أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - لتتعلّم بغداد من ليفربول














المزيد.....

لتتعلّم بغداد من ليفربول


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 7391 - 2022 / 10 / 4 - 00:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر لعبة كرة القدم في انكلترا هي الأكثر شعبية في البلاد وجمهورها متعصّب جدا لفرقها، بغضّ النظر عن الدوريات التي تلعب بها تلك الفرق سواء كانت في الدوري الممتاز أو غيره، ومن الأندية التي لها باع طويل في كرة القدم الانكليزية هو نادي ليفربول الملقّب بالحُمْر، ويتسّع ملعبه المعروف بإسم الأنفيلد لما يقارب الخمسة وخمسون الف متفرّج. وعلى الرغم من أنّ النادي تأسّس أواخر القرن التاسع عشر، الّا أنّه أصبح جزءا مهما من المدينة التي تأسّست بداية القرن الثاني عشر وتاريخها الطويل كميناء مهم غرب البلاد. وليفربول علاوة على كونها ميناء تتميز بكونها مدينة صناعية وفيها العديد من الجامعات المرموقة على مستوى العالم، كما وفيها العديد من المراكز الثقافية والمسارح وغيرها من دور الثقافة المهتمّة ببناء الإنسان.

سكّان المدينة هم كما سكّان باقي انكلترا يتمتعون بدراسة مجّانية في مدارسها ومعاهدها، وجامعاتها بمنح من الدولة تسترجعها بعد تخرج الطالب، كما ويتمتعون برعاية صحيّة مجانيّة ومتطورة، ونظام رعاية إجتماعية متقدّم يوفّر حماية للأطفال والبالغين وذوي الإحتياجات الخاصّة والمسنّين بمنحهم رواتب الإعانة ودعم إحتياجاتهم المختلفة. وعلى الرغم من أنّ سكّان المدينة يتمتعون بهذه الإمتيازات، وعلى الرغم أنّ مدينتهم مدينة صناعية ومركز ثقافي وعلمي مهم بالبلاد، الّا أنّهم يبدون تذمرّهم من أوضاعها!! وعادة ما تعبّر المدينة عن تذمرّها في ملعب أنفيلد أثناء مواجهات فريقهم مع الفرق الأخرى، ويكون التذمّر على شكل معارضتهم للعائلة المالكة وعدم إحترامهم للنشيد الوطني للبلاد.

بعد وفاة ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية مؤخرا وعلى غير العادة إحترمت جماهير النادي دقيقة الصمت حدادا على وفاتها أثناء إستضافة الفريق لنادي أجاكس امستردام الهولندي، وقد كتبت الصحف البريطانية وقتها من أنّه التزام نادر لجماهير النادي. هذه الجماهير التي تغنّت في نهائي كأس الإتحاد الانكليزي عام 1965 بـ "حفظ الله فريقنا" عوضا عن نشيد "حفظ الله الملكة"، كما وكانت لها صرخات إستهجان أثناء عزف النشيد الوطني عام 2012 وكذلك في شهر آيار/ مايس الماضي أثناء عزفه في نهائي كأس الاتحاد الانكليزي، ما دفع برئيس الوزراء بوريس جونسون وقتها على إدانة تصرفات الجماهير، فيما كانت كلمات المدرب يورغن كلوب عميقة جدا حينما قال "لن يفعلوا ذلك لو لم يكن هناك سبب.. يجب أن نفهم لماذا؟".

سكّان المدينة يعبرّون عن أستيائهم كون مدينتهم عانت من التهميش خلال فترة السبعينات والثمانينات. وفي العام 1981 اندلعت مواجهات في المدينة احتجاجا على الأوضاع الصعبة والتي أستمرّت لمدة تسعة أيّام. هذه الأحداث والتوترات، جعلت سكان ليفربول "يعتبرون أنفسهم غرباء ومنفصلين عن بقية البلاد" !! وعلى الرغم من كل الأمتيازات التي يتمتع بها البريطانيون، قال جون جيبونز أحد مشجعي النادي لراديو بي بي سي وهو يعبر عن إستيائه من أوضاع المدينة "إنه أمر يشعر به مشجعو ليفربول بشدة، إنها مدينة تريد أن تتحدث بصوت عالٍ حول كيف يجب أن نعيش في مجتمع أكثر عدلا"!!

