أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - المنصور جعفر - في الحرب ضد النُخب، أهم 40 ضربة أنجزتها الحركة الثورية















المزيد.....


في الحرب ضد النُخب، أهم 40 ضربة أنجزتها الحركة الثورية


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 7390 - 2022 / 10 / 3 - 12:55
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


1- القديم:
منذ ما قبل تأسيسها الحزب الشيوعي السوداني في أغسطس 1946 شنت القوى الثورية للكادحين حربها المتنوعة الأشكال والمعارك ضد أفكار وسياسات الإستغلال والتهميش والقوى المواشجة لهذه الأفكار والسياسات سواء كانت قوى مدنية أو كانت قوى عسكرية.


ولم يكن إشعال هذه الحرب كما تزعم النخب هذه الأيام بسبب رغبة القوى الثورية في السيطرة على حركة الجماهير! أو لأن الشيوعيين يرفضون التحالف مع "الجماهير"! فمن المعلوم انه لا توجد "جماهير" بلا مصالح معيشية ولا حركة ثورية تنتظمهم عليها، وإن لكل حركة ثورية مقوماتها التي تجعلها جزءاً عضوياً في عملية تحويل الأفراد والناس إلى "جماهير" تكرس سيطرة تنظيمات العمل وتنظيمات السكن سيطرة تامة على أمور معيشتها وعلى الحياة السياسية اللازمة لتحقيق هذه السيطرة وتثقيفها وتنميتها.


أمام هذه الإرادة الثورية عرف تاريخ السياسة المعاصرة وجود النخب الطائفية والقبيلية وأتباعهم الكثيرين، وسياستها الرجعية التي ترفع رايات الإسلام السياسي وعرف وجود المجموعات الحداثوية التي ترفع رايات المتاجرة السياسية والبنك الدولي، كما علم الأقصي والقريب اتفاق كل هذه النخب على رفض أي تغيير جذري في مجال توزيع الموارد يروم مصلحة الكادحين، وعرف المجتمع الحاضر ان بين كل النخب الرجعية المضادة الشيوعيين وكل النخب الحداثوية المضادة للحركة الثورية والشيوعيين، توجد محاصصات مناصب وإعفاءات استوراد وتصدير وإمازات ميليشيات، ومحاور خارجية.


هذه الحرب التي بدأ بعضها مع إضراب عمال انزارا عام 1907 أو مع تأسيس جمعية الضباط والموظفين عام 1907 أو مع تأسيس الغازيتة عام 1907 أو مع مقدمات وأحداث الإنتفاضة الشعبية المدنية والعسكرية عام 1924 ومع اضرابات المدارس العليا في أعوام عقد الثلاثين، ثم تأسيس بعض الجمعيات والأنشطة المطلبية، ..إلخ، استعرت الحرب الشعبية ضد النخب منذ تلك الفترة ولم تنتهي حتى اليوم بل تؤججها يومياً حالة تدهور المعيشة/ الاقتصاد، أي زيادة إستغلال وتهميش الكادحين وتلاشي مهمات الدولة وواجباتها الاجتماعية، وهو تأجج يزيد بفعل الدور العظيم لإرادة ونضالات الحزب الشيوعي السوداني وجهوده مع تنظيمات الجماهير لتؤسس في وحدات عملها وفي وحدات سكنها مقاليد ثورة وطنية ديموقراطية شعبية شاملة.



2 . الرؤى والمواقف:
تختلف مواقف الناس في الحياة تبعاً لإختلاف ظروفهم ووضعهم في الحياة ونظرتهم إليها ومدى رؤيتهم مظالمها وأسبابها ودرجة وعيهم لنشاط عواملها وآثارها على مستقبلهم.


