|
جيفارا .. الموت من أجل كوب لبن لكل أطفال العالم
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7397 - 2022 / 10 / 10 - 06:33
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
---------------------------------------------------------------- الرجل الوسيم نادر ، الطبيب ذو الضمير نادر ، الانسان الحامل كفنه على يديه ، من أجل أن يفرح الفقراء نادر ، الرجل المهموم بالحزن فى عيون الأطفال نادر . وبالتأكيد هو رجل نادر الذى يقول : " عندما أموت لا تحزنوا بل افعلوا ما كنت سأفعله لو كنت حيا " ... و"اسقطوا الجنسية عنى فكل الأوطان وطنى " .. " عند موتى يا أمى لا تبكى ، سأحرض سكان القبور على الثورة من تحت التراب " . " أشعر بكل صفعة توجه الى مظلوم على وجهى ". ارنست تشى جيفارا 14 يونيو 1928الأرجنتين - 9 أكتوبر 1967بوليفيا ، أتذكره بمناسبة الرحيل الخامسة والخمسون ، كرمز لاشتهاء الحرية والعدالة والاستهانة بالأخطار ، وتحدى سلطات الاستبداد والاستغلال أينما كانت . كان رائعا فى وسامته ، وثورته ونبل انسانيته ورحابة آفاقها . سيرة مرموقة ، تثير الدهشة ، لا تتكرر كثيرا . متفوقا فى الرياضة الركبى والسباحة و لعبة الشطرنج . رافق فيدل كاسترو وحركته النشطة فى الحزب الشيوعى الكوبى ،وتحرير كوبا من الديكتاتورية فى عهد باتيستا . كان يجمع ما بين أعمال ومسئوليات الحزب ، وكتابة اليوميات والمذكرات واعداد الخطط ومعالجة المرضى والمصابين فى جيش التحرير الكوبى المسلح . وبعد نجاح الثورة الكوبية ، بانتصار ثورة 26 يوليو 1953 ، وتم خلع باتيستا 1959 ، تقلد مناصب هامة فى العهد الجديد بقيادة كاسترو ، وأصبح وزيرا للصناعة ، وكان يرتدى بدلة العمال وينزل فى مواقعهم ، ويأكل معهم ، ويتحدث اليهم ، لا نميزه بينهم ، الا بالسيجار الكوبى الذى يدمنه ، وشعره الأسود الكثيف يلامس كتفيه ، وشرارة الحرية لا تخمد . ينضم الى المظلومين المقهورين بسبب الاستغلال الرأسمالى الاحتكارى والامبريالية والاستعمار الجديد فى أى مكان ، فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا . غايته هى " عولمة الثورة ". فى عام 1964 ، قرر جيفارا التخلى عن مناصبه السياسية فى كوبا ، ويغادرها الى الكونغو فى أفريقيا ، والى أماكن أخرى من العالم . وقال خطبته الشهيرة التاريخية للعالم فى الأمم المتحدة فى 11 ديسمبر 1964 ، مودعا المناصب والراحة والاستقرار : " لقد بدأت الموجة الكاسحة ولن تتوقف بعد الآن ". شعر الشعب الكوبى أنه يفقد الملهم والقائد والثورى ، بهذه الرحلة ، وكتب كارلوس بويبلا ، عام 1965 ، أغنية من تأليفه وألحانه ، تعبر عن خلود فكر جيفارا ، عبر الأجيال فى كوبا وفى العالم ، وأخذ اسمها