|
تقاطعات شريعة الأسلام مع ظرفي الزمان والمكان
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7482 - 2023 / 1 / 4 - 10:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الموضوع : يعتقد ، بل يؤمن شيوخ الأسلام - من السلفيون والوهابيون وجماعة الأخوان والدعاة ومعظم جمهور المسلمين ، بأن الأسلام صالح لكل زمان ومكان - أي أن " الأسلام هو الحل " ، وقد كتب الكثير من هؤلاء كتبا في هذا الصدد ، منهم الدكتور محمد عمارة - مؤلفه " هل الإسلام هو الحل ؟ لماذا وكيف ؟ " ، والذي بين فيه ( .. الحل الإسلامى لجميع المشاكل التى تواجه الحياة الفكرية ، والنهضة العقلية ، والنظام السياسى ، والقضية الاجتماعية ، تحرير المرأة وحقوق الإنسان ..). وسأتناول في هذا المقال المختصر بعض الأحكام الشرعية الأسلامية ، ومن ثم سأقرأها قراءة عقلانية حداثوية : 1 . قطع يد السارق : وقد جاء في تفسير هذا الحكم الشرعي ، التالي ( فقطع يد السارق ، هو قطع حقيقي ، ببتر ، وإبانة اليد عن الجسد ؛ قال تعالى"السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{المائدة:38}" وجرى عليه عمل المسلمين ، من لدن رسول الله إلى يومنا . فما ذكرته من أن معنى القطع في الآية تعطيل اليد عن العمل بالسجن ، إنما هو تعطيل للشريعة ، ومعارضة لحكم الله تعالى الصريح. / نقل من موقع أسلام ويب ) . * هل هذا الحكم الشرعي ألهي رباني ! ، وهل الله دموي وسفاح ليأمر بقطع يد السارق ! ، والسارق أصلا هو من عباده ، هذا من جانب ، ومن جانب ثان ، ألم يكن من المفروض أن يسأل السارق عن توبة ، أم تقطع يده مباشرة ، دون فرصة للتوبة ، ( فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ / 39 سورة المائدة ) ، والشرع يرفض السجن كعقوبة للسرقة ، من جانب أخر ، ألم يكن من المنطق أن القطع يصدر لمن تكررت سرقاته دون موجب / بالرغم من شناعة العقوبة ، والملاحظة المهمة ، ما يتركه هذا الفعل من أثر أجتماعي ونفسي على الفرد ، خاصة أذا طبق في عالمنا اليوم ، أذن قطع يد السارق ، أسلوب غير أنساني ، لا يتناسب والوضع الحضاري لعالم القرن الواحد والعشرين ، والتساؤل الأخير ، أن عمر بن الخطاب / ذاته ، قد عطل العمل بقطع يد السارق في عام الرمادة 18 هج / عاما كان عام قحط وجوع وجفاف ، والتعطيل هنا ، منطقي وذلك للظروف الصعبة التي مر بها المسلمين - أذن الأسلام لا يصلح لكل زمان ومكان .