حسب هذا التقدير المنطقي الذي يربط رؤى الناس السياسية باوضاعهم ووعيهم ووفق واقع حياة غالبية الكادحين وتأزم معيشتهم ومستقبلهم رغم زيادة جهودهم وإمكانات عملهم رأت طلائع الحركة الثورية واقع تدهور حالة المعيشة ونموء سيطرة النخب واستهلاكها أسس السياسة والدولة الوطنية ووفق معطيات هذه الحالة الواقعية رأى الشيوعيون ضرورة تغيير هذا الوضع تغييراً جذرياً يقتلع جذور التدهور وبشمل حتى تغيير الأهداف والأساليب النمطية المألوفة التي تكرر فشلها في إحداث تغيير جذري موجب في حياة غالبية الكادحين.


أما نخب الأحزاب والمكونات الأخرى فأحياناً ترى جزءاً ظاهراً من الحالة المأساوية لمعيشة الناس لكن بحكم طبيعة تكوينها ومصالحها وتكوين عيونها ومناظيرها لا تستطيع ان ترى الأسس أو الجذور الطبقية لمأساة المعيشة والاقتصاد وتأكل المجتمع والدولة بسبب هذه الأسس الطبقية، ومن ثم حسب رؤيتها المحدودة تتعاطف بلسانها مع رافضي المأساة ومقاوميها.



3 . الفيصل:
الفيصل في التناقض بين رؤية النخب الضيقة ورؤية الثوريين والحزب الشيوعي السوداني الواسعة والعميقة، هو التاريخ وإن طال الزمان أو قصر فان الفشل وتكرار الفشل هو المصير الطبيعي لمواقف النخب المعادية لحتمية تطور حاجات المعيشة والإنتاج، وبالتالي ضرورة تطوير مجتمعاتهم ونظمها السياسية وفق هذه الحاجات وأولها الحاجة إلى البقاء والتنمية.

ضد ضعف أهداف وأعمال النخب يرجح الميزان التاريخي للنشاط السياسي كفة الشيوعيين بـ 40 علامة تقدم هي:

1. زيادة تنظيم الحركة الثورية (1946) وبداية تأسيس الحركة النقابية وتمحيص شروط العمل والمساواة في حقوق الشغل والأجور (1947)،

2. رفض "الجمعية التشريعية" لكبراء الحكومة والطوائف والقبائل وما فيها وما إليها (1948)،

3. مناهضة الرؤى السطحية والتمييز العنصري في عملية سودنة الوظائف (1954)

4. مناهضة نقص الإستقلال (1956) ،

5. مناهضة شروط واتجاهات المعونة الأمريكية (1958) ،

6. النضال ضد أول حكم للعسكر منذ عام 1958 إلى عام 1964، وإسقاطه،

7. توكيد ضرورة انتخابات المحليات (1963)،

8. جهدهم لإلغاء الإدارة الأهلية (1964) ،

9 . إوضاحهم الكثيف المستمر للأسس الثقافية السياسية والاقتصادية للسيادة والوحدة الوطنية والسلام والتنمية،

10. نضالهم ضد أسس وأشكال "الديكتاتورية المدنية" منذ عام 1965 إلى عام 1969،

11. نضالهم ضد تحكم الفرد منذ 25 مايو 69 إلى نهايتها في 1985،

12. كشفهم زيف المصالحة/ المخادعة (1977) وجشع شراذمها وطبيعة أنشطتهم،

13. نضالهم ضد أسس وجبروت التحكم الإسلامي منذ عام 1977 إلى عام 2019،

14. رفضهم التدخلات الإقليمية والدولية المعادية لمبادئي السيادة الوطنية وحقوق الشعوب.

15. نضالهم ضد دخول وشروط وتوجيهات صندوق النقد منذ عام 1976،

16. نضالهم ضد قيام النخب بتطشيش وتصفية شعارات وأهداف إنتفاضة أبريل 1985 ،

17. النضال ضد انقلاب الكيزان منذ عام 89 إلى عام 2019 وضد كل جرائمه، وتوابعه وتهرباته،

18. النضال لتأسيس لجان المقاومة،

19. مناهضة تمكين لجنة الكيزان العسكريين الأمنية منذ أبريل 2019،

20. رفضهم سياسة الكلفتة والمحاصصة وشروط صندوق النقد ومشاركة إسرائيل منذ عام 2019 .

