أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - العاشرة عشقا-6














المزيد.....

العاشرة عشقا-6


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 7385 - 2022 / 9 / 28 - 06:33
المحور: الادب والفن
    


مثل خبزي يأتي أنيني ومثلَ المياهِ تنسكبُ زَفْرَتي!
الذي إرتعابًا ارتعبتُ منه أتاني والذي فزعتُ منه جاء عليّ!
ها هم يُعدّونَ الوليمة لوَأدي.
سيزفونني إلى شبحٍ بعدما اعتقلوني في البيت وأقصوا الجميع عنّي.
كرِهَتْ نَفسي حياتي. أُسَيِّبُ شَكوايَ. أتكلّمُ في مَرَارَةِ نَفْسي قائلةً لله:

لماذا تُعذّبني.
فَهِّمني لماذا للريحِ تُسلّمني!
يداكَ كوّنتاني وصنعتاني كُلّي جميعا.. أفتبتلعني!
أُذكُر أنَّكَ جَبَلتَني منَ الطّين. افتُعيدُني للتُرابِ؟
ألَمْ تَصُبَّني كالَلَبَنِ وَخَثَّرْتَنِي كالجُبْنِ؟
كَسَوْتَني جِلْدًا ولَحْمًا فنسجتني بعِظامٍ وَعَصَبٍ.
منحتني حياةً ورَحْمًةً وَحَفِظَتْ عِنايَتُكَ رُوحي.
إنّي شبعانةٌ هَوَانًا وناظرَةٌ مَذَلَّتي.
لماذا أخرَجْتَنِي مِنَ الرَّحَمِ؟
كنتُ قَدْ أَسْلَمْتُ الرّوحَ ولَمْ تَرَنِي عَيْنٌ !
دفعتني إلى الأشرار وفي أيديهم دَهْرًا طَرَحتني!
شقُّوا كليتيّ ولَمْ يُشفقوا.
سَفَكُوا مَرَارَتِي على الأرضِ .
خِطْتُ مِسْحًا على جِلْدِي وَدَسَسْتُ في التُّرَابِ قَرْنِي.
احْمَرَّ وجهي مِنَ البُكاءِ وعلى هُدبي ظِلُّ المَوْتِ معَ أَنَّهُ لا ظُلْمَ في يَدي وصَلاتي خَالِصَة.
يا أَرْضُ لا تُغَطِّي دَمِي ولا يَكُنْ مَكَانٌ لِصُرَاخِي.
رُوحِي تَلِفَتْ.
أيامي انْطَفَأَتْ.
إِنَّمًا القُبورُ لي.

*
*
*
في صمتٍ كصمتِ المَقَابِرِ شَيَّعُونِي إليهِ دُونَما زَفَّة.
وَحْدَهَا الغُربانُ أَتَتْ لتكونَ شاهدةً على وَأدي.

*
*
انتقلتُ إلى جُحرٍ يُسمونهُ بيتي.
أقفلَ الأبوابَ والنوافذَ ودفعَ بي إلى سَريرِ الزّوجيّة.
أقفلَ قلبي.
أقتربَ منّي.
قتلتني رائحةُ عَرَقِهِ.
قتلتني الرّغبةُ في عينيهِ السّوداوَيْنِ.
تكَوّرْتُ على ذاتي ك قِطّة.
تمنيتُ تلكَ اللحظة لو أملك الجُرْأة لأستلَّ سكينا وأطعنه في صدره ثمّ أهرب بعيدا ... بعيدًا.. عن هذا المَصِيرِ المشؤوم.
اقتربَ منّي الخُطْوة الأخيرَة.
بنزقِ المُراهِقينَ.. مَدَّ يَدَهُ و................... مَزَّقَ ثوبي.
عَرَّاني..
حَتَّى مِنْ أحاسيسي عَرَّانِي.
حَتّى مِنْ كِياني عَرَّانِي.

