أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - المنصور جعفر - عشرة تغييرات هزت سوريا















المزيد.....

عشرة تغييرات هزت سوريا


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 7606 - 2023 / 5 / 9 - 18:52
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


يحاول هذا الكلام تقديم لمحات عن أحداث ولدت وتلت عشرة إجراءات ليبرالية هزت سوريا.


1- بعض الظروف التاريخية التي ولدت النزعة إلى الاشتراكية وأحزابها في الشام:
منذ ما قبل إعلان تأسيس حزب البعث العربي الإشتراكي في أبريل عام 1947 تأثرت مكونات ذلك الحزب بأمور شتى أهمها:

(أ) أفكار التحرر الوطني ذات الماديات والمثاليات الإشتراكية،

(ب) أزمات تقسيم الشام وفصل لبنان واغتصاب فلسطين،

(ج) ثقافات عداوة إثنية وطائفية ودينية وقومية وطبقية ضد مظالم الخلافة الإسلامية وضد الصهيونية المباشرة أو المواشجة للاستعمار الغرب أوروبي الشكل.


أيضاً إرتبط تأسيس كل الأحزاب الإشتراكية في الشام بتاريخ قديم حافل لنضال كادحي سوريا والعراق المسلح والمتتالي ضد امبراطوريات الفرس والروم وضد كل واحدة من الخلافات الإسلامية وكذلك عرف أولئك الكادحين بتصديهم البطولي المتتالي لغزوات المغول والتتار، وكسرهم الحملات الصليبية، وبسالتهم ضد حملات الإخضاع الدموي لجيوش الباشبوزق التي كانت تسيرها الخلافة الاسلامية العثمانية.

إضافة إلى هذا التاريخ الحافل تغذت مكونات كل الأحزاب الاشتراكية في الشام بمزيج من حرية وولاء ومن نظامية وإنفتاح: الحرية هي حرية العشائر البدوية المهمشة وولاء أفرادها ها لوجودهم المشترك، أما النظامية فهي نظامية سكان مدن الشام وتصنيعهم كل شيء، وإنفتاحهم بالصنائع وتجارتها على أمور كثيرة.

ومع كل هذه الفضائل تغذت تدابير الأحزاب الأحزاب الإشتراكية في سوريا والعراق بمهارة فئات الزراع والصناع والتجار الذين ربوا مناضليها وأكسبوا شخصياتهم مهارتهم الحرفية في جمع وفرز ومداورة وتشكيل الأمور . وإضافة إلى ذلك أكسبوهم حذق الشوام التاريخي في نسج وموالفة المصالح تكوين الجمعيات والأعمال السرية أو العلنية اللازمة لمقاومة أو تدجين جبروت الحكام.

ارتقى هذا التاريخ الحافل المجيد منذ ما قبل عشرينيات القرن العشرين بنضالات شتى بعضها صدامية وبعضها سياسية شنتها مجتمعات سوريا والعراق ضد وجود ونشاط ونفوذ الإستعمارين البريطاني والفرنسي وجريمة تقسيمهما بلاد الشام إلى فلسطين وعراق وأردن ولبنان وقبرص وضمهما جزءاً من شمال سوريا إلى تركيا وجزءاً كبيراً من العراق هو إقليم الأحواز إلى إيران التي لم تتوقف أنشطة الإستعمار لتغيير الحدود عندها.

في ثقافة هذا النضال برز كمحور لصراعاته الطبقية ومكوناتها وتجلياتها الثقافية رفض المجتمعات المهمشة في الريف والمدن لتبريرات وسلوك النخب الحاكمة العميلة للإستعمار سياسات وأنشطة حكمهم المؤدية إلى إفقار وبؤس مجتمعات الكادحين.



2- أزدواجات الأصالة والمعاصرة:
تواشج النضال الوجودي ضد جبروت الباشاوات وحالة شبه السخرة في إقطاعاتهم تواشجاً كبيراً مع نزعتين ثقافيتين مضادتين لشيزوفرانيا تصرفات الباشاوات وتغيرهم بين تزمت وتهتك، وتذبذب تعاملاتهم ونفاقها بين محافظة ريفية وإنفتاحات مدينية و بين أصولية وأوروبية.

ضمن هذا الرفض الأخلاقي التكوين وتأجيجه مناهضة أو مقاومة كان كثير من المناضلين في المدن يحنون إلى بعض تقاليد الريف التي أكلتها الحداثة بينما في نفس الفترة وفي نفس الحزب كان كثير من المناضلين في الريف يحلمون بحداثة ومعاملات ومظاهر الحياة المدينية وأنوثتها الأوروبية.

