أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - إيران... الهوية المذهبية كبديل لهوية الوطن















المزيد.....

إيران... الهوية المذهبية كبديل لهوية الوطن


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 7442 - 2022 / 11 / 24 - 22:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بوصول الخميني إلى سدة الحكم في إيران عام 1979، فرض على القوميات التي تشكل الشعب الإيراني، هويته الدينية – المذهبية كهوية وطنية بديلة لهوية الانتماء للوطن التي كانت سائدة، على الأقل خلال حكم آل بهلوي لإيران.
رؤية الخميني الطائفية – المذهبية، أسقطت من حساباتها أي اعتبار لفكر وثقافة المواطن الإيراني، إضافة لحقيقة أن سكان إيران يتكونون من خمس قوميات وانتماءات عرقية رئيسية، متباينة، قبل انتماءاتهم الدينية والمذهبية، ليفرض عليهم هويته المذهبية، كهوية وطنية ودينية، يجب أن تسود، في دولته الجديدة، كهوية وطنية واحدة.
بخطوته العنصرية، غير المحسوبة بغير حساب النوايا والأهداف الضيقة، تناسى الخميني حقائق الجغرافيا والتاريخ التي تحكم إيران من حيث كونها كانت امبراطورية استعمارية استحوذت، في عصور قوتها، على مساحات من أراضي الدول المجاورة لها وضمتها إلى أرضيها، بسكانها المختلفين، عرقياً وقومياً ودينياً عن العنصر الفارسي.
وإذا ما كانت الحقب التي سبقت الخميني قد نجحت في جمع قوميات البلوش والأذريين والفرس والكرد والعرب تحت خيمة الهوية الوطنية، فإن الخميني لم يكتفي بفرض مذهبه الديني (مذهب الشيعة الاثني عشرية)، كهوية واحدة لجميع الشعوب الإيرانية، بل مارس كل أنواع التمييز والاضطهاد، القومي والمذهبي، ضد الشعوب الإيرانية غير الفارسية، إضافة إلى محاربتها في انتماءاتها الدينية والمذهبية، وخاصة الشعوب المسلمة من أتباع المذاهب غير الشيعية.
ولهذا نرى أن جميع الانتفاضات الشعبية الإيرانية التي عمت وتعم إيران، منذ عام 2009 ، ورغم وحدتها في الاطار السياسي العام الرافض لحكم نظام الولي الفقيه، الذي شرعه الخميني لنفسه ولمن يخلفه، كحاكم ديني مطلق وبالحق الإلهي (بادعائه أنه يحكم بتفويض من إمام الشيعة العائب، المهدي المنتظر رغم عدم وجود أي دليل على ولادة هذا الإمام من الأساس، وليس على اصطفائه كمخلص لأتباع الشيعة الاثني عشرية وحسب) فإن هذه الانتفاضات سرعان ما تتفرع، بعض أهدافها، للمطالبة بحقوق القوميات والأقليات الدينية والعرقية - غير الفارسية – الدينية والمذهبية، بل وحتى في حق اختيارها لأسماء أبنائها، بعد أن فرضت حكومة الولي الفقيه عليها قائمة أسماء مذهبية لا يجوز، لأتباع القوميات والأديان والمذاهب الصغيرة الخروج عليها. وهذا ما جسدته انتفاضة الشعوب الإيرانية الأخيرة، التي أشعلها مقتل الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً)، على يد جهاز الشرطة الذي يسهر على حماية (أخلاق!) دين دولة الولي الفقيه، المعادي والمضطهد لجميع حقوق المرأة الإيرانية. وكما شهدنا ومازلنا نشهد، ونحن في الاسبوع العاشر لهذه الانتفاضة، فإن مقتل الشابة مهسا أميني، والذي تم بقسوة تقترب من درجة الوحشية والتمثيل بالجسد، قد فتح الباب للأكراد والبلوش والأذريين (أغلبهم من أتباع المذاهب السنية) للمطالبة بحقوقهم القومية والمذهبية التي تحاربها دولة الفقيه وتمنع أتباعها من ممارسة شعائرها الدينية.
وحقائق الأرض تثبت، لمتتبع الشأن الإيراني، أن دولة الفقيه المذهبية الإيرانية، ومنذ يومها الأول في الحكم، قد مارست حرباً هوياتية فارسية شيعية ممنهجة، بقصد تذويب ومحق هويات الأطراف الإيرانية (باعتبار أن الفرس، كقومية، يمثلون جوهر ومرتكز الشعب الإيراني، إضافة لتمركزهم في وسط جغرافيا الأراضي الإيرانية) التي تشغل الأقاليم والمحافظات الحدودية، بحكم سلخها من دول الجوار وضمها للدولة الفارسية عبر التاريخ.
ومن ناحية جيوسياسية، غير منظورة لدولة الفقيه، فإن انتفاضة (مهسا أميني) أو انتفاضة المرأة الإيرانية (كما أسماها شباب الانتفاضة من الرجال الإيرانيين) التي تدور رحاها على رأس دولة الفقيه الآن، تثبت أن سلطة دولة الفقيه كانت تحرث في البحر وإنها لم تكن في مأمن يوماً، من حرب هوياتية مضادة، من قبل الشعوب الإيرانية (غير الفارسية) المضطهدة، التي صبرت أربعين عاماً من أجل استردادها لهوياتها وحرياتها الدينية. بل إن الجانب الأهم في انتفاضة (مهسا أميني) هو تحولها إلى حرب جيوسياسية ضد سلطة دولة الفقيه المركزية، المتمثلة في الهوية الموحدة التي فرضتها خلال الأربعين عاماً الماضية، والتي لم تكن في حقيقتها سوى مجموعة من السياسات الأمنية القهرية والعنصرية ضد الهويات الفرعية للقوميات والأديان والمذاهب التي لا تريد أن تراها سلطة دولة الفقيه، في ظل الهوية العقائدية – المذهبية التي فرضتها على جميع سكان الأراضي الإيرانية... وبقرار مركزي، مغلف بقدسية دينية – مذهبية، لا يجب أن يناقش حتى، بمرجعيته للإمام الغائب، كما أسلفنا.
