أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس الخلوفي - موضوعية علم الاجتماع وموضوعية عالم الاجتماع














المزيد.....

موضوعية علم الاجتماع وموضوعية عالم الاجتماع


إدريس الخلوفي
أستاذ باحث

(Lakhloufi Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 7301 - 2022 / 7 / 6 - 23:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعتبر الموضوعية أبرز إشكال يواجه العلوم الانسانية عامة، وعلم الاجتماع بالخصوص، وعندما نتحدث عن الموضوعية، فمعنى ذلك أنه ينبغي ترك مسافة بين الباحث وموضوع دراسته حتى لا يسقط في فخ إصدار أحكام مزاجية، وأن تكون النتائج التي يتوصل إليها هي نفس النتائج التي يمكن أن يتوصل إليها لو أعاد الدراسة ضمن نفس الشروط، أو هي نفس النتائج التي يمكن أن يتوصل إليها باحث اجتماعي آخر.
لكن عن أي موضوعية يمكن أن نتحدث؟ هل موضوعية العلم؟ أم موضوعية العالم؟ وما معنى أن يكون علم الاجتماع موضوعيا؟ وهل تكفي موضوعية العلم لإنتاج مادة علمية موضوعية؟ أم أن موضوعية العالم شرط ضروري؟
لقد حرص رواد علم الاجتماع الأوائل منذ سان سيمون وأوغست كونط على التبشير بميلاد فيزياء اجتماعية قادرة على مضاهاة الفيزياء الطبيعية في الصرامة المنهجية، والحصول على نتائج موضوعية، قادرة على تفسير الظواهر الاجتماعية، ولعل هذا ما صاغه عالم الاجتماع ومؤسس هذا العلم، الفرنسي إميل دوركايم في كتابه الشهير "قواعد المنهج السوسيولوجي" ، لهذا فموضوعية علم الاجتماع رهينة بالتزام الباحث بالقواعد الشهيرة، كاعتبار الظواهر الاجتماعية أشياء وتفسير الاجتماعي بالاجتماعي...لكن هل تكفي صياغة قوانين للعلم حتى نتمكن من القول بموضوعيته؟ ربما يكون هذا الأمر كافيا في العلوم الحقة، لكن في مجال العلوم الانسانية هذا الأمر لا يكفي. في مجال العلوم الانسانية نحتاج إلى موضوعية العالم، أي إلى الحياد الأكسيولوجي، إن عالم الطبيعة لا يحمل أي مشاعر واحاسيس تجاه موضوع دراسته، كما أن الموضوع جامد، ولا يبدي اي ردود فعل تجاه العالم، هذه الشروط غير متوفرة في مجال العلوم الانسانية، فالعالم يدرس موضوعا هو جزء منه.
أمام هذا الوضع، هل من المستحيل القول بموضوعية علم الاجتماع؟ إن كلاما من هذا النوع يبدو قاسيا بعض الشيء، لكن لا ينبغي أن نتفاءل كثيرا. إن موضوعية العلم مرتبطة أساسا بموضوعية قوانينه، لأنه لا يمكن الحديث عن علم دون وجود قواعد للعلم، ومنهج للعمل، وهذا الأمر متوفر في علم الاجتماع، رغم وجود مدرستين كلاسيكيتين أعلنتا الحرب على بعضهما البعض، هما المدرسة الوضعية بقيادة دوركايم، والمدرسة الفينومينولوجية بقيادة فيبر، وهي حرب جاءت بعد أن عانى علم الاجتماع من صراعه المرير مع علم النفس باعتباره واحدا من العلوم الانسانية، فقد تبادلا الاتهامات والتشكيك في علمية كل منهما، بالإضافة إلى طرح إشكال الأحقية في دراسة الإنسان، فعلم النفس يعتبر أن الأزمات النفسية ومرض الفرد سبب في مرض المجتمع، وعلم الاجتماع يرى أن المشاكل الاجتماعية هي سبب العقد النفسية...