إنتهت الذكرى الثالثة لإنتفاضة آذار بشكل خجول ومأساوي ومؤسف، بعد فشل منظمّوا التظاهرات بحشد جمهور على عدد مقاعد انفيلد ليعبر عن مطالبه ومطالب الملايين الصامتة التي تجتر الدين والمذهب كغذاء يومي وعلى مدار العام، بعد أن حولّت حياتها وحياة أبنائها الى طقس جنائزي بكائي لا يعرف معنى للحياة والفرح. ملايين من البشر يعيشون في مدن محطمّة، حيث لا خدمات ولا رعاية صحيّة ولا تعليم ولا ثقافة، ملايين تسير مئات الكيلومترات لأحياء طقوسها ولا تخرج بتظاهرة للمطالبة في أن تعيش بشكل آدمي. هذه الملايين المسحوقة والمهمشّة والمهشمّة ستبقى كما هي عاجزة عن تغيير اوضاعها، طالما تفكّر بشكل الحياة بعد الموت عوضا عن شكل الحياة اليوم.

ما قلناه ليس يأسا من الواقع المزري الذي نعيشه في ظل سلطة المحاصصة والإسلام السياسي وسلبية الغالبية من جماهير شعبنا، بل صرخة في أنّ بغداد التي تلفظ انفاسها الأخيرة، عليها أن تصرخ بصوت عال وعال جدا لتطالب في أن يعيش أبنائها وأبناء العراق في مجتمع اكثر عدلا...

لنتعلم من ملعب ليفربول ونحوّل ملاعبنا وفي كل مباراة الى ملاعب نضالية، نهتف فيها ضد اللصوص والقتلة وبيّاعي الوطن، نهتف فيها من أجل أطفالنا وشابّاتنا وشبابنا الذي يضيع في زحمة البطالة والأهمال والنسيان والمخدرّات، نهتف من اجل غد اجمل لبلادنا وشعبنا.. ما أجمل ان يكون ملعب الشعب كما أنفيلد منصّة للغضب والحقد الشعبي على السلطة وأحزابها وميليشياتها وعصاباتها ومنابرها في كلّ مباراة. ولأنّ الشيء بالشيء يُذكر، فلتكن ملاعبنا كما ملعب الحريّة (آزادي) في طهران أيضا، حيث حناجر الجماهير تهتف ضد سلطة الدين المتخلفّة وهي تغتال الحياة كما ذيولها وهم يغتالون الحياة ببلادنا.



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل العراق وآفاقه الضبابية
- غيتو الخضراء ... مفارقات تاريخيّة
- خطورة التنازل الطوعي عن الديموقراطيّة بالعراق
- قطار ولاية الفقيه وصل حدود النجف الأشرف
- أقليم كوردستان ليس جزءا من الحلّ
- مبنى البرلمان العراقي لا يمثّل سلطة الشعب ولا القانون
- بين منهاج حزب الدعوة الأسلاميّة وتسريبات المالكي
- السيّد الصدر .. من المخجل جدّا جدّا
- الصدر والمشروع الأيراني في العراق
- السيد مقتدى الصدر: أن كان هذا نصرا فلا أهلا ولا سهلا به
- رحل من كان يمسح الله عن قدميه الطين .. رحل مظفر النوّاب
- الشعوب الأوربية تغامر بمنجزاتها التاريخية
- من أوراق أنتفاضة تشرين الخالدة..... أنتُنَّ اللواتي لَكُنّ ك ...
- أولويات الأسلام السياسي في العراق من وجهة نظر ميليشياوية
- وقاحة السفير الأيراني في بغداد وخيانة شيعية للعراق
- قضية الكورد الفيليين الموسميّة بين الإرادة والضمير
- بيت الشيوعيين .. بيت الشعب
- الأطار التنسيقي الشيعي وقصف أربيل ... بيان منحاز لأيران
- الطاقة هي محرّك الأزمة الروسية الأمريكية وليس أوكرانيا
- حتّى لا يطير الدخّان*


المزيد.....




- ما خطط جنازة رئيسي ومن قد يتولى السلطة في إيران؟.. مراسل CNN ...
- بلينكن: على إسرائيل أن تقرر إذا كانت تريد التطبيع.. وهذا شرط ...
- كاميرون: لندن لا تستبعد إمكانية اتخاذ إجراءات جديدة بخصوص ال ...
- مقتل 16 سيدة وفتاة على الأقل بعد سقوط حافلة كانت تقلهم للعمل ...
- أول عرض أزياء لملابس البحر في السعودية يثير جدلا
- واقعة سرقة عملات أجنبية في مطار القاهرة تثير جدلا والداخلية ...
- إبراهيم رئيسي.. تعزية إيران بوفاة رئيسها ورفاقه تقسم المواقف ...
- محمد صلاح يلمح إلى البقاء في ليفربول بعد تعيين المدير الفني ...
- الاتحاد الأوروبي يعتمد قانونا رائدا للذكاء الاصطناعي
- إيران بعد مصرع رئيسي.. هل من تغييرات جوهرية في الأفق؟


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - لتتعلّم بغداد من ليفربول