|
الرسول الأمي بين المخفي والمستور
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7507 - 2023 / 1 / 30 - 22:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أستهلال : قد تعرضت لهذا الموضوع عدة مرات عرضيا ، وأرتأيت في هذا المقال ، أن أقدم مجرد أضاءة تكميلية كأضافة لما أسلفت . الموضوع : أولا - محمد رسول الأسلام منذ نعومة أظفاره مهتم بالتجارة ، ( عمل النبي في التجارة ، وكانت تلك المهنة فرصةً كبيرةً لتعامله مع النَّاس بمختلف أطيافهم ، وانطلق برحلته الأُولى إلى الشَّام ، وكان في ذلك الوقت صغيراً ، حيث تعلَّق بعمّه أبي طالب عندما همَّ بالخروج إلى الشّام للتِّجارة ، فاستجاب عمه لطلبه ، وحمله معه على البعير .. / نقل من موقع موضوع ) ، هنا ممكن أن نقول أنه كان صغيرا ، وكان ليس مسؤولا كما كان لاحقا ، عندما تسلم تجارة خديجة بنت خويلدة / وهي سيدة أعمال وتاجرة - زوجته لاحقا ، ( وفي الخامسة والعشرين من عمره ، كان النبي يتجر مع السائب بن أبي السائب . حتى سمعت عن صدقه وأمانته السيدة خديجة وكانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، فلما بلغها عن رسول الله من صدق حديثه ، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرًا ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطى لغيره ، مع غلام لها يقال له : ميسرة فقبل رسول الله ، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدما الشام ، وباع محمد سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد من سلع ، فلما رجع إلى مكة وباعت خديجة ما أحضره لها تضاعف مالها / نقل من موقع الحبيب) . * التساؤل هنا ، هل من المنطق أن سيدة أعمال تستأجر رجلا أميا ليتاجر لها ، من المؤكد أن هذا خلاف للواقع ، فكيف يتاجر مع التجار الأخرين ، هل يتاجر بالأستذكار معهم ، من المؤكد أن الأمر يحتاج لرجل متعلم ، ليعرف ما له وما عليه.
ثانيا - لا تعني كلمة النبي الأمي ، بأن الرسول كان جاهلا / لا يقرأ ولا يكتب ، مثل ما يروج له شيوخ الأسلام ، وأنقل هنا مقطعا ، من موقع / العتبة الحسينية ، يؤكد بأن محمدا كان غير أميا (( إذن ( الأمي ) أي : مَن تؤمُّ له الخلائق كلُّها ، وبهذه التبعية العليَّة لإماميته الكبرى ، تتم الشفاعة فالجنَّة . يدل هذا على ان كافة الوجوه لكلمة ( الأميين ) : تعني الذين أمُّوا لسيدنا محمد ، أي تبعوه ، حيث يمتدحهم تعالى بهذه الصفات بقوله : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ .. / 2 سورة الجمعة } . )) . وهناك رأيا أخرا وفق موقع / البساط الأحمدي ، يؤكد أيضا أن الرسول كان غير أميا ( أميّ ، نسبة إلى الأمم من غير بني إسرائيل . وقد استخدم الكتاب المقدس هذه التسمية كما استخدمها القرآن لتعني من هم ليسوا من بني إسرائيل أو من أهل الكتاب جميعا حيث يقول تعالى " وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ / 21 آل عمران " ) . * التساؤل هنا : أتعني كلمة أمي"أن الرسول مَن تؤمُّ له الخلائق كلُّها" أم تعني "نسبة إلى الأمم من غير بني إسرائيل" ! .
القراءة : ما تم سرده في أعلاه ، مطروح في العموم في المصادر والمراجع ، كنقاط متداولة ضد أن الرسول كان أميا / بل أنها تفند هذا المنحى ، ولكني أرى وجود محاور أخرى أعمق وأثبت مما ذكر ، منها : 1 . كون أن الرسول أمي تخالف مجريات الوقائع والأحداث ، ففي نزول القرآن عليه / على سبيل الجدل ، كيف لأمي أن يحفظ هذا العدد الهائل من الآيات ، من الملاك جبريل / المفترض ، وينقله الى كتبة الوحي ، لأن العملية تحتاج الى فرد متعلم ، هذا أذا علمنا ( أن عدد آيات القرآن هو 6236 آية ، وأنه نزل في 23 سنة .. وإذا أضفنا البسملات لعدد الآيات ، سوف نجد عدد آيات القرآن مع البسملات جميعاً هو 6348 آية / نقل من موسوعة الكحيل ) .. * أيعقل لرجل أن يحفظ كل هذا العدد من الآيات ، ومن ثم يقوم بنقلها الى كتبة الوحي ، وكيف له أن يدقق من صحة ما كتب ، أذا كان لا يقرأ ويكتب ! .
