أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - تمظهرات التناص..روعة البناء الفني وتمثلات الوجع الإنساني في قصيدة ( تبّت يد الغدر) للشاعرة التونسية القديرة فائزة بنمسعود















المزيد.....

تمظهرات التناص..روعة البناء الفني وتمثلات الوجع الإنساني في قصيدة ( تبّت يد الغدر) للشاعرة التونسية القديرة فائزة بنمسعود


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7611 - 2023 / 5 / 14 - 18:29
المحور: الادب والفن
    


تصدير :
“نحنُ نجدّد في الشعر،لا لأنّنا قرّرنا أن نجدّد،نحنُ نجدّد لأنَّ الحياةَ بدأت تتجدّد فينا،أو قُل تجدّدنا”(الشاعر اللبناني الراحل يوسف الخال)
-الشعر وفقا لتعريف جيهان «هو أن تتفجر بداخلك القصيدة»

مقدمة : إنّ البحث عن الرؤيا الأساسية لشعريّة النص من بنياته الأساسية المشكّلة له أمر مهم للتعرف إلى طبيعته الفكرية،ودلالاته العميقة،وهكذا تظهر قيمة الشعر باعتباره نصوصاً تضيء ما غادر داخل التجربة،واكتنه فيها،وتظهر قدرته في اختزان دلالات عديدة ترمز إلى هذا المنحى أو ذاك من مناحي الحياة،بمعنى أن الشعر يقوم على اختزال التجربة الشعريّة في كلمات مصوغة بدقة وتركيز في الوقت الذي يقوم فيه على تحقيق رغبة الشاعر في التعبير عن هذه التجربة.
*تنويه : هذه القصيدة ( تبّت يد الغدر) تهديها الشاعرة التونسية القديرة فائزة من مسعود لكل فلسطيني جسور قال للمحتل الغاشم ..لا..بملء الفم والعقل والقلب والدم..وارتقى بقراره إلى منصة الإستشهاد..كما أنها وسام شرف على صدر أيقونة فلسطين الصحفية-شيرين أبوعاقلة- التي نال منها رصاص الغدر المنفلت من العقال..
تبّت يد الغدر
عهدا علينا
وعلى العهد باقون
تبت يد الغدر
والف تب
وويل والف ويل
لإخوان الشياطين
حفدة أبي لهب
من أوقدوا نار الحرب
واتخذوا من كل مناضل لها حطب
أين نحن وأين انتم يا عرب؟
أحرقوا غض السنابل في الحقول
اجتثوا أشجار الليمون
اقتلعوا ببرودة أعصاب شجر الزيتون
تفننوا في التقتيل أيما فنون
والصبر بلغ منتهاه
فماذا نحن فاعلون؟
أفكلما نبت وردة بريه
في حقول الحرية
انتم لها قاطفون
أنتم لها مدمرون ناسفون؟
وفرصة للدعاة السلم تمنحون
ليؤثثوا المنابر
ويملأون الدنيا
ضجيجا بلا جدوى
وتحت الطاولة وفي الزوايا ووراء الستائر
ثمن قتلكم وتهجيركم
بكل وقاحة يقبضون
أيها المناضلون
يامن على جبهات القتال صامدون
يامن لـطريق الحرية سالكون
أخبريهم
وقولوا لهم بأعلى الصوت
....قتلتم شيرين
وما خطر ببالكم
أنّـا منها استنسخنا الملايين
شيرين وكل مناضل مشروع
شهادة هكذا يولدون
الويل ثم الويل
يا بني صهيون
ما قتلتموها وما صلبتموها
بل شبهت لكم
وحملتها الملائكة
حيث يحيا الخالدون
ستبعث شيرين
على هيئة زلزال
يطحن الظالمين
ستبعث شيرين
حمامة سلام
ونُواحها يوقظ الغافلين.....
ياللغباء..أوتظنون
أن القضية تدفن مع الميتين؟
القضية تولد مع كل شهيد
وتكبر وتعظم في السجون
أمام أعينكم
برعاية من سجنتم من المساجين..
ويوما ما ستكون
لكم كما موسى لفرعون
وبالصمود فردا فردا
في بحر جوركم تغرقون....