هذا التمايز المألوف في مختلف بلاد العالم بين الصورتين المثاليتين لكل من الريف والمدينة له بحكم طبيعة الأشياء له كعيار صلاحية تأثير على إنطباعات كل مناضل إزاء أي نشاط حوله. ومثل تأثير أي صورة كبيرة في الناس بين محبذ لها ونفور منها فإن التصور المثالي لحياة الريف عند كثير من مناضلي المدن والتصور المثالي لحياة المدينة عند كثير من مناضلي الريف قد جمعا -كل في شقه- جماعة من المناضلين على الآراء المناسبة لتصورهم المثالي كما نفرت هذه الصورة أو تلك بعضهم الآخر من الآراء التي تختلف مع تصورهم المثالي.

من ثم تمايزت في واقع الأنشطة الحزبية في سوريا والعراق بعض الأمور والتغيرات السياسية التي قد يصعب فهمها بالقراءة الخطية ذات الإتجاه الواحد سواء كان إتجاهاً من النظرية إلى التاريخ أو بدأ من التاريخ وإتجه إلى النظرية (وفي الحالتين تتزود القراءة الخطية بمؤونة تنتقيها من مخازن أو أسواق محطة الثقافة) لكن تزيد امكانات فهم بعض الأمور والتغيرات السياسية في كثير من دول الآسيوية والإفريقية واللاتينية عند معرفة تأثير الصور المثالية في خبرة أصحابها وتحديد عيار تصورهم لصلاحية الأمور.


3- سلبيات:
لعل من الأمور السلبية في هذا التاريخ ذو المجد التليد وسياق حضوره في هذه الفترة:
(أ)عدم وجود فحص منظوم للتكوين الثقافي لشخصيات الكوادر.
(ب) غياب أي فحص لتأثر أعضاء وقادة كل حزب عند كل قرار برؤيتان تختلف مقاديرهما:
رؤية قوية الصلة بالتصورات الثقافية الراسخة في ذهن العضو، ورؤية تفضل ما تكثر على توكيده دراسات علمية يظن العضو إنها "محايدة".

لعل الأهم في هذا الصدد ان ينتبه المنظمون لفحص ودرس نتائج التأثير المتبادل بين الوضع الطبقي والوضع الثقافي ونتائج هذا التأثير على نوع أو كم قبول أو رفض كل فئة في الحزب أو المجتمع لسياسة معينة.



4- حضور البعث:
في مارس عام 1963 تولت اللجنة العسكرية لحزب البعث العربي الإشتراكي السلطة في سوريا حيث أسقطت تلك اللجنة المكونة من ضباط البعث الحكم الرجعي العميل الذي كان قد تحكم في سوريا بانقلاب عسكري.
.
وصفت بعض الاراء الثورية آخرعهود الحكم في سوريا الذي انهته ضربة حزب البعث بانه كان عهداً عميلاً لدول الإستعمار ذو نخب تمالي الإحتكارات والفساد، مهملة لحقوق وشؤون التعمير وغير آبهة لمهمات تنمية البلاد.

حضر حكام ذلك العهد إلى السلطة عام 1961 بإنقلاب عسكري مدعوم بتحالف نخبوي بين الأوروستوقراط أحفاد خدم الخلافة وخدم الإستعمار وجماعة الإخوان المسلمين القريبة منهما وتمتع حكم ذلك الإنقلاب النخبوي بدعوم كثيرة من الملكين السعودي والأردني ومن الرأسين الغربيين اللبناني والتونسي، وتأمين من فرنسا وإنجلترا.

وبكل دعوم هذه القوى الرجعية الاستعمارية قام حكام ذلك العهد بأداء مهمته الرئيسة وهي فصل سوريا عن مصر. وتدمير ذلك الكيان الوليد المسمى ؟الجمهورية العربية المتحدة" الذي كان مولده يمثل خطراً كبيراً على العملية المزدوجة الصهيونية الامبريالية ذات التوسع والإخضاع والتقسيم والتذويب.

بشكل عام يمكن القول بأن حزب البعث العربي الإشتراكي نجح في إخراج سوريا من ربقة البؤس وإنهاض ريفها ثم تحرير جزء من هضبة الجولان وتنمية الأمور الأساسية في الدولة بآيديولوجيا وسياسات نصف ليبرالية ذات عناصر وأشكال إجتماعية الواقع وسحنات "اشتراكية عربية".

