أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكرياء مزواري - المُثَقّفُ المنشود في رواية -عبد الرحمن والبحر- لخالد حاجي















المزيد.....



المُثَقّفُ المنشود في رواية -عبد الرحمن والبحر- لخالد حاجي


زكرياء مزواري

الحوار المتمدن-العدد: 7586 - 2023 / 4 / 19 - 08:32
المحور: الادب والفن
    


تمهيد:
حين تتوثّن الأفكار، وتتأسّن الأذواق، ويُستنقع المكان، ويُنأى عن روح العصر والزّمان، تظهر الحاجة الماسّة إلى الإبداع، بما هو طاقة تضخُّ في أوصال المرء دماءً تجعله قادراً على رؤية "غير المألوف" في "المألوف"، وبما هو قدرة كذلك على توسيع آفاق الإدراك، وتسريح عقل الإنسان من العِقال، حتّى يحُجّ في سماء الفكر الرّحبة، ويجنّب المجتمع من "نقطة الوقوف في تاريخ الأمم" أو يدفع عنه "الغيبوبة الثقافية".
مهمّة الجولان الفكري، والتحليق الروحي، لا تتأتّى إلاّ للقلّة من المبدعين؛ فهم مثل المعادن النّفيسة النّادرة، لا تبلى مع مرور الوقت، ولا تزداد إلاّ وهجاً ولمعاناً. فحالهم كحال "النّحلة" التي تجول بين الحقول وتطوف بين الأزهار دُون كللٍ أو مللٍ، لتأخذ من كلّ "وردة/ثقافة" رحيقها، ثمّ تؤوب إلى "خليتها/ذاتها" لتعصر من بطنها شراباً سائغاً مختلف الألوان، وفيه شفاء للنّاس.
قليلة تلك الأعمال الفكرية التي صاغها المبدعون على مرّ التّاريخ في قوالب إبداعية روائية، فجاءت إنتاجاتهم جامعةً لخصائص الفنّ وحبكته في تطريز المعنى، ومانعةً لتسرّب جفاف لغة العقل إلى النّص، دُون أن تفقده العمق والقوّة. هذا السعي إلى صهر العقل في بوثقة الإبداع الروائي، وهذا النّهج نحو توسيل البيان في بسط جلال البرهان، لا يكون إلاّ في الحالة التي يستشعر فيها المثقّف-المبدع ضيق العبارة واتساع الرؤية؛ ذلك أن القالب الفني أقدر من غيره على مخاطبة مخيال المرء والنّفاذ إلى أعماق روحه، وتحريك ما يسكن في داخلها، وتسكين ما يتحرك في باطنها. فالبيان بتعبير آخر حدٌّ من حدود الإنسان الذي يزيد به درجة عن الحيوان، وبُعدٌ من الأبعاد التي يُدرك بها الشّخص العالم، ويُسبغ المعنى عليه.
هذا المزج بين الأدب والفلسفة، بين لغة البيان ولغة البرهان، وهذا التداخل بين الفكري والأدبي، هو ما ميّز رواية "عبد الرحمن والبحر"، الصادرة عن المركز الثقافي العربي سنة 2010، والواقعة في مئة وستين صفحة من الحجم المتوسط، للروائي والمفكر المغربي خالد حاجي.
1- فكرة الرواية:
إذا ما حاولنا تجاوز البنية السّطحية للنّص، وعدم الوقوف عند شخصيات الرّواية والأماكن والأزمنة التي تُنسج فيها خيوط القصّة، واتجهنا صوب البنية العميقة للنّص، سنجد فكرة إصلاح المجتمع ومعاناة "المثقف" الباحث عن الخلاص الفردي والجماعي، تخترق الرواية من أولها إلى آخرها؛ ذلك أن المثقّف هو ذلك الشّخص المُلْتَزِمُ بهموم الواقع وقضايا السّاعة بالنّضال ضدّ الظّلم ومناهضة الاستبداد، بقول الحقّ والاجتهاد في تنوير العقول ضدّ سدنة الفكر، بتنبيه النّاس إلى ما هم في غفلة عنه، من خلال إيقاظ حواسهم، وشحذ هممهم نحو الأمور الكبرى، والتي بدونها تهوي أُسس العُمران البشري.