*
*

صرتُ بينَ يديهِ وعاءً يستعملُهُ كما يطيبُ له.. متى يطيبُ لنزواتهِ.
بسطتُ شَعْري الكستنائِيِّ الطويلِ فوقَ جَسَدي
واستسلمتُ لغيبوبةٍ...
رأيتُ خالد.
أتَى .
لم يحمل هذه المَرَّة فانوسًا في يدٍ وشمسًا في الأُخرى كما اعتدْتُ أن أراه في كُلِّ حُلم.
رأيتُ دَّمعًا مِدْرَارًا يتدفَّقُ كشَلاَّلٍ من عيْنَيْهِ الواسِعَتَيْنِ كبحر.
كانَ يَئِنُّ كَفارسٍ مصلوبٍ على خشبةوحبيبتهُ أمامَ عَيْنَيْهِ تُغتَصَبُ.
رأيتُ مساميرًا عالقةً في كَفَّيْهِ ودما نقيا ينزفُ مِنهما.
أخذَ يُرَتِلُّ لي بصوتِهِ الذي يُشبِهُ خَريرَ مِياهٍ كثيرة:

"إن ضاقِتْ الدنيا قصادِك
رَبِّك يفتَح لك الأبواب."

ظلَّ معي..
يؤنِسُ وحدتي..
يُبَلسِمُ جُرْحِي..
إلى أن انتهَى ذاكَ الجَلاَّدُ مِن عمليةِ اغتصابي.
هذه العملية التي يحقُّ له شَرْعًا ممارستها لمجرد كونه يمتلكُ صكّ عُبوديتي المُسَمَّى: وثيقة زواج.
*
في الصَّباحِ...
فتحتُ النوافذَ المُغلقة جميعها لأستقبلَ النُورَ فينعشني ويمُدَّني بطاقةٍ ايجابيّة تساهمُ في بَقائي على قَيْدِ أمَلْ.
كانَ جلاّدي ما زالَ مستسلمًا بلذًّةٍ للنَّوم.
بحثتُ عن المطبخ وأعددتُ القهوة التي أعشقُ.
تعالى صوتُ فيروز مِنَ الحَيّ:

"أنا عندي حنين ما بعرف لمين."

"حنيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن!
"
دَوَّتْ المُفْرَدَة في رَأْسِي.

ثمّ..
ناديتُ عليهِ:
- فيصل..هيّا انهَض. تجاوزتِ السّاعةُ العاشرة .
فتحَ عينيهِ بامتعاَض.
نظرَ إليَّ والشّررُ يتطايرُ مِنْ عَيْنَيْهِ.
ارتفعَ صوتُهُ كما الرَّعد وهو يصرخ كمن عثرَ على حَشَرَة:
= مَن طلبَ منكِ أن تُيقِظيني!
دَارَتْ بي الدُنيا.
تقهقرتُ.
اختبأتُ داخلَ مَحَارَتِي.
تملّكني الرّعبُ منه.
هو نسخةٌ أخرى من أبي.. من أخي ... من قدري المشؤوم!
نهضَ منَ السَّرير بتثاقُلٍ.
غطَّى جسدهُ العَاري بعباءَةٍ سوداء...
وصرَخَ بساديّة:

= بتِعْرِفيش تعملي إلا قهوة باردة!
______
28.9.2022



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاشرة عشقا - 5
- الرسالة الأخيرة
- العاشرة عشقا/4
- ((امرأة مُعنّفة))
- العاشرة عشقا/ 3
- العاشرة عشقا/ الفصل 2
- العاشرة عشقا/ قصة قصيرة
- من الشعر ما ومض-2
- إضاءة على رواية: إلى أن يُزهر الصّبّار
- منَ الشّعرِ مَا وَمَضَ
- إلى أن يُزهر الصّبّار-رواية
- ((أقفاصٌ))
- رحلتي مع الهايكو/دراسة
- منطق..ومضة قصصيّة
- قصّة ليست قصيرة / ((أقفاصٌ))
- جلاَّد..خلفَ كلِّ مبدعة
- ((هل هذا هايكو..؟ ))
- قراءة في قصيدة/الشاعر رعد الزامل
- ما هو الهايكو..؟!
- الوجه الآخر للحقيقة


المزيد.....




- نزلت حالًا مترجمة على جميع القنوات “مسلسل المؤسس عثمان الحلق ...
- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - العاشرة عشقا-6