أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - المنصور جعفر - الإعلام الثوري والتغيير الجذري















المزيد.....

الإعلام الثوري والتغيير الجذري


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 7414 - 2022 / 10 / 27 - 21:23
المحور: الصحافة والاعلام
    


هذا النص انتقاد عمومي لجانب من سلبيات المشجع للثورة ومحاولة لتبيين اهمية التغيير الجذري لطبيعة انتقاداته وتحولها من منطق الإصلاح إلى منطق الثورة.


1- العلة:
كثير من مواد الاعلام تدافع عن الثورة وقضاياها لكن بشكل لا يتضمن نقداً جذرياً للسياسة الليبرالية السائدة التي تبرر وتحمي حرية التملك الانفرادي لموارد المجتمع، بل حسب الظروف تنتقد المظالم الناتجة منها.

من المألوف لمتلقي الاعلام أن يجد إنتقاداً أو نقضاً ضد تصريحات أو تناقضات أو جرائم زعماء شكلي الحكم الليبرالي الشكل الحزبي الرئاسة والشكل العسكري الرئاسة، ومن المألوف أن يجد متلقي الاعلام إنتقادات متنوعة ضد شكل أو مظالم الحكم الحزبي أو ضد شكل ومظالم الحكم العسكري وفي الشكلين طائفية وقدر من الرجعية أو الحداثوية وكافة ضروب المحسوبية والمضاربات بشكل يسهل إنتقادها.

لكن أي من شكلي الحكم الليبراليين الحزبي والعسكري لم يحقق محاسبة صارمة ولا تحسيناًٍ في معيشة غالبية الكادحين ولم ينجح في ترقية أداء الحكومات والدولة. بل بقى الشكلان يتحدثان عن تغييرات فوقية في التمويل أو الادارة أو الثقافة بلا فائدة.

منطقاً تقل فائدة الانتقادات التي تكرر أو تعيد إنتاج سمات أو مثاليات من السياسة الليبرالية.



2- السياسة بين التضليل الليبرالي والإعلام الشيوعي:
بعض الناس يقيس فعالية الاعلام بعدد الجمهور وإزاء هذه المقايسة غير المنطقية من الضروري الإقرار بصحة ان أتباع أحزاب الطائفية والكيزان والحركات المسلحة في كثير من الارياف والمدن أكتر عدداً من الشيوعيين لكن هذه المفارقة العددية لا تعني بأي شكل موضوعي ان قواهم السياسية أحسن تنظيماً من الشيوعيين في معرفة التاريخ والوعي بطبيعة أزمات الحاضر والتجهيز للمستقبل.
من ثم يستمر تفوق معدل زيادة عدد وانشطة الشيوعيين، ويستمر معدل انخفاض عدد وتأثير القوى الرجعية، لكن مع زيادة في عدد وتأثير القوى الحداثوية.

كثرة عدد المشاركين لا يدل على ان القوى الليبرالية الرجعية أو الحداثوية أكثر تقدماً في الإعلام بل الأقرب للصحة أنها كثيرة في ممارسة التضليل وهذه ثلاثة امثلة على اختلاف التفوق العددي عن التفوق النوعي: المثال الاول في مصر حين كانت شرايط بعض مؤدي الأغاني السريعة تباع أكثر من شرايط أم كلثوم. المثال الثاني هو قانون جريشام النقودي الذي يقول إن النقود الصغيرة ضعيفة القيمة قليلة الخسارة وسهلة التداول تطرد العملات ذات الفئة الكبيرة والصعبة التداول. أيضاً مثال سرعة البناء البسيط وتفوقها على سرعة البناء الكبير الراسخ لا تعني إن الأسهل افضل.


في الـ40 معركة سياسية كبرى التي شهدها السودان منذ ما قبل اعلانه كدولة مستقلة إلى فترة الحاضرة أضاءت الحقائق التي قدمها ومثلها الحزب الشيوعي تاريخ وحاضر نضال الكادحين وإنخسفت بإستمرار آراء الشعبويين والنخبويين. ففي كل موقعة منطق طبقي في تاريخ السودان السياسي وأموره الإقليمية والدولية إنتصرت مناصب وعمولات النخبويين والشعبويين بينما حالف كلام الحزب الشيوعي السوداني الحقيقة التاريخية وتوكد للناس صحة كل ما قاله سابقاً، ومع كل انتصاراته لم يتردد البتة عن انتقاد أي خطأ ارتكبه في تقدير موقف.


