أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي.. يرثي الشهيدة-شيرين أبوعاقلة-بحبر الروح..ودم القصيدة (شيرين..يمامة توارت خلف الغيوم)















المزيد.....

الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي.. يرثي الشهيدة-شيرين أبوعاقلة-بحبر الروح..ودم القصيدة (شيرين..يمامة توارت خلف الغيوم)


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7610 - 2023 / 5 / 13 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


تصدير : كتبت هذه القصيدة كترنيمة حزينة،تتشبث بالصبر كما تتشبث الشجرة بالأرض، فالجذور التي تمتد عميقاً في التراب تجعل الأغصان تتمدد بالأمل كأنها اكف الرجاء،وهنا سندرك معنى التناغم في أن يتحول هذا الحزن في ذات اللحظة التي وجد فيها الى أمل وهذه هي القيمة الجمالية التي تنطوي على مفهوم رائع للإبداع،وهذاما سوف ينمو و يشع و ينبعث من نفوسنا،ونحن ندرك هذا الجمال،فالكلمات التي مضغت الحزن أخرجته إلى ما يقابله من أمل..ثمة أمل ينبثق من دفقات الدّم ووضوح الموت..
أمل يتمطى في اتجاهنا عبر عطر زياتينك يا فلسطين..


ليس الشعر إلا صياغة ساحرة وعذبة لما يختمر في داخلنا،ويعبر عن تجربة إنسانية ذاتية وشاملة.
هو رؤية عميقة أداتها اللغة،وحصانها الخيال،تسافر وتجنح بدلالة اللغة الحقيقية إلى دلالات مبتكرة غير التي وضعت لها بالأصل،وتكون مليئة بالمعاني الجديدة والإشارات والإيحاءات المدهشة.والشاعر لا يقدر على فهم تجربة الحياة دون الغوص في المشاكل الإنسانية الكبرى.يتأمل ويتنقل في عالم الإنسان والكون الذي يعيش فيه.
‏تؤرق الكتابة الشاعر التونسي القدير د-طاعر مشي،والشعر بالنسبة له فعل حياة،وإبداعه الشعري يلتقط نبض الحياة،ويحاول الإمساك بلحظات فرح غير آبه بالوجع،وبجرأة مندفعة تغوص في الحياة الصاخبة التي لا تهدأ لإعادة اكتشافها من جديد.
إن الآلام التي يعبر عنها الشاعر نابعة من قلبه،وقلبه هو منبع وجعه،وكما يقول الشابي: "إن قلبي..هو مصدر آلام هاته النفس التائهة المعذبة،وهذا الجسد المُعنّى المنهوك.وما دمت أحمل بين أجنحتي مثل هذا القلب الكبير،وما دامت هاته الحياة تهد منه ولا ترحم فإنني أشقى أبنائها"
فحين تشعر بذلك الوميض من النبض في شعر الشاعر التونسي«د-طاهر مشي» تتضح لنا تلك الخافية التي يخفيها عن قرائه في واقعه واسلوبه البلاغي ومعجمه اللغوي اللفظي لتلك المفردات التي تكشف براعة شاعرنا وتألقه في كتابة الشعر،وبذلك برز شاعرنا في هذه القصيدة التي صاغها بحبر الروح،ترحما على "اليمامة الراحلة عبر الغيوم" كما وصفها شاعرنا ونقصد الشهيدة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي اغتالها حفاة الضمير..وشذاذ الآفاق-رحمها الله رحمة واسعة-
لقد تأثرتُ كثيراً بهذه القصيدة على وجه التحديد لأنها نابعة من وجدان مفعم بالإنسانية..
شيرينُ..يمامة توارت خلف الغيوم..
فَكَمْ شيرينُ قد ذاقتْ وَذُقْنا
بساحاتِ الوَغى لا مَا افْتَرقْنا!
تجوبُ الرُّوحُ في كلِّ الدّروبِ
ويبقى في المَدى طيْفاً عَشِقنا
فنامي يا شِرينَ الشّرقِ نامي
فإنْ هبّ الهوى يوماً عُتِقْنا
وإن سالتْ دموعُ العيْن حيناً
فجرحُ الغدْرِ يبقى لوْ رَتَقْنا!
وصوتُ الحقِّ لا ي
علوهُ صوتٌ
رَصاصُ الغَدرِ من ظُلمٍ لَحِقْنا
سلامي لِلّتي في الحرب كانتْ
تُغَطّي في جِنينَ الثّأرَ لَحْنا
كما المَسجون في قفْرِ الصّحارى
نذوقُ المُر َّ ظنَّ الشّهدِ ذُقْنا
هوَى الإعلامِ في الأوْصال يسري
وكم كأسٍ من المُرّ ارْتَشفْنا!
لِتَمضِي شهيدةً مِنْ أجلِ أرضٍ
رصاصُ الغدر شيرينا سرَقْنا
ستبقَى شِرينُ جمْراً في حَشاكُمْ
صهايِنُ جُرْمُكمْ غَطّى وَعَنّى!
ونبقى راصدينَ لكم خَزايا
بإعلامٍ لَنا فَخُذوها رَنّا!
طاهر مشّي
إني أرى هذا الشاعر الفذ يحمل بين طياته الكثير من الحزن والوجع ..وبالرغم من سوداوية الشعور العام هنا ..إلا أن ذلك لم ينتقص شيئاً من جمال هذه القصيدة وعذوبتها التي بالفعل لامست شغافَ قلبي ..
لقد مضى الشاعر في تطريز قصيدته تطريزًا نابعا من صدق الإحساس المفجّر لصور إبداعيّة فيها عمق الألم المولّد لقوة العبارة والاختلاف تجعلنا ندرك الفرق بين حزين وحزين فَحَدَثُ الفَقْد تجد له ألف حزين،بينما تجد حزينا متفرّدًا في حزنه يعبّر عنه بشكل يغوص في أعماق جُرحِهِ فيبدع ويعلو وهو يحلّق بعيدًا خارج السرب.
