أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - جلال باباي..شاعر تونسي كبير..عرفته في زمن مفروش بالمواجع..وعلمني أبجديات الصمود















المزيد.....

جلال باباي..شاعر تونسي كبير..عرفته في زمن مفروش بالمواجع..وعلمني أبجديات الصمود


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7571 - 2023 / 4 / 4 - 10:51
المحور: الادب والفن
    


للقصيدة حياة وروح من روح شاعر يغوص في عمق محيط ظلامه دامس ليطفو على سطحه ويعانق خيوط الشمس،فبين الظلمة والنور،يتنقل الشاعر بحرفية اللغوي المتمرس والمتمكن من ريشة الرسام البارع، ليُلقي المعنى الحي في روع الصورة ويحدث شرخا بين عالمين يصعب تجاوزه..بين من يكتب الشعر انطلاقا من واقع الخيال،ومن يكتب الشعر انطلاقا من خيال الحقيقة.
للواقع-الزائف-ظلمة وللحقيقة نور يجعل للمعنى تجليات،وللصورة الشعرية حركة وحس على أرض قصيدة تصبح آهلة بأرقى المشاعر وأصدقها تتفاعل وتتأثر في كل من يكون بين يديها،تسكن وجدانه فيشعر بروعة جمال الصورة وعذوبة حلاوة معنى له نماء في عقل وفكر يعزف لحن شاعر تتهادى على إيقاعه قوافل القوافي لتقول لنا هذا أنا..جلال باباي شاعر التحدي والصمود في وجه الليالي العاصفات..والمواجع المبكيات…
الشاعر التونسي القدير جلال باباي شاعر معاصر له الكثير من الإنتاج الأدبي الموسوم والمميز بنفس الشاعر وبأسلوبه المختزل المختزن الذي لا يستغرق زمنا طويلا في قراءته،لكنه يحتم على القارئ الوقوف طويلا عند الإبحار في عالمه وخياله ودلالة معانيه،فهو قليل كثير،وسهل ممتنع،يستعصي على غير المكتنزين بذلك المعجم اللفظي والدلالي والأسلوبي للشاعر،فقصيدته في كثير من الأحيان ومضة بارقة تبعث حكاية البارق النجدي عند الصوفيين في المخيلة حين يمتزجون ويتحدون مع الذات الإلهية وفق تعبيرهم ومعتقدهم.
ويسعى الشاعر (جلال باباي) في بعض قصائده إلى لغةٍ شفافة تعتمد على الوضوح والواقعيَّة؛فهي لغة تكاد تكون خاصة بالشاعر،لغة تنطلق من الواقع ومن وعي الشاعر بأدواته الفنيَّة،فالنظر في التجربة الشعوريَّة وفَهم الحالة الذهنية لقصيدةٍ ما يتطلَّب القدرة على الانغماس في العالم النفسي للشاعر واستحضار حالته النفسية من خلال كتابته لهذه القصيدة،وفَهمُ الحالة الذهنية تَعني القدرة على استعادة الجوِّ الشعوري ومُعايَشتِه من جديد،ولا يتم ذلك إلا إذا استطاع الناقد أن يُمعِن النظر في الظروف والوقائع التي أدَّت إلى ولادة القصيدة، وبدون ذلك قد تُنزع القصيدة عن سياقها النفسيِّ وتَبقى تراكمًا لغويًّا وشكلاً دون معنى،وتفقد الحسَّ الشعري..
لقد وصف النقاد الخيال الشعري بأنه قوة سحرية وتركيبية تعمل مع الإرادة الواعية،فهو مصحوب دائما بالوعي،وفي داخله يتم التوحد بين الفنان وبين المعطيات الخارجية،وعن طريق تجمع هذه المستوعبات والمشاعر يعمل الخيال على خلق بناء خيالي متكامل،ومن المنطلق السابق نجد شاعرنا القدير-جلال باباي- يثور أحيانا على الصور البلاغية التقليدية والعبارات العاطفية،ويحاول استبدالها بالصور الشعرية المهموسة،أستمع إليه يقول-تاركا للقارئ الكريم حرية التفاعل والتعليق- :

برعم بدم الغزال

إلى الصديق الشاعر : ناصر قواسمي / من وحي قصيدته

” هي المرأة أمّي”

إلى كلّ أمّهاتنا في فلسطين الصّامدة…
و…
…تخليدا لذكرى يوم الأرض الفلسطيني

كانت أمّه قبالة جدران مهشّمة
هناك فم مفتوح تحت سقف غيمة عارية
تطعمه ربّة البيت قطاف ربيع قريب
تلملم نثار الأحجار الباقية
وتتكئ على برعم بدم الغزال وتروي:
” خذ ولدي ما تيسّر من صهيل ودبيب
واحتفــظ بخفقات صدرك
ساخنة مثل الرصاص
تدوّي نبضاتها الحمراء جدران الجلاّدين الواهيــة
كن باسلا وارتفع مثل سنابل العنقاء
تقتات ملح التراب”
هو ذا وجه الطفل يعلو
يحدّق في عيني مرضعته
يرتشف نبيذ زهرة من حليب
يهذي شامخا:
” لا تبتئسي أمّاه وامسحي غشاوة الوجه الكئيب
ستشرأبّ أصابعنا نحو مسجد الأقصى
سيمتدّ عشق البلاد أزكى من عطر الحبيب
وتنأى بنا الأقدام إلى أناشيد القدس الخالدة
تقتلع ما التصق من أمشاج آهة
وتحشرنا صيحات الشهادة في معترك اللّهيب”
فلتمطري أيتها السماء ..
نيازك نخوتنا…..و لتدوّي قويّة عاصفــة النصر القريـــــب.


