أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - ابنة أستاذ وليم














المزيد.....

ابنة أستاذ وليم


محمد إبراهيم محروس

الحوار المتمدن-العدد: 7500 - 2023 / 1 / 23 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


هذا طريقي اليومي أغادر المحل لأمشي باتجاه الممر، علي أن أمر بجانب الكنيسة الفرنساوي ، يرهبني ضخامتها وروعة تنسيقها وجمالها من الخارج، سنوات عمري الكثيرة تمنيت أن أدخلها لأرى كيف هي من الداخل، ولكنني أرجأ الأمر حتى نسيته ، ألمحها تمر بجواري، ملامحها الأوربية ، جسدها الممشوق في اعتدال ، قد ظهر أثار الزمن عليها أتذكرها منذ كانت في الخامسة عشر من العمر تقريبا، كانت تطوف أحيانا شوارع السلطان الحسين، عندما تجرأ أحد الزملاء القدامى بمعاكسها نهرها صديق لي وهو يقول ألاّ تعرف من هي ؟! إنها ابنة الأستاذ وليم، لا أعرف لماذا ارتعشت وقتها، رغم أنني لم أعرف من هو الأستاذ وليم ، ومع مرور السنوات، كنت دائما أتلاقى معها في طرقات وشوارع الإسماعيلية، لا بدّ أن أراها مرة أو مرتين أسبوعيا ، أحيانا أرسم ابتسامة على شفتي ربما تلاحظها ، ولكنها تمرّ بجواري بهدوئها وخطواتها الرشيقة ، أتأملها وأمضي ، سنوات لا أتذكر عددها ، ولكن كلما حاول صديق لي أن يلفت نظرها في مرورها بجوارنا صدفة أحذره أنها ابنة الأستاذ وليم ، كبرت أسطورة الأستاذ وليم ، فقررت يوما أن أعرف من هو ، وأين هو الآن ، أحاول أن أتذكر أول صديق نبهني لأنها ابنة الأستاذ، ولكنه ضاع من ذاكرتي مع سنواتي الضائعة، بدأت حملة تفتيش سري عن الأستاذ وليم، في أي مدرسة كان ، وهل كان موجودا في مرحلة الإعدادية أم بعدها، هل انتبه للفتيان الذين يودون لفت نظر ابنته، أظنها لم تتزوج برغم تخطيها الأربعين، شيء في رشاقتها وهي تمرّ بجواري، يجعلني أرجح أنها ما زالت فتاة الزمن الماضي ابنة الأستاذ، سألت أصدقائي جميعا عن الأستاذ وليم ، تلقيت إجابات كثيرة بلا عدد عن الأستاذ وليم، البعض رجح أنه كان مدرسا للغة الفرنسية وأنه كان مشهورا عندما كنا في الثانوية العامة بمجموعته التي كان يقدمها مجانا للطلبة، وأكد آخرون أنه كان مدرس فيزياء، أشطر مدرس فيزياء مر بالمدارس الحكومية ، البعض أكد أنه كان ناظرا للمدرسة الأجنبية التي تخرجت منها تحية كاريوكا، والبعض قال إنه كان يحب تحية في شبابها، وأن له صورا معها وهي تأكله بيدها، صديق أقسم أنه رأى الصورة بنفسه، البعض قال إنه ليس مصري من الأصل ، وأنه يوناني أتى كطفل صغير مع أبيه الذي كان يعمل في قناة السويس، أشياء بلا حصر قيلت وأنا أواصل البحث عن الأستاذ وليم ، الذي تمثل لي وقتها بالغريب، في فيلم حكايات الغريب، وهناك صديق أكد أنه كان أحد الفدائيين، واشترك في حريق النافي الانجليزي في شبابه، وأنه لم يغادر الإسماعيلية أيام التهجير، بل فتح مخبزا صغيرا كان يمد السكان الذين أصروا عدم الهجرة بالعيش مجانا، تحول سؤالي عن الأستاذ وليم لفترة تندر بين أصدقائي, فكل واحد منهم صار يؤلف قصصا عن وليم وابنته ويصبها في أذني، لا أعرف ذلك الهوس الذي أصابني كيف أتحرر منه، تمرّ الأيام ثقيلة ومملة، لا شيء جديد يحدث، سوى أنني استمر في مقابلتها تمر بجواري وأنا أتأمل تفاصيلها، وأريد أن أؤكد لها أنني يوما ما سأتجرأ وأسالها عن الأستاذ وليم وعن أخباره، وأنني كنت في يوم ما أحد تلاميذه الفاشلين وأنه ساعدني كثيرًا, حتى تفوقت في مادته التي لا أعرف ما هي تحديدًا، هل كانت كيمياء أم أحياء أو فيزياء، قد تكون اللغة الفرنسية أقرب له ، يوم ما سأتجرأ واكلمها أثق في هذا، ربما بعد سنة ، اثنين ، عشرة، فلقد انتظرت عمرًا ولم أكلمها فلا ضرر أن انتظر عمرًا آخر .. لماذا لا يكون اليوم ، هل سوف أوقفها في الشارع وأسألها ؟!
اليوم، اليوم لمحتها وهي تدخل الصيدلية أمام الكنيسة، صاحبها معرفة قديمة, لأدخل خلفها، ربما حان الوقت للسؤال، جمعت شجاعتي ودخلت وراءها، كانت تملي الدكتور طلباتها، تنحنحت فرحب بي، وأشار أنه أمامه دقيقة ليكون معي ، أعطاها طلباتها، فشكرته ومضت، لمحنى الدكتور وأنا أتابع خروجها، فتأملني للحظة قبل أن يقول أميرة ، هززت رأسي بنعم وأنا أهمس بالفعل تبدو كأميرة ، فضحك وهو يقول لي إن هذا اسمها ، أميرة ، تعمل في مطعم كينج أدور ، المطعم الوحيد الأشبه بالملهى الليلي بالإسماعيلية، أكدت له إنه مخطئ وأنها ابنة الأستاذ وليم ولا تعمل في أي مطاعم ، فابتسم وهو يؤكد أنها ليست ابنة أي وليم ، وأنها أميرة إسماعيل بدوي ، فمعه روشتات كثيرة باسمها ويعرفها ورآها عدة مرات وهي تدخل المطعم, ورآها بداخله هناك عدة مرات، أكدت له أنه مخطئ، وأنها ابنة الأستاذ وليم .. وغادرت .
ما زلت أراها وهي تمرّ بجواري، وأنا أمر بجوارها بجانب الكنيسة الفرنساوي ، وسيأتي اليوم الذي سألها فيه عن أبيها، فهي ابنة الأستاذ وليم ...



#محمد_إبراهيم_محروس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديك الأحمر
- سلم للصعود
- نظرة أخيرة
- أحلام مشروعة (2) - رواية -
- أحلام مشروعة (1) - رواية -
- نهدان
- أنفاس صباحية
- قبلة باردة
- يقتله الشك
- لن أكمل القصيدة
- لون واحد ..
- اعتزال بائع الروبا بيكيا ..
- أيام خريفية ..
- رجل لا تعرفه الشوارع !!
- شات
- شوارع سالم ..
- قرار بالمواجهة ..
- عنوان سياسي..
- جبل الحكايات
- نظرة امتنان


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - ابنة أستاذ وليم