أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - اندمج بعيدا عنا














المزيد.....

اندمج بعيدا عنا


عماد ابو حطب

الحوار المتمدن-العدد: 7391 - 2022 / 10 / 4 - 10:41
المحور: الادب والفن
    


دويتشيات/3
اندمج بعيدا عنا*

هذه النصوص محاولة للاطلالة على مجتمع نحاول أن تندمج به دون فائدة..هنا تفاصيل وتفاصيل تصل إلى حد الملل.

حين وصلنا هذه الأراضي التي رفعت راية الحرية والديمقراطية كنا قد ظننا اننا تركنا ورائنا ارث القمع والتغول للأجهزة إلا أن الواقع لم يكن ورديا.وصلت برلين في نهاية ايلول 1998 .وتنقلت مع عائلتي الصغيرة في عدة مدن قبل أن أسلم نفسي إلى كامب اللجوء في برونشفايغ،كانت الحرب البوسنية/الصربية/الكرواتية في بدايتها،وكانت قوافل اللاجئين لم تتزايد بعد،حيث انها بلغت بعد ان سلمنا أنفسنا بثلاثة ايام الى عشرات الآلاف،وكانت ألمانيا غير مستعدة على صعيد مؤسساتها لاستقبال اللاجئين فهي اصلا ليست دولة مرحبة بهم،واذا كان من الصحيح أن جدار برلين قد سقط على الخريطة منذ عشرة أعوام إلا أن البلد كانت ما زالت على أرض الواقع مقسمة،مقاطعات الغرب القديمة التي تتركز بها رؤوس الأموال والرأسمالية والاحتكارات الالمانية،ومقاطعات الشرق الجديدة التي كانت فريسة لهذه الشركات لالتهامها..حينها شهدت الشرقية موجات نزوح كبيرة للشباب نحو الغرب كما شهدت نهب كبير للمؤسسات والمعامل والشركات التي كانت عصب ما سمي ألمانيا الديمقراطية.باتت الصورة كالتالي ؛غرب مزدهر وشرق بات كمدن الاشباح لا أحد فيه إلا العجائز والعاطلين عن العمل ومعظمهم من الروس الذين يقولون انهم من أصول ألمانية وقد وصل عددهم عام 1981الى 2,7 مليون شخص تركزوافي الولايات الشرقية قبيل الوحدة الألمانية. يوم تسلمت اوراق الفرز كنا ما يقارب من مئتين لاجئ معظمهم من الشباب ولا يوجد بينهم عائلات و من مذاهب شتى. فرز الجميع إلى الولايات الغربية إلا انا وعائلتي المكونة مني ومن زوجتي وطفلتين، فقد فرزنا إلى الولايات الشرقية في منطقة تبعد ما يقارب 600كيلومتر.حينها نصحني الجميع أن امزق ورقة الفرز واطلب فرزا جديدا باعتبار الشرقية مناطق خراب والحركة العنصرية ضد اللاجئين كانت قد بدأت تطل برأسها وتكررت حوادث الاعتداء عليهم دون أي رادع بل بتواطئ واضح من بعض الأجهزة في تلك المقاطعات .تسلمت ورقة الفرز وطلب مني مغادرة المركز فورا إلى محطة القطارات لابدأ في رحلة التيه أو ما سمي لاحقا الاندماج بعد عام 2011وموجة اللجوء الكبيرة الثانية التي شهدتها سوريا بوصول أكثر من مليون لاجئ سوري.واذا كان العديد ممن لجأ بعد عام 2011 إلى ألمانيا يشعر أن حبل النجاة القي له هنا،إلا أنني شخصيا ومن تجربتي الشخصية خلال عشرين عاما وجدت أن المنفى هنا أشبه بانشوطة التفت حول عنقي ،ومع تقدمي بالعمر لم يعد بالإمكان الخلاص منها.وان الحديث عن الاندماج ليس إلا محاولة من الساسة والأحزاب السياسية التهرب من حقيقة أن المجتمع الألماني لم يعد كالسابق مكون من عرق واحد وثقافة واحدة وان سياسة الاندماج هذه التي سار عليها اليمين وبتبني اليسار الوسطي له هدفها ليس خلق مجتمع متعدد الأعراق والثقافات بل إجبار اللاجئين والأقليات التي باتت جزءا من المجتمع على التخلي عن كل موروثاتهم الثقافية والانصهار رغما عنهم في موروث الثقافة الجرمانية. هنا أكذوبة الاندماج تعني لا مكان لأي موروث ثقافي أو اجتماعي إلا سيطرة مفهوم وثقافة محددة على كل مكونات المجتمع.وان نزوع المجتمع إلى اليمين وحتى العنصرية ليس أمرا عابرا هنا بل هو جزء من نظرة التفوق العرقي التي ترى في الآخرين أقل مكانة وشانا لهذا مكانهم أسفل السلم الاجتماعي والوظيفي ،ولهذا تتلمس النظرة الدونية لك والتي يعبر عنها عفويا وهو ما ظهر في التعامل مع لاجئ اوكرانيا وتميزهم عن باقي اللاجئين،وهو ما يطل الآن عبر التصريحات عن وقف نظام اللجوء لأي عرق أو جنسية خارج اوكرانيا الذين وصل عددهم إلى مليون ونصف حسب الإحصائيات الأولية.
سنوات حكم حزب ميركل كان هنالك سيفا مسلطا على رؤوس جميع اللاجئين أنكم تحت امتحان دائم لا يتوقف وان خياركم النجاح في امتحان اللجوء والاندماج أو ستهانون.هذا ما تم في الدانمارك والنرويج وكذلك السويد والان نراه علنا في المانيا.انت أمام امتحان يومي وإهانة لا تتوقف أن لم تنجح دوما في هذه الامتحانات.لعل ابلغ تعبير عن هذه النتيجة حملة الإعلانات التي قامت بها وزارة الداخلية الألمانية، لتشجيع برنامج العودة الطوعية للاجئين.
فهذه الإعلانات كانت موجَّهة "شكليًّا" إلى كل اللاجئين بدون أي استثناءٍ، وبغض النظر عن كونهم "مندمجين" أو "غير مندمجين". وتقوم هذه الحملة على القول إن مستقبلك هو في وطنك؛ ولا يحيل الوطن هنا على ألمانيا مطلقًا، بل يحيل على البلد الذي هرب منه اللاجئ.فانت يمكنك أن تندمج ولكن مكانك ليس هنا..اذهب بعيدا من حيثما قدمت واندمج وطريق السلامة.

*نصوص من مجموعة جديدة قيد الإعداد



#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انت لست لاجئ..انت...!
- أحضان وطن
- تهيؤات
- قال Renter قال...روح قحط /1
- هاي دفشة والله لا يردك/2
- وهاي دفشة الله لا يردك/2
- هاي دفشة والله لا يردك/1
- بلا ستيك بلا بفتيك خدلك سندويشة فلافل وروح على السكيت
- زوال
- اهرب بجلدك
- حين وقعت في شر اعمالي
- انا وكوابيس ابن سيرين
- نهاية الشبيه
- فكنا من خرابيط المثقفين/الشبيه 3
- الأربعون شبيها/2
- صخرة سيزيف
- الاربعون شبيها /1
- ظل حيط ولا ظل رجل
- تحشيش بلا حشيشة
- على نفسها جنت براقش


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد ابو حطب - اندمج بعيدا عنا