واشج بناءها ذلك الوضع الآيديولوجي نصف الليبرالي وربع الإشتراكي والسعي لتحقيق أهدافه تواشجاً كبيراً بأمرين أولهما التناغم الفوقي بين البعثيين والشيوعيين في "الحبهة التقدمية" التي غالباً ما تحتمع في المناسبات بقيادة حزب البعث لتنبه إلى بعض المسائل المفروغ منها. وثانيهما التنظيم الحكومي لغالبية شؤون الدولة مع دور ضعيف لتفاعل وتنسيق الفئات ونقاباتها والمحليات.

تسيطر على كل الأمور في الدولة الحزب والحكومة بعض شرائح المهنيين.



5- تبلور الأزمة:
في عهد الرئيس جراح العيون ثم الضابط بشار الأسد بدأت نخبة حزبه تهزم نفسها بنفسها فقبل أكثر من عشرة أعوام من إنفجار الأمور عام 2012 بدأت تلك النخبة ورئيسها التجاوب مع التضليل والإغراءات والضغوط الخليجية والإمبريالية. حيث بدأت بزيادة لبرلة الحياة الحكومية والمعيشية بما شمل الأمور الآتية:

فتح المجال لأنشطة الشركات الخاصة في أمور التشييد والأشغال والتموين والاتصالات العامة،

2. إطلاق سراح بعض قيادات الإخوان،

3. زيادة تهميش وضع الجبهة التقدمية وتبديلها بكم من المشاورة مع جماعات مصالح،

4. تخفيض التعاون مع روسيا الضعيفة وزيادة التناغم مع فرنسا وأوروبا،

5. تخفيض دعم القوى المثيرة للقلق في تركيا والعراق والأردن ولبنان وتخفيض انشطة البعث خارج سوريا،

6. إغماض العين عن تواشجات كبراء الطائفة السنية وأنشطة الإخوان المسلمين وبعض شيوخ العشائر وارتباطاتهم بدول الجيران المعادية لسياسات سوريا،

7. فك مراقبة الأسواق والأسعار والمواصفات، وزيادة التغاضي عن الطفيلية وتجارة الحدود،

8. تخفيض الإهتمام في الإعلام بمعالم الثقافة الاجتماعية وقضاياها التاريخية والطبقية والوطنية والقومية المضادة للأنانية وكل أشكال الرجعية والإستغلال والإستعمار وتجلياتهم الصهيونية والامبريالية،

9. فتح المجال الإعلامي وفي المسارح لثقافة التهريج والتسلية والهشك بشك،

10. فتح المجال لتكوين ونشاط أعمال ومنظمات ذات طبيعة سياسية أو نحوها.



6- عوامل خارجية:
بدأ تمكين هذه الإجراءات عام 2000 شاملو فترة توتر الإقليم بأزمات غزو أمريكا للعراق، وما رافق ذلك من ضغط إعلامي وعسكري ضد سوريا من جيرانها العراق وتركيا وإسرائيل والأردن، ومن السعودية وقطر، ومن ثلاثين دولة أوربية وأمريكا.

آنذاك إرتبط التدخل الامبريالي الصهيوني وتوابعه بأربعة أهداف هي:
(أ) تأمين أوضاع إسرائيل وأمريكا ومنع إمكانات التعاون السوري العراقي وبينهما مع ايران وتركيا

(ب) الإستولاء على حقول غاز البحر المتوسط لمنعها من تعزيز صمودها وصمود الفلسطينيين ازاء مشاريع الاخضاع والإذابة

(ج) القضاء على قوتها الزراعية وإنهاء تصديرها للقمح والشعير والموالح،

(د) إنهاء نشرها للمواد الإعلامية والكتب التي تعزز في المنطقة معالم الثقافة الإجتماعية والإشتراكية المناهضة أفكار التزمت الديني وأفكار التحلل الليبرالي المضادتين لمعالم ثقافة الاتساق الوطني والعدالة الإجتماعية.



7- ثبات الحزب وفئاته وتغير دور الدولة!؟:
مثل ما حدث في مختلف دول العالم ارتبطت زيادة لبرلة الآقتصاد بتحول دور الدولة من منظمة للمنتجين والمجتمع إلى متربحة منهم كما صارت راعية لقيام بعض الناس بإستغلال غالبية المجتمع إستغلالاً تجارياً أو رأسمالياً.

نتيجة هذا التحول في دور الدولة ونخبتها من موزع للفرص إلى خادم للمترسملين ضعفت ثقة الناس في عدالة الحكم وصلاحية آستمراره وزاد ميلهم إلى حل أزماتهم بأنشطة ووسائل غير حكومية بل فردية كالتجارة والهجرة والتدين السياسي وكم كثير من الطفيلية.