( جلال باباي)
وهتا أقول :
الشعر صنو المعاناة،فهما روحان في جسد واحد،جسد الشاعر الذي يعيش لحظات المعاناة ليعكسها شعراً ينبجس من قلبه ووجدانه.
والشاعر بحكم تكوينه النفسي،وحبه العميق للتعبير عن وجوده وتفاعله مع الحياة، يعيش دائماً مع المعاناة،ويتصالح معها،لأنه إنسان ذو إحساس رقيق وشعور مرهف..يستطيع أن يصنع من هذه المعاناة شعراً خلاّقا يداعب الذائقة الفنية للمتلقي،ويدفع به-قسر الإرادة-إلى حلبة الرقص على إيقاع الكلمات..
وهنا أضيف : لا تولد القصيدة وفي فمها ملعقة من ذهب، بل تأتي من رحم المعاناة،إذ يبث كاتبها الروح فيها بعد عناء، فتلتقط أولى أنفاسها على يديه، ويحرص على ألا تخرج إلى الدنيا إلا وهي في أبهى حلتها، بعد تنقيح وتعديل،وتغيير وتبديل،لتكون ثمرة مواقف وتجارب، وخلاصة دقائق مليئة بالانفعالات،وأيام متخمة بالمشاعر،وأشهُر،أو حتى سنوات، مزدحمة بالتدفق العاطفي الشاعري.
وبهذا تنطلق القصيدة متكاملة العناصر،تنطلق إلى عالم الشعر كالدرة،لتزيد الكون جمالاً وشاعرية وأحاسيس.
هوذا الشاعر التونسي الفذ جلال باباي ذاك الذي عرفته في زمن مفروش بالمواجع..وعلمني أبجديات الصمود
على سبيل الخاتمة :
تتجاوز مهمة الشاعر رصف الوحدات اللسانية بالطريقة،التي تتحقق بها السلامة المعنوية، وتتعدى اللغة الشعرية حدود القواعد النحوية لتتبنى منطقا جديدا هو منطق اللغة الشعرية،لأن المنطق الذي يخرق المألوف ويقتحم عوالم المجهول لأنّه يؤلف بين دوال متباعدة،لا تلتقي في نظام اللغة−المعيار أي اللغة المتداولة التي لا تسعى إلى تحقيق ما أطلق عليه جاكبسون ″الوظيفة الشعرية″. وإذا كان الشاعر لا يتعامل مع اللغة تعاملا بريئا،لأنّه يستدعي الألفاظ وينسجها بطريقة مقصودة (الشاعر التونسي القدير جلال باباي نموذجا )،فإن القارئ مطالب بأن يكون حاذقا في فك شفرات النصوص بالدفع بكل كلمة إلى مجال تنكشف فيه الدلالات الخفية التي لا تتمظهر على سطح النص،ويؤول الأمر في النهاية إلى قراءة القراءة وإلى دلالة الدلالة.
وهو ما يستدعيه النّص الأدبي،حتى يبقى ديناميا ومفتوحا على التأويل.
ونرجو من الله التوفيق في استيعاب وفهم الدلالات والإيحاءات الإبداعية في قصائد شاعرنا التونسي الفذ جلال باباي.
ختاما أقول : دواوين الشاعر التونسي السامق جلال باباي (أزعم أني اطلعت على جلها) من النصوص الشعرية التونسية ذات الجمالية المبهرة من حيث التصوير والكتابة.
نصوص عميقة،نحتت من أجل الخلود في عالم الكتابة الإبداعية.
ومن هنا أدعو إلى ترجمة أعمال هذا الشاعر إلى الفرنسية والإسبانية والأنجليزية..إلخ إكراما وإكبارا وإجلالا -لجلال باباي-.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشراقات الصّور الشّعريّة..وتجليات التكنيك الفني في قصيدة -أخ ...
- الشاعر التونسي القدير د. طاهر مشي..والناقد محمد المحسن وجهًا ...
- تمظهرات العمق الإبداعي..وتجليات البعد الفني في قصيدة - ناديت ...
- التطريز الإبداعي ..بأنامل الشاعر والكاتب التونسي القديرد-طاه ...
- شاعرة تونسية فذة منبجسة من ضلوع ولاية الكاف الشامخة.. تنتصر ...
- الشعر في الطقوس الإبداعية لدى الشاعرة التونسية الكبيرة فائزة ...
- الصدقة : فضلها عند الله كبير..وأجرها عظيم
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الطبي ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الأست ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الصيد ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الأست ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الأست ...
- هنا تطاوين : الأستاذ المختار صميدة (العدل المنفذ) قامة شاهقة ...
- هنا تطاوين : الأستاذ علي بن منصور (عدل إشهاد) قامة شاهقة في ...
- الأستاذ الفذ كمال الحداد (الإبن البار لجهة تطاوين) : نضيئ أع ...
- حين ينتصر شاعر مسكون بالإبداع في نخاع العظم..إلى شاعر نالت م ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى رجل ا ...
- التاجر الورع الحاج الحبيب الهوش : الإبن البارلولاية تطاوين ب ...
- إشرقات البعد الفني و تجليات الإبداع في قصيدة الشاعر التونسي ...
- الأستاذ التونسي القدير مبروك العابدي-عدل منفذ- نضيئ أعمالنا ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - جلال باباي..شاعر تونسي كبير..عرفته في زمن مفروش بالمواجع..وعلمني أبجديات الصمود