أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - قصة قصيرة: مُجرّد قِناع














المزيد.....

قصة قصيرة: مُجرّد قِناع


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 7624 - 2023 / 5 / 27 - 04:49
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة: مُجرّد قِناع
بقلم: إدريس الواغيش


كثيرا ما كنت وحدي في انكسار الطرقات، غريبٌ أطارد ما تبقى من أحلامي، أمشي وقدماي متورّمتان من حرّ الجَمر، متقلب المزاج، مشّاء لا يعرف إلى أين يفضي به المسير. أونس نفسي بنفسي، حين يأخذني العياء في عزلتي، أغنّي ولا يسمع غنائي أحد سواي. جسدي لهيب يسيح فوق الأرض، عقلي حقيبة أوجاع متنقلة. أمشي على هدي الخريطة، أبحث عن فرحي التائه مثلي.
عيناي ملتصقان بواجهات المحلات والمتاجر أو تحملقان في السماء بحثا عن فرح لا أعرفه، قد يكون غيمة معلقة في السماء، سحابة صيف عابرة أو طيف قوس قزح. كنت غارقا في الرّحيل، أتمثل فرحي المنتظر، ربما يكون فرحي مجرّد وَهم ساكن في أبراج الحنين. كنت أجري مثل طفل صغير يطارد الأحلام، تائه في حيرة من أمري، أجمع ما تسّاقط من أوراق خريفي. لم أكن أحمل معي غير جمجمتي فوق رأسي، ومع ذلك، كنت أحسّ بالأثقال تهد كتفيّ، تتثاقل خطواتي، كلما ضاعت الطريق من قدمي، وكنت أعرف أن حدس أمي رحمها الله لن يخطئ، كانت تقول لي دائما في إصرار: لا تحزن يا ولدي، فرحك ينتظرك...!!
كان همّي يزداد، وتتعدّد المسالك أمام قدميّ، حين تشتبك خطواتي في الطرقات، وفي زحمة الأحداث، تتزاحم الفوضى في رأسي، وأخاف أن تضيع مني ملامحي. كنت أستحضر ما قرأته في الكتب، فلا أجده ينفعني. وحدث أن وصل هاتف من أمي إلى أذني، وقد بدأت رياح اليأس تهزني، كان صوتها، كما عهدته، يخاطبني: لا تيأس يا ولدي، سيأتيك فرحك. خذ الطريق الذي يثق فيه عقلك ويرتاح إليه قلبك..!!
استجمعت عزيمتي وقوّتي، استحضرت شتات ذهني، وبدأت أتلمّس جدران عقلي، وإذا بالطريق ينبسط أمامي. كنت مصرًّا على المسير، لأنني سئمت من الوقوف ومن عسر الانتظار، ولم يكن الرجوع ممكنا، ولو خطوة واحدة إلى الوراء. كان سراب الوهم يختلط عليّ مع الحقيقة من حين لآخر وأنا وسط الطريق، يملأ مرآي وممشاي، ويتمدّد ظلي أمامي. طردت عماي، وتابعت رحلتي مقتفيا أثر فرحتي، وأنا أردّد أغنية طريق كنت قد حفظتها منذ طفولتي عن ظهر قلب، وألفت سماعها من حنجرتي في الطريق.
كنت لا أختلف عن طفل صغير يجتهد في لملمة معالم فرح وعدته به أمه، انتظرته في شبابي، لم ألتقه في طريقي، ولا حصل في كهولتي، ورغم ذلك كله لم أيأس، ومن يدري، قد ألتقيه يوما في شيخوختي. كان الناس الواقفين على جنبات الطرقات وأنا أمرّ أمامهم، منبهرين بما يرونه مني، ويصدقون ما يرون، أما أنا، فقد كنت أعرف حقيقة أمري، ولكن كان خوفي الأكبر أن يصيبني الوهن قبل الوصول إلى مبتغاي. وصدفة، وجدتني ألتقي بصديقي عامر، ابتسم في وجهي، تظاهرت من جهتي بالفرح ضدا في الوجع الساكن في داخلي.
ألقى عليّ التحية، رددت بأحسن منها، قال لي: أراك فرحا هذه المرة على غير عادتك.
قلت له، وعيناي تبحلقان في السماء بحثا عن فرح منتظر: لا زال البحث جاريا، أما ما تراه على وجهي من ابتسامة، هو مجرد قناع أكمل به الرحلة يا صاحبي...!!



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندوة تناقش بفاس المغرب والأندلس من خلال إنتاجات لسان الدين ب ...
- نوستالجيا: تازة والبحث عن زمن صبي...!!
- الأغنام تعوّض الأسماك وطيور البط البرّي في «ضاية عَـوّا»
- محمد بوهلال في سيرَة روائية جديدة
- مبارك ربيع: أعمل على أن أتواضع كثيرا، لأنني أخشى على نفسي
- كأي غصن مثقل بالأمنيات
- بين تقاطعات التنوير ونوازع التغيير في الإعلام والسوسيولوجيا
- «حربُ الـگـوم» وأسئلة التأريخ لما بعدَ الكولونيالية
- راكع بين يديك..!!
- المغاربة قادمون...!!
- الرّاشدي يُحاضر بفاس حول آفاق مُحاربة الفسَاد بالمغرب
- عبارات عنصرية ودعوة إلى الانفصال في افتتاح الشّان بالجزائر
- با إدريس الخوري، المنشطر المستفز الساحر...!!
- هل خرج المغرب عن نصّ الفيفا في «مونديال» قطر...؟
- نصف نهاية مونديال قطر: معركة شمال- جنوب
- هل تتعدى أحلامنا ما تحقق كرويا في مونديال قطر...؟
- عبد الله ساعف يتحدث عن -الحاضرية- في الصحافة المغربية
- كتيبة الأسود تتزعّم -مجموعة الموت-
- متلاشيات الكون تحاصرني
- ولاعة الغريب


المزيد.....




- من حارات جدة إلى قمم الأعمال.. رحلة محمد يوسف ناغي في -شاي ب ...
- أم كلثوم بتقنية الهولوغرام في مهرجان موازين بمشاركة نجوم الغ ...
- انطلاق احتفالية شوشا عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2024
- أمسية -الارتحال والوداع في الشعر العربي- بمعرض الدوحة للكتاب ...
- “استمتع بمشاهدة كل جديد وحصري” تردد قناة روتانا سينما الجديد ...
- “بطوط هيطير العقول” نزل دلوقتي تردد قناة بطوط الجديد 2024 لم ...
- نائب وزير الثقافة اليمني: إيران الظهر والسند والحاضن لكل حرك ...
- -من أم إلى أم-للمغربية هند برادي رواية عن الأمومة والعالم ال ...
- الناقد رامي أبو شهاب: الخطاب الغربي متواطئ في إنتاج المحرقة ...
- جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2023-2024 “صناعي وتجاري وصناع ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - قصة قصيرة: مُجرّد قِناع