إنّ المثقّف الأصيل وليس الزّائف على مرّ التاريخ، كان دائم الالتحام بمجتمعه، مشتبكاً طول الوقت مع قضاياه المصيرية، لا يستقرّ له مقام ولا يهدأ له جفن وكأنّه على ظهر الرّيح، بل وحتّى لو نبذه وسطه من المركز نحو الهامش، فإنّه مع ذلك يحمل حُلْمَهُ المسكون بهواجس المجتمع، وينتبذ به مكاناً قصيّاً، ولكن متى طلبه قومه، سيجدونه أقرب إليهم من حبل الوريد؛ لكأنّ حاله النفسي والوجداني شبيه بما قاله الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد، حين أنشد:
"ولستُ بِحَلاّلِ التّلاعِ مَخافةً ولكن مَتَى يَستَرفدِ القومُ أرفدِ".
2- بطل الرواية:
إنّ الحاجة الماسّة إلى المثقّف تكون أكثر في المجتمعات الفاقدة لبوصلة الخلاص، الباحثة عن سُبُل الخروج من "الغيبوبة الحضارية" الجاثمة على روحها، والمكبلة لإرادة الحياة لأفرادها، فيأتي هنا دور المثقف-المبدع كطبيب للحضارة، ليشخّص أدواء المجتمع وأعطابه، ويُعيّن مسالك السّعي نحو أُفُقٍ ثقافي أرحب، وهذا هو الدور المنوط ببطل الرواية عبد الرحمن.
يشعر القارئ الفطن، وهو يطالع هذا المتن الروائي، بوجود طبقات من النّصوص المتراصّة بعضها فوق بعض، والخيط الناظم بين ثناياها هو "التّناص"؛ فتارة تستشعر عِبق التراث العربي الإسلامي بخالدة حي ين يقظان للفيلسوف الأندلسي ابن طفيل، وتارة أخرى تشتمّ رائحة التراث الغربي متجسدة بتحفة "هكذا تكلم زرادشت" للألماني العظيم نيتشه. كما تحضرك حيناً قصص الأنبياء-الرّسل أصحاب الكلمة ومعاناتهم مع الأقوام التي بعثوا إليها، كما تتجلّى لك أيضاً أعمال الفلاسفة الرامية إلى تشييد المدن الفاضلة بعدما قنطوا من واقعهم.
إن هذا الفسيفساء من النصوص، ليس بالأمر الغريب على كاتب رواية "عبد الرحمن والبحر"، فهو قبل أن يكون كاتب مقالات فكرية وفلسفية، أستاذ للأدب الإنجليزي في جامعة محمد الأول بمدينة وجدة لعقود من الزمن، محتك بالنّصوص الإبداعية الكونية والمحلية، على دراية بعدد من اللّغات العالمية (العربية-الإنجليزية-الألمانية-الفرنسية)، كما سبق له وأن كان عضوا مستشارا في منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين، ورئيس التحرير مجلة المنعطف، كما تقلّد مهمة الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، وشغل منصب الرئيس لمنتدى بروكسيل للحكمة والسلم العالمي.
‌أ. من هو عبد الرحمن؟
عبد الرحمن، هذه الشخصية التي جعلها الكاتب مركز الرواية وقُطب رحاها، شخصية فريدة من نوعها؛ تجتمع فيها نماذج من الشخصيات التوّاقة إلى فكرة التغيير وبناء العمران، بعدما استشعرت حالة الانسداد الثقافي والحضاري، وأخذت تستشكل أدواء المجتمع وأعطاب السلطة القائمة، فرأت أن مدخل الإصلاح لا يكون إلا بالثورة الثقافية، ولا ثورة إلا بالتربية، ولا تربية دون تجاوز نموذج الإنسان القديم، والتبشير بنموذج الإنسان الجديد.
ما كان لهذا الإنسان الجديد أن يولد حسب الرواية، لولا خوضه لتجربة العزلة والخلوة؛ ذلك أن هذه التجربة الروحية قمينة بتحريك ما يسكن داخل الذات، وتسكين ما يتحرك في باطنها، فهي تجربة تعيد للذات أصالتها، وتفتح لها حقيقة وجودها، وتوقظ حواس إدراكها، وتجعلها قادرة على التقاط الآيات والعلامات. فالخلوة هي ديدن الأنبياء والفلاسفة الكبار، ودأب المبدعين والمفكرين العظام، فبها يعيدون رسم حدود علاقتهم بذواتهم وبالعالم الذي يحيط بهم، بعد تفكيك علاقتهم بالمجتمع وثقافته؛ فالإنسان ككائن اجتماعي يتشرّب منذ صغره ثقافة وسطه، وتصير هذه الأخيرة نافدة يطل بها على الكون، بحيث يرى ما يراه قومه، ويسمع ما يسمعه غيره.