-فائزه بنمسعود-
تمثل هذه القراءة المتعجلة افي قصيدة (تبّت يد الغدر) للشاعرة التونسية المتميزة فائزة بنمسعود التي عمدت فيها الذات الشاعرة إلى الكشف عن الخوف والحزن اللذين يجتاحان النفس الإنسانية حينما تنتظر فعل القهر والدمار المنبعث من أدوات الموت التي يصنعها عراة الضميرمن أجل استلاب الإنسانية..إنسانية وروح فلسطين..
ذلك الخوف الذي يتشظى ليشمل كل ما هو حي أو غير حي،وليتمخض بعد ذلك عن فعل مقاومة يتحقق النصر بعدها لصدق القضية وحتمية انتصار الإنسان على العدوان..
ألم يقل ألفريد إدوارد هوسمان مهمة الشعر ( هي تنسيق أحزان العالم )
وقد ركّـــزت القراءة-المتعجّلة-على دراسة تقنيات عديدة وظفت في النص منها التناص والتوازي واللعب باللغة.
تراكمت في النص تناصات متتالية عمقت الرؤيا الشعرية وتواشجت مع الاستعارة فانتجا دلالة تهدف الى بيان بشاعة العدوان الذي يشنه-حفاة الضمير والآفاقون-مما أدى الى إثراء النص وجعله اكثر عمّقاً .
والتناص ترحال للنصوص وتداخل وامتصاص ففي فضاء نص معين تتقاطع وتتنافى ملفوظات عديدة مقتطعة من نصوص أخرى ما يحرك دينامية القراءة والكتابة،ويؤكد وجود ترابط نص مع نص آخر،ويكشف عن خاصية كانت مطمورة فيه ويعد بالنسبة للشاعرة تلويناً وتنويعاً ولعباً فنياً محكماً بالأزمنة "
تناصا داخليا وكوّن لأزمة قبلية تكررت في ثناياه لتضفي إيحاءات إيقاعية ودلالية عليه، ولتوحي بالإنذار،وتعبر عن حالة التوتر التي يعيشها الإنسان زمن انتظار الخراب..ولكن متى تُخرج الأرض مكوناتها ؟ويخرّ الباطل صريعا..؟!
ألا يعد هذا النص تناصاً مع الآية القرآنية الكريمة،{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ }النساء157
" إذا زلزلت الأرض زلزالها .واخرجت الأرض أثقالها ،وقال الإنسان ما لها "إنه مشهد من مشاهد يوم القيامة فالأرض تخرج ما فيها من معادن ومياه وصخر وذلك بسبب تكرر الانفجارات الناشئة عن اضطراب داخل طبقاتها وانقلاب أعاليها أسافل وأسافلها أعال.
لكن ارض النص تعاني من اعتداءات تؤثر فيها حدّ النزف..فماذا تنزف الأرض ؟
إنها تنزف..
هذه القصيدة -الموجعة-صاغتها الشاعرة التونسية الفذة فائزة بنمسعود بحس عال،ولغة شائقة،وأسلوب سلس،يعكس مدى شاعريتها وإحساسها المرهف بالتعامل مع الجملة الشعرية،والتحليق في المعاني بشكل مدهش..
فالشاعرة تنشد زمنها,و تمسك بجذوة الشعر المقدسة في اللحظة التي ستنمو وتغدو قصيدة كما لو كانت تخفق بجناحي الخيال،فالروح الشاعرة لم تكن سوى همسة أو نسمة تتسلل بين الكلمات لتستقر على شجرة القصيدة،و هي في شبه حلم يفيض عنها،فيصل الى إحساسنا شعورها الواثق باليقين في قدراتها وفي معرفتها وتجربتها،أن هناك جزء أصيل فينا ينشد الخلاص أيضاً في زمن ضللنا فيه الطريق إلى الحكمة وتسلّل من فجواته عدو لئيم يكشّر عن نابه الأزرق المتوحّش ليقطف بنهم شديد..ووحشية قروسطية رأس أيقونة فلسطين..شيرين أبو عاقلة..