3- بعض سلبيات الاعلام الثوري:
تاريخياً منذ الخمسينيات يلحظ في إعلام أحبابنا الشيوعيين في غالبية دول العالم الثالث علامات الموجبة الشكل لكنها في سياق وساحة حرب التضليل القذرة تبدو علامات سلبية، وأهمها الإهتمام الكثير بهدف وأسلوب الإقناع الفردي، والأدب مع الأفكار الضعيفة المنطق، التواضع الايديولوجي، والتأني والتريث الشديد، واحترام خصوم الرأي، والتنازل الفكري وحتى مجاراة الثقافة السائدة. وهي بالتحديد وبعض الفصيل:


1. كثرة اهتمام الشيوعيين بأسلوب الإقناع الفردي:
من أهم مقومات الإقناع الفردي توفير المعلومات والتحليل المنطقي ومن ثم فإن أسلوب الاقناع الفردي السائد في الاعلام الشيوعي في مختلف أنحاء العالم يرتبط موضوعياً بتنمية متتابعة للفهم الفردي وتصحيح آراءه ومعلوماته بعرض التاريخ والمعلومات المناسبة لتكوين أو لتصحيح فهمه.

وتتكون سلبية تقييم هذا الاتجاه الاعلامي الرصين وتزيد في الدول الليبرالية وثقافتها التضليلية المبتعدة عن الرصد والتأريخ والتقييم الموضوعي للأزمات والقضايا الأساس لمعيشة وحياة غالبية الطبقة الكادحة ثم زيادة التضليل في عصر الإنترنت حيث صارت الرصانة منفرة.

يؤدي التكرار اللازم من الصحيفة لتصحيح تكرار نفس الفهم الخاطئ إلى قدر كبير من الإشباع وبالتالي وفق قانون "تناقص المنفعة الحدية" يولد قدر زائد من النفور والتنفير يزيد بدوره الإقبال على الآراء الفارغة أي إلى وقوع التفكير في تهلكة التضليل ومزابل الفكر الأناني (الفردي).

التمايز بين أسلوب الإقناع الفردي وطبيعة رسائل ووسائط الاعلام العمومية غير المتخصصة فهي ليست أداة إقناع عقلاني راسخ بل تتراوح بين كونها وسيلة تأشير وتنمية إهتمام أو وسيلة تحشيد وتحفيز وتهييج، أو وسيلة تهدئة وتضليل ولخمة.

تحويل المعيشة إلى محور للسياسة يحتاج لإقناع كبير وعميق يعم الناس أوله تقديم متنوع نمطي وفني وأدبي للفرق بين الأجور والأسعار وأسسه ومآسي ضحاياه، ومظالم مجتمعه الطبقي ودولته. والكلام عن هذه الأمور في أنشطة وونسات الحلة والمدرسة والجامعة وفسحة مكان العمل.

مع نقل الاقناع الفردي إلى ساحات الحياة تحتاج صفحات الاعلام غالية الثمن وشاشاته غالية الوقت إلى تغيير جذري يهتم بوضع الفن التشكيلي والأدب والفكر الإجتماعي والإقتصادي والسياسي والثقافي في الصفحات الأولى ويدلف بالذهن المنفتح بهذه المواد إلى الأنشطة الفئوية والنقابية والتعاونية والأكاديمية ومنها يقدم لتفكير القارئي البطولات اليومية والأنشطة الثورية ثم ملخصات لبعض الصراعات الفكرية ويختم قراءة الحياة بعرض متنوع لموقف الحزب السياسي.