أيضا مواقف الشيوعيين التليدة الداعمة ل:

21. حركة الحمعيات التعاونية،

22 . حركة تنظيم النساء وترسيخ حقوقهن كمواطنات،

23. تنظيمات الشباب والطلاب ودورها التجديدي في المجتمع ،

24. حركة الجمعيات والروابط والمجتمع المدني والتصدي لأشكال إستغلاله الحكومية والشخصية ومحاربة تهميشه،

25. الاهتمام بوعي حقوق وتنظيم مطالب الريف/الهامش منذ كانت شيئاً غير مذكور في سياسة نخب المدن،

26. مد وتنمية حركة الفنون والآداب بالمعرفة المنظومة والإبداعات النظرية، والعملية، وتطوير النشاط الانتقادي، وترسيخ دورها الرائد في ترقية تفكير ووجدان الجماهير، واسهامها في تمحيص وفرز ظواهر الحياة وإنماء كثير من المعاني النبيلة،

27. دفاعهم عن حرية الإعتقاد والرأي والتعبير، ودعم الأنشطة الثقافية والفنية ودورها في عمليات بناء المجتمع الديموقراطي والدولة الوطنية،

28. الدفاع عن القيم الموجبة في التراث والحداثة ضد الاستغلال والابتذال،

29. إستقلال القضاء وسيادة القانون، وفصل وتكامل السلطات، وإلغاء القوانين المناهضة للحريات، والماسة بكرامة الإنسان،

30. حرفية ومهنية أجهزة الدولة والخدمة الحكومية،

31. تجويد ومجانية وديموقراطية التعليم ، وكذلك الدفاع عن الحقوق والحريات الأكاديمية،

32. تحسين الأوضاع الصحية ومجانية العلاج،

33. تنظيم الإقتصاد، وتحسين المعيشة، وضبط الأسواق والأنشطة التجارية والمالية،

34. تحسين الأجور والمعاشات والخدمات العامة،

35. حرفية القوات المسلحة، ومحاربة التفكير السلطوي الإنفرادي والإنقلابي، والتصدي لانفلات الأنشطة الأمنية في ممارسات الإعتقال والتعذيب، الكشات المضادة للباعة والنازحين، حملات التجنيد الإجباري، الجبايات، ومناهضة أمور الإمتيازات والتعالي والبطش والمحاباة، والانتهازية الفئوية،

36. ضبط التعامل الخارجي لهيئات الدولة بالسيادة والمصلحة الوطنية،

37. حملات النظافة، الأيام الصحية والثقافية، وأنشطة التنمية الإجتماعية،

38. رفض تخديم الدين في أمور التسلط والقهر والاستغلال والتهميش،

39. كشف الفساد المؤسسي والعارض، ومحاربة الإنتهازية واستغلال النفوذ والمحسوبية والتقصير في أداء واجبات العمل،

40. دعم التواصل الثقافي الإجتماعي بين قوميات المجتمع السوداني، وتنمية علاقة الصداقة الشعبية مع مجتمعات العالم.



4- طبيعة النضال:
من المعلوم ان هذه النضالات الـ 40 مستمرة منذ عشرات السنيين وهي ممهورة بتضحيات أفرادها بوقتهم وجهدهم واطمئنان أسرهم وأهلهم، وبفقد مناضليها بعض ضرورات الحياة ومألوفاتها، وتعرضهم بسببها لمنع من الدراسة أو فصل من العمل وقطع أرزاقهم ومنعهم من السفر، وحظر أو تشديد بعض التعاملات معهم، وممارسة العنف الثقافي والإعلامي واللفظي والجسدي ضدهم، وتعرضهم للإصابة بأمراض أو تفاقمها نتبجة تعذيب أو بمنع العلاج أو تبعاً لإققارهم، وكذلك تعرضهم للإعتقال النمطي المكرر أو الوحشي ذو التعذيب وعاهاته، وللقتل وللسجن والغرامة، ولأحكام ظالمة بالمؤبد والإعدام.

