أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - زلزال أغادير وشحن العواطف!














المزيد.....

زلزال أغادير وشحن العواطف!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 7523 - 2023 / 2 / 15 - 07:42
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


سأظل أذكر كارثة زلزال مدينة أغادير في المغرب، وقع الزلزال في ثالث أيام شهر رمضان، وفي التاسع والعشرين من شهر فبراير عام 1960
كنتُ طالبا في المرحلة الإعدادية! هُجِّرنا من أرضنا منذ عام 1948م، ونعيش في ملاجئ لا تختلف كثيرا عن ملاجئ مهجري الزلازل، كنا نستقي الأخبار ممن يملكون أجهزة الراديو القديمة، كانت مدارسنا هي وسيلة الإعلام الوحيدة!
سأظل أذكر كيف شحن طاقمُ التدريس عواطفنا نحو إخوتنا في المغرب، وكيف تمكنوا من أن يستثيروا نخوتَنا للتبرع لآلاف ضحايا الزلزال!
استمعنا في طابور الصباح لأخبار الزلزال، وأن عدد الضحايا تجاوز عشرين ألفا، وأن مدينة أغادير السياحية الجميلة الواقعة على شاطئ المحيط الأطلسي أصبحت أثرا بعد عين، وأنها لم تعد صالحة للسكن!
وفي الحصة الأولى أحضر المدرسُ خريطة المغرب، وأشار إلى موقع مدينة أغادير فهي ميناء بحري، ومصدر الرزق الرئيس لصيادي الأسماك، كانت بؤرة صراعٍ بين فرنسا وألمانيا، وكانت محرضا على إشعال الحرب العالمية الأولى 1914-1919م!
سأظل أذكر أنني عندما عدتُ إلى البيت طلبتُ من والدتي قرشين لأتبرع بهما لإخوتي ضحايا زلزال أغادير لكي أشعر بنشوة المساهمة في نصرة إخوتنا المنكوبين في المدينة المدمرة، كُنا في حاجة القرشين، فهما ليسا زائدين عن حاجتنا، ولكنَّني شعرتُ بأن التبرع بهما لم يسعدني فقط، بل أسعدا والدتي، عندما سارعتْ في حَلِّ عقدة غطاء رأسها لتُخرج القرشين!
لم تكن عواطفنا قد جفت بعد، فالإنسانية والرأفة والمشاركة ظلتُ حيَّة في شعورنا، وهي جوهر الحياة ذاتها!
لم تغب عني صورة زملائي الفقراء ممن كانوا يضعون قروشهم بسعادة غامرة في صندوقٍ خشبي في مدرستنا، كان فيضُ العواطف أبرز سمات الحياة، وهو كذلك حافزٌ نضالي يوحدنا ويُغني عواطفنا!
ليست مدرستنا هي الوحيدة، بل شاركت فلسطينُ كلها في نجدة المنكوبين! كذلك أسهم الفنانون العرب في تقديم المعونة للناجين من الزلزال!
أقامت كوكبُ الشرق، أم كلثوم حفلا خاصا لدعم ضحايا زلزال أغادير، ووزعت خلال الحفل أزهارا على الحاضرين لجمع التبرعات منهم أيضا!
هكذا هزَّ زلزال أغادير في ستينيات القرن الماضي عواطفنا، وأخرج من أعماقنا التضامن والوحدة والحمية والشفقة، وهي مكونات النفس الفطرية السليمة!
للأسف، فإننا اليوم نعيش عصر جفاف العواطف، وكان مفروضا أن تساهم شبكات التواصل الاجتماعية في تعزيز عواطفنا، غير أن كثيرين يشاهدون اليوم ضحايا الزلازل في سوريا وتركيا بالبث الحي والمباشر وهم يئنون تحت الأنقاض، كفيلمٍ سينمائي، لا يحرِّكُ العواطف، ويأكلون ما لذ وطاب، ولا يتأثرون كثيرا بهذه الصور!
نعم، لقد ساهمتْ كثيرٌ من حكومات الدول في تجفيف العواطف بفعل الخلافات السياسية والعقدية، واعتبر الحكام الديكتاتوريون أنَّ شحن عواطف الشعوب بالرأفة والتضامن هو مقدمة للثورة على هؤلاء الديكتاتوريين، لذلك فقد صرفوا الاهتمام عن مآسي الكوارث بإلهاء الشعوب بمعارك هامشية، في مجالات أخرى، مثل، كرة القدم، وفتحوا المجال لنشر الجهالات وتفسير الأحلام، ووزعوا فنون السخافات، لتحطيم العواطف النبيلة، لأنها تهدد أنظمة حكمهم، وتنعش الأمل في مستقبلٍ عادل رحيم!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم العملي!
- التنقيب عن القبائل المفقودة!
- كتيبة القمع والتعذيب في جيش إسرائيل!
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج!
- قصتان في عهد حكومة الحاخامين!
- الانتقام من مناهج التعليم!
- من إبداعات الشاعر إيليا أبو ماضي!
- مضاعفات الجكومة اليمينية في إسرائيل على اليسار!
- استشراف عام 2023 الجديد
- قضية فلسطين في قطر!
- كيف قتلوا الشقاقي ومشعل؟!
- قنبلة تفجير في يد بن غفير!
- أوباما وسارة في كتاب جديد لنتنياهو!
- تلاميذ مائير كاهانا!
- بريطانيا (الديموقراطية)!
- إسرائيل وروسيا الجديدة!
- سراب حل الدولتين!
- قلب الطفل ريان في عيد الغفران!
- لماذا أغلقوا هنا لندن؟!
- حل الدولتين عند، لابيد!


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - زلزال أغادير وشحن العواطف!