8- ثقافتان وأثرهما:
مع تحول الحكومة من حامي للناس إلى متربح منهم وزيادتها حرية التملك والتجارة تدهورت معيشة غالبية الناس بفعل زيادة الأسعار وإنخفاض أو بطء زيادة المرتبات وتلاشي قيمتها الشرائية خاصة مع دخول وزيادة ثقافتين هما ثقافة الحل الفردي والجمع الأناني الهلع للمال، وثقافة الإستهلاك التفاخري و"الشو" وزيادة ميل الناس إلى إستعراض مقتنياتهم كسلوك يعوض إنسحاق المبادئي الوطنية والإجتماعية التي كانت تملأ النفس والعين.

بفضل زيادة نخبة الحكم الوطني السوري للإجراءات الليبرالية ضعف الاتساق بين دور وواحبات الحزب الحكم والدولة وحالة المعيشة وبهذا الاختلاف نمت كل القوى الليبرالية ذات الميسم الرجعي وذات الميسم الحداثوي المعادية أصلاً لمختلف إتجاهات العدالة الاجتماعية. وقد تجمعت وحدات هذه القوى الرجعية والحداثوية ونشطت بفضل سببين هما:

(أ) فشل السياسة الليبرالية للدولة في تحسين المعيشة واشتياق كثير من الناس إلى زوال النخبة الحاكمة.

(ب) الدعم الخليجي والإمبريالي وزيادته التأجيج والتنسيق الليبرالي الإخواني.


9- الإنفجار:
مع تضييق الحكومة والإعلام لإمكانات الديموقراطية الشعبية وتشوه ثقافتها بالحصار والتهريب وبأمراض هيمنة الطبقة الوسطى وفئة المهنيين على كل أعمال الدولة والمجتمع. ومع تفشي تناغمات القرابة والمحزوبية، ومع بث وسائط التواصل لأمور التخاصم والغضب والحماقة، ومع إكثار كل وسائط التوجيه الذهني لبث صور موجبة عن "الربيع العربي" وانتشارها تراكمت الانفعالات والتآمرات وإنفجرت بكل تناقضات المائة عام التًي سبقتها.

ظهر ذلك الإنفجار كانتفاضة ليبرالية طائفية ذات شكلين مدني وعسكري سرعان ما تمكنت قيادتها الضيقة من تحويلها إلى مصدر ثراء شخصي وأنشطة إرهاب كادت أن تقضي على كل وجود سوري صحيح لولا غباء وحماقة المفجرين وتناقض ليبراليتهم وممارساتهم مع أهم حاجات معيشة السوريين.



10- الخمود:
بإنكشاف طبيعة مصالح وأكاذيب القوى المضادة لما تبقى من معالم موجبة في سياسة سوريا ومع بسالة الجيش السوري (وحنكة قائده جاسم الفريج) ونجاحه خلال أوائل سنوات الحرب منذ عام 2013 إلى عام 2016 في صد وتشتيت ثم حصر القوات الإسلامية في قطاعات ثم جيوب ثم تفريغها واحدة تلو الأخرى بالتفاوض ونقل جنودها إلى منطقة الحدود مع تركيا. ولولا هذا الضبط الحربي الحاذق لكانت الأمور في سوريا أسوأ ولكانت مقسمة بين سيطرات أمريكية في الشمال الغربي وتركية في الشمال وأردنية واسرائيلية في باقي المناطق ولكانت بعض المدن حطباً لصراعات داعش والقاعدة.

سياق الأحداث يوكد إمكانية موضوعية للقول بفشل الأفكار الليبرالية في جانب الحكومة وفي جانب المعارضة فقد ظهرت تناقضات كثيرة في تكوين وأهداف النشاط الليبرالي للحكومة وكذلك في معالم النشاط الليبرالي للمعارضة.

أدى هذا الفشل أولاً إلى إندلاع هذا الحريق الليبرالي الكبير ثم أدى لخموده وانطفاء لهيبه دون تحقيق فائدة عظيمة منه للشعب الذي زعمت نخب المعارضة الليبرالية انها تقوده لكن تهاوى زعمها بفعل انقسام وتشرذم قواها إما حول أموال الحرب أو حول إمكانات تخفيض كوارثها.

في الحالتين الليبراليتين: الحالة الليبرالية للحكومة والحالة الليبرالية للمعارضة كان النموء العام للتصورات والأكاذيب الليبرالية وأزماتها نموءا أضعف إمكانات تنمية وتطور وإتساق أنشطة كل فئات الشعب السوري.

لعل السبب الكبير لنموء الليبرالية في حهة الحكم وجهة المعارضة هو ثقافة الإكتفاء بأرباع الحلول بفعل تفشي الوجس والوجل والحذر المفرط (الحرفي والتجاري الأصل) وذيوع حالة خوف في غالبية النخب والفئات من الحلول الجذرية الشاملة المتكاملة.



