أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - تمظهرات البعد الفلسفي..في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة نعيمة مناعي (لامرئية)















المزيد.....

تمظهرات البعد الفلسفي..في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة نعيمة مناعي (لامرئية)


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7608 - 2023 / 5 / 11 - 10:27
المحور: الادب والفن
    


عندما نتحدث عن الشعر نتحدث عن الذات المرتبطة بالكون والحياة،لأن الشعر هو كون وحياة وبناء وتأمل.فالشاعرة التونسية القديرة نعيمة مناعي تمتح رموزها من رحم الفلسفة،سواء تعلق الأمر بالعنونة أو في معمارية القصيدة ذاتها،فيها تثري البياض وتربك في ذات الآن المتلقي،حيث تأخذ اللغة الشعرية براعتها الفلسفية بكل أبعادها الأنطلوجية،لأنها (الشاعرة نعيمة مناعي) تسكن اللغة قبل أن تسكنها،وعبرها تؤسس برمجية لفظية توطد دعائم الرؤيا وترفض كل تجربة لا تتأسس على المعاناة،فبالنظر في أبعاد هذه القصيدة التي نحتتها أناملها-ببراعة تحسَب لها (لا مرئية) سيدرك القارئ أن الكلمة لا تأخذ بناءها الإيحائي الرمزي إلا بتوظيفها توظيفا جماليا،فالقصيدة-هنا-تعلن عن شكواها كلما رن أنين برومتيوس،وكلما دنت من الولادة..كلما ضحكت ضحكة عشتار،هكذا ظلت الشاعرة تسائل الوجود بلغة فلسفية تتجاوز حدود الذاكرة،لتحيل على مفهوم التفلسف القصيدي في بعده العلائقي والتفاعلي وأيضا على المستوى البناء الهيكلي النظمي.
إذن فالشاعرة تواجه التناقضات الأنطلوجية والرمزية في رؤية معرفية وفنية،تتجلى بوضوح في هذه القصيدة (لامرئية) فهي الوجود الشعري والكوني والفردي والجماعي والقريب والمختلف،لأن العلاقة مع الذات الشاعرة بسياقاتها الواقعية والمعرفية هي عبارة عن جدلية تفاعلية يحضر فيها اللغوي والرمزي والموت والحياة.فعبر هذه الثنائيات التي تقسم-جسد-القصيدة تتولد لنا إشكالات سواء على المستوى المعرفي أو على المستوى الإبداعي الشعري أو على المستوى الأنطولوجي.
ومن هنا تطرَح الأسئلة التالية: هل معرفة العالم الشعري ممكن؟
وهل بإمكاننا النفاذ إلى الرؤيا الخاصة بالشعر؟
ولماذا حضور الأديولوجي والمعرفي والفني في شعر الشاعرة؟
تشكل هذه الأسئلة بالنسبة لنا مرتبة عليا مفتوحة قابلة للمسائلة والمحاورة،فالذات الشاعرة هي موجود ضروري لوجود القارئ والناقد،لأن التفكير في شعرها هو شرط لوعي الذات الباحثة عن السكون والصمت الذي يذب في أعماقها،لأنها ترغب بالاعتراف بهذا الجسد المقموع فينا كما يقول نيتشه،فنشأة العلاقة الحوارية مع -القصيدة-(التي بين أيدينا) هو انتزاع واعتراف بالحرية الكامنة وراء هذا الكون الشعري،فالشاعرة نعيمة مناعي هي هذه الآنا التي تحاكم نفسها لكي تؤسس أناها المثلى،فالمبحوث عنه هو هذا المضمر والكامن وراء الكلمات والحروف والأشياء،إنه جسد ولغة ونفس ووطن وحب وموت وحياة وغربة وضياع وتفكيك وتوليد.
إنها اللوحات التي رسمتها الشاعرة في قصيدتها المذهلة (لامرئية) لتشكل هذه الآنا والوجود والإنسان،لأنها تبني اللحظة الهاربة من وعيها إلى لحظة لا واعية قصد تحقيق ولادتها الجديدة.
فالشاعرة التونسية نعيمة مناعي تستوطن لغة ببراعة فنية من خلالها تقرب لنا كل الفلسفات التي تمهد لهذا الجسد الشعري والهامشي باعتباره تاريخ للرغبات والتضحيات.
فهذه القصيدة (لامرئية)-في تقديري-هي حمولة فكرية وأدبية ونقدية تعمل على تحطيم كل الأقانيم الرومانسية الأفلاطونية والذاتية المطلقة التي أعلنت انتماءها للميتافيزيقيا،فالشاعرة تخلق أساطير تراتب لكي تقحم الفكر بثنائيات متناقضة مثل الروح والجسد،الموت والحياة،السكينة واليقظة..
هذه المرجعية الفلسفية تحيل على الإطار العام الذي يحدد مجال-نعيمة-،لأنه يظهر المعرفي والجمالي أكثر ما ينم عن قوة تقليدية.فالشاعرة إذن سايرت أدونيس في متونه الملقحة بالفلسفة وبالهموم الإنسانية،وتناغمت معه في شعريته التي تستمد تشكلها من مختلف الفلسفات العالمية، لذا تبقى هي مغلفة بمراس إبداع كوني تريد خلخلة المتناهي لكي تزرع الاختلاف كمقوم أساسي وجوهري في شكل كتابة شعرية،فقصيدتها (لامرئية)هي شهادة ميلاد جديدة تعيدها،وتعيدنا أيضا-قسر الإرادة-إلى التربة والهواء والنار والماء،كلها عناصر تخلق لنا حواس لمواجهة العولمة والإنسان والوجود،إنها ثمرة فكرية وشعرية كما عند عباس محمود العقاد أو عند أدونيس،وأمل دنقل لأنها تقاوم النهائي والثابت من أجل إيجاد هذا المتحرك..فنعيمة تملك وعيا ممكنا كما أدونيس لتخاطب اللغة والذاكرة والتراث والإنسان والتربة والوطن والحياة والموت من أجل إنشاء علاقة بديلة حول نشأة الذات والوظيفة الجمالية في إطار فكري ومذهبي جديد.
تبقى هذه الشاعرة التونسية الفذة نعيمة مناعي كشاعرة تقدم لنا جانبا من جوانب العلاقة بين الفلسفة والشعر،لأن هذا الأخير هو الذي طور هذا الوعي وأمده للفيلسوف من أجل محاكمة الوعي السائد.
وتبقى هذه القصيدة (لامرئية) مفتوحة على كل القراءات،لأنها هي المؤجل والضمني حيث تنتظر تفكيك شرايينها وتلقيحها بلغة إيحائية تستجيب لتطورات الكتابة المعاصرة.
أُهنيء الشاعرة على هذه القصيدة،ولازلت عند موقفي بل ربما عند إصراري أن المتابع لن يرى ماهو أدنى في شعر نعيمة مناعي بين قصيدة وأخرى،وهذا التصاعد هو شارة النجاح..