2 . الأمر الأخر ، أن رسول الأسلام كان محاطا به رهطا من الصحابة كلهم يقرأون ويكتبون ، ومنهم كتبة الوحي ، فقد جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب ، ( قال ابن القيم : فقد ذكر أهل السيرة أسماء الصحابة الذين كانوا يكتبون الوحي أو الرسائل للرسول : أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، وعامر بن فهيرة ، وعمرو بن العاص ، وأبي بن كعب ، وعبد الله بن الأرقم ، وثابت بن قيس شماس ، وحنظلة بن الربيع الأسيدي ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الله بن رواحة ، وقيل : إنه أول من كتب له معاوية ابن أبي سفيان ، وزيد بن ثابت ). * التساؤل : ألم يكن من المنطق أن يعلموا الصحابة رسولهم القراءة والكتابة ليفتخروا به بين القبائل ! هذا أولا ، أما ثانيا ، ألم يشعر الرسول ذاته ، بشئ من أن الخجل والحرج ! ، من أن صحابته متعلمون وهو أمي .
3 . أما المحور المهم ، أن أحفاد الرسول / آل بيته ، كانوا يقولون أن رسول الأسلام - أي جدهم ، لم يكن أميا ، ( يُحدّثنا جعفر بن محمد الصوفي ، يقــول : سألتُ أبا جعفر - #الإمام_الجواد- فقلتُ : يا بن رسول الله لم سُمّي #النّبي_الأمي ؟ فقـــال : ما يقول النـاس ؟ قلتُ : يَزعمون أنّه إنّما سُمّي الأمي لأنَّه لم يُحْسِن أن يكتب . فقـــال : كذبوا عليهم لعنة الله . أنّى ذلك واللهُ يقول في محكم كتابه : " هو الّذي بعث في الأميّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة .. / 1 – 2 سورة الجمعة " . فكيف كان يعلّمهم ما لا يُحسن ؟ ! ، والله لقد كان رسول الله يقرأ ويكتب باثنتين وسبعين أو قال بثلاثة وسبعين لساناً وإنّما سُمّي الأمي ؛ لأنّه كان مِن أم القرى#أهل_مكّة ، ومكّة من أمهات القرى ، وذلك قول الله عزّ وجل ومن حولها .. / نقل من موقع الشيخ الغزي ) .. * وهنا نلاحظ أن الأمام الجواد كان مغاليا في وصف ألسن محمد ، بأنه كان يتكلم ب 73 لسانا - ولم يوضح لنا ماهية هذه الألسن ، وبذات الوقت يضيف معلومة أخرى ، من أن الأمي ، تعني من أن رسول الأسلام كان من " أهل مكة " . 4 . وهناك واقعة أخرى ، وهي وصية الرسول قبل مماته ، عندما أراد كتابة وصية لقومه ، وهي دليل على معرفة الرسول القراءة والكتابة ، فكيف لشخص أن يكتب وصية وهو أمي ( حدثنا : يحيى بن سليمان قال : ، حدثني : إبن وهب .. عن إبن عباس ، قال : لما إشتد بالنبي وجعه قال : إئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده ، قال عمر : أن النبي غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فإختلفوا وكثر اللغط ، قال : قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع فخرج إبن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين كتابه . / نقل من صحيح البخاري - كتاب العلم - باب كتابة العلم ) .
