أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات لوحاته الشعرية..ويختصر المسافات بينه وبين القصيدة.















المزيد.....

حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات لوحاته الشعرية..ويختصر المسافات بينه وبين القصيدة.


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7584 - 2023 / 4 / 17 - 02:49
المحور: الادب والفن
    


·
*النص المفتوح هو نص مشاكس لايتوقّف عن وخز التفكير كي يغوص أكثر ليفوز بالدرر المكنونة بين السطور.(الناقد)
*في القصائد وحدها نعيد بناء العالم-ألن غسنبرغ-
*-ما القصيدة إلا الفضاء الرمزي،الذي يعيد فيه الشاعر تكوين العلاقة العاطفية،التي عاشها بغية الوصول إلى الجنة الخالدة : "ما وراء الحب".وليس أعمق وأكثر أهمية من وراء الحب إلا لقاء الذات.-
يزخر النص الأدبي بعناصر لغوية وفكرية وخيالية،تسهم مجتمعةً في تشكيل بنائه الفني والذي يتمخض عن رؤيا شعرية،لذا لابد من البحث فيها جميعاً إذا ما أردنا مقاربة ما تنطوي عليه هذه التجربة.
والقصيدة عمل فني،مادته اللغة توظف فيه على نحو متميز،لذا علينا أن نولي اهتماماً خاصاً للوحدة اللغوية للعمل الشعري،من المعجم اللغوي،والتركيب،والنحو،والتصوير وما إلى ذلك.
وهذا ما سنحاول فعله عبر مقاربة لاحقة مع قصيدة (ثلاثون حكاية من مدينة القلب) للشاعر التونسي القدير جلال باباي والتي يقول فيها :
" ثلاثون حكاية من مدينة القلب "
مللت الكتابة عن "كورونا"
ساحرق رائحتها
بوقود تقواي هذا الشهر
تلك طيور مهاجرة
تحلق تحت سمائنا
ذات غروب أوٌل
ثمٌة وطن جديد
يتوالد مع كلٌ مَغرِب
بؤساء المدينة
ينتظرون هلال الشهر
حتى يستجمعوا
بريد أحلامهم الباقية
لا ينتظرون شفقة الميسورين
هي عناقيد ضوء تنساب
مع آذان الصٌبح
فجر مخاتل
ينبجس بين ليلة تشبه الرماد
وقمر دموي يجري
في مفاصل الطريق وضفاف الطين
يطلع من بين الرماد
ألف زهرة وزهرة،
هي براءة مطر أفريل
تغازل سنابل الربيع القصيرة
في كل حين
تهمس لي أمٌي بصوت
الملائكة
حكايات رمضان
أقرب إلى عناق الروح
كانت تتسارع تلك النبضات
إلى شرفة الوجد،
عبير ناره هذا الشوق كان يلفحني،
مللت الكتابة عن "كورونا"
أتوق للحظة عناق،تطفئ ظمأ الحجرِ،
مريرة جذوة حب وتنهيدة عشق،
يعتري القلب انين
أرغب في اغتراف لمسة.من يديك،
بها الروح تستكين،
تحترق أوهام ويبقى حبك
وحده يقين،
تلبسني جذوة اللقاء
ينتعش الصٌدر الصٌدأ
ويصير الجسد أفيون.
(جلال باباي (ذات رمضان2021)
رغم الجدل المستمر حول قصيدة النثر،كصورة من صور الابداع الادبي،فإن تأثيرها المميز في المشهد الثقافي،لا يمكن تجاهله ولا يمكن للشعر إلا ان يكون روح عصره صحيح أن الشعر يتحدث عن نفسه،ولكن،وراء بوحه شخص يكتب في إطار تجربة ما.يريد ان يتواصل عبر ما يقول،مع متلق يقصده.لذا لا يمكن لنا ألا نخلط بين الشاعر وشعره ومقاصده.
وهنا أقول وأرجو أن لا أجانب الصواب :