إن مقام الخلوة يمنح للذات القدرة على إعادة النظر في البداهات التي تشربتها عبر التنشئة الاجتماعية، كما يعطيها الإمكانية لتقليب الأمور في المسلّمات الاجتماعية والحضارية، ما دامت ترى فيها مجرد بناءات ثقافية محكومة بسيرورة تاريخية، وليست أشياء معطاة وجاهزة. فهذا المقام، يورّث الذات الأصالة، ويجعلها في حالة تأهب ويقظة فكرية، بعيدة كل البعد عن التقليد والاجترار؛ فالأنا تستعيد وجودها الحقيقي، حين تأخذ مسافة من الواقع، لتجعل منه موضوع تأمل وتدبر وتفكّر، يقول السارد: "لقد أيقظت سنوات الخلوة حواسه وجعلتها تتنبه إلى الأشياء كما هي، فزادته زهدا فيما يزينها ويزخرفها ويحليها. لم يكن في زهده في الأشياء تنطع، وإنما هي ثمرة رياضة أساسها الحرمان ومقاومة النفس" (ص30).
إن العزلة بلسم للأرواح الشّفّافة، وموطن للعقول العظيمة، تهب سالكها العمق والغور في الأمور، أليست هي الوسيلة التي يراجع بها المرء أفكاره وخططه ورؤاه في الحياة، فيتخلّى عن أشياء ويتحلّى بأخرى عوضا عنها؟ أليست هي الطريق الملكي الذي تسترد به الذات تميزها وفرادتها، بعد أن شيأتها الحشود ونمّطتها الجماعة وصيّرتها زائفة ونسخة شائهة؟ ألم تكن رفيقة المبدعين الكبار في إبداعاتهم واستقلال رؤيتهم عن المجتمع، وإعادة اكتشاف أنفسهم وواقعهم، وسبيلاً لتدريب حواسهم، حتّى ترى "غير المألوف" في ما يراه الناس "مألوفا"؟. لننصت إلى ما يقوله الفيلسوف الألماني فريديريك نيتشه، في خالدته "هكذا تكلم زرادشت" (ت: فارس/ص42): "على أطراف حقول العزلة تبدأ حدود الميادين حيث يصخب كبار الممثلين ويطن الذباب المسموم. لا قيمة لخير الأشياء في العالم إن لم يكن لها من يمثّلها، والشعب يدعو ممثليه رجالا عظاما، إنه يسيء فهم العظمة المبدعة، فيبتدع من نفسه المعاني التي يجمل بها ممثليه والقائمين بالأدوار الكبرى على مسرح الحياة. [...] لا تقوم عظمة إلاّ بعيداً عن ميدان الجماهير وبعيداً عن الأمجاد، وقد انتحى الأماكن القصية عنها من أبدعوا السنن الجديدة في كل زمان". إن هذا النص الجميل لنيتشه، تبرز فيه بجلاء قيمة الخلوة وأهميتها، فأخذ مسافة من الناس، ووضع عالمهم بين قوسين، تجعل الإنسان أكثر يقظة من أن تأسره ثقافة المجتمع، وتجعله مستسلما لحماقات أبطالها الزائفين وجهالاتهم، بل وتصقل العزلة شخصية الفرد وتجعله يبصر أبعاداً وجودية عميقة المعنى، في الوقت الذي يختصم فيه الأفراد حول صغائر الأمور وأتفهها، وذلك من فرط البلادة التي أصابت قواهم الحسية والعقلية نتيجة التعوّد والألفة على الأشياء، وهذا الأمر قريب من شخصية عبد الرحمن بطل الرواية، يقول السارد: "لقد شنفت سنوات الخلوة أذنه وصححت نظره، فصار يسمع لا كما يسمع الآخرون وينظر لا كما ينظر الآخرون" (ص55).
كما اعتزل زرادشت -بطل نيتشه- الناس، ليتشرب الحكمة بين أحضان الطبيعة بعيداً عن صخب البشر، وكما فعل سابقاً حي بن يقظان بطل ابن طفيل، حين اختلى بجزيرة الوقواق باحثاً عن معنى الوجود ومحركه، كذلك فعل عبد الرحمن بطل خالد حاجي، الذي افترش الأرض والتحف السماء؛ ذلك أن القاسم المشترك بين هؤلاء الثلاثة، أن أبطالهم لم يطلبوا الابتعاد عن المجتمع انهزاما أو ضعفا، بل كوسيلة لأخذ مسافة منه، والعودة إليه بنفس أقوى وهمة عالية، من شأنها أن تخلخل بنياته الفكرية، وتحدث ثُقْبًا في خرسان معتقدات أفراده، يقول السارد: "لم تكن سنوات الخلوة التي قضاها في الجبل سنوات خالية من الفائدة والمعنى. لا، أبدا؛ بل ربما كانت هذه السنوات هي التجربة التي أعادت للإنسان في عينيه كامل الاعتبار. حقيقة، لقد أفرط في الابتعاد عن الآخرين، إذ جعل الصمت سدا منيعا بينه وبينهم، كما هجر مدنهم ولم يدخل المدينة إلا مضطرا ومارا مرور الكرام؛ لكن رغم هذا وذاك، كان في ابتعاد عبد الرحمن عن المجتمع ما جعله يكتشف أبعادا قربته في نهاية المطاف من المجتمع" (ص24).