من كلمات جيفارا فى خطبته الأخيرة 1964 : " حتى النصر دائما ". وسافر جيفارا مع رفاقه فى جيش التحرير الوطنى الى الكونغو ، لكن الشعب لم يكن جاهزا للانضمام اليه . كتب بعد هذه التجربة :" قد أفشل لكننى لا أعيد الفشل الواحد مرتين ". أهداه عبد الناصر درع الجمهورية فى فبراير 1965 رغم اختلافاتهما حول أساليب التغيير والتحرر فى أفريفيا . هذا العام فى بدايات شهر مارس 2022 ، مات ماريو تيران الذى قام باعدام ارنستو تشى جيفارا فى أدغال بوليفيا ، بأوامر من المخابرات المركزية الأميركية المدعمة للنظام الديكتاتورى البوليفى فى عهد الرئيس رينيه بارينتو . قال جيفارا لماريو تيران العسكرى الشاب قبل لحظة اعدامه : " أعرف أنك جئت لتقتلنى .. اضرب أيها الجبان ، فلن تقتل الا رجلا ". بعد اغتيال جيفارا ، أصبح أيقونة عالمية ترمز الى انتفاضات الشعوب ضد الظلم والقهر والاستغلال . واستعادة جزء صغير من نضاله ، كاف لالهام كل الحالمات والحالمين بالانعتاق من القيود ، ومقاومة سارقى الأوطان والكرامة . وجيفارا كما أراه ، هو فيلسوف ، لا يناضل فقط بالسلاح ، ولكن بالعقل المتفلسف المبدع للأفكار والرؤى التى تحركه . وأعتقد أن البطانة الفلسفية هى أساس النجاح والانتصار فى أى مجال . " نموت من أجل الوطن ، لكن من الأفضل أن نعيش من أجله " .. " " المبدأ الذى يستحق العيش من أجله هو الذى يستحق الموت من أجله " .. " من مصلحة المستبدين تحويل الأديان الى مجرد طقوس " .. " لا تضع مفتاح سعادتك فى جيب شخص آخر " .. " القوة الحقيقية عندما يظنون أنك على وشك السقوط ولا تسقط " .. " أحيانا لابد أن نصمت كى يسمعنا الآخرون ، الصمت أصعب فنون الكلام " .. " لن أتوقف عن القتال حتى يحصل كل أطفال العالم على كوب لبن كل صباح " أليست هذه مقولات لا تصدر الا عن فيلسوف بالفطرة ؟؟. فى سانتا كلارا ، فى ساحة تشى جيفارا ، يوجد الضريح الحامل اسمه حيث دفن رفاته ، هو و29 من رفاقه ، ويوجد النصب التذكارى الخاص به ، حيث يرتفع تمثال جيفارا شامخا ، متحديا ، بفدائيته وناريخه ، وصوره التى تملأ كل مكان فى كوبا ، وفى أمريكا اللاتينية . فى عام 1950 ، ارتحل جيفارا على دراجة نارية مع صديقه البرتو جرانادو ، عبر مدن أمريكا اللاتينية ، حيث اكتشف معاناة وبؤس هذه القارة التى خضعت للاستعمار ونهب ثرواتها والابادة الجماعية . رحلة كتب يومياتها 1951 ، وكانت نقطة التحول من الطب الى الثورة . ما أحوجنا نحن سكان كوكب الأرض ، نساء ورجالا ، أن نستلهم من ذكرى اطلاق الرصاص على جيفارا ، قوة أكبر على اطلاق كل طاقاتنا، لصنع عالم يختفى فيه استغلال وقهر البشر ، أينما كانوا . كتب محفزا : " الطريق معتم ، منْ سينيره اذا احترقنا أنا وأنت ؟".
