|
فتاة الحديقة
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 7541 - 2023 / 3 / 5 - 18:21
المحور:
الادب والفن
نهارٌ ربيعيّ رائع، قاد أقدامه إلى حديقةٍ على طرف ساحة الحيّ الراقي. مدخل الحديقة، كان ينفتح على ممر تظلله أشجار الزيتون؛ وكان أغلبها من النوع المُعمّر. ثمة مقاعد عريضة على يسار الممر، جلست على إحداهم فتاة شابة، رمقته بنظرة اهتمام حين مر بها. توقف في منتصف الممر، لكي يلتقط صورةً شخصية من هاتفه المحمول. لكن جهاز الهاتف، كما تبينَ لاحقاً، كان مفتوحاً بطريقة خاطئة. كرر المحاولة، عبثاً. وإذا الفتاة تنهض من مكانها، لتتناول منه الجهاز ببساطة وهيَ تكلمه بالفرنسية. عالجت بلمحةٍ المشكلة، وما لبثت أن التقطت له أكثر من صورة. " شكراً لكِ، بزّاف! "، قال لها باللهجة المغربية وهوَ يتناول منها الهاتف المحمول. ردت باسمة: " أعتقدتُ أولاً، أنك أوربيّ " " أنا من سورية، ولكنني أعيش فعلاً في أوربا "، قال لها. عندما كان يلتفت لإكمال مسيره، لحظَ كيف ذوت ابتسامة الفتاة. أثناء التصوير، سبقَ أيضاً ولاحظ القسمات المتناسقة لهذه الفتاة السمراء؛ ولا ريب أنها نالت إعجابه. إلا أن نظرتها تلك، التي شفّت عن نوع من الخيبة، كان عليها أن تهيمن على تفكيره طوال مسيره في دروب الحديقة. هكذا صرفَ النظرَ عن ضرورة الجلوس على أحد المقاعد، هوَ المرهقُ عقبَ جولة صباحية طويلة مشياً على الأقدام. أكمل دورانه في الممشى الرئيس للحديقة، وما عتمَ أن اتجه نحو مدخلها الآخر، المزدوج. هذا المدخل، ينفتح على ساحة مترامية الأطراف، تتوسطها بركة ماء، مزينة بثمانية نوافير على شكل الجرار الحجرية. " آه، إنها هناك! "، فكّر بفرح وهوَ يرى فتاته جالسةً على حافة البركة. بالقرب منها، كان ثمة فتاة بسنّ المراهقة تتحدث مع رجل متوسط العُمر وشديد السمرة. قال في نفسه، تعليقاً على المشهد: " لعله رجلٌ خليجيّ، يسعى للتسلية. أما هذه المراهقة، فإنها على الأغلب تحلم بمستقبل أفضل شأن الكثيرات من بنات جنسها ". ثم ثابَ إلى رشده، ليجد أنه في سبيله أيضاً لبثّ هكذا أمل كاذب في نفس فتاة الحديقة. هذه الأخيرة، كانت في الأثناء ترمقه بنظراتٍ باسمة بين الحين والآخر. عندئذٍ دارَ حول البركة، لكي لا يمر من قرب مجلسها. وما أسرعَ أن طرد صورةَ فتاة الحديقة نهائياً من رأسه، فيما كان يغذ الخطى باتجاه المدينة القديمة.
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الورقة الخضراء
-
منزل في الأزقة العُلوية
-
المكتبة المهجورة
-
الأخدود
-
سفير جهنم
-
شباب إمرأة: ريف ومدينة ورغبة
-
غزل البنات؛ فيلم الكوميديا الخالد
-
المومياء؛ الفيلم المصري الفريد
-
العزيمة؛ فيلم الريادة الواقعية
-
ليلة ساخنة؛ إغتصاب آمال الغلابة
-
تمصير الروايات الأجنبية: تيريز راكان
-
المشاكل النفسية، سينمائياً
-
عادل إمام وظاهرة التحرش الجنسي
-
مخرج الفظائع
-
شيخ المخرجين
-
باب الحديد: الأبله مهووساً جنسياً
-
سواق الأوتوبيس: الإنسان والضباع الضارية
-
من أفلام الجريمة: الطاووس
-
الأديب والإدمان
-
المقارنة المستحيلة
المزيد.....
-
فيلم -مرعب 3-.. دماء وجثث وأعضاء متناثرة وسط حبكة غير مكتملة
...
-
متحف السلطان دينار.. من مركز ثقافي إلى هدف للحرب
-
-مكتبة طريق الحرير- في بكين.. طموح ريادة ترجمة الكتاب العربي
...
-
المسلسلات التركية تحصد أكثر من نصف مليار دولار كعائدات دولية
...
-
حملات لطمس هوية وثقافة أهالي التبت البوذيين
-
القلق والاغتراب الوجودي في -بانتظار غودو- في اتحاد الأدباء
-
مصر.. الموت يفجع الفنانة ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي يعزي
...
-
ثورة السينما.. نهاية عصر الأبطال الخارقين وظهور حقبة الأفلام
...
-
رامي مالك: التمرد، العنصرية، والشعور بالاغتراب
-
من ديسكو الأوزبك إلى روك الإيغور: الأصوات المنسية لطريق الحر
...
المزيد.....
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
المزيد.....
|