11- بؤرة تفشي الليبرالية:
مع عوامل أخرى سياسية وإقتصادية وثقافية سورية وشامية وعالمية تسببت حالة الخوف المنتشرة في العالم وفي سوريا من الحل الجذري ومن هدمه أسس ومظاهر إنفراد بعض الناس بتملك موارد مهمة لمعيشة المجتمع أدت إلى نتائج سلبية في كل مجتمع انتشرت فيه.

في سوريا أدى تراكم أرباع الحلول إلى أزمات حادة طائفياً وإثنياً وإقليمياً وإعتمالها في صراعات النخب الريفية والنخب المدينية، وإلى تراكم وتوالي حوادث إنفجاراتها وصولاً إلى إنفجارها الكبير عام 2012.

بدوره أدي حريق 2012 خلال خمسة أو عشرة أعوام إلى تدمير الكثير مما بني بتضحيات جمة في الأرض وفي النفوس خلال مائة عام وهي أبنية عامرة وإن تم تشييدها بإستعمال كيفما أتفق لأنواع مختلفة المتانة والصلاحية من أرباع الحلول وأنصافها.

إرتبط حدوث التراكم الليبرالي وإنفجار أزماته بتأسيس غالبية نظم الدولة على شفا جرف هاو متمثل بتقديس غالبية الناس لجريمة إمتلاك بعض الأفراد لموارد مهمة لمعيشة المجتمع منفردين بالسيطرة عليها، وهو تقديس عام سني وشيعي وأورثوذدكسي وكاثوليكي وممارس داخل كل إثنيات سوريا ومتغلغل في كل طبقاتها وأحزابها.


12-المستقبل:
نتيجة تراكم عوامل الثورة بفقدان اي حكم لقوته والانفجار المنظوم لرفض الشعب لوجود الحكم ستتغير الأوضاع في المنطقة بثورة شعبية تقودها الفئات الكادحة من داخل تنظيماتها الفئوية ووعي أحزابها الإشتراكية والشيوعية.

وبهذا النوع من الثورات الجذرية القوى والأهداف تتم إزالة ظاهرة تقديس أرباع الحلول المواشجة لتقديس فوضى التملك التجاري وتقديس النظم النخبوية الفردية الرئاسة والمحور لكن كثورة على أوضاع كثيرة يرتبط جزء مهم من نجاحها بتحقيق ثلاثة أمور هي:

(أ) كشف إحتيالية تكسب النخب من أي شعار . حيث ترفعه على الرماح عند أي ظروف تدعوها لشرعنة بقاءها متجاهلة الكثير من لوازم تحقيق أي من تلك الشعارات.

(ب) كسر إنفراد الطبقة الوسطى الحاضنة للنخب المسيطرة وكسر سيطرة هذه النخب وفئتها على الأمور السياسية وإنهاء تحكمها في هيئات الإدارة والتعليم والأمن والإعلام وهدم ممرات تأثيرها على أقوياء وضعفاء الخلافات داخل الأحزاب.

(ج) تبيين ودحض استثمار النخب المسيطرة لمعالم الصراع الطبقي الرجعية والتقدمية في عمليات سياسية يومية وموسمية تدعم بقاء أمور السلطة والمعيشة خارج سيطرة الطبقة الكادحة.

إنتهى



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدمج وذلك السؤآل
- مهمات في الدعاية الثورية
- نقاط لتأريخ هذه الحرب
- سببا الانفجار
- لاباسيوناريا La Pasionaria
- في تبدد الإنتاج الوطني
- من الميكانيك إلى الكهرباء
- الليبرالية تولد التطرف
- تحسيناً للحزبية، الذكاء الاصطناعي ضد أسلوب روزا
- تأثيل الجزء الليبرالي من كلمة العدل
- تأثيل فلسفة المثقف الإستعماري الكبير
- الخطابة الثورية
- الإعلام الثوري والتغيير الجذري
- تبرئة كل النخبة وإدانة كل الثائرين
- تيت تيت .. ديالكتيك النشاط الفوقي والنشاط القاعدي
- في الحرب ضد النُخب، أهم 40 ضربة أنجزتها الحركة الثورية
- الإشتراكية كحل لأزمات تسييس الإسلام وأسلمة السياسة
- ديالكتيك أسلمة السياسة وتسييس الإسلام 1
- ديالكتيك أسلمة السياسة وتسيس الإسلام..
- أزمة اليسار طبقية وليست إدارية


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - المنصور جعفر - عشرة تغييرات هزت سوريا