|
الفاعلية العربية في الأندلس وما جاورها: مقاربة نصية حضارية
صبري فوزي أبوحسين
الحوار المتمدن-العدد: 7543 - 2023 / 3 / 7 - 10:35
المحور:
الادب والفن
يلاحظ أن مقولات الصراع أو الصدام بين الحضارات تهيمن في آننا هذا، وتسيطر على رؤى القائمين على هذا الكون والمفكرين في حاله والمستشرفين مستقبله، ولا أدل على ذلك من كتاب "صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي"، المنشور سنة 1996م، للكاتب صامويل فيليبس هنتنجتون، ذلك المفكر السياسي الأمريكي الذي يدعو إلى نظرية صراع الحضارات، والتي تقول بأن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون بين الدول القومية واختلافاتها السياسية والاقتصادية، حيث كان النزاع أيديولوجيًّا بين الرأسمالية والشيوعية، بل ستكون الاختلافات الثقافية المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين القادمة؛ حيث سيتخذ النزاع القادم شكلاً مختلفًا وسيكون بين حضارات محتملة، وهي:الحضارة الغربية، والحضارة اللاتينية، والحضارة اليابانية، والحضارة الصينية، والحضارة الهندية، والحضارة الإسلامية، والحضارة الأرثوذكسية، والحضارة الأفريقية، والحضارة البوذية، وهذه المنظمة الثقافية تناقض مفهوم الدولة القومية في العالم المعاصر، كما أن هذا المفكر الأمريكي اتهم العالم الإسلامي بأن حدوده ومناطقه الداخلية دموية! وما أقساه من اتهام، وما أخبثه من تشويه، ومن رؤية عدائية للإسلام والمسلمين! فما أحوجنا -نحن العرب والمسلمين-في آننا هذا إلى أن نعيش مع كل ما يغرس في نفوسنا الثقة بذواتنا، والإيمان بمنجزاتنا ماضيًا، وبقدراتنا حاضرًا، وباستعداداتنا على الفعل والتأثير في قادم أيامنا، إن شاء الله! وهذا ما يسمى بالفاعلية التي تقابل مفردة (Efficancy) في المعاجم الغربية، وهي تتحدد عند الغربيين بكونها وصفًا لكلِّ شيء فعّال، وقد جاء في كتاب (البحث التحليلي لأوروبا) أنّ الروح – ويقصد بها الفاعلية – هي ذلك الشعور القوي في الإنسان الذي تصدر عنه مخترعاته وتصوراته، وتبليغه لرسالته، وقدرته الخفية على إدراك الأشياء. وقد عرّف المفكر الجزائري مالك بن نبي(1905-1973م) الفاعلية بأنها: قوة كافية داخلية تبعث في النفس القدرة على العمل والحركة: حركة الإنسان في صناعة التاريخ، حيث يقرر أنه إذا تحرّك الإنسان تحرّك المجتمع والتاريخ، وإذا سَكَنَ سكن المجتمع والتاريخ. فما أحوج الإنسان العربي إلى هذه القوة الداخلية التي تحركه! وهي مفتاح من مفاتيح التقدم والحداثة، لمن يريد! ومن ثم كانت ورقتي هذه (الفاعلية العربية في الأندلس: مقاربة نصية حضارية) التي أشرف بتقديمها إلى المؤتمر الدولي السابع لكلية اللغة العربية بالزقازيق بجامعة الأزهر، والمعنون بـ(معالم الحركة الأدبية في الأندلس ودورها في النهضة الأوربية)، والمنعقد في7-9/مارس سنة 2023م، وهي -في نظري- محاولة علمية أولى لتقديم أدلة نصية على الفاعلية العربية الإيجابية الهادفة والبنّاءة والخيِّرة والمعمِّرة في غير العرب، وغير المسلمين، عبر مثاقفة واعية نصية وحضارية لهذا التراث العربي الإنساني الذاخر في الأندلس من خلال التلاقح العقلي بين الأدب العربي والإسباني الذي وصل أثره إلى مدن في جنوب فرنسا، وفي صقلية وإيطاليا،... وغير ذلك من البقاع الأوربية التي شهدت احتكاكًا واتصالاً بين العرب وغيرهم. إنها مثاقفة ترد على هذا الاتهام وهذا التشويه المُدبَّر والمضخَّم والمُفتَعل كل وقت وحين! إنها مثاقفة تدل على الوجه الجميل الراقي النبيل للعقل العربي المسلم، ولأثر الإبداع العربي الباني في غيرنا من وندال، وقوط، ورومان، وإسبان وقشتاليين وغيرهم من أهل الأندلس قبل الفتح العربي الإسلامي لها! إنها محاولة للدفاع والحماية من الهيمنة الغربية أو الشرقية، ومحاولة للحماية من التذويب أو التغريب أو التشريق، ومحاولة لبناء الذات العربية الأصيلة المستقلة والمقاومة والفاتحة والغازية بإذن الله تعالى... مثاقفة في جماليّات النصّ الأدبيّ العربيّ في الأندلس، تحلل المفردات والتراكيب الحضاريّة العربيّة الفاعلة في الآخر؛ فقد بلغ من صدق الأدب العربي في الأندلس الباهر أن تأثيره لم يقف عند الحدود السياسية لدولة الإسلام في الأندلس، ولهذا لم يقتصر على المسلمين وحدهم! بل كان له أثر بعيد عند النصارى واليهود المستعربين، كما كان له أثر على الممالك النصرانية وعلى أوروبا كلها ...