اي ان هذه الأعمال الفدائية الـ40 لم تكن نتيجة من رغبة نخبة أو نزعة تسلط أو من تطرف أفراد، بل كانت ولم تزل بنوعها وعددها والمثابرة المنظومة لترسيخها ودراستها وتجديدها وتنميتها أعمال موجبة لتطور وعي وتنظيم فئات الكادحين الثورية في حربها ضد النخب، وهي أعمال بحساب السياسة الواقعية الواسعة والبعيدة النظر وميزان التطور التاريخي لنضال الشعوب تعد فخراً للشعب السوداني والطبقة العاملة الثورية والحزب الشيوعي السوداني.


أما زعماء النُخب الذين رفضوا أو بخسوا هذه الأعمال الأربعين المجسدة لرؤية ونضال الشيوعيين فها هم لم يزلوا يهدرون وقت ومصالح الشعب في أمور أنانية وعبثية شتى تختصرها كلمات مثل: "سفر الولاء"، "مذكرة الكرام"، "تتآمرون"، "تسلمون الحكم"، "تهاجرون"، "تصالحون"، "ترأسون"، "تخاطبون"، "تؤجلون"، "تهتدون"، "ترجعون"، "تقفزون"، "تشاركون"، "تتحاصصون"، "تغاضبون"، "تسافرون"، "تتفقون"، "تعودون"، "تخضعون"، "تختلفون"، "تطردون"، "تولولون"، "تساومون" ، "تقبلون". لكل كلمة حكاية طويلة ممتلئة بالأجانب وبالأقارب والمعارف أصحاب المصالح والنفوذ.


إذن الفرق كبير بين رؤية ونضالات الحركة الثورية الرافضة للمساومة على الأمور المبدئية الضرورية لمعيشة الناس وسؤدد الدولة الوطنية، والرؤية النخبوية الناشطة في تجنب أو قبول أي مساومة مع أي قوة إلا مقابل منافع شخصية أو حزبية أو تجارية، فمحور السياسة في النخب الحزبية الليبرالية -سواء كانت رجعية أو حداثورية- هو المصلحة الذاتية.
وتبعاً لهذا الاختلاف بين الرؤيتين تختلف عاقبة كل منهما على حقوق الشعب ومصير المجتمع والدولة. وشتان بين من يطلب للشعب العلى، ومن يعيش أبد الدهر يدور حول ذاته النخبوية فرحاً بكسبها أو شاكياً من انحسار في نفوذها أو متسولاً لإشباعها.

6- الواقع:
الواقع ان زعماء النخب في غيهم يعمهون من مؤتمر كمبالا، مؤتمر لندن، إجتماعات دبي، مؤتمر برلين، مؤتمر باريس، اجتماعات ثم مؤتمر جوبا، لقاءات أديس، القاهرة، واشنطن، وانجمينا، يتناغمون أو يتجمعون ضد مطالب الشعب والحركة الثورية الثلاثة وهي المدنية والمحاسبة وتحسين المعيشة ويدبرون في تغييرات وتوافقات شكلية وفي إنقلابات مدنية وعسكرية مختلفة الأشكال، يلهثون بين بيوت كبراء البزنس والسفارات يفذلكون في مبادرات ومشروعات،، وأمور صناعة الحكومات الفوقية، وأحلام تراخيص وخصخصة جديدة ومرتبات دولارية دون ان يعيروا إهتماماً لأمور معيشة الجماهير ولا لتغيير أسس الدولة النخبوية، ودون أن يرفضوا بشكل متكامل أسس عمليات الاستغلال والتهميش رغم إنها أكبر منتج لأزمات البلاد!



