أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - البداية الثانية














المزيد.....

البداية الثانية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7573 - 2023 / 4 / 6 - 00:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٥٥ - البداية الثانية
" ألا يمكن أن تًعنون مهمة التفكير بدلا من الكينونة والزمان، بالإضاءة والحضور؟ من أين إذا تجيء هذه الإضاءة وكيف توجد؟ لعل مهمة التفكير إذن هي تخلي التفكير المعاصر عن تحديد موضوع التفكير". هكذا يختتم هايدغر دراسته عن نهاية الفلسفة ومهمة التفكير وكأنه يحاول إعادة ما قام به بارمينيدس من قبله، أي إعلان بداية الفلسفة من جديد، وتقويض الأنظمة الفكرية السابقة، بل والقول بأن بداية بارمينيدس لم تكن "البداية" في حقيقة الأمر. ذلك أن مارتن هايدغر يعتبر كل المراحل الأولية للفلسفة، وكل الفلاسفة ما قبل سقراط ليسوا فلاسفة في حقيقة الأمر ولم يمارسوا الفلسفة بمعنى الكلمة. لأن الفلسفة في نظر هايدغر ليس التساؤل "لماذا"، وهو السؤال الذي طرحه العلماء الطبيعيون الأيونيون، وإنما السؤال الرئيسي الذي يمكن أن يشكل فعلا بداية الفكر الفلسفي هو السؤال "ما هذا"، أي أن الفلسفة لا تهتم بالآسباب والعلل وإنما بماهية الأشياء وجوهر الكائنات. وهايدغر في تاريخه الشخصي للفلسفة، إن صح هذا التعبير، لا يعتبر الإرهاصات الأولى للفكر اليوناني فلسفة أو حتى بداية الفلسفة، لأنها لم تطرح سؤال الكينونة، وحتى هيراقليطس وبارمينيدس يعتبرون مجرد مفكرين أو حكماء، ورغم إعترافه بقامتهم العملاقة، إلا أنهم ليسوا فلاسفة. الفلسفة الحقيقية في نظر صاحب الكينونة والزمان، بدأت فعليا مع سقراط وأفلاطون، وإن كان السوفسطائيون قد مهدوا الأرضية لهذه البداية. أي أن الفلسفة لا يمكن أن تظهر أو تبدا مسيرتها الطويلة قبل التساؤل عن ماهية الكائن ككائن. ومع ذلك فإن هايدغر لم يهمل هذا الفكر اليوناني الأولي، بل أولى إهتماما كبيرا ببعض أقطاب هذه الفترة بالذات نحو بارمينيدس وكرس له العديد من الدراسات في كتاباته ومحاضراته، وحاول التعمق في ما وصل إلينا أو ما تبقى من نصوصه القليلة، وعاين نظرته للكون والكينونة، وأعتبره أول من قام بمحاولة جادة لوضع الأسس المتينة للتفكير المبني على العقل، ولكنه لم يتوصل بعد لما يسميه هايدغر بالفلسفة. ونحن نعتقد بأن هذه النظرة فيها مغالاة ومبالغة شديدة لا مبررلها، ربما ترجع إلى رغبة هايدغر في إعتبار الفلسفة إنتاجا أوروبيا بحثا، أي أثينيّا، ومحاولة إلغاء كل الروافد الشرقية التي غذت هذا الفكر من خارج أثينا. وربما يكون هناك سبب آخر، وهو أن بارمينيدس، الوحيد مع أنبادوقليس Empedocles من بين الفلاسفة اليونانيين جميعا، عرضا فلسفتهما وأفكارهما النظرية في قصائد شعرية وليس في نصوص نثرية تعتمد على التتابع والمنطق وتستند إلى الدلائل والقرائن. والجدير بالذكر، بأن هذه الرحلة الطويلة لزيارة الفكر اليوناني القديم، من أساطير وأديان وملاحم وفلسفة، إنما كان الهدف منه الوصول إلى قصيدة بارمينيدس هذه بالذات، المعروفة بإسم "في الطبيعة" والتعرف على خارطتها الداخلية وتضاريسها وما تحتويه من أفكار فلسفية جديدة، لأنها في نظرنا تعتبر بداية التفكير في مقولة الكينونة ومقولة العدم، كضرورة لتأسيس أي فلسفة تهتم بالكائن عموما وبالإنسان ككائن مفكر.
كتب تاريخ أعلام الفلسفة تذكر القليل النادر من المعلومات الغير متضاربة عن حياة بارمينيدس، ونكاد لا نعرف عنه أي شيء مؤكد، وفي هذا الأمر يشترك مع الفلاسفة السابقين في نذرة المعلومات وتضارب المصادر. الشييء الأكيد أنه كان من مواطني مدينة إيليا Elea، في جنوب إيطاليا الحالية، وكان يمارس الفلسفة وأسس مدرسة فلسفية تعرف اليوم بالمدرسة الإيلية، كان يمارس الشعر والدين، ويعتقد أنه كاهنا، أو ذو منصب ديني في أحد معابد أبوللون، وربما يمكن إعتباره من الحكماء ومواصلا للتقاليد اليونانية السابقة، حسب قول الباحثة ميشلين سوفاج في دراستها عن بارمينيدس، فقد أعطى لمدينته العديد من الشرائع والقوانين التي حُكمت بها المدينة بطريقة ناجحة لدرجة أنه كان يفرض على السياسيين، حسب قول بلوتارك، أن يجددوا القسم كل سنة بأن يظلوا أمناء ومخلصين لهذه الشرائع وينفذوا بنودها. وحسب رواية إفلاطون، فإن بارمينيدس قد زار أثينا، وقابل سقراط مع تلميذه زينون حوالي عام ٤٥٠ ق.م.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بضاعة الفن
- ذعر الرأسمالية من غضب الشارع
- -بنك فلويد- ضد الحرب والإحتلال
- الحركة والثبات عند هيرقليط
- النساء والإنتاج الفني
- هايدغر ولغز اللوغوس
- الصياد والطريدة
- النساء وفخ التاريخ
- حرية النساء والفن
- الغضب الساطع الذي لا يأتي
- اللوغوس
- عذاب الحجر
- الطاقة وعقل العالم
- جدلية حرية العبيد
- هاملت والجمل
- الباريدوليا، أو الصور الجانبية
- ظاهرة الأبوفينيا
- هيراقليطس وديمومة التغيّر
- الفيلسوف الغامض
- عقلنة الميثولوجيا


المزيد.....




- -زيارة غالية وخطوة عزيزة-.. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان ع ...
- رفح.. أقمار صناعية تكشف لقطات لمدن الخيام قبل وبعد التلويح ب ...
- بيستوريوس: ألمانيا مستعدة للقيام بدور قيادي في التحالف الغرب ...
- دعوات للانفصال عن إسرائيل وتشكيل -دولة الجليل- في ذكرى -يوم ...
- رئيس الأركان الأمريكي السابق: قتلنا الكثير من الأبرياء ولا ي ...
- تفاصيل مثيرة عن -الانتحار الجماعي- لعائلة عراقية في البصرة
- الإيرانيون يعيدون انتخاب المقاعد الشاغرة في البرلمان وخامنئي ...
- السلطات اللبنانية تخطط لترحيل عدد من المساجين السوريين
- هتاف -فلسطين حرة- يطارد مطربة إسرائيلية في مسابقة -يوروفيجن- ...
- الجيش الإسرائيلي ينسف مباني في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - البداية الثانية