محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)
الحوار المتمدن-العدد: 7626 - 2023 / 5 / 29 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف
في عالم اليوم ، حيث تتطور وسائل التواصل الاجتماعي بوتيرة سريعة بشكل متزايد ، يجب لفت الانتباه إلى التأثير الواعي وغير الواعي بشكل خاص الذي تمارسه هذه الوسائط الاجتماعية علينا وكيف يمكن تجنب الجوانب السلبية لهذا التأثير. لا يخفى على أحد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على آراء ووجهات نظر الشباب فيما يتعلق بالسياسة ، و المشكلات التي تسببها المعلومات المضللة ، وكذلك الطرق الممكنة لحلها.
ارتبط ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بظهور قدر أكبر من حرية الكلام والتعبير دون رقابة أو حواجز من أي نوع. هناك فرصة لأي شخص لتقديم معلومات تتعلق بأي موضوع ، بما في ذلك السياسة ، دون أن تخضع لسيطرة سلطة الدولة ، لقد أتاح الوصول إلى مجموعة متنوعة من المعارف والحقائق والأحداث ، والتي لم تكن لتتحقق بدون وجود وسائل التواصل الاجتماعي . وقد سهل هذا أيضا التقريب بين الأشخاص ذوي التفكير المماثل ، وأطلق العديد من الحركات على المستويين الوطني والدولي ، والغرض منها هو محاربة النظام الاجتماعي القائم. كما أصبحت المشاكل المختلفة التي أخفاها المسؤولون والسلطات على مستوى أعلى في إدارة الدولة علنية.
على الرغم من كل فوائد منصات التواصل الاجتماعي ، هناك قلق متزايد بشأن تأثيرها السلبي. في المجال السياسي ، مكّن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الناس من مشاركة آرائهم من جانب واحد حول القضايا العامة من خلال كتابة منشور و / أو تعليق. لقد تم تصميم خوارزمية وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة توفر للجميع معلومات تلبي اهتماماتهم ووجهات نظرهم ، وفقا للبيانات التي يقدمها المستخدم نفسه. و نظرا لحقيقة أن الناس لا يرون إلا ما يتوافق مع آرائهم الخاصة وغياب الحوار مع البيانات المضادة لا تسمح للمستخدمين برؤية مصادر بديلة للمعلومات. وهكذا ، يعزز الناس وجهات نظرهم بشكل متزايد دون النظر في حجج الجانب الآخر. لذلك ، عندما يواجه الناس أخبارا مشوهة ومزيفة ، بالتوافق مع آرائهم الراسخة بالفعل ، فإنهم يقبلونها على أنها حقيقة (ما يسمى "التحيز التأكيدي") دون التشكيك فيه على الإطلاق. وهذا بدوره يؤدي إلى استقطاب المجتمع ويسمح بالتلاعب في الأراء. و نظرا لتوفر كمية هائلة من المعلومات ، يصبح التحقق من دقتها وصدقها أكثر إلحاحا صعوبة (Allushi، J.، 2017). بدلاً من معالجة القضايا الناشئة عن وسائل التواصل الاجتماعي ، لم يعد الفاعلون السياسيون يستخدمون خدمات الصحفيين لنشر رسائلهم بل استعاضوا عنها بإنشاء محتوى إعلامي بأنفسهم ، والاستفادة من جمهور أوسع ولم يكن التركيز دائما على مصادر موثوقة للمعلومات والبيانات. هذا لا يؤدي فقط إلى عدم وجود مسؤولية تحريرية فيما يتعلق بالرسائل السياسية (وفقا لأخلاقيات المهنة المقبولة) ، ولكن أيضا لانتشار المعلومات الخاطئة (Stankova S.، 2019). على سبيل المثال ، الطريقة الأكثر ملاءمة للقيام بذلك هي إجراء مناقشات عامة حول القضايا المجتمعية البارزة (Stefanov، R.، Vladimirov، M.، Georgiev، G.، 2021).
يتعرض الشباب اليوم في الغالب للتأثير السلبي ، بسبب نقص الخبرة وعدم القدرة على التفريق بين المعلومات الصحيحة و الكاذبة. تساهم الطريقة التي يستهلك بها الشباب الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي أيضا في خلق أوهامهم. وبدلا من البحث عن المعلومات ، يصادفونها بشكل عشوائي. يفتحون الأخبار بشكل متقطع ويتفاعلون لفترة وجيزة مع المحتوى. وبالتالي ، لا يمكن تمييز الأخبار عن وسائل الترفيه أو المعلومات الاجتماعية الأخرى (Boczkowski، P.، Mitchelstein، E.، Matassi، M.، 2017).