الشاعرة فائزة بنمسعود تحمل فكرا راقيا يبني ولا يهدم،ويعلو بالروح ولا ينزل بالنفس، قصيدة مؤثرة صادرة عن نفس امتلأت عاطفة فياضة بالأمل والتفاؤل،واليقين بالنصر المبين..قصيدة ثائرة،رافضة ومتمردة على خنوع عربي مخجل قرّبنا من هوة العدم حيث غدونا منها على الشفير.. قصيدة تجمع بين جدلية الألم وجمالية الأمل،لا تقف عند الواقع بل تتجاوزه للمستقبل، المشرق بنور فلسطين الشامخة شموخ الرواسي أمام العواصف،حيث تمزج بين الجلال والجمال،جلال فلسطين،وجمال النص الشعري.ولا ريب أن تجربة فائزة الشعرية،تميزت بجُملة من السمات التي تجعلها في الريادة،وتسمح لها أن تكون نموذجا يُقتدى به في الأدب العربي..
هذه هي فلسطين غدا التي تفوح عطرا من دماء الشهداء الذين طهروها من أدران المغتصبين والمحتلين،وهكذا تنتقل شاعرتنا-فائزة-من واقع مرير إلى غد مشرق،ولا تقع فريسة للتشاؤم الرومنسية،أو سلبية الواقعية،وهي بهذا تسهم في ترسيخ الأدب العربي الذي يزخر بالتفاؤل والأمل،والذي يتخذ من الواقعية انطلاقة لبناء واقع أسمى وأرقى.
لم يعد لدي ما أضيف..سوى تحية أسوقها بمحبة ورقي لهذه الشاعرة التونسية الفذة فائزة بنمسعود.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتب الصحفي الدولي-محمد المحسن-يثمّن رجالا ما هادنوا الدهر ...
- الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي.. يرثي الشهيدة-شيرين أبوعاق ...
- قراءة في قصيدة (لست صالحة للرسكلة) للشاعرة التونسية المتميزة ...
- تمظهرات البعد الفلسفي..في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة نعي ...
- تجليات الذاتِ الأنثوية..في أفق قصيدة النثر النسوية العربية و ...
- تجليات الخيال الإبداعي..وتمظهرات قوة البصيرة الفكرية لدى الش ...
- الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود:- الأدب النسوي يحمل ف ...
- على هامش يوم العمال العالمي *: الإتحاد العام التونسي للشغل.. ...
- قراءة-متعجلة-في قصيدة مذهلة للشاعر التونسي الكبير جلال باباي ...
- قراءة سيميائية أنتروبولوجية* لقصيدة الشاعر التونسي الكبير د- ...
- على هامش يوم الأسير الفلسطيني : قصيدة الشاعر التونسي القدير ...
- قراءة فنية في قصيدة الشاعرة التونسية المتميزة فائزة بنمسعود ...
- حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات لوحاته ال ...
- قصائد الشاعر التونسي المدهش-د-طاهر مشي-تلج عتباتها المزدحمة ...
- الشاعر التونسي القدير جلال باباي : شاعرٌ يشبه شعاع الشمس الذ ...
- قراءة في قصيدة (” هذا الهوى..يطربني”) للشاعر التونسي القدير: ...
- حين ترتقي الكاتبة/الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود بخط ...
- المبدعة التونسية السامقة فائزة بنمسعود تتنفّس شعرا..وتؤسس-لن ...
- عندما تنثر أزهار الشاعر التونسي القدير جلال باباي عبقها (-قص ...
- جلال باباي : شاعرٍ تونسي أنهكته المواجع ونالت منه الأزمنة ال ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - تمظهرات التناص..روعة البناء الفني وتمثلات الوجع الإنساني في قصيدة ( تبّت يد الغدر) للشاعرة التونسية القديرة فائزة بنمسعود