‌ب. عبد الرحمن بين المجتمع والسلطة:
لم تكن مسألة الاقتراب من المجتمع لدى عبد الرحمن مسألة مفروشة بالورد كما خُيل له في البداية، بعد أن أخذته النشوة والغبطة في الاحتكاك بالناس، بل كابد من المحن والأهوال ما لم يخطر له ببال، حتى داخله النّدم على ركوب هذه المغامرة. فما الباعث يا ترى الذي حرّك عبد الرحمن نحو المجتمع ومغادرة موطنه الجميل حيث كان ينعم بالهدوء والسكينة؟
هناك في الطبيعة، وسط الجبال والوديان، كان عبد الرحمن يستلذ "سماع ألحان الطيور وتراتيل السواقي ومنظر الصقور تحلق في شموخ لتحط على القمم الشاهقات"، وكان يجلس "وحيدا، صامتا ومفكرا، ناظرا ومعتبرا" (ص5). في هذا الموطن الجميل، كان الرجل يعيد شريط ماضيه، ويسعى إلى قراءة مسير حياته كما يفعل المنجّمون. في هذا المكان والزمان البديعين، كان عبد الرحمن يستشكل القضايا الكبرى والمصيرية، من قبيل الموت والحياة، المعنى والعدم، الانفصال والاتصال بالمجتمع، الهجر والوصل، الحضور والغياب، الإصلاح والفساد، الحق والظلم...إلخ. ظل على هذا النحو يسترسل في الأفكار، إلى أن فاضت دُفقته الشعورية حكمةً تلخّص غايته من الحياة، وقال:
" أنا ما طالب ياقوت ولا ذهب ولا فضة،
ما طالب خيول مسرجة ولا جاموس،
بغيت أنا سعدي يفيدني غير في الشدة،
من يدري يوريني الطريق نقطع وندوز" (ص9).
مكث عبد الرحمن على هذا الوضع، إلى اللحظة الفارقة التي أحدثت زلزالا نفسيا في داخله، بعد أن رأى الأرض تميد به جراء الزلزال الطبيعي الذي ضرب الجبل. هنا، سيتحرك الإنسان في باطن الرجل، وسيخامره قلق وجزع لحال أصحاب المدينة وأهلها، إن كان الزلزال خسف بهم الأرض، وهكذا هرع إلى مغارته، وحمل صندوقا صغيرا بداخله صورة، وهو أعز ما يملك، ثم قرر التوجه صوب المدينة.
اندهش عبد الرحمن، من حجم الدمار الذي خلفه الزلزال بالمدينة، ومن فداحة الخسائر المادية والبشرية، وآلمه أشدّ ما يكون الألم غياب أجهزة الدولة وعدم حضور ممثليها؛ إذ ما قيمة هذه المؤسسة وأهميتها وسط المجتمع إن لم تكن موجودة في مثل هذا الخطب الجلل، ولم يتمالك نفسه حتى اعتلى كومة من الحجر وسط حشد غفير من البؤساء، وقال: "أ هذه دولتكم التي بنيتم! إن كانت الدول مثل دولتكم هذه فحسب، فما أسهل أن أؤسس لدولة أنا كذلك!" (ص13).
لم يُلق عبد الرحمن بالاً لقوة كلمته التي طارت في الآفاق، وتلقفتها آذان المكلومين من ضحايا الزلزال. لقد أمدهم الرجل الأحمق المجذوب صاحب الثياب الرثة بوجهة يوجهون لومهم لها، وما هي إلاّ لحظات، حتى انطلقت الحشود في شبه ثورة وتمرد، تردد شعارات تفصح عن تذمر عميق من دولتهم وعجزها عن تقديم يد العون في مثل هذه المناسبات الأليمة.
كان عبد الرحمن إنساناً يقظاً فطناً؛ إذ سرعان ما أدرك سلاح الكلمة، فهي أمضى وأشد فتكا من أسلحة الدولة وجبروتها، خاصة حين تكون صادقة؛ فهي مثلها مثل الشجر الطيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها آجلا أم عاجلاً. وهكذا خمّن في سوء ما سيلحق به، من طرف حراس المدينة والساهرين على أمنها، إن هو ظل في المكان ولم يغادره. لم تكن وجهة عبد الرحمن معلومة، فكل ما قام به هو اختفاؤه عن الأنظار، والإسراع في الخروج من المدينة، درءاً لسوء العاقبة.
