أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكي رضا - رحل من كان يمسح الله عن قدميه الطين .. رحل مظفر النوّاب















المزيد.....

رحل من كان يمسح الله عن قدميه الطين .. رحل مظفر النوّاب


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 7255 - 2022 / 5 / 21 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


النوّاب يخاطب الله "إشهد إني من بعض شيوعية هذه الأرض"

الأنك "ما عدت تطيق تعاليم المخصيّين" وهم يحكمون بلادك آثرت الرحيل؟ إن كان كذلك فلنرحل جميعا يا مظفّر، فالعهد اليوم عهدهم بعد أن جاء بهم الزناة ليديروا لهم المنطقة الخضراء والموائد الخضراء وليلعبوا ومعهم من جاء بهم، ببلادنا وشعبنا "السيه ورق" *.

لا أدري إن كان اللهُ لا يزال معك ليشهد من أنّك "بعض من شيوعية هذه الأرض"، وإن كان لا يزال "يمسح عن قدميك الطين"؟ لأنني وللأسف الشديد أراه في مكان آخر ولا وقت لديه ليرى إكتشافك "إيّاه والنخلة والفلاح"، بعد أن خطفه رجال الميليشيات الإسلامية، وإحتكره أصحاب العمائم، وكبّله زعماء الأحزاب من ذوي الجباه المكويّة الذين خطفوه وسرقوا النخلة وقتلوا الفلّاح!!

خجلت أن تقول لأولئك الجلادين في طهران وأنت تحت رحمة سياطهم، من أنّك عندهم كونك "قاومت الإستعمار فشرّدك وطنك".

خجلك ذاك وأنت تتحمل أشّد أشكال التنكيل والتعذيب على يدي السافاك الإيراني، هو من جعل "أبا ذر وعلي ولومومبا والأحوازي وجيفارا وماركس" يبثّون فيك روح المقاومة. وأمّك، وبيدها قصيدة البراءة ماسكة من تحت عباءتها ثديها الذي أرضعتك منه، كانت هناك حتما وهي تشدّ من أزرك قائلة:

"وخلي ايدك على شيبي وحلف بطاهر حليبي
گطرة گطرة
وبنظر عيني العميته
گلي ما أهدم حزب بايدي بنيته"

ولأنك لا تعرف الّا أن تكون أبنا بارّا لهذا الشعب، فأختك كانت هناك في ذلك القبو الموحش أيضا وهي تفتخر بك وأنت تقاوم الجلادين الإيرانيين في سجن إيفين الرهيب وتبصق في وجوههم، لتهمس الى أمها قائلة "هذا مظفر ما لف ضميره والكرامة بوصلة جريدة، هذا مظفر ما تبرّه من حزبه ومن شعبه.. هلهلي يمّه و گولي للوادم هذا مظفر أبنّه" ليمتلئ القبو بالزغاريد التي أذهلت الجلّادين. هناك وأنت تبصق على الجلّاد من "أنفه حتّى قدميه"، صمدت صمود الثوري، كون بلدك عندك أمانة.. أمّا اليوم فذلك الجلاد (الإيفيني) هو من يحكم بلدك، وأتباعه من حملة جنسيته وهم يحكموننا يا مظفّر لا يجيدون الا فعل الخيانة يا مظفّر.

إيه مظفّر، ولأننا نعيش عصر العمائم فأنّ العمالة لطهران وغيرها من العواصم هي اليوم محطّ فخر وشرف من لا فخر ولا شرف لهم من هؤلاء المخصيين "المعمّمين" الذين حولّوا بلدك الى ضيعة إيرانيّة. إفتخر يا مظفّر من أنّك قاومت الإستعمار وأزلامه على الرغم من عودة الأزلام الخونة والجبناء على نفس القطار بجبّة بدل الزيتوني للسلطة من جديد!!

الى أين الرحيل، وفي أي "فارگون" من القطار جالس أنت اليوم، وهل هناك قطار أصلا يا مظفر!؟ أُنْبِئُكَ يا مظفّر أنّ المضايف التي كانت رائحة الهيل فيها تلاعب الفناجين، بعد أن تخرج القهوة ثملة من هاون الدگ ليشمّها ويتذوقها زوّار المضايف، قد رحلت دون رجعة. فالمضايف اليوم لا يخرج منها الثوار ولا الرجال ليدمروا ريل الحكومة الفاسدة، بل يخرج منها المهوال الذليل الذي يدعو بأمر الشيخ والمعمم بمد الريل أمام الميليشيات الإسلاميّة إيرانية الهوى والإنتماء الى حيث صرائف الفقراء الجوعى لسحقهم.

أنبأ عليّا يا مظفّر وهو يستقبلك كما يستقبل كل الثوار والأحرار، من أننا بالعراق اليوم نتوضأ بالذلّ وبالعار، ونقبّل مداس السيد ونهديه رضيعاتنا ليفاخذهنْ، أنبأ عليّا بأنّ العمائم اليوم كما أبا سفيان بالأمس يؤلبّون الميليشيات على قتل الأحرار، أنبأ عليا من أنّ العمائم حذفت من كتاب الله "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" كونهم هم السرّاق، أنبأ عليا بأنّ النجف نست لغة القرآن وتتحدث اليوم الفارسيّة، حذّر عليّا يا مظفر في أن يطلب من الله عدم الإستجابة لدعائنا ليبعثه العراق، كون هناك الف إبن ملجم سيفلق هامته ويقول للقطيع المتخلف: أهذا عليّكم، ها قد قتلناه كونه شيوعيّا!!