إن الفقد لا يمثل حالة إنسانية طارئة،ومن خلال الشعر وحده يمكن أن نشعر بالمعنى متجدداً، بالقفز على فجوة الفراغ الذي تخلفه أكثر أحزاننا قتامة،وباللغة التي تنطلق لتعكس هذه السمة الإنسانية الأصيلة في البشرية،فتقدم لنا التجارب الشعرية المختلفة في هذا الاتجاه،كنوع من أنواع الحراك الاجتماعي والثقافي.
وهنا أضيف : إن الفكرة لدى كاتب الشعر لا توجه لغة الخارج، فالشاعر نفسه شبيه بلغة جديدة تبني نفسها،وتبتكر لِنفسها وسائل تعبيرية وتتنوع حسب معناها الخاص.
هنا ما نسمّيه شعراً ليس سوى فرع من الادب الذي تتأكد فيه الاستقلالية في أبهى صورها. فالكثير من المتذوقين للشعر الحديث لا يعتبرون القصيدة شعراً ما لم يكن بها أنين وحكمة أو استغاثة،لذلك واحد من أصعب الأمور في كتابة الشعر هو أن يعرف المرء ما هو موضوعه..!
إن جلّ الناس يعرفون ولا يكتبون الشعر لأنهم واعون جداً للفكرة..وبعبارة أخرى أكثر تحديداً وسيولة،إن القصيدة هي التي تخبر الشاعر عن أفكاره وليس العكس..ولقد أخبرت هذه القصيدة شاعرنا"الطاهر" بكل ما يجول في خاطره..
وختاما نقول إنّ ممارسة فعل التلقي لقصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي تكشف عن رؤى معرفية منبعثة تقود إليها صور الشاعر ولغته الممعنة في بلاغة التصور،وان المضامين الفكرية جاءت بها القصيدة ضاجة بالحسي من المخزون الأدبي،وقد أحدثت تناغماً فكريّاً يمنح قصيدته هذه،كثافة تعبيريّة تبعث على الدهشة وتُضاعف من فاعليتها الجمالية وذلك بانزياحات لغوية تحمل المعنى من دلالة إلى أخرى وتسمح بتعددية دلالية تنسجم مع رؤى الشاعر النازفة، والبنى التركيبية المشكّلة لها باذخة بشمولية بلاغة الصورة،في مرموزاتها لتأخذك إلى مكامن الدهشة في توصيل الرؤيا والتي تعبر عن مدى ارتقاء الشاعر الى لغة شعرية خاصة به، فيطرح عبرها هموم الحياة بصخب آلامها وإرهاصاتها أمام القارئ دون زيف،مهما اشتد وطيس هذه المعاناة ..معاناة شاعر يرى بقلبه..ويرسم بوجدانه في زمن تغتال فيه-الكلمة-على مرآى ومسمع من العالم..
قاصرٌ هو الحرف عن الإمساك بكل خيوط إبداعك أيها الشاعر السامق..وأتمنى أن أكون قد طرقت بعضاً من ملامح الجمال بين ربوع قصيدتك الخلابة..رغم الأسى والحزن..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قصيدة (لست صالحة للرسكلة) للشاعرة التونسية المتميزة ...
- تمظهرات البعد الفلسفي..في قصيدة الشاعرة التونسية القديرة نعي ...
- تجليات الذاتِ الأنثوية..في أفق قصيدة النثر النسوية العربية و ...
- تجليات الخيال الإبداعي..وتمظهرات قوة البصيرة الفكرية لدى الش ...
- الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود:- الأدب النسوي يحمل ف ...
- على هامش يوم العمال العالمي *: الإتحاد العام التونسي للشغل.. ...
- قراءة-متعجلة-في قصيدة مذهلة للشاعر التونسي الكبير جلال باباي ...
- قراءة سيميائية أنتروبولوجية* لقصيدة الشاعر التونسي الكبير د- ...
- على هامش يوم الأسير الفلسطيني : قصيدة الشاعر التونسي القدير ...
- قراءة فنية في قصيدة الشاعرة التونسية المتميزة فائزة بنمسعود ...
- حين يرسم الشاعر التونسي القدير جلال باباي بالكلمات لوحاته ال ...
- قصائد الشاعر التونسي المدهش-د-طاهر مشي-تلج عتباتها المزدحمة ...
- الشاعر التونسي القدير جلال باباي : شاعرٌ يشبه شعاع الشمس الذ ...
- قراءة في قصيدة (” هذا الهوى..يطربني”) للشاعر التونسي القدير: ...
- حين ترتقي الكاتبة/الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود بخط ...
- المبدعة التونسية السامقة فائزة بنمسعود تتنفّس شعرا..وتؤسس-لن ...
- عندما تنثر أزهار الشاعر التونسي القدير جلال باباي عبقها (-قص ...
- جلال باباي : شاعرٍ تونسي أنهكته المواجع ونالت منه الأزمنة ال ...
- في حوار لا يخلو من الصراحة والشفافية مع الشاعرة/الكاتبة التو ...
- جلال باباي..شاعر تونسي كبير..عرفته في زمن مفروش بالمواجع..وع ...


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي.. يرثي الشهيدة-شيرين أبوعاقلة-بحبر الروح..ودم القصيدة (شيرين..يمامة توارت خلف الغيوم)