واصل عبد الرحمن مسيره بين الوديان والجبال وعلى ضفاف البحار، "وهو مليء بالثقة في الإنسان، يمني نفسه بأنها ستظفر بأيام سعيدة بالقرب من المجتمع" (ص22). لقد وجد "في قرار الاتصال بالمجتمع ثانية ما يبعث الدفء في القلب"(ص18)، وما يُنبأ بتأهيله "لميلاد جديد وهوية جديدة"(19). لقد "فتح الكلام عليه باب المجتمع ولم يعد يربطه بالحمق أو الجذب رابط. كانت لذة هذا الإحساس لا تضاهى في داخل أعماق عبد الرحمن، لذلك كان يقبل على الحياة إقبال اللهفان المتعطش" (ص23).
لم تدم فرحة عبد الرحمن بهذا الوصال الجديد سوى أيام معدودات، حيث سيبدأ مسلسل المعاناة مع المجتمع والاختلاط بأهله، كلما دخل مدينة أو حلّ بقرية؛ فأول نكسة له ستأتيه من مكان مفضل له وهو المسجد، كبيت من بيوت الرحمن، إذ بمجرد أن سمع آذان العصر يشق سمعه، قصد البيت المقدس، ثم توضأ ليصلي الفرض مع الجماعة، وبمجرد أن همّ بالتكبير، سقط أرضاً، بعد أن وجه له أحد المصلين ضربة قوية لم يستطع بعدها أن يقوم، لأنه رآه يصلي في مسجد آخر، هو في عرفه وتقديره مخالف لمذهبه، ومعدود في خانة المذاهب المارقة.
لقد فوتت حياة العزلة على عبد الرحمن إدراك طبيعة مشاكل المجتمع، فلم يكن يعلم أن الناس تتقاتل في دين الله الواسع الرحب، لاختلافات مذهبية ضيقة، ويعرّضون للضرب والإهانة والتكفير في حال إن وجدوا من يخالفهم الرأي. كما فاته واقع الناس حين كان ينتقل بين المدن ويركب الحافلات ويزور الأسواق، حيث كانت أوضاع الخلق تزيد سوءا بعد سوء؛ فالفقر والجوع والعري مستفحل في كل مكان من جهة، وظلم الدولة وغمط الحق بادٍ من جهة ثانية، كان كل شيء يشي بموت "الحس الجماعي والحس الجمالي في الناس" (ص56).
ضاق صدر عبد الرحمن مما عاينه من مظاهر البؤس التي كانت عنده بمثابة آيات شاهدة على فشل التجمع البشري، وهرم الدولة واستقالتها عن تدبير الشأن العام. وبينما هو على هذا الحال من اليأس في إصلاح أحوال المجتمع، رأى إنسانا فقيرا معدما، ذكره بحياته في الجبل وأيام خلوته الجميلة البعيدة عن الصخب، وبينما هو كذلك اقترب من هذا الرجل وشعر بحاجته إلى الكلام، وقال له: "فسدت أخلاق العباد ولا من مصلح أو مخلص؛ انتظر السقوط! انتظر الانهيار!" (ص72).
كان هذا البوح بمثابة كارثة على عبد الرحمن، إذ بمجرد دخوله أزقة المدينة، حتى اعتقله رجال الأمن، وزجوا به في السجن، وعلم بعد تجربة الاستنطاق أن الرجل البئيس كان مخبرا من مخبريي الدولة، وضاق على أيديهم أشد أنواع العذاب. قال له المسؤول عن أمن البلاد والعباد، بعد أن وجه له تهمة تحريض الناس على القيام بالثورة والتمرد، قال: "إما أن تقول كل شيء عن مذهبك في التغيير، وأصحابك في المذهب، وكيف تخططون، وإلى أي غاية تهدفون، وماذا قصدك من وراء التحدث إلى الغرباء عن فساد الدولة والأحوال (...) وإما أن تختار أن لا تسيل، وحينها سأعلم كيف أجعلك تبول !" (ص84).