2 . الرجم : سوف لن أخوض في حيثيات هذا الحكم الشرعي ، وأنما سوف أسرد ملخصا عنه ( ثبت حدُّ الرجم للزاني للمُحصَن وكذا الزانية المحصَنة بالكتاب والسُّنَّة وإجماع أهل السُّنة والجماعة ، ولم يُنْقل أو يُعرف عن أحد من الصحابة أو التابعين أو أحد من أهل السُّنَّة والجماعة أنه أنكره .. قال الفقيه ابن قدامة الحنبلي ، في “ المغني ” (9 / 39): “ وهذا قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومَن بعدَهم ”. وقال :” ثبت الرجم عن رسول الله بقوله وفعله في أخبار تشبه المتواتر ، وأجمع عليه أصحاب رسول الله ”. روى البخاريُّ ومسلم في صحيحَيْهما عن أبن عباس ، أن عمر بن الخطاب صعد المنبر فخطب الجمعة ، وكان مما قال : “إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ .. “ / نقل من موقع جمعية الأتحاد الأسلامي ) . * آية الرجم آية شنيعة ومقززة بحق الأنسانية ، ولا زالت تطبق في الكثير من الدول الأسلامية / أفغانستان وباكستان وأيران والسعودية وغيرها ، وهنا لا بد لنا أن نسأل ألا توجد قوانين وضعية مدنية تعالج هذا الوضع غير عملية الرجم الهمجية ! ، من جانب أخر ، أيمكن مثلا أن يقف الرجل المسلم وسط باريس أو أميركا وأن يرجم أمراة ! ، وهل هذا الفعل حضاري ، وما رد فعل المجتمع على هكذا أفعال ! . هذا الحكم الشرعي هو أكبر برهان على أن النص القرآني نص تاريخي ، وجد في ظرف زمكاني محدد ، قبل أكثر من 14 قرنا ، لا يمكن تطبيقه لاحقا . ويحضرني في هذا المقام ، قول السيد المسيح لليهود ، عندما كانوا يرجمون أمرأة ، لعلة الزنى : ( مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ / أنجيل يوحنا 8 : 7 ) .
3 . قتل المرتد : يعتبر قتل المرتد ، حكما يجب التوقف عنده عميقا ، ويمكن تلخيصه بما يلي ( تنقسم الأمور التي تحصل بها الردة إلى أربعة أقسام : أ - ردة بالاعتقاد ، كالشرك بالله أو جحده أو نفي صفةٍ ثابتة من صفاته أو إثبات الولد لله فمن اعتقد ذلك فهو مرتد كافر . ب - ردة بالأقوال ، كسب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم . ج - ردة بالأفعال ، كإلقاء المصحف في محلٍ قذر ؛ لأن فعل ذلك استخفاف بكلام الله تعالى ، فهو أمارة عدم التصديق ، وكذلك السجود لصنم أو للشمس أو للقمر . . د - الردة بالترك ، كترك جميع شعائر الدين ، والإعراض الكلي عن العمل به .. ما هو حكم المرتد ؟ : إذا ارتد مسلمٌ ، وكان مستوفياً لشروط الردة - بحيث كان عاقلاً بالغاً مختاراً - أُهدر دمه ، ويقتله الإمام - حاكم المسلمين - أو نائبه - كالقاضي - ولا يُغسَّل ولا يُصلى عليه ولا يُدفن مع المسلمين / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) . * وأرى أن نركز على تغيير المعتقد / أي المتحول من الأسلام الى معتقد أخر . والتساؤل هنا لم الفرد يقتل عندما يغيير دينه ، والنص القرآني يقول : « لا أكراه في الدين .. / 256 سورة البقرة » ، وتأكيدا على هذا النهج ، نلحظ نصا قرآنيا أخرا يعزز ذات الأمر ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ / 99 سورة يونس ) ، ولكن نفاجأ بحديث رسول الأسلام القائل ( من بدل دينه فاقتلوه ) ، وهنا نكون أمام موقفين متناقضين وهما : موقف رب القرآن الذي يحلل للمرتد تغيير معتقده ، وموقف محمد الذي يحرم فعل الردة ، بل محمد يأمر بقتل المرتد ! . وهذا التناقض في الموروث الأسلامي وضع الفرد المسلم في حيرة لمن يتبع ، أيتبع أله القرآن أم يتبع رسول القرآن ! .
