أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - إعترافات كائن لا يطيق أي شيء














المزيد.....

إعترافات كائن لا يطيق أي شيء


اتريس سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 7409 - 2022 / 10 / 22 - 21:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا شيء يدفعُ المرء إلى الجنون أكثر من رغبته في الدّفاع عن نفسه ضدّ ما لا يمكنُ الإمساك به وما من أحد بعينه يمكن أن يمسكه ويقتصّ منه إرتعبنا حد التبلد بل وأكثر حد الإكتئاب السريري، فنتوجه إلى الخيال، نصنع آلهة لامرئية من الكمال وآخرى مرئية من الجنس اللطيف وكلاهم بعيد كل البعد عن الواقع، لا آلهة ولا جنس لطيف، بل أجناس الآلهة التي أكتبها بل وأكثر شراً. نقدس الأرباب أو السلاطين والأوطان والتاريخ والانفعالات، ظانين أن في إستعبادها لأنفسنا ورهنها لفكرة أو شعور أو خيال نجاة أو خلاص من نوع ما من عذابات الخوف و الترقب لكن ذلك لا ينجي ولا يؤجل ولا يلغي حقيقة الفجوة التي صنعتها الأسرة وتوسعت بؤرتها على يد المجتمع
إن الروح إحتجاج دائم على اللاشيء الذي آل إليه أسلافنا و سنؤول إليه مع كل أفواج البشر القادمة، ولا يمكنها أن تكون شيئا آخر غير مجرد إحتجاج رغم كل الجمال والبشاعة الذين فاضا عنها. إنه لمن الغريب أن يحتاج الإنسان إلى ملايين المفردات في كل اللغات، ليستوعب حقيقة أنه إخترع عزاءات خيالية لواقعة وجوده! و حقيقة أن تلك العزاءات صارت قيودا ثقيلة تحرمه من العيش بسلام حتى موته أمر مثير للسخرية أكثر مما هو موضوع للعلوم! لقد صارت العزاءات الخيالية طبقات متراكمة من الذهون الروحية والعقلية التي تثقل كاهل الإنسان، وإنه ليحرم نفسه لذة اليأس الضروري للعيش الحكيم، حين يدير ظهره لبشاعة الحقيقة، حقيقة أن الكون أزلي و لانهائي، لا زمن فيه ولا بداية ولا نهاية، وأننا إشتقاق من نسيج مادته، نحيى منه و نعود إليه في صيغة أخرى.
كل سعادات الحكمة السابقة، غير المزيفة، كانت مبنية على دهرية العالم وعبثيته، حيث حررت نفرا يسيرا من البشر من دكتاتورية المعنى والقيمة، وكل حكم النصابين والمرضى بالصرع والطمع كانت مبنية على محاولة جعل الخيال واقعا و حقيقة. "مفهوم الفناء والسَعي للخلود"
إن الإنسان كائن يَجهل ذاته ولا يَملك هويّة تعريف إنسانيّة تتجاوز المادة ورغم أننا كَكائنات نعيش ضمن قالب إفتراضي يجسده دماغنا للواقع ومحكومون بهذا القالب الدماغي الذي يُحلل ويُجسّد ما نرصده بأقرب صورة تعريفيّة مُمكنة إلا أننا إستطعنا النجاة من فوبيا العدم بتجسيد عبادات لأفكار وهمية وتصورات ذهنية لحظارات غابرة والإيمان بها، كالآلهة والتجسد وتعدد الحيوات والأثير والأبعاد وغيرها من فلسفة لا تكون نهايتها فراغ من العدم مع أنني أجد أن العدمية أجمل بكثير من أن أخرج من مستشفى للمجانين حاملا كما لايحصى من الجروح المعنوية والجسدية والروحية لأشاهد نور في نهاية النفق ويتضح أن هذا النور ليس سوى مستشفى للمجانين آخر، وتدور دوامة الإنتقال من مشفى إلى آخر مع فقدان الذاكرة في كل مشفى أتركه.
ما أجهل البشرية ؟ بل ما أجرمهم ؟ كيف إستطاعوا خلق سجن بهذا البؤس والعذاب متوهمين أنه الجمال والنجاة ؟عش مشاعر الروح بعيدا عن كيمياء الجسد فالجسد يفرز العرق والقيح واللعاب وهرمونات تؤجج القذف والنشوة و الغريزة لكنه لايفرز الحب ؟ الكيمياء لا تفرز الحب، الحب من يفرز الكيمياء وإلا لكنا خرجنا من بطون أمهاتنا ونحن نضحك بدل البكاء لأنه بكل بساطة لم يحيرني العدم بقدر ما حيرني الوجود، لم يبكيني العدم بقدر ما سلخ أدمعي الوجود، لم تقتلني الخطيئة بقدر ما قتلتني الفضيلة.
هل تعرفوا ما هو الإكتئاب السريري؟! أكره أي صوت يصل مسامعي حتى لو كانت نسمة هواء، أكره أن يرن هاتفي أو تصلني رسالة، أكره الشمس كما أكره القمر، أكره رشفة الماء التي تمدني بحياة أطول، أكره الكلام، أكره صوتي، أتكور فوق السرير كأني أريد أن أختفي بعينين جاحضتين محدقتين تحت أذرعي
وما أن أسمع صوت العصافير اللعينة حتى أنهض لأحضر قهوتي الوجودية و أشرع في كتابة تأملاتي المرحة و كأني أضمد بعض الجروح بطريقة فلسفية معكوسة لتكون بهيئة نصر وأظهر أمامكم بهيئتي الجبارة التي شبعت من الأوهام و الألم.
هواجس تحت ضجيج الألم
من أنا في هذا الكون وفراغ العدم
غريبة رنات السكوت آيعزف السكوت نغم؟
أنا الميت الحي توحد بداخلي الندم
ببساطة لقد أصبحت كل مالا تستطيعون إعتناقه
ومع ذلك لا أعرف ما الذي يجعلني أعتنقكم
لأكتب لكم طريقة نجاة لم تُكتب لي؟!



#اتريس_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غربة الذات
- إستيقظت فوجدت العالم ما زال نائما ?
- هكذا المجتمع يريدك أن تكون بألف قناع
- هل تهتمّ الملائكة برغبات الرجل الجنسيّة
- من أنت
- مرح الشيطان
- أتدري ما يفسد جمال الكون من حولك
- يصعب أن يكتمل شيء للإنسان تنقصه روحه
- لا تنظر إلى صورنا، بل إلى مانرسل إليك
- أصل الإنسان ومزايدات أنبياء الأنترنت
- لا تحدث أعمى البصيرة عن الشمس
- كل شئ يتعالى عليك حلق فوقه
- الشغف هو ما يُبقيك على قيد الحياة
- عالمنا مجرد مصفوفة أوجدها كيان وهمي
- حوار مع دهموش العفريت
- إنتكاسة البرمجة الكهنوتية
- أنت هو عدو نفسك
- الأرخون the archons
- رسالة المستنير
- عندما يطلب منك أن تشهد على شيء لم تره


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اتريس سعيد - إعترافات كائن لا يطيق أي شيء