لم تقف الرّزايا في مدينة الشؤم هذه عند هذا الحد، بل رأى العجب العجاب بعد فشل التحقيق معه، وطرحه خارج أسوار الزنزانة؛ فرأى على سبيل المثال لا الحصر المسؤول على أمن البلاد الذي استنطقه في مخفر الشرطة، يغتصب طفلاً كان يبيع السجائر بالتقسيط في ركن قصي من المدينة، حيث كان عبد الرحمن يقضي ليلته، ورأى –بعد أن نهى عن المنكر وتوعد المسؤول له بالتنكيل- أن الطفل نفسه، انتقم من جلاده في اليوم الذي كان مفروضا أن يدشن والي المدينة فضاء للطفولة، وذلك حين رماه بحجرة فأسقطه أرضا والدم ينزف من وجهه. ثم تلتها حالة هلع في المدينة، وحملة أمن شرسة تبحث عمن يشتبه فيهم التحريض. وهكذا ظل عبد الرحمن حائراً وسط الجموع المرعوبة من شراسة بطش الأمن، لا يدري أين يلجأ أو يفر، حتى شعر بيد تمسكه من الخلف، وتسحبه إلى داخل بيت، ثم توصد الباب بعدها.
‌ج. نوفل ثمرة تلاقح وبذرة أمل:
ستأخذ الرواية منعطفاً آخر ابتداءً من الفصل السادس عشر، وذلك بعد حضور شخصية جديدة على مسرح الأحداث، وهي شخصية المعلم ومربي الجيل الصاعد الشاب نوفل. كانت يد نوفل هي يد القدر الرحيمة التي انتشلت عبد الرحمن من قبضة السلطة الوشيكة، كان هذا الشاب الذي فتح باب منزله للرجل الكهل الغريب متذمرا من حجم الخطب وهول المشهد وقلة حيلة عبد الرحمن.
سرعان ما استأنس عبد الرحمن بمنزل الشاب نوفل وفضائه، وسرعان ما اكتشف عبر حواراته المتبادلة معه نقاط التشارك والتجاذب بينهما، وهي اليأس من الطمع في صلاح المجتمع، وضيق الوطن بما رحب بأهله، يقول نوفل:"الوطن عندي يا السي عبد الرحمن أغنية أحملها معي أينما حللت وارتحلت. أما كجغرافية وكتضاريس، فالوطن لم يعد قائما، لقد انتهى، دنسته أيادينا" (ص120).
لم يكن يرى الشاب نوفل–كغيره من الشباب- مربي الأجيال الناشئة خَلاصَهُ سوى في الهجرة وترك الوطن والعبور إلى الضفة الأخرى من البحر، بينما كان همّ عبد الرحمن هو الخروج من هذه المدينة غير الفاضلة. ولما كان القاسم المشترك بينهما هو الخروج والبحث عن الخلاص الفردي، اقترح نوفل على عبد الرحمن فكرة مغادرة المدينة معه، بعد أن نسّق موعدا مع وسطاء يمتهنون تهجير الناس إلى خارج البلد، على أساس أن يذهب كل واحد وقدره بعدها.
اصطحب نوفل معه عبد الرحمن إلى مكان معلوم، وهو عبارة عن منزل مهجور قرب البحر، حيث سيجتمع ستة من الشباب الراغبين في الهجرة، بينما عبد الرحمن سيمكث معهم تلك الليلة إلى أن يطلع الفجر، ويواصل مسيره ضربا في الأرض. وبينما الشباب جميعهم على استعداد لتلقي إشارة تأذن لهم بالالتحاق بالشاطئ، دخل عليهم رجل وأمرهم بالتحرك صوب القارب، لم يجد الشاب نوفل بُداً من سحب يد عبد الرحمن معه –كما سحبها في السابق وأنقذه من ظلم السلطة- بعد أن غادر شاب من هؤلاء الستة، وداخله الخوف من ركوب المغامرة، ولم يجد هذه المرة عبد الرحمن وسيلة سوى تسليم قياده إلى نوفل، وأن يجرب معهم تجربة عبور البحر نحو الأمل والحياة، مادامت البلاد غير متسعة للجميع.
هناك، سيلاقي عبد الرحمن قدراً جديداً، بعد أن انقلب القارب وغرق الشباب، ولم ينجو سوى عبد الرحمن، الذي كان يتقن السباحة في البحر، كما كان يتقن قبلها التسبيح في الكون أيام عيشه في الجبل. هنا في مقامه الجديد، وجد يدا أخرى رحيمة –كيد نوفل سابقا- وهي يد "روزانجيلا" إحدى المراقبات الساهرات على أمن الشواطئ، بعد أن رأته جثة هامدة على البحر ويده ممسكة بصندوق صغير بقوة.
أثارت هذه الحادثة فضول "روزانجيلا"، وسر عشق هذا الرجل الشرقي لهذا الصندوق الصغير. لم تدخر جهدا في طلب السر، سوى في كثرة زياراتها للمستشفى حيث كان عبد الرحمن يتلقى العناية، وبعد أن استأذنت الرجل في فتح الصندوق، تفاجأت بوجود صورة لامرأة جميلة بداخله، وعلمت أنه "كنز عبد الرحمن الذي احتفظ به وحرص على أن لا يضيع منه؛ حتى وهو يصارع الغرق، لم يفته أن يقبض عليه" (ص144).
