أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إدريس الخلوفي - حكايات عادية جدا، الحكاية الثانية عشر، المصائب لا تأتي فرادى














المزيد.....

حكايات عادية جدا، الحكاية الثانية عشر، المصائب لا تأتي فرادى


إدريس الخلوفي
أستاذ باحث

(Lakhloufi Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 7577 - 2023 / 4 / 10 - 04:56
المحور: الادب والفن
    


حكايات عادية جدا، الحكاية الثانية عشر، المصائب لا تأتي فرادى.
بعد أن التقط العربي أنفاسه، لملم ما تبقى لديه من قوة، وواصل سيره بالغابة المحاذية للطريق الرئيسي الذي يفضي من البلدة إلى المدينة، واصل بحذر شديد وعينه على الطريق عله يرى سيارة قادمة.
ومع مرور الوقت، كان العربي يستعيد هدوءه كلما نظر إلى الخلف، ورأى انوار البلدة تبتعد وتبدو خافتة.
جلس على قارعة الطريق، واسند ظهره إلى جذع شجرة. كان شريط ذكريات ما حصل يمر أمام ناظريه كوميض ضوء عابر، فجأة تنبه، هل أنا في حلم أم في علم؟
أطلق بصره على طول الطريق، فبدأ له سنا ضوء مزدوج يتلوى على الطرقات يمنة ويسرة كعيني ثعبان، ما هذا؟ قد تكون سيارة، ربما ستأتي بالفرج وتخرجني من هذه البلدة المشؤومة. لكن ماذا لو كانت العصابة تبحث عني؟ هل اجازف واوقفها؟ أم تختبئ ريثما تمر؟
كانت الأضواء تقترب، والوقت ينفذ من العربي، عليه أن يقرر الآن. وقف العربي وساقاه ترتجفان، اقترب أكثر من الطريق وقرر ايقاف السيارة، وإذا تيقن أن من بها ينتمون إلى العصابة سيهرب في اتجاه الغابة، قال وهو يحاول بعث الثقة بالنفس: لا أحد منهم يستطيع مجاراتي في التضاريس الوعرة، فأنا ابن الجبل.
أوشك الضوء على الوصول، بدأ هدير المحرك يسمع بشكل أكبر، إنه صوت شاحنة صغيرة، لم يسبق أن رأى مثلها بالبلدة، أعطاه هذا شعورا أكثر بالاطمئنان، وصلت السيارة، وبدأ العربي يلوح لها، وقدميه إحداهما على الطريق والأخرى خارجه استعدادا للهروب، ولعل ما شجعه أكثر، هو معرفته بأن العصابة تريده حيا وليس ميتا، لأنها تنوي الاحتفاظ به لتنفيذ عملية الذبح الموالية في الشهر المقبل.
توقفت الشاحنة، وازدادت دقات قلب العربي. أنزل السائق الزجاج وتطلع إلى العربي الذي كان يتفرس في وجهه عله يرى ما قد يدعو للفرار. مرحبا يا بني. كان السائق كهلا قارب الستين من عمره.
رد العربي: مرحبا يا عم.
أي وجهة تقصد؟
أي مكان يقربني من المدينة.
حسنا، اصعد.
فتح العربي الباب، وعندما هم بالصعود، أحس بكيس يسقط على الأرض، لم يعره اهتماما، ولم يرد أن يتحدث عن الأمر مع السائق، لأنه لم يكن متيقنا من الأمر، خيل له للحظة أن الأمر مجرد أوهام ناتجة عن التعب.
مأ اسمك يا فتى؟
أدعى العربي.
لا بد أنك غريب.
أنا من جبل التاج الأبيض، اريد السفر للمدينة كي أحسن ظروفي، أنت تعلم أن الجبل لم يعد كما كان، فقلة المطر، وشح الموارد جعلت الحياة لا تطاق.
قاطعه السائق: أنا إسمي بوجمعة، اشتغل تاجرا، ومن حظك أنني الآن قاصد مدينة ساف، وأعتقد أنها ضالتك، فهي مدينة كبيرة، وبها رواج كبير، ستجد بها عملا، وتحسن من مستوى معيشتك، فقط عليك ان تكون رجلا.
خيم صمت على الراكبين، وبدأ العربي يشعر بالطمأنينة أكثر كلما ابتعد عن البلدة الآثم أهلها.
مرت حوالي ساعة من الزمن، فبدا لبوجمعة ضوء وامض بلون ازرق، ضرب على جبينه، والتفت نحو العربي قائلا، إننا على وشك المرور بحاجز أمني، حاول أن تبدو هادئا، وسيمر الأمر بخير.
ظهرت علامات الاستغراب على وجه العربي، ماذا يقصد بأن الأمور ستكون بخير، هل بوجمعة مبحوث عنه أو مجرم؟
وصلت الشاحنة إلى الحاجز، كان عبارة عن سلسلة من المسامير ممددة عل عرض الطريق، ورجلا آمن يحملان رشاشين، وبداخل سيارة الجيب الخاصة بالأمن يجلس ضابط ضخم الجثة يشبه إلى حد كبير ضابط الأمن في البلدة. هل يا ترى كل المسؤولين متشابهين؟ هل جميعهم لهم بطون كبيرة؟ ولماذا المسؤول الكبير لا يكون بطنه صغيرا؟ هل في ذلك انتقاص من شأنه؟ أم أن بطنه الضخم رمز للسيادة؟
بينما كان العربي غارقا في تساؤلاته، قاطع تأمله صوت رجل الأمن وهو يأمرهما بالترجل من الشاحنة.
امتثلا لأوامره، وطلب من السائق موافاته بوثائق الشاحنة التي سلمها بدوره للضابط، بينما أحضر رجل الأمن الثاني كلبا بوليسيا بدأ يدور بالشاحنة ويشمها، جيئة وذهابا، وبعد قليل اصبح يركز اهتمامه على الباب الأيمن للشاحنة، ليستقر هناك ويبدأ في النباح.
لم يكن العربي يدري ما يقع، ولا عن أي ورطة وقع فيها، بينما أصبح وجه بوجمعة شاحبا وهو يعلم أنه قد وقع في يد الأمن ولا مفر من ذلك، لكن خطرت بباله فكرة جهنمية، سينكر علمه بالمخدرات ويتهم في ذلك العربي، سيقول لهم أن الكيس للشاب الذي لا يعرفه، بل فقط أراد مساعدته في الوصول إلى المدينة. أجل، إنها عشر سنوات سجنا، ستكون من نصيب هذا الغبي، ثم إنه لا زال صغيرا، أما أنا فلم يعد جسدي يحتمل برودة جدران السجون، فيكفيني ما قضيت به في الماضي .
أشهر أحد الأمنيين رشاشه في وجه العربي وبوجمعة، بينما تكلف الثاني بتصفيدهما، تساءل بوجمعة: ما الأمر؟
رد الأمني: أنتما رهن الاعتقال.
ولماذا؟
يا ابن الكلبة، هل تتغابى علي؟ لديكما مخدرات في الشاحنة، أين تخبئانها؟
سنحجز الشاحنة للتفتيش، أما انتما فستشرفان القسم هذه الليلة.
يتبع.........