7- النتيجة العامة:
الموكد ان النخب الرافضة مواقف الشيوعيين ولجان المقاومة تمثل مصالحها ولا تمثل مصلحة الجماهير في تغيير أوضاع الدولة والمجتمع تغييراً جذرياً.

وإذ تحقق النخب لنفسها في ثقافة ومنصات الشراكة والخضوع وحساباتها شهرة بإثارة التبخيس والكراهية ضد نضالات الشيوعيين ومطالب جماهير الحركة الثورية، فهي بأحزابها الرجعية وبأحزابها الحداثوية وما إليهما من جماعات إرتزاقية ليست سوى نخب سياسية للتجارة الفاسدة والسياسة الفاسدة والانقلابات الفاسدة والوعود الفاسدة التي عرفوا بها في التاريخ.

من ثم إذا وضعت معيشة الشعب ومصالحه كميزان للتاريخ ووضعت في واحدة من كفتيه مواقف الشيوعيين المذكورة أعلاه وهي أربعون موقفاً في مصلحة الشعب ووضعت في الكفة الأخرى مواقف كل النخب فلن تكون كفة النخب هي الأرجح.


8- النتائج المستقبلية:
في المستقبل القريب وفقاً لميزان المعيشة وضرورات تغيير الاقتصاد والادارة وأسس وأهداف الدولة وعلاقاتها سيكون حكم الشعب ضد هذه النخب، فثرثرة صحف وشاشات التضليل التي لم تزل تصيبهم بالغرور قد ملأت مخازيها السياسية ضد قضايا الكادحين الكثير من مزابل التاريخ.


لكن حتى ان خلت الحياة من وسائل الإعلام ووسائطه فإن غرور وتنطع نخب أحزاب النخب صار حماقة مركبة لا تسمع النصائح والتنبيهات والتحذيرات والإنذارات وأعمت بصرها عن رؤية ضرورة التغيير الجذري لمواجهة الانهيار المحتوم وفوائده لتغيير أوضاع الناس والدولة وإخراجها من حالة تناقضات الموات إلى حال جديد تسوده شراكات وتعاونيات النشاط.


لعل اعماه النخب الليبرالية في غيها مرتبط بأصلها الطبقي الإقتصادي السياسي كونها نابتة من نفس جذور عمليات الاستغلال والتهميش لكن بحكم تلازم النخب مع نظام الاستعمار الداخلي وما فيه من استغلال وتهميش ستنتهي مع تاكل مقوماته كل محاولات النخب لمناطحة التلازم العضوي أو البنيوي بين نظام الدولة ونموء وتطور حاجات المعيشة والإنتاج، وهو التلازم الذي يهدد وجود الدولة إذا لم تستجيب بنيتها لزيادة حاجات المعيشة، ولم تستطيع قدرات حكوماتها إبقاء الناس في الأوضاع القديمة للنظام العام التى تجاوزتها حاجات المعيشة بمقدار يقترب إلى عشرة أضعاف الدخل البسيط في الأسواق وعشرون ضعف المرتب الحكومي في بلاد ثرية بكل أنواع الموارد.


صارت النخب تقاوم إنكشاف وموات أسس مصالحها دولتها بمهاجمة الحركة الثورية والحزب الشيوعي السوداني بأساليب التضليل والقهر المعنوي وهي نفس الأساليب النخبوية المكرر فشلها خلال أكثر من مائة عام في منع الوعي بحقائق إنهيار المعيشة وضعف الدولة، لكن حتماً ستنتهي إلى السكوت ضجة الليبراليين الرجعيين والحداثيين ضد الحركة الثورية والحزب الشيوعي السوداني مثلما إنتهت ضجات أسلاف النخب في العالم. فقديما إنتهت ضجات نخب الإقطاع التي كانت تخوف الناس بغضب من الله لتمنعهم من إزالة أسس ومظالم الإقطاع وكذلك إنتهت إلى السكوت الأبدى ضجة نخب الاستعمار القديم التي صخبت العالم في الفترة الذهبية لإستعمار غرب أوروبا لأكبر بلاد إفريقيا وآسيا (بين ما قبل عام 1850 وإلى ما بعد 1960) .