----------------------------------------------------------------------------------
جيفارا .. الموت من أجل كوب لبن لكل أطفال العالم ---------------------------------------------------------------- الرجل الوسيم نادر ، الطبيب ذو الضمير نادر ، الانسان الحامل كفنه على يديه ، من أجل أن يفرح الفقراء نادر ، الرجل المهموم بالحزن فى عيون الأطفال نادر . وبالتأكيد هو رجل نادر الذى يقول : " عندما أموت لا تحزنوا بل افعلوا ما كنت سأفعله لو كنت حيا " ... و"اسقطوا الجنسية عنى فكل الأوطان وطنى " .. " عند موتى يا أمى لا تبكى ، سأحرض سكان القبور على الثورة من تحت التراب " . " أشعر بكل صفعة توجه الى مظلوم على وجهى ". ارنست تشى جيفارا 14 يونيو 1928الأرجنتين - 9 أكتوبر 1967بوليفيا ، أتذكره بمناسبة الرحيل الخامسة والخمسون ، كرمز لاشتهاء الحرية والعدالة والاستهانة بالأخطار ، وتحدى سلطات الاستبداد والاستغلال أينما كانت . كان رائعا فى وسامته ، وثورته ونبل انسانيته ورحابة آفاقها . سيرة مرموقة ، تثير الدهشة ، لا تتكرر كثيرا . متفوقا فى الرياضة الركبى والسباحة و لعبة الشطرنج . رافق فيدل كاسترو وحركته النشطة فى الحزب الشيوعى الكوبى ،وتحرير كوبا من الديكتاتورية فى عهد باتيستا . كان يجمع ما بين أعمال ومسئوليات الحزب ، وكتابة اليوميات والمذكرات واعداد الخطط ومعالجة المرضى والمصابين فى جيش التحرير الكوبى المسلح . وبعد نجاح الثورة الكوبية ، بانتصار ثورة 26 يوليو 1953 ، وتم خلع باتيستا 1959 ، تقلد مناصب هامة فى العهد الجديد بقيادة كاسترو ، وأصبح وزيرا للصناعة ، وكان يرتدى بدلة العمال وينزل فى مواقعهم ، ويأكل معهم ، ويتحدث اليهم ، لا نميزه بينهم ، الا بالسيجار الكوبى الذى يدمنه ، وشعره الأسود الكثيف يلامس كتفيه ، وشرارة الحرية لا تخمد . ينضم الى المظلومين المقهورين بسبب الاستغلال الرأسمالى الاحتكارى والامبريالية والاستعمار الجديد فى أى مكان ، فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا . غايته هى " عولمة الثورة ". فى عام 1964 ، قرر جيفارا التخلى عن مناصبه السياسية فى كوبا ، ويغادرها الى الكونغو فى أفريقيا ، والى أماكن أخرى من العالم . وقال خطبته الشهيرة التاريخية للعالم فى الأمم المتحدة فى 11 ديسمبر 1964 ، مودعا المناصب والراحة والاستقرار : " لقد بدأت الموجة الكاسحة ولن تتوقف بعد الآن ". شعر الشعب الكوبى أنه يفقد الملهم والقائد والثورى ، بهذه الرحلة ، وكتب كارلوس بويبلا ، عام 1965 ، أغنية من تأليفه وألحانه ، تعبر عن خلود فكر جيفارا ، عبر الأجيال فى كوبا وفى العالم ، وأخذ اسمها من كلمات جيفارا فى خطبته الأخيرة 1964 : " حتى النصر دائما ". وسافر جيفارا مع رفاقه فى جيش التحرير الوطنى الى الكونغو ، لكن الشعب لم يكن جاهزا للانضمام اليه . كتب بعد هذه التجربة :" قد أفشل لكننى لا أعيد الفشل الواحد مرتين ". أهداه عبد الناصر درع الجمهورية فى فبراير 1965 رغم اختلافاتهما حول أساليب التغيير والتحرر فى أفريفيا . هذا العام فى بدايات شهر مارس 2022 ، مات ماريو تيران الذى قام باعدام ارنستو تشى جيفارا فى أدغال بوليفيا ، بأوامر من المخابرات المركزية الأميركية المدعمة للنظام الديكتاتورى البوليفى فى عهد الرئيس رينيه بارينتو . قال جيفارا لماريو تيران العسكرى الشاب قبل لحظة اعدامه : " أعرف أنك جئت لتقتلنى .. اضرب أيها الجبان ، فلن تقتل الا رجلا ". بعد اغتيال جيفارا ، أصبح أيقونة عالمية ترمز الى انتفاضات الشعوب ضد الظلم والقهر والاستغلال . واستعادة جزء صغير من نضاله ، كاف لالهام كل الحالمات والحالمين بالانعتاق من القيود ، ومقاومة سارقى الأوطان والكرامة . وجيفارا كما