لا مرئية ...
مساحة الرؤية النافذة
عبور الحدث ،على مرأى الأموات
الريب الساكن في الأعماق
ارتعاش المجهول،في مرور النائم
تضارب الأحداث
حياة تستلهم صخبها من سبات
واستفهام العقل الباحث عن سكينة
روحه
موت مسكون بالحياة
سيناريوهات،منطبعة ...
متقطعة ،متضاربة
من ذاكرة متحركة
أتشبه أحلامنا،أحلامهم ؟
وتقام تساؤلات اليقظة
على مضاجع النيام
قلق السكينة العميقة
في قلب النبض
دعاء استغاثة النجاة
صور الواقع المقيت الممزوج بالأحلام
تفتح أمامه أبواب التأويلات
نيام نحن في صلب اليقظة
في فسحة خاطفة تخز العقل
فيتهيأ لها الجسد المنهك
ويشغل حكمة العلماء
فهل من نجاة !

(نعيمة مناعي)

الشاعرة التونسية نعيمة مناعي تتقن استخدام الرموز الشعرية وإثارة المشاعر والأفكار وتجيد تحويل كلمات بسيطة إلى قصائد مميزة وجذابة،مستعملة الرموز الشعرية التي تعزز من القيمة الفنية للقصيدة وتزيد من جماليتها ومتعتها الإبداعية.وبالنظر إلى ذلك،يمكن القول نعيمة المناعي تفوقت في استخدام الرموز الشعرية التي تعتبر جزء أساسي من فن الشعر،وتعكس خبرة الشاعرة وخيالها ومشاعرها وأفكارها،التي تعزز الاتصال بين الشاعر والقارئ.
ولذا،فإنها تستخدم الرموز الشعرية بشكل ماهر يمكنها إيصال رسالتها بطريقة فنية وجميلة،مما يساعد في تعزيز الثقافة والفن في المجتمع ويساعد في توسيع الآفاق الفكرية والثقافية للقارئ.
لك مني..يا نعيمة..تحايا تعبق بعطر الشعر..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات الذاتِ الأنثوية..في أفق قصيدة النثر النسوية العربية و ...
- تجليات الخيال الإبداعي..وتمظهرات قوة البصيرة الفكرية لدى الش ...
- الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود:- الأدب النسوي يحمل ف ...
- على هامش يوم العمال العالمي *: الإتحاد العام التونسي للشغل.. ...
- قراءة-متعجلة-في قصيدة مذهلة للشاعر التونسي الكبير جلال باباي ...
- قراءة سيميائية أنتروبولوجية* لقصيدة الشاعر التونسي الكبير د- ...
- على هامش يوم الأسير الفلسطيني : قصيدة الشاعر التونسي القدير ...
- قراءة فنية في قصيدة الشاعرة التونسية المتميزة فائزة بنمسعود ...
- حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات لوحاته ال ...
- قصائد الشاعر التونسي المدهش-د-طاهر مشي-تلج عتباتها المزدحمة ...
- الشاعر التونسي القدير جلال باباي : شاعرٌ يشبه شعاع الشمس الذ ...
- قراءة في قصيدة (” هذا الهوى..يطربني”) للشاعر التونسي القدير: ...
- حين ترتقي الكاتبة/الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود بخط ...
- المبدعة التونسية السامقة فائزة بنمسعود تتنفّس شعرا..وتؤسس-لن ...
- عندما تنثر أزهار الشاعر التونسي القدير جلال باباي عبقها (-قص ...
- جلال باباي : شاعرٍ تونسي أنهكته المواجع ونالت منه الأزمنة ال ...
- في حوار لا يخلو من الصراحة والشفافية مع الشاعرة/الكاتبة التو ...
- جلال باباي..شاعر تونسي كبير..عرفته في زمن مفروش بالمواجع..وع ...
- اشراقات الصّور الشّعريّة..وتجليات التكنيك الفني في قصيدة -أخ ...
- الشاعر التونسي القدير د. طاهر مشي..والناقد محمد المحسن وجهًا ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - تمظهرات البعد الفلسفي..في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة نعيمة مناعي (لامرئية)