أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - العاشرة عشقا - 5














المزيد.....

العاشرة عشقا - 5


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 7384 - 2022 / 9 / 27 - 08:33
المحور: الادب والفن
    


العاشرة عشقا-5
بدأ الليل يتربص بي.
وقفتْ.
أحسستُ انّ أيّ هبّة ريح قد تكسر ساقي أنا الوردة الهشَّة.
بدأتُ أسيرُ بإتّجاه المنزل.
القيتُ التحيّة على والدي.
كان يجلس في مقعده المعتاد كما لو أنّه أبو الهول مقرفصا فوق ظلّه.
أردت أن أعودَ لغرفتي لكنّه اعترضَ طريقي:
- تعالي .
أقعدي هُون!
بدّي أحكيلِك شي!

شعرتُ بموجة اشمئزاز تسيطر عليّ. أنا لا أطيق هذا الرجل. يبدو لي كالمارد بجثته الضخمة وبطنه المنتفخة وعشقه لإقامة علاقات جنسية خارج إطار الزواج وصمت أمّي التي لا ملاذ لها سواه!
انا لا أطيقُ هذا الرجل الذي جعل حياتنا جحيما بتواجده ليل نهار في البيت. لا أطيق ميله الدائم للشّجار وكأن الشجار لغته الوحيدة.
كم كنتُ أشفقُ على والدتي من جبروته.
والدتي الجميلةُ العينينِ.
كانتْ محطّ أنظار كلَ شباب المدينة.
هي لم تبادله حبّا بحُبّ.
هي أحبّت ابن عمتّها وابن عمّتها أحبّها لكن جدتي سعت لإقصائه عنها فقد كانت تمقت والدته مريم.
ثمّ ..
سعت لتزويجها من أبي فقط لأنه صائغ.
ضحّت بابنتها لأجل حفنة من النقود.!
كتبتْ على ابنتها الشقاء مع رجلٍ ساديّ تلذذ بتعذيبها وافتخر برجولته فأتى لها بالنساء إلى عُقرِ بيتها وكان لا بدّ أن تصمت وإلا كانت الإهانات بانتظارها وأحيانا العنف الجسدي أيضا.
كان يأخذ أخي البكر معه للخمارات.
حين كانا يعودان فجرا وهما يترنحان من الخمر، كانت ما أن تفتح أمّي فمها لتعترضَ حتَى يجلس أبي هانئا في مقعده المعتاد قرب النافذة ويترك مُهمَّة التَّعنيف اللغوي لأخي:
-أِتْطَلَّعي عَ وجهك في المْرَاي.
قال لها أخي ذات عودة من الخمَّارة.
-أنتِ مرَة عجوز بينما أبوي بعدُه في عزّ الشباب. اتركيه يتمتع برجولته.
ما إن أرادتْ أن تدافع عن حقّها الشّرعي في ألاَّ يخونها رفيق عمرها حتّى قبضَ أخي على قيثارته وهوى بها على رأسها.
ترنّحتْ مكانها كما دجاجة طعنوا عنقها بسكين.
هَوَتْ أرضًا..
معها هوَتْ كلّ أحلامي.
في ذاتِ القبرِ الذي دفنوها فيه، دفنوا فرحي.
بدأتُ أحيا جثةً دونما رُوح.
ظلَّ العنفُ ضديّ وضدّ أختي(أمل) التي تصغرني بعدّة أعوام هو خبزنا اليوميّ. لم أجد ملاذا لقلبي المُتعب إلاّ تلك الصخرة. هناك.. حيثُ البحر أجلس وأغيب عن هذا العالَم.
قرفصَ أخي بالقرب من أبي. كان واضحا على ملامح وجْهَيْهِما أنّهما أعدَّا لي وليمةً من التَّعنيف اليومِيّ.
جلستُ على الأريكة.
انتظرتُهُ أن يتكلم.
بعد دقائق من الصّمتِ الملغومِ قال:
انتِ صُرت في الثلاثين من عمرك. رَجِعْتك للبيت بالليل بتخلِّي الناس تحكي وتُنشرالإشاعات ضدّك.
هوى قلبي.
خُيّلَ لي أنني رأيته يتدحرج فوقَ السُّجادة الحمراء أمامي.
صمتَ جلاّدي وتركَ لأخي أن يُكمل مهمة تعذيبي:
-اسمعي .
أنتِ مش طفلة.
في شاب طلب إيدك منّا ووافقنا أنا وأبوي.
حَضّري حالِك للزواج.
هكذا بمنتهى البساطة، وَقّعَا معا على وثيقةِ وأدي!
هل أنا دمية أم بقرة تُباع وتُشترى. ألا رأي لي؟ ثمّ مَن يكونُ ذلك الشهم الذي أتى لينتشلني من بؤرة الخراب هذه؟
سأرفض!
يجب أن اُعلنَ ثورتي على الصّمت.
لا فرقَ عندي بينَ أن أموت الآن أو في أحضان رَجلٍ لا أحبّه ولا أعرف من يكون ولا كم عمره ولا ما أتى به إليّ.
استجمعتُ شجاعتي وقلت بإصرار:
- بديش أتزوج!
وقفَ أخي.
صرخَ بأعلى صوته:
= يا كلبة! بِدِّك تْحُطِّي راسنا في الوحل!
- بديش أتزوج!
كررتُ باصرار.
تطايرَ الشَّررُ من عينيّ أخي. راحَ أبي يلعنني ويلعن السّاعة التي رآني فيها.
من رمادي كما العنقاء نهضتُ لأدافعَ عن حقّي في الحياةِ بكرامة.
لن أتزوج حتَى لو كان الثمنُ حياتي.
ابتعدَ أخي إلى غرفته وعاد والغضب يتطاير من عينيه فيبث شحنات سالبة من حولي.
هوى بقيثارته الجديدة على رأسي.
دَارتْ بي الدنيا.
وقعتُ مضرجةً بدمائي.
عندما استفقتُ. كنتُ في سرير في غرفة الطوارئ في المستشفى أتلقَّى العلاج. كانت الضَّماداتُ تُكفّنُ رأسي.
كانت رائحةُ دمّي تخنقني.
وكان اخي أمام سريري يتلوّى قَلَقًا.
ما أن فتحتُ عينيّ حتى قال جملته التي أعدّها باتقان:



(إذا فتحتِ تُمِّك بكلمة. بَقُتْلِكك).
__________________________

27.9. 2022
يتبع



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرسالة الأخيرة
- العاشرة عشقا/4
- ((امرأة مُعنّفة))
- العاشرة عشقا/ 3
- العاشرة عشقا/ الفصل 2
- العاشرة عشقا/ قصة قصيرة
- من الشعر ما ومض-2
- إضاءة على رواية: إلى أن يُزهر الصّبّار
- منَ الشّعرِ مَا وَمَضَ
- إلى أن يُزهر الصّبّار-رواية
- ((أقفاصٌ))
- رحلتي مع الهايكو/دراسة
- منطق..ومضة قصصيّة
- قصّة ليست قصيرة / ((أقفاصٌ))
- جلاَّد..خلفَ كلِّ مبدعة
- ((هل هذا هايكو..؟ ))
- قراءة في قصيدة/الشاعر رعد الزامل
- ما هو الهايكو..؟!
- الوجه الآخر للحقيقة
- زوايا حادّة-1


المزيد.....




- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...
- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - العاشرة عشقا - 5