أراه ، هو فيلسوف ، لا يناضل فقط بالسلاح ، ولكن بالعقل المتفلسف المبدع للأفكار والرؤى التى تحركه . وأعتقد أن البطانة الفلسفية هى أساس النجاح والانتصار فى أى مجال . " نموت من أجل الوطن ، لكن من الأفضل أن نعيش من أجله " .. " " المبدأ الذى يستحق العيش من أجله هو الذى يستحق الموت من أجله " .. " من مصلحة المستبدين تحويل الأديان الى مجرد طقوس " .. " لا تضع مفتاح سعادتك فى جيب شخص آخر " .. " القوة الحقيقية عندما يظنون أنك على وشك السقوط ولا تسقط " .. " أحيانا لابد أن نصمت كى يسمعنا الآخرون ، الصمت أصعب فنون الكلام " .. " لن أتوقف عن القتال حتى يحصل كل أطفال العالم على كوب لبن كل صباح " أليست هذه مقولات لا تصدر الا عن فيلسوف بالفطرة ؟؟. فى سانتا كلارا ، فى ساحة تشى جيفارا ، يوجد الضريح الحامل اسمه حيث دفن رفاته ، هو و29 من رفاقه ، ويوجد النصب التذكارى الخاص به ، حيث يرتفع تمثال جيفارا شامخا ، متحديا ، بفدائيته وناريخه ، وصوره التى تملأ كل مكان فى كوبا ، وفى أمريكا اللاتينية . فى عام 1950 ، ارتحل جيفارا على دراجة نارية مع صديقه البرتو جرانادو ، عبر مدن أمريكا اللاتينية ، حيث اكتشف معاناة وبؤس هذه القارة التى خضعت للاستعمار ونهب ثرواتها والابادة الجماعية . رحلة كتب يومياتها 1951 ، وكانت نقطة التحول من الطب الى الثورة . ما أحوجنا نحن سكان كوكب الأرض ، نساء ورجالا ، أن نستلهم من ذكرى اطلاق الرصاص على جيفارا ، قوة أكبر على اطلاق كل طاقاتنا، لصنع عالم يختفى فيه استغلال وقهر البشر ، أينما كانوا . كتب محفزا : " الطريق معتم ، منْ سينيره اذا احترقنا أنا وأنت ؟".
----------------------------------------------------------------------------------
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعلان زواج .. خطيئتى .. فنجان من الغيب المحوج ثلاث قصص قصيرة
-
الشهر العاشر .. زينب جدتى قصتان قصيرتان
-
تأملات : - غاندى - الفقر أسوأ اشكال العنف
-
تنويعات متفلسفة مع بدايات الخريف
-
وطن يعطينى مرتبا شهريا على تمردى
-
13 سبتمبر ميلاد أبى شريف حتاتة
-
فنان أخذ من - البحر - الاسم والعنفوان والخلود
-
مصلحة البشر وسعادتهم وحريتهم فوق الأديان
-
الموت على البث الحى
-
تأملات .. الرأسمالية وباء وداء
-
العَلم والقلم ..... ثلاث قصائد
-
رجل يتمنى صداقتى .. ميتة مخادعة ............. قصيدتان
-
كاتبة من شبرا ..... ثلاث قصائد
-
مشاهد ناقدة لمفهوم وصلاحية الديمقراطية
-
طالما أننى ... قصيدة
-
أمى .. اليكِ أشكو ثلاث قصائد
-
لا تهاجرى .... لا تهاجر
-
جوائز النفط ... أربع قصائد
-
15 أغسطس عيد استقلال وطن لا أحمل جنسيته
-
تأملات .. الأحكام الأخلاقية لأجساد النساء
المزيد.....
-
ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال
...
-
الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط
...
-
وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير
...
-
“الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم
...
-
مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من
...
-
م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
-
م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في
...
-
ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
-
التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
-
شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
المزيد.....
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
-
الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج
/ سعيد العليمى
-
جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|