ولست أول من عرض هذه الفاعلية العربية في الأندلس؛ فقد سبقتني فيها دراسات كثيرة؛ إذ لا يكاد يذكر التاريخ العربي في الأندلس في أي كتاب مؤلف أو بحث علمي إلا يذكر معه الأثر الأدبي العربي في الأندلس وأروربا قديمًا وحديثًا! ولكن حسبي هنا أنني أعرضها عرضًا تعليميًّا دعويًّا ميسرًا ومكثفًا، من خلال منهج النقد الأدبي الحضاري الذي ما يزال يهيمن على الخطاب الراهن منذ نهاية الألفية الثانية عند مجموعة من كبار المفكرين الثقافيين الكونيين أمثال: بورديو، ودريدا، وإدوارد سعيد، ونعوم تشومسكي، وفوكوياما، وهونتغنتون، وغيرهم، وهذا المنهج يهتم بإنشاء علاقة سياسية بين النص الأدبي والواقع محليًّا وقوميًّا وعالميًّا، ويرتبط بالوعي الإنساني وما يتطلّبه من تأمّل الكون، وتأمّل إنجازات البشريّة، و يرتبط -كذلك-بمضامين الحضارة الإنسانية ارتباطًا وثيقًا، وهي مضامين تحمل قِيَمًا كونيّة مشتركة، ترتقي بسلوك الإنسان، كما يعنى هذا المنهج بالموقف من الآخر سلبًا وإيجابًا، فعلا وانفعالا، ويهتم في مجال الأدب بالبعدين: الإنساني الإيجابي، والأيدلوجي السلبي للحضارة. وأقترح أن تنجز هذه الورقة عبر المحاور الآتية: المحور الأول: مسيرة الفاعلية العربية في الأندلس المحور الثاني: دلائل نصية على الفاعلية العربية في الأندلس المحور الثالث: آثار حضارية للفاعلية العربية في الأندلس المحور الرابع:استثمار عصري للفاعلية العربية في الأندلس وإلى الله يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
#صبري_فوزي_أبوحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حِمايةُ الفُقَراءِ مِن أفضلِ الصَّدَقاتِ
-
هادفية النسيج السردية في قصة شيخ الخفر للقاص محمود تيمور (ت
...
-
الأستاذة نادية كيلاني الهادفة البليغة
-
النذير الفصيح الجامعة قراءة ذاتية في سيرة الدكتور مصطفى السو
...
-
النذير الفصيح الجامعة(2) قراءة ذاتية في سيرة الدكتور مصطفى ا
...
-
السواق الصوفي(قصة قصيرة)
-
سمو عاطفة الحب في ظلال الحضارة العربية
-
الإمام الأكبر عباءة الأمة وعمامة الإسلام للأستاذ الدكتور محم
...
-
الجهد الأزهري في الدرس الأدبي المقارن
-
عتبة الهيكل الفكري في ديوان (الغيم والدخان) للشاعر محمد حلمي
...
-
مفهوم الإرهاب في السنة النبوية الشريفة-
-
كيفية مواجهة المشكلات المادية في ظلال الإسلام
-
سحر القاهرة في مرآة الشعر العربي
-
الشيخُ خالدُ الجِرْجَاوِيُّ(838-905ه)وَقَّادُ الجامعِ الأزهر
...
-
مسرحية شعرية قصيرة مغمورة للشاعر الكبير محمود غنيم
-
أعجوبة تطوير الذات (مأمون حسن) الأكاديمي المكافح
-
منهجية الوحدة الموضوعية في السورة القرآنية سورة الكهف أنموذج
...
-
تجربة رثاء الزوجة في شعر الدكتور محمد الغرباوي ص
-
أقصوصة (نظرة) للدكتور يوسف إدريس في مرآة المنهج الفني
-
القصة القصيرة جدا: مفهومها ونصوصها
المزيد.....
-
-المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على
...
-
البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من
...
-
البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل
...
-
-لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم
...
-
بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب
...
-
إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
-
فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
-
-حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال
...
-
أفلام كرتون مميزة طول اليوم.. حدثها الآن تردد قناة ميكي الجد
...
-
انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان كتارا للرواية العربية
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|