في محاولات الإقناع الفردي تجد الكلام الشيوعي منضبطاً نظيفاً رائقاً يركز على عرض أزمة وسببها وحلها. وحتى إن كان المتكلم خشن المعرك والمظهر تجد كلامه عقلانياً جداً قريب جداً للكلام الأكاديمي إن لم يبزه، فهو كلام مرتب منظوم ليس فيه لخبطة أو جوطة روياً ليناً بلا حدة، بل عمداً بغيب حتى كلمات وأساليب التنبيه والتحشيد المسرحية، من ثم بهذه المعالم الموجبة يقل تأثيره ويعجز عن تريقة سموم الآراء الشعبوية وعن تحديد طنقعة الأراء النخبوية.


2- سلبيات الاقناع الفردي في صحافة الشعبويين والنخبويين:

(أ) في صحافة الشعبويين:
الغالب في يوميات الحياة ان الاسلوب الشعبي في الكلام يتفوق على الأسلوب المدرسي وفي يوميات السياسة -خارج الصحف غالباً- ما يجمع الأسلوب الشعبوي في هندسة اقناع فردي متقنة بعض علامات الزعل والفرح والكواريك والضحك والثكليب والشماتة والجرسة والسمسرة ويمزجها مع ما يريد من حق أو من دجل ديني أو أي نوع يريده من الكلام (أكاديمي أو حزبوي أو عسكري أو حركي مسلح.. إلخ) وبشكل معين تتكون وسيلة الاعلام الشعبوية من هذه الأساليب تتناثرها مقالاتها وأساليب أخبارها وعناوينها وبشكل عام يستعملها الاعلام الشعبوي في عمليتين:

(أ) عملية تصعيب وتأجيل القضايا الكبيرة والتأسيسية كقضية علاقات الإنتاج وإدارة موارد المجتمع زاعمين إن ظروف علاجها لم تحن بعد!!

(ب) عملية رفع القضايا الناتجة من عدم علاج القضايا الأساس وجعلها هي القضايا الرئيسة كقضية تحسين الأجور والأسعار معاً !! وقضية المساواة الإثنية بدون إلغاء التمايز الطبقي!! وقضية التنمية بدون إلغاء حرية التملك الانفرادي ومحسوبياته ومضارباته!!

تؤكد العمليتان إن آراء الشعبويون خارج وداخل الهيئات السياسية تترك الموضوع الإستراتيجي جارياً خلف الفكر اليومي بدلاً لمناغمة اليومي مع الاستراتيجي!!

(ب) في صحافة النخبويين:
ترتبط فهلوة وطنقعة النخب بإطلاق وتنميق أي كلام خال من أي تحديد وفرز ومن أي فايدة إستمرار أو نموء أو تجمع، والتشدق به، بشكل يحبذ سياسات القيم العلى (الماكرو) وقت الكلام عن الأمور العملية ويحبذ الكلام عن التفاصيل التقنية وخلافات الأمور الصغيرة (الميكرو) وقت إختيار المبادئي وفرز المواقف لمصلحة غالبية الكادحين.

بعد سنوات من الكلام الساكت قد تجد نفس الزول أو ولده يتكلم في نفس الموضوع وبنفس طريقة التخويف من التطرف الشيوعي وبكرر على الناس نفس آمال النزاهة ووعود التمويل القادم من "المجتمع الدولي" !! أي نفس المجتمع المؤسسة أرباحه على تهميش دول العالم الثالث! ونفس التمويل الذي كان آباء المتكلم يكررون قبل عقود انه شر أخير لابد منه وستنتهي به الشرور!

آراء النخب تزين للناس الاتجاه إلى النار للنجاة من الرمضاء.



3- الأدب والتنازل عن الآيديولوجيا عشماً في موضوعية العقارب والثعابين:
من موجبات الشيوعيين التي فاتت حدها كثرة إحترام متكلميهم لأفكار تواجههم يعرفون ضعف منطقها وضعف متكلميها بل يتبعون إزاءهم أسلوب التبيين العقلاني الهادئي الطويل النفس محترمين شخصية وآراء دعاته وهم خصوم حزبيين وطبقيين، ويتعاملون معهم بكرم ومودة فكرية في مسائل السياسة متنازلين عن استعمال الأسلحة الايديولوجية متريثين في أو مؤجلين أو مخففين طرح "الخطوط الحمراء". وذلك رغم أو بفضل صحة 40 موقف وخط أحمر ضاد بها الحزب الشيوعي في السودان كلام وسياسات الحداثويين وكلام سياسات الرجعيين سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، علمانويين أو إسلامويين.



