أنتجت تضخماً مروعاً (44٪ الشهر الماضي ، انخفض من 80٪ في أكتوبر 2022) . إهمال الحكومة أدى إلى تعميق الآثار المدمرة لزلزال فبراير 2023 ، الذي أودى بحياة 50 ألف تركي وترك الملايين يغمرهم اليأس والغضب .
لذلك ، عمل على إبعاد الرجل الوحيد الذي كان بإمكانه هزيمته . لم يستطع أكرم إمام أوغلو ، عمدة إسطنبول الشعبي ، أن يصبح مرشح المعارضة للرئاسة لأن أردوغان وضع حكماً بالسجن لعدة سنوات على عاتقه ، زاعماً أنه أهان مسؤولين حكوميين في الماضي .
بمجرد أن تخلص أردوغان من هذه المشكلة ، حان الوقت للتركيز على جعل الحملة الانتخابية غير مريحة وخطيرة للمعارضة . خلال الفترة التي سبقت الجولة الأولى من التصويت في منتصف شهر مايو ، تعرضت حافلة حملة إمام أوغلو (التي كان يتجول فيها من أجل كيليتشدار أوغلو) لهجوم من قبل بلطجية موالين للحكومة رشقوها بالحجارة . حتى أن كيليتشدار أوغلو كان عليه أن يطلب من أنصاره البقاء في منازلهم وتجنب الاحتفالات العامة حفاظاً على سلامتهم إذا فازت المعارضة . هذه هي حقيقة تركيا أردوغان .
صعدت الحكومة من لعبتها أكثر في جولة الإعادة في 28 مايو ، وأرسلت المزيد من الشباب الموالين لحزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى مراكز الاقتراع لتهديد الناخبين و إدعاء التزوير الانتخابي . إن عملاء حزب العدالة والتنمية هؤلاء يعادلون جيوش مراقبي الاستطلاعات الحزبية التي جندها الحزب الجمهوري(1) لمضايقة و ترهيب الناخبين .
كان تصعيد العنف بالقرب من مراكز الاقتراع أو أمامها خلال الجولة الأخيرة من التصويت أحد أعراض زيادة الاستقطاب وخطاب الكراهية في تركيا . استعداداً لهذه الانتخابات ، قام الرئيس بتحديث تهديداته ويصرخ ضد العلمانيين والأتراك المثليين والمتحولين جنسياً - وهو مثال على كيفية توافق نقاط خطاب الحزب الجمهوري (2) مع تلك الخاصة بموسكو وأنقرة .
للأسف ، ساهمت المعارضة أيضاً في هذا المناخ المتصلب و المليء بالصراعات من خلال اتخاذ موقف صارم مناهض للمهاجرين . ربما اعتقد كيليتشدار أوغلو أن ناخبي اليمين المتطرف والقوميين المتطرفين سينضمون إلى جانبهم ، لذا جعل طرد اللاجئين السوريين (هناك أكثر من 3.5 مليون منهم في تركيا) أمراً محورياً في برنامجه .
تحدثت حكومة أردوغان عن العودة الطوعية للاجئين السوريين - مقابل الطرد الإجباري لكيليتشدار أوغلو) - ووعدت ببناء منازل في سوريا لأولئك الذين يتم إعادتهم الطوعية إلى الوطن . تحدث كيليتشدار أوغلو عن الطرد الإجباري . شعار المعارضة "يجب أن يرحل السوريون". قال البروفيسور سيبنيم جوموسكو من كلية ميدلبري : "إنه لأمر محزن أن نرى أن الحملة التي كانت قائمة على الحب والاندماج قد اتخذت مثل هذا المنعطف المخيف" .
قد لا نعرف أبداً ما إذا كان هذا التحرك إلى اليمين قد كلف المعارضة أصوات . حملات إردوغان التضليلية وصفت السياسيين المعارضين لسنوات على أنهم "إرهابيون أشرار" ، كما يشير جوموسكو .
لكن هذا واضح جدا . أن تصبح أكثر شبهاً بالخصم ليست فكرة جيدة أبداً ، عندما يكون خصمك سلطوياً وحشياً وتدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان .
كتب إمام أوغلو في عام 2019 : "المرونة الحقيقية تتطلب التغلب على الانقسامات من خلال الحوار والتشاور مع الناس - دروس طبقت جيدا خارج تركيا" . بينما يتعين على الأتراك تحمل أردوغان وقمعه لمدة خمس سنوات أخرى ، لا يمكن لمن يعيشون في الديمقراطيات أن يتركوا النضال ضد الاستبداد الانتخابي للمحامين والمحاكم . يجب أن نستخدم حقوقنا للتعبئة والاحتجاج فهي لا تزال لدينا ، والعمل على تقليل الاستقطاب من خلال تجاوز الانقسام السياسي .
روث بن غياث - كاتبة أمريكية لوسيد - 30 مايو/مايس (2-1) الكاتبة تماثل بين فعل وخطاب أردوغان وحزب العدالة والتنمية ، وفعل وخطاب ترامب وحزبه الجمهوري في الولايات المتحدة الأمريكية . (المترجم)
#محمد_ناجي (هاشتاغ)
Muhammed_Naji#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وقفة مع العوار … السقوط المدوّي !
-
سامعين الصوت... !
-
إمبريالية بوتين -المناهضة للاستعمار- تتماشى مع التاريخ الاست
...
-
توقع فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الإيطالية
-
- رجال أقوياء : من موسوليني حتى الوقت الحاضر-
-
وقفة مع العوار ... 14 تموز الباب المشرعة للعنف والدكتاتورية
...
-
موقف حزب اليسار السويدي من عضوية الناتو
-
انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو سيغير البنية الأمنية لشمال
...
-
العضوية في الناتو لن تجعل السويد أو العالم أكثر أمنا
-
عودة الفرع للأصل ... قضي الأمر الذي فيه تستفتيان !
-
مقترحات أوكرانيا في مفاوضات اسطنبول
-
لا للحرب … *
-
(عقلية خندق العشيرة) … وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر !
-
بيان الاشتراكي الروسي أليكسي سخنين وجبهة اليسار الروسي يدين
...
-
آنا ستاروبينيتس : بهذا النص أحرق الجسور إلى وطني
-
كذبة (إسقاط النازية في أوكرانيا) كمبرر للحرب !
-
وقفة مع العوار ... خرق الدستور بالعُرف المقدس !
-
تمنيات بالعام الجديد 2022
-
وقفة مع العوار ...
-
وقفة مع العوار …
المزيد.....
-
أمريكا تحذر العراق من -الميليشيات المتحالفة مع إيران التي تع
...
-
السعودية.. فيديو مداهمة أمنية لشقة والقبض على 3 مواطنين بتهم
...
-
غزة.. تصريحات لوزراء خارجية السعودية وقطر ومصر والأردن من وا
...
-
Infinix تطلق هاتفها الجديد بسعر منافس جدا!
-
هل للعزلة فوائد على الصحة؟!
-
كيف نحصل على ألوان أعيننا؟
-
اليونان عقدة مفصلية في تقارب تركيا مع الاتحاد الأوروبي
-
أوكرانيا تطلب أسلحة جديدة لا تملكها الولايات المتحدة
-
-وكلاء إيران المختارون-.. تقرير: طهران تعتمد على الحوثيين لل
...
-
الاحتلال يشن حملة اقتحامات جديدة بالضفة ومخيم الفارعة يشيع ش
...
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|