خاتمة : (1) ما ذكرته هو غيض من فيض من الأحكام الشرعية ، التي لا يمكن أن تطبق ليس في وقتنا الحالي ، بل أنها حتى في تأريخيتها الفعلية كانت مقيتة . (2) أن الأمر الجلل .. أن شيوخ الأسلام يعظمون من الحكمة الألهية للشرع الأسلامي ، لذا فهم يعتبرون بأن الأسلام كعقيدة ، صالحة لكل زمان ومكان ، وهذا الأمر خلاف للتطور الأنساني والمجتمعي ، فالعقلية الجاهلية قبل 14 قرنا ، هي ليست عقلية القرن الواحد والعشرين ، وما كان صالحا أنذاك لا يمكن أن يقبل الآن . (3) أننا نلحظ في بعض الأحكام ، أن محمدا يخالف النص القرآني ، وهذا الأمر ظهر جليا من حديثه ( من بدل دينه فاقتلوه ) وغير ذلك ، لأن رغبة محمد كانت منصبة في تحجيم حرية الاعتقاد ، وذلك لأنه ينظر الى الوضع العددي للمسلمين / أي من أجل عدم تقليل عدد ما أقنعهم محمد بالأسلام ، لذا هناك تعمد في ذلك حتى وأن تقاطعت أحاديثه مع النص القرآني ! . أخيرا .. لا زال شيوخ الأسلام يتخبطون في قمقم الماضي ، جاهلين أن الماضي لا يمكن أن يكون صورة للحاضر ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، وهم يتجاهلون ، من أن الحاضر يجب أن يؤسس ويؤطر بمعطياته الأجتماعية الحضارية ، من أجل رسم صورة للمستقبل الذي تسعى أليه المجتمعات .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولادة المسيح بين الأنجيل والقرآن .. وأنقلاب النصوص
-
المثلية الجنسية .. أضاءة
-
أضاءة حول تكفير الفكر الأخر
-
مونديال قطر 2022 .. والدعوة للأسلام
-
شيوخ الأسلام و - الكهنوت -
-
الأحزاب والأنظمة الأسلامية .. و الوطن
-
قراءة للآية 55 آل عمران – وجهة نظر ثانية
-
قراءة للآية 79 من سورة الأسراء ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمو
...
-
قراءة في آية الفتح / 10 .. ودورها في تكريس السلطة
-
المجئ الثاني للمسيح .. أضاءة
-
المخفي والمسكوت عنه في آيات - ملك اليمين .. -
-
لمحة عن الحجاب .. مع أضاءة عن مقتل الأيرانية مهسا أميني
-
يحتضر الوطن .. عندما يصبح - الوطن - مجموعة مكونات / العراق
...
-
الهرولة وراء المستقبل - كهرولة الفهد وراء الغزال .. أنه كالق
...
-
قراءة - للآية 26 من سورة البقرة -
-
الهوس الجنسي لدى دعاة المسلمين
-
الدول الأسلامية والعربية .. بين التحدي وبين السقوط
-
أضاءة عن هدم الكنائس في الأسلام
-
الأسلام والتحول من الدين الى السلطة
-
حروب الردة ونهاية الدعوة المحمدية
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد تمركز قوات الإحتلال بمحيط المسجد الأقصى
-
السعودية.. محمد بن سلمان يؤدي صلاة الميت على الأمير ممدوح بن
...
-
شاهد..قائد الثورة الاسلامية: المقاومة قدر الأمة الاسلامية!
-
المقاومة الاسلامية تستهدف تجمعا للعدو بمحيط موقع جل العلام
...
-
موقف الجهاد الاسلامي من القرار الصهيوني باستئناف العدوان على
...
-
الشيخ عكرمة صبري يدعو لشد الرحال إلى المسجد الأقصى
-
شاهد/ الطفلة الفلسطينية -روح الروح- قبل وبعد استشهادها
-
بالفيديو.. الاحتلال يواصل منع الشباب من الصلاة بالمسجد الاقص
...
-
العراق: مقتل 11 شخصا في هجوم نسب إلى تنظيم -الدولة الإسلامية
...
-
آية الله يَتهم: أي البلدان الإسلامية أشد ارتباطا بإسرائيل؟
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
-
فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب.
/ يوسف هشام محمد
-
التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا
...
/ علي أسعد وطفة
-
ظاهرة الهوس الديني في مصر - مقال تحليلي
/ عادل العمري
-
فرويد والدين
/ الحسن علاج
-
كيف دخل مصطلح العلمانية في الثقافة العربية المعاصرة والحديثة
...
/ فارس إيغو
-
تكوين وبنية الحقل الديني حسب بيير بورديو
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|