4- كثرة التريث والتأني:
كثرة ارتباط الاعلام الشيوعي (منذ ما قبل الحرب الباردة ضد الشيوعية) تكتيك التريث ورد الفعل وإستهلاك الخصم تدريجياً بدل أخذ زمام المبادرة ضده وفتح طرق جديدة وزيادة الهجوم على القديم البالي وفتح النار الفكرية المنظومة العدد والزمن والكمية ضد الأفكار والآراء والشخصيات وصفقاتها السياسية الفاسدة مع الرأسماليين والحكام والسفراء والساسة المبيوعين.


5- التواضع:
تواضعاً وغرقا في تقليب الواقع لا يتكلم الاعلام الشيوعي كثيرا عن فوائد الأفق الإشتراكي على المجتمع وهي فوائد جمة تتمثل في توفير العمل لفئات المجتمع وبناء الريف والمدن وتوفير حقوق المياه والكهرباء والسكن والصحة والتعليم والمواصلات والمعيشة والحكم الشعبي المحقق للتنمية بالتصعيد من المجالس المحلية إلى المجلس الكبير.

وقد فشلت كل الدول الليبرالية في العالم سواء المتكبرة منها أو التابعة، الحزبية الرئاسة أو عسكرية الرئاسة، الرجعية أو الحداثوية الايديولوجيا، فشلاً متنوعاً في تحقيق هذه الفوائد لغالبية الكادحين، وفي مختلف عهود السودان السياسية المدنية والعسكرية العلمانوية والاسلاموية فشلت سياسة ليبرالية الموارد في تحقيق أي فائدة كبرى مستدامة لكادحيه بحكم إن الليبرالية كنظام نخبوي كينونتها الإستعمار الداخلي والتبعية للتمويل والتضليل الامبريالي وتابعيه العربي والافريقي.

عدم تقديم وتفصيل فائدة معينة وضعف تقبل كثير من الناس لها.


6- مسايرة بعض اتجاهات الثقافة السائدة:
مع تفاقم الأزمات وتجهجه الناس بتأثير التناقض بين الضغط المعيشي واللعب السياسي لغالبية نخب الأحزاب والهيئات والعسكر، والخوف من الإتهام بالتطرف والغلو واللاواقعية يمتنع جزء من الإعلام الثوري عن كشف وإدانة أسس ومعالم ظلم النظام الليبرالي ككل، بل صار بعضه مسايرأ بعض أجزاء الثقافة الليبرالية السائدة يجزئي معها أزمة المجتمع والدولة إلى مشاكل مفردة منها:
(أ) أزمة ومشاكل الاختلاف بين قواعد عمومية الدولة وخصوصية أمور الحكومة ونخبها!!
(ب) أزمة ومشاكل التهميش ونزاعاته في الريف!!
(ج) أزمة ومشاكل ترتيب وتجديد الحكم والعدالة والمحاسبة!!
(د) أزمة التناقض بين ضرورات تحسين المعيشة وشروط التمويل الاجنبي!!
(هـ) أزمة ومشاكل تحقيق السيادة مع إرتباط بالتبعية!!

بأثر من تواضعه ومسايرته وتفريقه وحدة التفكير في أزمة النظام الرأسمالي أسر الإعلام الشيوعي والاعلام الثوري عامة نفسه لثقافة النخبة وعموميات الشعبوية مهمشاً بعض أمور الثقافة العلمية الثورية التي تمحص الأمور بتاريخها وبمستقبل معيشة وحقوق الغالبية والإنسانية وتاركاً للنسيان موجبات كثيرة في تاريخ العالم وثورات مجتمعاته.


7- الخسارة العامة:
بصورة نسبية صار الناس في الأحزاب أو القوى العسكرية يحاول حل كل أزمة بمفردها، بينما هي أزمات متداخلة، اختلف كثير من الثوريين والساسة في الكلام عنها وعن أسبابها وأختلفوا في شكل وتوقيت الشراكة ولم يختلفوا أبداً في الفكرة الرئيسة التي يشكلها كلام كل منهم بقصد أو بشكل عفوي وهي فكرة بقاء النظام الليبرالي وتحكم تماسيحه في معيشة غالبية الناس وتبعية رؤوس أمواله للمصالح الأجنبية.