شخصيا "أغفر لك وحزنك وخمرك وغضبك.. وكلماتك القاسية.. ولا أقول لك كما البعض، بذيء"، لأنني مثلك أقول "أروني موقف أكثر بذاءة مما نحن فيه"، وهل هناك بذاءة أكثر من أن يحكمنا المخصّيون الذين لا تتحرك كرامتهم تجاه "شعبهم ووطنهم" لو تحرّكت كل دكّات غسل الموتى بالعالم؟ وهل هناك بذاءة أكبر من إننّا اليوم نخصي أنفسنا بأنفسنا، لنرقص كالشواذ في حضرة العمامة بعد أن دجّنتنا وفقدنا بتدجينها لنا رجولتنا وكرامتنا وشرفنا وأعراضنا وناموسنا وأخلاقنا وعزّتنا وقيمنا و ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وثرواتنا ووطننا؟

العراق حطام سفينة تمزّقت أشرعتها وتغوص في بحر غير ذي قرار .. من المسؤول؟ فعل مبني للمعلوم وليس للمجهول.. يا مظفر
الموت يعشعش في كل ركن من أركانه .. من المسؤول؟ فعل مبني للمعلوم وليس للمجهول .. يا مظفّر
الأيتام العرايا والجوعى يملؤون شوارعه وساحاته .. من المسؤول؟ فعل مبني للمعلوم وليس للمجهول .. يا مظفّر
الأرامل يبيعنّ أجسادهنّ متعة في المكاتب والمقرّات الإسلاميّة، من المسؤول؟ فعل مبني للمعلوم وليس للمجهول يا مظفّر
الفقراء يزدادون فقرا لأن هناك من يقول أنّ الله يرزق من يشاء ، من المسؤول؟ فعل مبني للمعلوم وليس للمجهول .. يا مظفّر

أنا أعرف الفاعل يا مظفر، أعرفه بالإسم والصوت والصورة. أعرفه من رائحته، كونها كريهة كرائحة المستنقع الآسن وعفنة كعفونة البيض الفاسد، أعرفه من بسملته ومسبحته وسجّادة صلاته، أعرفه من جبّته وعمامته وصلواته.

هذا عراق أم مبغى؟ نعم يا مظفّر فعراقك الذي ناضلت من أجله حتّى الرمق الأخير، وحلمت بأن تراه عزيزا وجميلا كجمال الأهوار، وشامخا كشموخ جبال كوردستان، حولّه العمائم الى مبغى، ودار أيتام بحجم وجع النخلة مقطوعة الرأس كما رأس الحسين، ومقبرة للأحياء لا تعرف الا أن تلد مقابرا للأموات كما وادي السلام، في بلد إستوطن الموت فيه وضاع بين عمائمه السلام.

أيها المسكون بحب رائحة أرض العراق ها انت تغمض عينيك بعيدا عن الارض التي عشقت . أيّها المسكون بحبّ الناس، ها هم الناس يبكوك، ويبكون من خلالك حالهم. أيها المسكون بحب الوطن، هل أزفّ الوقت الذي نقول فيه وداعا يا وطن؟ أم علينا أن ننتظر عسى أن ينهض ماردا من تحت ركام الخوف والموت والدمار، مارد تشريني بصورة جائع حامل سيفه بيد، وبالأخرى راية "بإسم الدين باكونه الموامنة" لترفرف على خرائب العراق.


المادة من وحي قصائد الشاعر الراحل


* السيه ورق تعني لعبة الثلاث ورقات بالعراق، والتسمية فارسية



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعوب الأوربية تغامر بمنجزاتها التاريخية
- من أوراق أنتفاضة تشرين الخالدة..... أنتُنَّ اللواتي لَكُنّ ك ...
- أولويات الأسلام السياسي في العراق من وجهة نظر ميليشياوية
- وقاحة السفير الأيراني في بغداد وخيانة شيعية للعراق
- قضية الكورد الفيليين الموسميّة بين الإرادة والضمير
- بيت الشيوعيين .. بيت الشعب
- الأطار التنسيقي الشيعي وقصف أربيل ... بيان منحاز لأيران
- الطاقة هي محرّك الأزمة الروسية الأمريكية وليس أوكرانيا
- حتّى لا يطير الدخّان*
- مستقبل أغلبية الصدر السياسية
- عاش الشَع ..
- الإستعمار الإيراني للعراق أخطر اشكال الإستعمار
- أنا أبحث عن الله في .....
- الديموقراطية التوافقية / المحاصصة الطائفية القومية وخطرها عل ...
- طلبة العراق .. ماكنة الثورة التي عليها أن لا تهدأ
- المُجرَّبْ يُجرَّبْ
- تحويل أموال العراق المنهوبة من جيب البعث الى جيوب قوى المحاص ...
- الديموقراطية في العراق .. وهم ليس الّا
- ما بعد پشتاشان
- نعم لمقاطعة الإنتخابات ونعم لحث الجماهير على مقاطعتها


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكي رضا - رحل من كان يمسح الله عن قدميه الطين .. رحل مظفر النوّاب