هذا الحدث، زاد من درجة تعلق الفتاة الشابة بهذا الرجل، وجمال الإنسان داخله، ولم يزدها القرب منه وكثرة التردد على حجرته في المستشفى سوى تعلقا وقربا، بعد أن شغف قلبها حبا. وهكذا، طلبت يده للزواج، كوسيلة للبقاء قربها وعدم طرده إلى ضفته التي أتى منها، ووضعت في الصندوق الصغير العجيب صورتها بجانب الصورة السابقة، حتى يتجاور الحب الجميل القديم الميت، مع الحب الجميل الحي، وستثمر هذه العلاقة، علاقة الشرقي الساحر بالغربي الحديث، مولودا لهما، اختار له عبد الرحمن اسم نوفل، تيمنا بصديقه الشاب السابق الحامل للأمل وإرادة الحياة.
‌د. عبد الرحمن بين رمزية الجبل ورمزية البحر:
إن كان هناك صفة تليق بشخصية عبد الرحمن بطل المفكر والروائي المغربي خالد حاجي، فهي صفة "الجذب"، لما لها من قوة على النفاذ إلى أعماق شخصيته، واستبطان عوالمها الداخلية؛ فعبد الرحمن كان دائم الإحساس بوجود قوى خفية تجذبه في اتجاهات متنافرة، نتيجة "التخلف" الذي أدخل مجتمعه في حالة الغيبوبة الثقافية، وأخرجه من ساحة التاريخ والفعل الحضاري.
إن عبد الرحمن نموذج للمثقف العربي المسلم الممزق نفسيا، الذي ما إن خرجت بلاده من مرحلة الاستعمار، ودشنت مرحلة الاستقلال، حتى باغتتها "تحديات جسام وأسئلة عظام حول قضايا مختلفة تمس العلاقة بين المجتمع والدولة، والدين والحداثة، والرجل والمرأة، والذات والغير"، وزاد من درجة الأزمة الثقافية وتعقيدها، انقسام النخبة المثقفة على نفسها، في مسألة تعيين مواطن الداء، والبحث عن سبل الخلاص، "فمن منتصر إلى فكرة ربط الحاضر بالماضي طمعا في تحقيق النهوض والإقلاع، ومن عامل على ربط حاضر الأمة بحاضر الغرب المنسحب طلبا لتحقيق الندية معه. بقدر ما اغتربت الفئة الأولى عن الحاضر وهي تجتهد في تقليد الماضي، اغتربت الفئة الثانية عن هذا الحاضر وهي تقلد الغير جاعلة من حاضره مستقبلها المنشود" (حاجي، مضايق الحداثة- ص5).
هذا الشرخ الوجودي الذي أصاب الأمة الإسلامية والعربية في كيانها، نتيجة الاتصال بالغرب تحت ما يسمى بالصدمة الحضارية الحديثة، هي التي جعلت الروائي والمفكر خالد حاجي، يبحث عن سبل جديدة، لرأب هذا الصدع، وضخ دماء جديدة في الجسد الاجتماعي، حتى يستفيق من "غيبوبته الثقافية"، ويعود إلى حلبة التاريخ فاعلاً وليس منفعلا. فما هو النموذج المقترح للمثقف المنشود القادر على حمل مثل هذه الأمانة حسب الراوية؟
حين نتأمل تجربة عبد الرحمن، نجد عمقها يكمن في مسألتين أساسيتين وهما: تجربة العزلة وتجربة الغربة؛ فالأولى أعطت لعبد الرحمن قوّة، وجعلته ينصت لأعماق ذاته (تراثه)، ونبضات قلبه، حتى يكون في الأخير إنسانا أصيلا، يصدر قوله عن استقلال فكري وليس اجترار أقوال من سبقوه، وذلك بعد مرحلة غربلة للسائد وأخذ مسافة منه. والثانية، منحت عبد الرحمن الجدّة والحداثة، فخروج الذات من ذاتها، ومن التمركز حول نفسها، ورؤية العالم بعيون إنسانية وحضارية أخرى، من شأنها أن تضخ في الذات مياها جديدة، تغالب بها المياه القديمة غير المتحركة. وبتعبير آخر، فخروج عبد الرحمن من المغارة (رمز لانغلاق الذات) والجبل (رمز للثبات والسكون)، إلى البحر (رمز للحركة والتغير)، كان كفيلاً بتشبيب ذاته، وتجديد رؤيته للعالم، وجعله أقرب إلى روح العصر، دون الإحساس بعقد نقص تجاه ماضي الذات وتراثها، فبهذا الأخير تكون الأصالة، ولا يمكن تجاوزه دون استيعابه على ضوء ما استجد من معارف ونظريات، كما لا يمكن إدارة الظهر للغرب، والانكفاء على الذات طلبا للخصوصية، بل ينبغي استيعاب الغرب أيضاً لأنه حامل لمشعل الحضارة، التي ساهمت في صناعتها الإنسانية جمعاء، يقول السارد: "صعب عليه أن يتنكر لتربة الوطن الأول، مهد الصبا ومرتع الصغر. لقد أخذت جراحه تندمل شيئا فشيئا، ولم يعد يشعر بالتمزق بين "هنا وهناك"، بل صارت نفسه تجتهد لتقبل بالانتماء المزدوج، إلى هنا وهناك، والاغتناء بهما معا" (ص158).