الخاتمة : (1) كل المؤشرات والوقائع تدلل على أن الرسول كان يقرأ ويكتب ، أما شيوخ الأسلام فلهم رأيا ثانيا ، لأنهم يؤمنون بأن صفة " الرسول الأمي " دليل وأثبات على أن الرسول ليس كاتبا للقرآن ، وأن القرآن منزل / وهذا موضوع أخر يمكن أن يناقش في مقال مخصص له . (2) أن المثير للأستغراب ، أن ما ذكر من قرائن وحجج على نفي أثبات أن الرسول أمي ، يقابلها نص قرآني تام يؤكد أن الرسول أمي / لا يقرأ ( فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ ، فَقالَ : اقْرَأْ ، فَقالَ له النَّبيُّ َ: ما أنَا بقَارِئٍ ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ : اقْرَأْ ، فَقُلتُ : ما أنَا بقَارِئٍ .. فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } حتَّى بَلَغَ { عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } / سورة العلق : 1 - 5 / نقل بأختصار من موقع الدرر السنية ) . (3) التساؤل هنا ، أنصدق النص القرآني المذكور / سورة العلق 1 - 5 ، وننكر النصوص القرآنية الأخرى ( 2 سورة الجمعة ) و ( 21 سورة آل عمران ) .. ! ، أم نصدق السور الأخرى دون سورة العلق ! . (4) تساؤل أخر : أنلغي كل ما ذكر في الموروث الأسلامي من روايات ، مؤيدة بقرائن وحجج ، من أن الرسول كان يقرأ ويكتب ، أم نصدق نص " سورة العلق " أعلاه . (5) يتضح من كل ما سبق أنه هناك تضاددا وتقاطعا بين النصوص القرآنية وبين ما روي في الموروث الأسلامي ، وهذه أشكالية في المعتقد خاصة في حقبة الوحي المبكر ! . خلاصة الأمر : ليس من فرد يستطيع الأجابة على كل ما ذكر من تساؤلات ، نقطة رأس السطر .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أضاءة .. بين الهوية الدينية و الهوية الوطنية
-
أضاءأت .. شيوخ الأسلام والأرهاب الفكري
-
تقاطعات شريعة الأسلام مع ظرفي الزمان والمكان
-
ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلاب النصوص
-
المثلية الجنسية .. أضاءة
-
أضاءة حول تكفير الفكر الأخر
-
مونديال قطر 2022 .. والدعوة للأسلام
-
شيوخ الأسلام و - الكهنوت -
-
الأحزاب والأنظمة الأسلامية .. و الوطن
-
قراءة للآية 55 آل عمران – وجهة نظر ثانية
-
قراءة للآية 79 من سورة الأسراء ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمو
...
-
قراءة في آية الفتح / 10 .. ودورها في تكريس السلطة
-
المجئ الثاني للمسيح .. أضاءة
-
المخفي والمسكوت عنه في آيات - ملك اليمين .. -
-
لمحة عن الحجاب .. مع أضاءة عن مقتل الأيرانية مهسا أميني
-
يحتضر الوطن .. عندما يصبح - الوطن - مجموعة مكونات / العراق
...
-
الهرولة وراء المستقبل - كهرولة الفهد وراء الغزال .. أنه كالق
...
-
قراءة - للآية 26 من سورة البقرة -
-
الهوس الجنسي لدى دعاة المسلمين
-
الدول الأسلامية والعربية .. بين التحدي وبين السقوط
المزيد.....
-
حاخامات يهود يحتجون في نيويورك على لقاء نتنياهو ببايدن
-
تخريب أكثر من 40 قبراً يهودياً في شرق ألمانيا
-
أردوغان وأنور إبراهيم يدينان تدنيس المصحف والخطابات الشعبوية
...
-
تخريب أكثر من 40 قبراً يهودياً في شرق ألمانيا
-
لماذا وصف ولي العهد السعودي أسامة بن لادن بـ-عدو السعودية وأ
...
-
مصر.. دار الإفتاء توضح كيفية سداد القرض في ظل تغير سعر الدول
...
-
ألمانيا.. تخريب أكثر من 40 قبرا يهوديا شرقي البلاد
-
تخريب أكثر من 40 قبرا يهوديا في شرق ألمانيا
-
تخريب أكثر من 40 قبراً يهودياً في شرق ألمانيا
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات 2023 تردد قنوات ا
...
المزيد.....
-
فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب.
/ يوسف هشام محمد
-
التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا
...
/ علي أسعد وطفة
-
ظاهرة الهوس الديني في مصر - مقال تحليلي
/ عادل العمري
-
فرويد والدين
/ الحسن علاج
-
كيف دخل مصطلح العلمانية في الثقافة العربية المعاصرة والحديثة
...
/ فارس إيغو
-
تكوين وبنية الحقل الديني حسب بيير بورديو
/ زهير الخويلدي
-
الجماهير تغزو عالم الخلود
/ سيد القمني
-
المندائية آخر الأديان المعرفية
/ سنان نافل والي - أسعد داخل نجارة
-
كتاب ( عن حرب الرّدّة )
/ أحمد صبحى منصور
-
فلسفة الوجود المصرية
/ سيد القمني
المزيد.....
|