وبالعودة إلى مسألة الموضوعية، نقول أن الإشكال أو أزمة علم الاجتماع ترتبط بموضوعية العالم أكثر مما ترتبط بموضوعية العلم، وقد أثار الباحث الفرنسي سيرج بوغام هذا الأمر في كتابه: ممارسة علم الاجتماع عندما تحدث عن بعض معيقات موضوعية عالم الاجتماع،4 في عنوان موسوم بالحياد المستحيل، في الصفحة: 114، حيث قال في إطار حديثه عن علاقة الباحث بالمبحوثين: "لا يعرف عالم الاجتماع عادة الشخص الذي يستجوب ويمكن أن يؤكد له الحفاظ على إخفاء إسمه إخفاء مطلقا. شكليا إذا يظل ما يقال في إطار مقابلة أو تمرير استمارة استبيان في سياق منطق خارج عن الحياة الاجتماعية اليومية. هي لحظة أشبه ما تكون بالمعلقة اسمح للشخص المستجاب بأن يقول ما قد لا تكون قد توفرت له فرصة من قبل أبدا لصياغته على اعتبار أن مثل هذه التحقيقات يثير دائما تقريبا تحليلا ذاتيا عفويا. تأمين خفاء الاسم إذا شرط من شروط إجراء هذا التحقيق ولكنه ليس ضمانا بذاته كاف لمصداقية المعطيات المستقاة. ليست علاقة التحقيق هذه حيادية وهي تحدث بصفة تكاد تكون حتمية انحرافات يتوجب ادراكه". هذا بالإضافة إلى انسياق العالم وراء متطلبات السوق، فأثناء كتابة السوسيولوجي، يضع نصب عينيه سوق القراء الذين ينقسمون إلى متخصصين وهم قلة، وعامة جمهور القراء الذين يمثلون غالبية الزبناء، لكن هؤلاء يتبرمون من اللغة العلمية الدقيقة ومن الموضوعية العلمية، إنهم يبحثون عن قراءة ما يرضي تطلعاتهم، لهذا قد ينساق العالم وراء إغراءات السوق ، كما تحدث أيضا بوغام عن انسياق بعض علماء الاجتماع وراء بريق الصحافة ، ونحن نعلم أن الصحفي يبحث عن تحقيق نجاح البرنامج وتوسيع قاعدته الجماهيرية، لهذا ينساق العالم وراءه فيحيد عن الموضوعية، وفي هذا السياق يضيف بوغام في نفس الكتاب ص: 161 في محور معناه ب وسائط الإعلام: علاقة خطرة؟ إذ يقول: "أأصبح علماء الاجتماع الكهنة العلمانيين الجدد؟ تطلب أقوالهم أكثر فأكثر في وسائط الإعلام وتبدو للعيان أكثر في الفضاء العام. يتطلب منهم كما يطلب من باحثين آخرين في العلوم الانسانية والاجتماعية أن يضفوا المعنى على الأشياء، وأن يحددوا موقع الإنسان في عالم معقد وعسير الفهم."
أمام كل هذه العناصر، يحق لنا أن نتساءل: هل يستطيع الباحث أن يتجرد من أنانيته، وينأى بنفسه عن مغريات الشهرة والاتجار لإنتاج مادة معرفية نزيهة وموضوعية؟ إن أول شرط ينبغي توفره في العالم، هو البعد الأخلاقي، أي أن يحترم أخلاقيات العلم، هذه الأخيرة التي غالبا -إذا لم تكن مؤسسة على مبادئ راسخة ومتجذرة- ما تنهار أمام مطالب خبزية، أو أحيانا أمام الحاجة إلى الشهرة والأضواء.



#إدريس_الخلوفي (هاشتاغ)       Lakhloufi__Driss#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنظيم البيروقراطي: من العقلانية الإدارية إلى عرقلة الإبداع
- العقلانية الجديدة والقرار: ميلاد المدرسة التفاعلية
- العقلانية الكلاسيكية والقرار الإداري
- التحليل الكيفي عبر التنظير، نحو أفق منهجي جديد للسوسيولوجيا
- المنظومة التربوية وإشكالية الجودة
- مدرسة العلاقات الإنسانية: من الإنسان الآلة إلى إنسان العواطف


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس الخلوفي - موضوعية علم الاجتماع وموضوعية عالم الاجتماع