مشكلة فهم النصوص الادبية أشد تعقيدا مما نعتقد. فالعوائق الخارجية في الفهم،تتمها معوقات داخلية كثيرة،تستحوذ على المبدع ويتورط فيها.ويتسرب الكثير منها الى ملامح نصوصه.ولا تدرك تلك السيرورة الجدلية،إلا من خلال ما يعلن المبدع صراحةً في نصه،او في ثنايا ما يبطن،أو يصمت عن قوله.
نصوص ادبية كثيرة تكتب وتضخ يوميا في المشهد العام للثقافه.بعضها لا أهل له ولا نسب، يتباهى به.قليلها مؤهل للبقاء حيا.
انسيابية هذا النص "ثلاثون حكاية من مدينة القلب "”لجلال باباي" جذبت إنتباهي مؤخرا. فذهبت إليه متعمدا،برؤية المتبصر ورويَّتِه.
فهو نص أدبي حقيقي،مكثف مشدود الى الواقع،الذي لم يحضر كوقائع مثبتة،بل كتدفق منطقي، يطرح اسئلة مختزلة في ذهن المتلقي،من أجل اعادة قراءة فكرة متوهجة بالمجاز،ذات بعد فني ولغوي عميق،محملة بالشعر المبني على مشاهد موحية منتشلة من الحياة،تجسد درجة عالية من الواقع المعيش ومتوازياته من ألم وأمل.
أديبنا الفذ وشاعرنا السامق(جلال باباي) ليس من محترفي الشعر.بل مثقف مسكون بالشعر وهواجسه.وطّد علاقاته بملكاته وقدراته.وتمرّس بأدوات الابداع.وصقل مهاراته فيه.مما مكنه من الموازنة باقتدار،بين الشكل والمضمون فيما يحاول قوله.وهو مؤهل لان يرفع الخاص منه الى مستوى العام.
تتميز هذه المجاهرة،بمعان كبيرة كاشفة،مصاغة في جمل قليلة وكلمات وديعة،وايقاعات مختلطه،تطل على المتلقي وهو اعزل،إلا من رغبته في المتابعة والتأمل،فتفتح له نوافذ على أحزانه وأشواقه.وتضعه في أرجوحة اوجاعه،عله وهو جالس على حوافها أو في فضاءاتها،يستطيع بحذر تفكيكها،والتعالي على تسلطها،وان يضيء ما يلوح من أحلامه في الأفق.
الخيال الشعري لدى جلال باباي :
لقد وصف النقاد الخيال الشعري بأنه قوة سحرية وتركيبية تعمل مع الإرادة الواعية،فهو مصحوب دائما بالوعي ،وفي داخله يتم التوحد بين الفنان وبين المعطيات الخارجية،وعن طريق تجمع هذه المستوعبات والمشاعر يعمل الخيال على خلق بناء خيالي متكامل،ومن المنطلق السابق نجد شاعرنا يثور أحيانا على الصور البلاغية التقليدية والعبارات العاطفية،ويحاول استبدالها بالصور الشعرية المهموسة،أستمع إليه يقول :
فجر مخاتل
ينبجس بين ليلة تشبه الرماد
وقمر دموي يجري
في مفاصل الطريق وضفاف الطين
تبعا لذلك أو بناء عليه،فإن جلال باباي ينطلق بنا إلى عالم يحمل ألوان الروح المضطربة، ويتغير حسب تغير مناخ القلب الغارق في بحر من الحلم،الألم والأمل وأيضا الحب.إذ يجعل من القصيدة جدارا يثبت عليها كل اللحظات العابرة،ويكون البوح على إيقاع الثمالة العاطفية ورحلة البحث عن نواقص "الأنا" في أعين السماء "الحبيبة"،كما يصورها لنا غالبا في معظم قصائده.
"أتوق للحظة عناق،تطفئ ظمأ الحجرِ
مريرة جذوة حب وتنهيدة عشق
يعتري القلب انين
أرغب في اغتراف لمسة.من يديك
بها الروح تستكين
تحترق أوهام ويبقى حبك
وحده يقينّ"
وهنا أضيف :