معروف تماماً أن رؤية الولي الفقيه الهوياتية هذه قد عممتها إيران ثورة الخميني وخليفته خامنئي، على مستعمراتها العربية، (في العراق ولبنان كتجربتين تامتيّ التطبيق والنتائج، وفي سوريا واليمن، كتجربتين، مازالتا تحت البناء) وأن تنجح هذه التجارب، ليس في التعميم المذهبي، كهوية لهذه البلدان، بدل هوياتها الوطنية وحسب، بل في الهيمنة على مرتكزات هذه الدول وقراراتها السياسية، وبتدابير وإجراءات اقصائية سافرة، ومن دون أن تقابل بثورات حازمة تشابه ثورة الشعوب الإيرانية الأخيرة.
وكما نرى وتشهد ساحتيّ العراق ولبنان السياسيتين، فإن إيران وعبر فرضها لرؤية الهوية المذهبية، قد تمكنت من فرض أحزابها وميليشياتها على مراكز القرار في البلدين وبالتالي التحكم وفرض صيغة الحكم ووجوهها فيهما، وهذا ما تمثل في إجبارها للكتلة الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة في العراق (كتلة مقتدى الصدر) على الاستقالة، من أجل فسح المجال أمام حلفائها في تشكيل حكومة مرشحها، محمد شياع السوداني، ممثل ما يسمى قوى التنسيق المشترك، هذا التكتل الذي شكلته الأحزاب والميليشيات الموالية لها، عقب خسارتها في الانتخابات التشريعية، والتي قررت إيران أن تفرضها على سلطة العراق، باعتبارها الممثلة للهوية المذهبية الأكبر في العراق، وهي التي حلت كبديل للهوية الوطنية التي جمعت العراقيين، بكافة أعراقهم وقومياتهم وأديانهم ومذاهبهم، إلى يوم 9 نيسان/ابريل من عام 2003 ، عام الغزو الأمريكي للعراق واسقاط دولته، بمساعدة ودعم إيران السياسي والطائفي.
وهو كذلك ما نراه يحدث الآن في لبنان، ومنذ يأس ميشيل عون من ولاية جديدة في قصر بعبدا، وتركه للقصر شاغراً ودون قرار. فهذا هو برلمان لبنان يعقد الجلسة تلو الأخرى، تحت زعامة رئيسه الشيعي، نبيه بري، من دون أن يتمكن النواب من الاتفاق على انتخاب رئيس، ببساطة لأن الرئيس يجب أن يكون وفق المواصفات المحددة لحزب حسن نصرالله، وكيل الولي الفقيه في لبنان، وهذا ما يحرص على تنفيذه حسن نصرالله، وفق أول الشروط الإيرانية، وهو أن لا يفكر الرئيس الجديد بإحياء الهوية الوطنية اللبنانية أو هوية المواطنة اللبنانية، بل أن يترك كل الأبواب مفتوحة أمام حزب نصرالله لتكريس الهوية المذهبية ورؤيتها الإيرانية وفرضها كهوية وحيدة ومقدسة على جميع اللبنانيين، وبغض النظر عن أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم.
فهل سيشهد العراق أو لبنان ثورة مشابهة لثورة إيران الحالية، (ثورة استعادة الهوية الوطنية وقرارها السياسي الوطني) رغم أن الثورتين المأمولتين هما ليستا ثورتي أطراف ولا أقليات، بل هما ثورتي أغلبية وطنية تطلب حقها الشرعي وتطلب هوية وطنها المخطوف من قبل إيران، التي يتأرجح نظامها الآن على قرن ثور، بفعل ثورة شعوب إيران المضطهدة وضرباتها المسددة بحكمة لسلطات وقوى الولي الفقيه الخائرة؟



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الدلال الغربي لجمهورية إسلام إيران
- انتصار إيراني جديد
- الشعب يثير الشغب!
- كل الأطراف تحتاج الأسد في السلطة
- الشعب السوري وأزمات المجتمع الدولي
- تغيير العالم يأتي من أوكرانيا
- لأننا الجار الأضعف فقط
- العرب وطاولة الأسئلة الصعبة
- ناتو شرق أوسطي.. ماذا لو نجحت إسرائيل في لم شمل العرب!
- الشرق الإيراني الجديد
- ميزان القوى الدولية على الأراضي السورية
- حرب الحمار والدب الكبيرين
- نزال غير مثير
- رصاصة جيب التاريخ الأخيرة
- روسيا والغرب والعقد التاريخية
- المدونة الفلسفية كأساس للذاكرة الثقافية
- في الحرب الأوكرانية... هناك روسيا النووية وليس بوتين فقط
- بيت السكن المهدد بالهزيمة
- أنا أكره قاطع التذاكر
- برلمان لمحاسبة البرلمان على فساده!


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - إيران... الهوية المذهبية كبديل لهوية الوطن