في تلك الفترة ذات الجريمة العظمى في تاريخ العالم تشدق زعماء النخب الاستعمارية الغرب أوروبية وحتى بعض زعماء نخب البلاد الأفريقية والآسيوية بان حضور الإستعمار قدر الهي! محاط بعناية آلهية ! وإن بقاءه ضرورة للمسيحية وللعالم! ووعدوا الناس بأن نظم ستحل أزمات معيشتهم ! وان تطور قدراته شامل وأبدي! وإنه أساس الحضارة والسلام! وإنه أكبر مانع للوحشية والاستبداد! وإنه -كما يقال الآن- "نهاية التاريخ" !


لكن مع مرور الزمن ظهرت بواطن وتناقضات أمور الإستعمار، وإختلال حساباته، وإن أضراره أكثر من منافعه، وإن تجهيله البنيوي العميق أكثر من تعليمه الظاهري المحدود، وإن تخريبه الإقتصادي العميق والطويل والمتنوع الاشكال أكثر من إعماره المديني المحدود، وإن أثر أقتحامه وضرباته على كرامة وإزدهار المجتمعات أشد ألما وأفدح أثراً على كينونة المجتمعات وإنسانيتها من العقوبات الجسمية الفردية القديمة، وإن إفقاره الحياة والمستقبل أعظم فداحة من إثراءه الوضيع حالة التمدن والتملك الإنفرادي وفتات ثرواته ألتي نصبها في مستعمراته.


من ثم بحكم حاجات المعيشة وأهمية قواها في المجتمع تبلورت طلائع الحركة الثورية ضد الاستعمار (تختلف عن الحركة الوطنية العامة التي تتحكم فيها قوى شبه الاقطاع وكبراء البراجزة) وتركزت في فئات الكادحين باعتبار ان تحررهم هو تحرر غالبية الناس في المجتمعات وإدراكها المبكر أن أهداف ووسائل النخب الوطنية هي مجرد نسخة محلية من الاستعمار.

عموماً مع نموء وإشتداد نضال الشعوب وحركتها الثورية ضد الإستعمار و(عملاءه) زاد استهجان النخب الإستعمارية وضجت وملأت الدنيا بمختلف أنواع التضليل الناعم والصاخب ثم مع مواتها وإنتقالها إلى مرحلة السكوت الأبدي بدأت ضجة ورثتها ضد التحرر الوطني بوصفه بـ"الخطر الشيوعي".


بشكل عام إنتهت معالم الاستعمار القديم وذهبت دعايات نخبه أدراج الرياح وبقىت منه ومن جرائمه العظمى ضد الإنسانية ذخيرتان لمن يتعظ أوضحهما ماركس: الأولى أهمية تطوير آلات وآليات القوة المدنية والعسكرية ونظم توزيع الموارد، والثانية أهمية الوقاية من الإستعمار بعدم الإستكانة للتخلف ولحكامه الطغاة. فالتخلف ضعف يغري على نفسه المستعمرين الأقوياء، والحكام المنفردين المنعزلين عن حاجات ومشاعر وإرادة الناس سيتعاونون مع الإستعمار أو -بحكم تكريسهم للتخلف وضعف الدولة- سيعجزون عن مواجهة قوة الإستعمار، أو بحكم خوفهم على مصالحهم وجشعهم سيتعاملونه ويعيقون بتعاملهم وعمالتهم ووكلاءها مقاومة الشعوب مؤخرين بتلك الإعاقة حتمية إنتصار الشعوب على الاستعمار.