على سبيل الختام:
لا بأس أن أبوح للقارئ في الأخير، وهو يقرأ تحليلي النقدي لهذا العمل الروائي، إعجابي غير المحدود بلغة النص وحبكته في السرد والقص، لدرجة جعلتني أقف عند كل جملة وعبارة، وأقلّب النظر فيها من جهة البحث عن المعنى، وأعيد التفكير في مضمونها من جهة طلب الحكمة. وأما عن شخصية بطل الرواية عبد الرحمن، فلا أنكر مدى تعلقي به، وتنامي حبي له، فهو نموذج لكل إنسان متشوف للأصالة، باحث عن نقط ارتكاز حقيقية للذات، كل سعيه الاستقلال الفكري والابتعاد عن التخندق الإيديولوجي، ضالته الحكمة وتتميم مكارم الأخلاق. عبد الرحمن نموذج للمثقف الجديد الذي يبشر به المفكر خالد حاجي، وقد سمّاه في كتابه الأخير الصادر سنة 2022، بالمُثقًّف-المُثَقِف، ويقول عن أدواره: "...إننا في حاجة إلى مثقَّف-مثقِّف، يبلغ الذروتين: ذروة الاغتراف من عالم ثقافته المحلية الأصيل، وذروة الانفتاح على العالم الخارجي الفسيح؛ كلما همَّ أحد العالمين أن يستأثر به، لاذ بالآخر. فعلاقة الداخل بالخارج عنده، شأنها شأن مجموعة من العلاقات الأخرى هي علاقة تشارط، حين نتمثل هذا المُثقًّف-المُثَقِف في سياقنا، نجده تراثيا-حداثيا، أصيلا-معاصرا، يقصر به الشك هنا عن بلوغ اليقين هناك، وكأننا به كائن يعشق الشاطئ، يعيش بين البر والبحر، بين الصلب والسائل، بين الصحو والغيم، لا يؤثر السلامة في المجال المعلوم على المغامرة في الأحياز المجهولة" (ص6).



#زكرياء_مزواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ضيافة بيت العنكبوت: من بيت من وهن إلى بيت من زجاج
- الكَهْفُ الافتراضي: هل فكرنا يوماً في السوشيال ميديا أَمْ عَ ...
- الجنس البارد
- نوستالجيا -سيد لميلود-
- في الحاجة إلى تعليم ذكوري
- المدرسة والمتعلم وتزييف الوعي
- المدرسة سجن كبير
- مجتمع الهمزة... نحو نموذج تفسيري جديد
- الدين والطقسنة القاتلة
- مجتمع الحزقة.. نحو نموذج تفسيري جديد
- مفهوم القودة...نحو نموذج تفسيري جديد
- عيد المولد النبوي الشريف في حينا
- مجتمع -العطية-... نحو نموذج تفسيري جديد
- فصل المقال في تقرير ما بين العلم والعوام من انفصال
- مجتمع الحشية.. نحو نموذج تفسيري جديد
- في رحاب الزاوية
- رمضانُ في الذّاكرة (ج2)
- رمضانُ في الذّاكرة (ج3)
- رمضانُ في الذّاكرة (ج4)
- رمضانُ في الذّاكرة (ج1)


المزيد.....




- رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا ...
- “فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية ...
- في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل ...
- أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب ...
- ابنة رئيس جمهورية الشيشان توجه رسالة -بالليزر- إلى المجتمع ا ...
- موسيقى الراب في إيران: -قد تتحول إلى هدف في اللحظة التي تتجا ...
- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكرياء مزواري - المُثَقّفُ المنشود في رواية -عبد الرحمن والبحر- لخالد حاجي