أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكرياء مزواري - الجنس البارد














المزيد.....

الجنس البارد


زكرياء مزواري

الحوار المتمدن-العدد: 7488 - 2023 / 1 / 11 - 17:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان الجنس في ما مضى، مُحاطاً بهالة من القدسية الدينية، ومُسيجاً بطوق من الرمزية والغرائبية، ومجالاً للنّظر العلمي والفلسفي. كُتبت فيه مصنفات كثيرة تحت اسم الأدب/ الفن الإيروتيكي، والمازجة فيه بين المتخيل والواقعي. كُلّ هذا وعُرى المجتمع وروابطه كانت قوية، بالشّكل الذي تضمن من خلاله إعادة إنتاج البنية الاجتماعية والثقافية. أمّا اليوم، في عالم الرأسمال، انفرد هذا الأخير بالإنسان، مُخاطباً فيه البعد الذاتي النرجسي، غير الآبه بالمكوّن الاجتماعي، ولا الامتداد الحضاري الطويل الذي لم يقم إلاّ بفضل لَجْمِ جوامح الغريزة. هذا المارد الجديد أنشأ ديناً قوامه الاقتصاد وقيمه الاستهلاك، حتّى بات معه الإنسان مجرد سلعة مطروحة في الطريق على غرار السلع الأخرى، خاضع لنفس منطق السوق من حيث خلق ذات/سلعة قائمة على الاستعراض والإثارة وجذب الانتباه. إنسان لا همّ له سوى مُلاحقة الموضات، واتّباع الصيحات، واستنفار جميع قواه لخدمة حاجات البدن البيولوجية.
اليوم، وتحت يافطة "الحرية الفردية"، وما يستلزم عنها من دعوة إلى "التحرر الجنسي"، لم يعد الأمر مُرتبطاً بإقامة علاقة حب/جنس والتي يكون مآلها الزواج في النّهاية، ضداً على قيم المجتمع البطريكي وخضوع المرأة فيه لهيمنة الذكر وسلطة الأب/الجماعة فقط، بل صار الآن، مع هذه الموجة التكنولوجية، مُرادفاً للتّفسخ، وانتصاراً للعلاقات اللّحظية العابرة.
في الوقت الحالي، وقت تسليع القيم والحب والعواطف والجنس، صار التقيد بالالتزام بين الجنسين ضرباً من الحُمق والجُنون؛ فأمام وفرة الإثارة وقوّة العرض والمُنافسة، باتت مؤسسة الزواج كمؤسسة لتحمّل المسؤولية غير مرغوب فيها، وربما قد تصير تبعاً لقوة التغير الاجتماعي، جزءاً من "العهد القديم"، ولربما قد يُصنّف المُقدم عليها اجتماعياً في خانة " archaïque".
هذا السعار الجنسي، زادت من حدته مواقع التواصل الاجتماعي، فالأجساد المستعرضة فيه، بمختلف أشكالها وألوانها وأحجامها وقوامها، ساهمت في تسهيل ربط العلاقة بين الجنسين، وفي تيسير الحب وإقامة علاقة عابرة للحدود الزمكانية، بل وحتى ممارسة الجنس الهاتفي.
هذه العلاقات السائلة، المتحللة من كل التزام أو مسؤولية بين الجنسين، تغذيها التقنية عبر الضغط على أزرارها السهلة سواء ب "الحذف/ supprimer" أو "الحجب/ bloquer" أو "طلب/ajouter" صداقة، لتستأنف رحلة البحث عن شريك جديد، دون أعباء مؤسساتية، ولا التزام أخلاقي ضاغط، من أجل الظفر بسعادة لحظية مؤقتة، سرعان ما تزيد من تعاسة الفرد، وتلقي به في سديم اللامعنى !



#زكرياء_مزواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوستالجيا -سيد لميلود-
- في الحاجة إلى تعليم ذكوري
- المدرسة والمتعلم وتزييف الوعي
- المدرسة سجن كبير
- مجتمع الهمزة... نحو نموذج تفسيري جديد
- الدين والطقسنة القاتلة
- مجتمع الحزقة.. نحو نموذج تفسيري جديد
- مفهوم القودة...نحو نموذج تفسيري جديد
- عيد المولد النبوي الشريف في حينا
- مجتمع -العطية-... نحو نموذج تفسيري جديد
- فصل المقال في تقرير ما بين العلم والعوام من انفصال
- مجتمع الحشية.. نحو نموذج تفسيري جديد
- في رحاب الزاوية
- رمضانُ في الذّاكرة (ج2)
- رمضانُ في الذّاكرة (ج3)
- رمضانُ في الذّاكرة (ج4)
- رمضانُ في الذّاكرة (ج1)
- حُبٌّ فِي زَمَنِ التُّيُوسِ
- Jean-François Dortier, «Dieu et les sciences humaines»: بين ...
- مَقَاهِي المِلْحِ


المزيد.....




- فيديو يظهر لحظة مداهمة فيضانات مفاجئة منزلًا في نيويورك.. شا ...
- آلاف الزوار يتدفقون لالتقاط الصور.. ومزارعون إيطاليون يردّون ...
- رغم تزايد الضغوط الدولية.. هل لا تزال إقامة دولة فلسطينية قا ...
- كيف تعرف سمات الشخصية التي تميل إلى الغش وخداع الآخرين؟
- هارين كين أم ساديو ماني .. حظوظ لويس دياز في بايرن؟
- هل رفض نيجيريا الاستسلام لترامب يؤشر على تدهور علاقات واشنطن ...
- مظاهرات -كسر الصمت-.. فلسطينيو 48 يرفضون حرب الإبادة والتجوي ...
- لوموند تكشف ضغوطا غير مسبوقة على الجنائية الدولية لحماية إسر ...
- إعلام إسرائيلي: العالم يرانا متوحشين وحماس ذكية وتلقننا درسا ...
- تعادل رحلة فرنسا إلى إيطاليا.. رصد أطول صاعقة برق بالعالم


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكرياء مزواري - الجنس البارد