كما إنتهت في العالم بإنتصار فكرة التحرر ضجة النخب الموالية للإستعمار القديم وماتت معه فكذلك ستموت في السودان الحاضر ضجة النخب المعاصرة وتنتهي إلى ذلك السكوت الأبدي. ستنتهي إلى حتفها الطبقي المحتوم مهما أغدق عليها ممثلو نخب الدول الإمبريالية وتوابعها في الإقليم من حفاوة واتصالات رسمية ومقامات تسمى عالمية وهي إرتزاقية، ومهما باركتها نخب الأنشطة التجارية والطائفية والقبيلية والعسكرية أو منحتها مناصب حكومية، ومهما حيتها الجيوش والميليشيات أو أخلت لها الأرض والجو، ومهما تطاولت نخبتي الأحزاب الليبرالية (أي نخبة الأحزاب الرجعية ونخبة الأحزاب الحداثوية) في تبرير وجلها المصطنع من (أخطار) تزعمها عن التغيير الجذري وتبرير حبها للإرتباط بالنخب الأخرى لعمليات السيطرة والتحكم المعزز للاستغلال والتهميش رغم خطر نظم وعمليات الاستغلال والتهميش على وجود المجتمع وعلى وجود الدولة.


حتماً ستتاكل وتنتهي سيطرة كل النخب وسيتقد اكثر ويتأجج نضال الحركة الثورية والشيوعيين لتأسيس كينونة ثورية شعبية شاملة وجذرية لدولة ديموقراطية مزدهرة تلبي حاجات معيشة الشعب وتزيل أسس التناقض في أوضاع فئات ومجتمعات السودان وفي سياسات الباقي منه.


ختاماً، في السياق التاريخي لتطور المجتمعات عبر معارك حربها ضد النخب، ومع توفر ظروف مساعدة ينعقد وعي النصر والوصول إلى مرحلة الشعوب وإنهاء التنظيم الطبقي لتوزيع موارد المعيشة بنضال ثورييها المتنوع والمتكامل والمنسق، المفروز الأفكار والأهداف والقوى والتعبير. أما المناصرات المتقطعة والكفاحات الصغيرة والجهود الفردية المولدة أو الداعمة لنضال الشعب فمنها تبدأ التغييرات الكبيرة ومن ومضها تتهيأ النفوس والأذهان لإشراق شمس الإنتصار العظيم.

============== انتهى النص ==============



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإشتراكية كحل لأزمات تسييس الإسلام وأسلمة السياسة
- ديالكتيك أسلمة السياسة وتسييس الإسلام 1
- ديالكتيك أسلمة السياسة وتسيس الإسلام..
- أزمة اليسار طبقية وليست إدارية
- أسلحتهم
- مُغني الحب في الإتحاد السوفييتي
- إنهاء دولة المخاتلة
- التأثيل تجاوز للتفكيك
- هل يؤثر تغيير إتجاه القراءة على تكوين الذهن للمعاني؟
- إستعادة الماضي الجميل لا تبني المستقبل
- بعض السلبيات في مشروع الميثاق
- بداية تأثيل ضد سمات نهاية الفهم
- السودان وأوكرانيا دول ميليشية
- السودان .. أوكرانيا
- نهايات القديم وبداية الجديد
- وادي النيل
- الأمن الجديد
- ضد التنخب
- من متاهة الأزمات إلى المخرج
- ملامح المستقبل


المزيد.....




- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 552
- النظام يواصل خنق التضامن مع فلسطين.. ندين اعتقال الناشطات وا ...
- الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا ...
- بيان مركز حقوق الأنسان في أمريكا الشمالية بشأن تدهور حقوق ال ...
- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - المنصور جعفر - في الحرب ضد النُخب، أهم 40 ضربة أنجزتها الحركة الثورية