4- ضرورة تغيير الأسلوب الإعلامي:
بحكم إن الليبرالية وأزماتها ناتجة من عوامل داخلية وخارجية فإن بداية حل أزماتها لا تواشج منطقياً استعمال أسلوب الإقناع الفردي ولا مسايرة إعلامية لثقافة الخصم الطبقي أو مفرادته، بل ان نقض الليبرالية يحتاج إلى كشف تضليل أهم أفكارها وتبيين تناقض نظمها وسياساتها وإجراءاتها، وإن نظامها كأي نظام يخضع لعوامل أفول النظم السياسية وأهمها زيادة التفاوت في مجالات الإنتاج وحاجاته وتلبية علاقاته لحاجات قواه البشرية المعيشية وحاجات قواه المادية للتجديد والاستثمار.

من ثم في ظروف التناقضات بين معالم الحالة الليبرالية (أو غير الليبرالية) يحتاج الإعلام المناهض لنظم القهر والاستغلال إلى تقوية كشف وتبيين هذه التناقضات لا في نسق اكاديمي يبحث عن نظرية تخفف بعض آثار الازمة، بل في نسق فرز وتحشيد ومصادمة.

منطقاً يختلف أسلوب الفرز والكشف والتبيين والمصادمة عن الأسلوب الرتيب المألوف الذي دأبت عليه وسائط ووسائل الاعلام الحمراء بتكرارها محاولة إقناع مناهضي كل أشكال الآراء الشيوعية وإدمانها تنبيههم إلى تبين صحة المعلومات، بل رجاءها إعلام العدو الطبقي ان يكون منصفاً وعادلاً!

إن قضية الإعلام الشيوعي قضية طبقية سياسية ذات هندسة وفنون صدمية وصدامية وليست قضية مفهومية فرد وشرح مكرر العناصر في نفس الظروف، وهي أيضاً قضية إعلام يرفض الغرق في محاولات مزمنة لإقناع من لا يقتنع بحقيقة إن الوضع السيء ويجب تغييره.



5- إتجاه وشكل التغيير في اسلوب الاعلام الثوري:
صحيح ان كثير مما كتبه خصوم الشيوعية يفيد بشكل غير مباشر إن الإعلام الشيوعي منضبط يبتعد بقيمه وعمله عن أمور الإسفاف والسفسطة والممحاكة ويبتعد بعقلانيته وجمالياته عن الإثارة وعن الإفتراء والتضليل وأيضاً عن مظالم التبخيس والتطبيل والهرج، لكن مع كل هذا العقل والأدب فإن النظر السابر الشمل والتبيين بالحساب والكلام القصير وبالأدب الراقي وبالفن الثوري العظيم هو أقوى أسلوب للإعلام ضد كل كلام كتير حتى لو كانت كثرة الكلام إتخذت ثوباً شيوعياً.


الأشكال الإعلامية أساليب وفنون وهندسات متنوعة لكن أكثر أنواعها حدة وأسرعها وأسهلها قطعاً للتضليل هو اوضاح الفروق وأسبابها: كم تاخذ وكم هي الأسعار؟ كم مدرسة ومشفى ودواء ومواصلات نحتاج؟ وكم من مال لها؟ وأين يذهب المال؟ من تبيين هذه الفروق القليلة نفهم غلط الواقع وغلط السلطة والسياسة وضرورة تغييرهم بداية بمهاجمة أساليب آراء كبار أنصارها وتناقضاتهم إزاءها.