#إدريس_الخلوفي (هاشتاغ)       Lakhloufi__Driss#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض معيقات الجودة بالمنظومة التربوية بالمغرب، دراسة حالة عبر ...
- تحليل الوثائق والمستندات كأداة للبحث السوسيولوجي، نموذج لدرا ...
- حكايات عادية جدا، الحكاية الحادية عشر: جريمة ميتافيزيقية
- حكايات عادية جدا، الحكاية العاشرة - القربان
- حكايات عادية جدا، الحكاية التاسعة - سيدي العربي
- حكايات عادية جدا، الحكاية الثامنة - عقول صغيرة جدا
- حكايات عادية جدا، الحكاية السابعة - الثقافة والطبيعة
- حكايات عادية جدا، الحكاية السادسة- همسات من الماضي
- حكايات عادية جدا، الحكاية الخامسة- تعبير الرؤيا
- حكايات عادية جدا الحكاية الرابعة- جنازة العربي
- حكايات عادية جدا، الحكاية الثالثة: الأسطورة
- حكايات عادية جدا - السفر-
- حكايات عادية جدا
- موضوعية علم الاجتماع وموضوعية عالم الاجتماع
- التنظيم البيروقراطي: من العقلانية الإدارية إلى عرقلة الإبداع
- العقلانية الجديدة والقرار: ميلاد المدرسة التفاعلية
- العقلانية الكلاسيكية والقرار الإداري
- التحليل الكيفي عبر التنظير، نحو أفق منهجي جديد للسوسيولوجيا
- المنظومة التربوية وإشكالية الجودة
- مدرسة العلاقات الإنسانية: من الإنسان الآلة إلى إنسان العواطف


المزيد.....




- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إدريس الخلوفي - حكايات عادية جدا، الحكاية الثانية عشر، المصائب لا تأتي فرادى