تبدو أبيات هذه القصيدة شبيهة بنا ونحن نعيش تضاريسها المألوفة وباء،مآسي،اشتياق، هذا ما ذهب إليه الشاعر الأمريكي ريتشارد ويلبور الراحل عن دنيانا عام 2017حينما كتب يقول : " إذا كنت سعيدا فستظل صفحتك أيها الشاعر فارغة،يجب أن يكون هناك بعض الاحتكاك للكلمات للقبض على النار وإلا فستكون القصيدة اشبه برماد خامد لا حرارة فيها "،وكأن كل ما كتبه جلال باباي في قصائده الشعرية التي اطلعت على الكثير منها محض ارتداد لصوت واحد هو الألم والأمل وكذا الوَجد والشوق، :"تلبسني جذوة اللقاء /ينتعش الصٌدر الصٌدأ /ويصير الجسد أفيون.."
ختاما أقول :
هذه القصيدة لجلال باباي صفحة من دفتر الحنين الوَجد والقلق،ولوحة فنية تجمع ما بين عناصر اللون والحركة والصوت والصورة التعبيرية،وتتسم بالوحدة العضوية حيث الترابط بين وحدة الموضوع ووحدة الجو النفسي والعاطفة والإحساس الحنيني والشفافية الجميلة،وعزفت أبياتها بموسيقى عذبة وايقاع لحني جميل.
فشكرًا لك صديقنا وشاعرنا" الأكودي"* جلال باباي على روعة النص وجمال اللفظ والتعبير والمحسنات البلاغية ورقي الابداع،وبانتظار المزيد مما يجود به القلم وتتفتق به القريحة والخيال الشعري الخصب،مع خالص التحايا.
*تنويه : ليس غريبا إن ترجمَت في المدى المنظور أعمال هذا الشاعر الفذ (جلال باباي) إلى لغات أجنبية كالفرنسية والإنجليزية والإسبانية..إلخ،لما تشكله من إبداع وازن،تختلط فيه كل الأساليب والأشكال الأدبية والإبداعية.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد الشاعر التونسي المدهش-د-طاهر مشي-تلج عتباتها المزدحمة ...
- الشاعر التونسي القدير جلال باباي : شاعرٌ يشبه شعاع الشمس الذ ...
- قراءة في قصيدة (” هذا الهوى..يطربني”) للشاعر التونسي القدير: ...
- حين ترتقي الكاتبة/الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود بخط ...
- المبدعة التونسية السامقة فائزة بنمسعود تتنفّس شعرا..وتؤسس-لن ...
- عندما تنثر أزهار الشاعر التونسي القدير جلال باباي عبقها (-قص ...
- جلال باباي : شاعرٍ تونسي أنهكته المواجع ونالت منه الأزمنة ال ...
- في حوار لا يخلو من الصراحة والشفافية مع الشاعرة/الكاتبة التو ...
- جلال باباي..شاعر تونسي كبير..عرفته في زمن مفروش بالمواجع..وع ...
- اشراقات الصّور الشّعريّة..وتجليات التكنيك الفني في قصيدة -أخ ...
- الشاعر التونسي القدير د. طاهر مشي..والناقد محمد المحسن وجهًا ...
- تمظهرات العمق الإبداعي..وتجليات البعد الفني في قصيدة - ناديت ...
- التطريز الإبداعي ..بأنامل الشاعر والكاتب التونسي القديرد-طاه ...
- شاعرة تونسية فذة منبجسة من ضلوع ولاية الكاف الشامخة.. تنتصر ...
- الشعر في الطقوس الإبداعية لدى الشاعرة التونسية الكبيرة فائزة ...
- الصدقة : فضلها عند الله كبير..وأجرها عظيم
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الطبي ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الأست ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الصيد ...
- باقة نرجس..وتحايا مفعمة بالإجلال والإكبار والتقدير إلى الأست ...


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات لوحاته الشعرية..ويختصر المسافات بينه وبين القصيدة.