من الأساليب الممكنة للحد من المعلومات أن المضللة بين الشباب العمل على زيادة الثقافة الإعلامية و زيادة ثقافة التفكير النقدي منذ سن مبكرة. يجب تشجيعهم على التشكيك في أي معلومات تقدم ، والإضاءة على المصالح التي تخدمها ، والنداءات التي تقدمها ، والقيمة المضافة (Alexieva، M.، 2014). هناك طريقة أخرى تتمثل في تغيير خوارزمية منصات التواصل الاجتماعي ، بحيث تصبح المعلومات التي تصل إلى الناس لا تأتي من جانب واحد ولا تؤدي إلى الاستقطاب بين المواطنين. أخيرا ، يمكن للصحفيين الحد من انتشار المعلومات المضللة من خلال الالتزام بالمبادئ الأخلاقية الأساسية للبحث عن الحقيقة ، ومحاسبة الفاعلين السياسيين من خلال التقارير الاستقصائية عالية الجودة. يجب تسمية الأكاذيب والمعلومات الخاطئة على هذا النحو (Stankova S.، 2019).
إن رسائل التضليل التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي تقوض أسس العالم الديمقراطي بأسره. في البلدان ذات الأنظمة الاستبدادية تُستخدم برامج التواصل الاجتماعي لزيادة النفوذ والتلاعب بالانتخابات. بلغاريا إحدى الدول المعرضة بشدة للنفوذ الروسي. وفقا لمركز دراسة الديمقراطية ، يعتقد العديد من البلغار أنه فقط بسبب الميثاق الأوروبي الأخضر ، ارتفعت أسعار الكهرباء والغاز وأن روسيا هي الوحيدة القادرة على إنقاذ أوروبا من أزمة طاقة. هذه المعتقدات شائعة جدا بسبب نقص الوعي بين المواطنين. علاوة على ذلك ، لا تولي الدولة اهتماما للتأثير السلبي الذي يتمتع به هذا النوع من الدعاية. هناك عدد قليل جدا من المؤسسات التي تعمل على التخفيف من المشكلة في الممارسة العملية (Stefanov، R.، 2021).
في الختام ، تمتلك منصات التواصل الاجتماعي القدرة على المساهمة بشكل إيجابي في مجال السياسة ، ولكن أيضا على تقويض مبادئ الديمقراطية. لذلك ، ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام للصعوبات التي تنشأ لأن حلها ممكن ، ولكن للقيام بذلك ، هناك حاجة إلى وعي أوسع بالمشكلة من قبل كل من المواطنين والحكومة.
المراجع:
Allushi, J., 2017, Social media: Do they enhance´-or-erode democracy?, available at: https://www.aubg.edu/documents/1768
Boczkowski, P., Mitchelstein, E., Matassi, M., 2017, Incident news: How young people consume news on social media, available at: https://scholarspace.manoa.hawaii.edu/bitstream/10125/41371/1/paper0222.pdf
Assoc. Prof. Alexieva, M., PhD, 2014, Relation “Media Culture – media education – media literacy", available at: http://research.bfu.bg:8080/jspui/bitstream/123456789/592/1/BFU_2014_01_Aleksieva.pdf
Reporters Without Borders, 2021 World Press Freedom Index, available at: https://rsf.org/en/ranking
Stankova, S., 2019, Social Networks in Political Communication, available at: https://rhetoric.bg/%D1%81%D0%BE%D1%86%D0%B8%D0%B0%D0%BB%D0%BD%D0%B8%D1%82%D0%B5-%D0%BC%D1%80%D0%B5%D0%B6%D0%B8-%D0%B2-%D0%BF%D0%BE%D0%BB%D0%B8%D1%82%D0%B8%D1%87%D0%B5%D1%81%D0%BA%D0%B0%D1%82%D0%B0-%D0%BA%D0%BE%D0%BC
Center for the Study of Democracy (Stefanov, R., Vladimirov, M., Georgiev, G), 2021, Propaganda and disinformation in the electoral campaign: key messages and dissemination channels, available at: https://csd.bg/bg/events/event/propaganda-i-dezinformacija-v-predizbornata-kampanija-osnovni-poslanija-i-kanali-za-razprostranenie/
المصدر
© Law and Internet Foundation
#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)
Mohammad_Abdul-karem_Yousef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