6- ضرورة الفرز كنشاط وهدف إعلامي ثوري:
في إطار اللعبة الليبرالية لتبادل رئاسة الحكم الليبرالي بين عسكريين ومدنيين يكرر التضليل البرحوازي الزعم أن أفضل سياسة لإستقرار الحكم المدني أو لإزالة مظالم الرئاسة العسكرية هي تأجيل الفرز والصراع الطبقي ! وذلك رغم إن الإوهام أو التوهيم بتأجيل الصراع الطبقي هو نفسه سلاح طبقي. من ثم يبقى النظام الليبرالي كما هو رغم تغير شكل الحكم، وتبقى معيشة غالبية الكادحين محكومة بتماسيح السوق. وإزاء هذا الظلم المعرفي والإعلامي تبدو أهمية دعم الإعلام الثوري لسياسة التغيير الجذري وما يتطلبه هذا التغيير من فرز طبقي للمواقف السياسية.

ضد حالة التضليل السائدة الزاعمة تأجيل الصراع الطبقي المجرب فشلها في تحقيق محاسبة صارمة وفي تحسين المعيشة والاقتصاد وفي ترقية أداء الدولة تبدو أهمية سياسة التغيير الجذري وضرورة تحقيقها بفرز ثوري للمواقف السياسية ونخبها، فرزاً طبقياًٍ أساسه المحاسبة الصارمة والتحسين السريع للمعيشة وتغيير توزيع الموارد وفق ضرورة تملك المجتمع لموارد معيشته وحياته، وبناء سلطة الشعب ودولته.

طبيعة أسس وأهداف الاعلام الثوري تحتم على قواه ووسائله تبيين أهمية هذا الفرز كونه يبدأ عمليات المحاسبة الصارمة والتنمية وهي مع سياسة البناء القاعدي تضبط تكوين وصرف الهيئات الحكومية وبها تتحول مهمات إستثمار الأموال الخاصة من أنشطة مضاربات ومحسوبيات إلى أسهم في بنك الإستثمار الحكومي وفي الجمعيات التعاونية، بدلاً لحالة العشواء والفساد الحاضرة وما فيها من إستعمار داخلي وتهميش وتفاوت وأزمات ونزاعات وتقتيل وإنقلابات وتدخلات وتفكك وتضليل.



الخلاصة:
إن قوة كلام الشيوعيين تكونت بعنايتهم بدرس الواقع وأسسه بمناظير آيديولوجيتهم ذات الثورة الطبقية التي أتاحت لهم فهم تاريخ تطور حاجات وقدرات الكادحين وتنظيم طلائعهم هندسات وفنون افتتاح التغيير الجذري وتنمية طلبه وسط الطبقة الأساس.

من ثم فإن إنتصار الاعلام الثوري على سلبيات نواقصه الذاتية وعلى معالم الثقافة السائدة في الاعلام والمجتمع يحتاج إلى زيادة أدلجة التنظير والفهوم وفق عيار معيشة غالبية الكادحين، وهي زيادة تقوي بعض جوانب فكرة وأنشطة "التغيير الجذري" الجديدة هذه الأيام بربطها بحركة وحقائق التطور التاريخي لمعيشة لمجتمعات وإنتقالها من حالة التناقض والموات إلى حال إتساق ونشاط.



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبرئة كل النخبة وإدانة كل الثائرين
- تيت تيت .. ديالكتيك النشاط الفوقي والنشاط القاعدي
- في الحرب ضد النُخب، أهم 40 ضربة أنجزتها الحركة الثورية
- الإشتراكية كحل لأزمات تسييس الإسلام وأسلمة السياسة
- ديالكتيك أسلمة السياسة وتسييس الإسلام 1
- ديالكتيك أسلمة السياسة وتسيس الإسلام..
- أزمة اليسار طبقية وليست إدارية
- أسلحتهم
- مُغني الحب في الإتحاد السوفييتي
- إنهاء دولة المخاتلة
- التأثيل تجاوز للتفكيك
- هل يؤثر تغيير إتجاه القراءة على تكوين الذهن للمعاني؟
- إستعادة الماضي الجميل لا تبني المستقبل
- بعض السلبيات في مشروع الميثاق
- بداية تأثيل ضد سمات نهاية الفهم
- السودان وأوكرانيا دول ميليشية
- السودان .. أوكرانيا
- نهايات القديم وبداية الجديد
- وادي النيل
- الأمن الجديد


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - المنصور جعفر - الإعلام الثوري والتغيير الجذري