أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - التيتي الحبيب - من علامات الوضع والولادة















المزيد.....

من علامات الوضع والولادة


التيتي الحبيب
كاتب ومناضل سياسي

(El Titi El Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 7378 - 2022 / 9 / 21 - 11:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



منذ نهاية 2010 يمكننا القول بان شعوبنا عاشت زلزالا حقيقيا، أي بعد انتفاضة الشعب التونسي وما تلاها من ثورات سرت كالنار في الهشيم غطت مصر والأردن والمغرب والبحرين... والعراق ثم ليبيا وسوريا لتصل إلى الجزائر والسودان. لقد كانت موجات متتالية من الثورات والانتفاضات، أعلنت بموجبها شعوب منطقتنا دخولها لمرحلة جديدة من حياتها، لم تتوضح لحد الساعة ملامحها ولا آفاقها. لا زالت المنطقة تتململ وكأنها على صفيح ساخن وهي مرشحة لانفجارات أكثر عنفا وأوسع مجالا مما عاشته لحد الساعة.
كان لهذه الانتفاضات، أسباب عميقة وأهمها أن شعوب منطقتنا على غرار شعوب أخرى، تجتاز احد أطوار التغيير الاجتماعي الضرورية. إنها تعيش بدايات طور انتقال علاقات الإنتاج من مستوى هابط لم يعد يستجيب لما تحقق من تطور في قوى الإنتاج.
مما لاشك فيه، فإن هذا التغيير لعلاقات الإنتاج سيتخذ طرقا وسبلا مختلفة في كل بلد عن بقية البلدان بحكم الخصوصيات المحلية والتاريخية. ولأن المجال لا يسعفنا هنا للتوسع، فإننا سنركز اهتمامنا على الحالة المغربية فقط، وسنحاول رصد آليات وطرق هذا التحول. نحن واعون بأن الموضوع متشعب، ويحتاج إلى مشاركة العديد من المفكرين والمتخصصين والأطر المناضلة المهتمة بالقضايا الأساسية في التشكيلة الاجتماعية وكل ما يتعلق بالتغيرات الكبرى في المجتمع المغربي بجميع مكوناته. انه إذا احد أهم الاوراش التي تتطلب الاهتمام والانخراط الفردي والجماعي. وفي إطار حث المثقفين للانخراط في هذا المشروع الهام نسوق ملاحظة وردت في إحدى المقابلات مع المفكر المغربي بول باسكون:
[نحن في بداية الطريق، فالمغرب بلد حديث العهد بالاستقلال، وهيئة المثقفين فيه محدودة العدد وفي الصالونات يلجؤون للملاطفات السطحية. لو أجرينا مقارنة بين هذه الوضعية وبين الصراعات العدوانية للمثقفين الروس لسنوات 1905-1920 ومع الغليان الفكري الذي كان سائدا آنذاك لألفينا هنا أناسا لطيفي المعشر، يستعملون اللغة الثورية في الهجوم وبطريقة مؤدبة، نحن هنا في بيزنطا نتحاشى الخوض في القضايا الهامة. ولا يمكن في هذه الشروط أن يحصل التطور المنشود وربما ستتغير الأحوال حينما يكون لدى المثقفين شعور بأن لكلمتهم مفعولا ... نحن الآن في نهاية مرحلة، ولكننا لم ننتج بعد أبواب مرحلة جديدة. ]
مقتطف من حوار بول باسكون / نقلا عن تدوينة لاكوا بوكبير.
إن الزمن السياسي عندنا يجري في الغالب ببطء وبوثيرة متثاقلة خلف مجريات أحداث الصراع الطبقي. هناك لحظات يحسبها الناس وكأن الزمن توقف، أو أن البلاد أصابها الشلل وقد تجمدت في مكانها...لكن هذه الصورة تغيرت كثيرا مع اندلاع أطوار السيرورات الثورية بالمنطقة، وبعد انطلاق أحداث وفعاليات حركة 20 فبراير. هذه الحركة التي نقلت الشعب المغربي وخاصة شبابه، من حالة الجمود واليأس، إلى حالة الغليان وعودة الأمل في التغيير. لذلك، هب الشباب إلى الاحتجاج وامتلك الشارع العام، وتخلص من الخوف من قبضة الدولة البوليسية. لقد كبرت الجرأة وتعاظم الإقدام على النضال والاستعداد للتضحية. لقد انتقل الخوف إلى الضفة الأخرى أي إلى صف الكتلة الطبقية السائدة وأجهزة دولتها.
ما حدث إبان حركة 20 فبراير سنة 2011 وما تلاها من حراكات شعبية في الريف وجرادة وزاكورة وغيرها من مناطق المغرب المهمش، يعتبر امرأ مستجدا، يحمل سمات نوعية للتطور المجتمعي، ويعلن عن فتح مسار جديد في علاقة الشعب المغربي بالدولة وبقاعدتها الطبقية أي الكتلة الطبقية السائدة من جهة، ومن جهة ثانية في علاقة بين مكونات الشعب نفسها.
باختصار شديد، يمكننا الوقوف من جهة على أهم مظاهر تشقق أو تصدع علاقات الإنتاج القديمة، ومن جهة أخرى نتعرف على بداية البحث عن البديل المتوافق مع ما تحقق من تطور على صعيد قوى الإنتاج:
1- إن إقرار الملك الصريح بفشل النموذج التنموي، وإعلانه على ضرورة تشكيل طبقة وسطى بالبادية كان من المفروض فيه هو اطلاق خطة سياسية عملية قابلة للانجاز وبالسرعة المطلوبة لتجنب النتائج الوخيمة التي أجبرت التصريح بالفشل والخطر الداهم. لكن الواقع والمسجل لحد الساعة هو أن الدولة لا زالت تتخبط في وضع سياسة واختيارات جديدة تجيب على وضعها الكارثي، خاصة وان هناك شعور قوي بأن النظام فقد القاعدة الاجتماعية الموالية له نتيجة واقع وطبيعة الاحتكار والاستحواذ على الثروة التي تمارسها البرجوازية الطفيلية والمافيا المخزنية. فتمركز الثروة وملكية وسائل الإنتاج في يد حفنة من الاحتكاريين وصل إلى درجة بدأت تفزع الماسكين بالسلطة أنفسهم؛ لقد تأكد لديهم بأن الفقر أجهز على الطبقات الوسطى نفسها، وأن الأغلبية المطلقة من الشعب أصبحت في حالة تتأرجح بين الفقر والفقر المدقع. لقد كشفت جائحة كورونا أن ما يفوق 25 مليون مواطن ومواطنة هم ضحايا آفة الفقر. إن هذا التقاطب بين مالكي وسائل الإنتاج وبين منتجي الثروة، أصبح يدفع نحو طرح سؤال صريح ومباشر حول من يحق له تملك وسائل الإنتاج؟ والبحث عن البديل لعلاقات الإنتاج السائدة في هذا الموضوع.
2- خمدت شعلة حركة 20 فبراير وطرحت الأطراف المكونة لها أو حتى من كانت خارجها، سؤال لماذا تراجعت الحركة ومن يتحمل المسؤولية؟ لقد تعددت الأجوبة بتعدد مرجعيات وخلفيات أصحابها:
+ توقفت حركة 20 فبراير، لأنها استنفدت طاقتها ولم تتمكن من خلق شروط تجدير أهدافها والانتقال إلى مرحلة أخرى. إنها لم تكن تتوفر على قيادة من نوع جديد.
+ توقفت حركة 20 فبراير، بفعل تناقضات مكوناتها وتضارب المشاريع والأهداف.
+ توقفت حركة 20 فبراير، لأن النظام استطاع أن يناور بنجاح، ولم يجد أمامه من يستطيع إفشال وإبطال مفعول تلك المناورات.
+ توقفت حركة 20 فبراير، لان السيرورات الثورية دخلت عنق الزجاجة خاصة في ليبيا وسوريا، وظهرت بوادر اختطاف الثورة من طرف تنظيمات الإسلام السياسي في مصر وتونس.
من خلال هذه الأجوبة اتضح أن العطب الأكبر والأخطر، يتمثل في كون الطبقات الأساسية في التغيير الثوري ببلادنا، لم تتوفر على المعبرين السياسيين على مصالحها بعد؛ وحتى من كان يملك هذه الخاصية بالنسبة للبورجوازية الصغيرة والمتوسطة، وبعد اندماجه في منظومة المخزن لما طبق خطة النضال الديمقراطي والإصلاح من الداخل، فإن أصحاب هذا التوجه فقدوا تمثيليتهم الطبقية لحلفائهم عند التأسيس وانفصلوا عنهم بالكامل.
إذا كان علينا أن نضع عنوانا للمرحلة الحالية التي تستوجب التدخل المباشر والعملي للطبقات والفئات الاجتماعية المتضررة كليا أو جزئيا، سنختار "كيف الجواب على الحاجة إلى ظهور التعبيرات السياسية الطبقية ؟"
قد يعتقد البعض أن الحاجة إلى هذا الجواب هي مسالة اعتباطية أو مزاجية لهذه المجموعة أو تلك ان لم تكن انشغالا مثقفيا هامشيا. إن الأمر أعمق من ذلك، وهو يتعلق بتلك الضرورة الموضوعية لتشكيل علاقات إنتاج جديدة تجيب على التطور الحاصل في قوى الإنتاج. وفي هذا الإطار وفيما يتعلق بالطبقة العاملة فان بناء تعبيرها السياسي أي حزبها المستقل أصبح مهمة مركزية وآنية، وغيابه يشكل لب العطب الذي تسبب في خمود جذوة حركة 20 فبراير. أما في ما يتعلق بقضية التعبيرات السياسية الطبقية عن مصالح الطبقات الوسطى، فهو بدوره قيد التشكل – وقد لا ينتبه اليه الكثبرون- لكن بتعقيدات كبيرة جدا، ومنها تلك التي تريد أن تنتقل من فكر المجتمع الماقبل الرأسمالي إلى المجتمع الحديث. لا زالت هناك قوى تبحث على الصيغة الملائمة لكي تخرج من جبة علاقات إنتاج ما قبل رأسمالية، تحكمها منظومة فكرية وسياسية وتنظيمية تعود إلى القبيلة والمجتمع العشائري؛ كما أن هناك تعبيرات سياسية لم تستطع لحد الساعة أن تفصل نفسها عن مصالح النظام المخزني وترى أن مصالح الفئات الاجتماعية التي تشكل قاعدتها باتت متناقضة مع مصالح الكتلة الطبقية السائدة ولذلك عليها أن تراجع سياساتها وخاصة تلك المتعلقة بالاعتقاد الواهم بامكانية تحقيق التوزيع العادل للثروة وببناء الدولة الاجتماعية التي ترعى مصالح الشعب بشكل متوافق مع مصالح الكتلة الطبقية السائدة.
المغرب يوجد في فترة مخاض عسير، سيكون بمثابة انطلاق مرحلة جديدة من الصراع الطبقي، تخوضه الطبقات الاجتماعية عبر أدواتها السياسية المستقلة الى هذا الحد او ذاك. ستحاول الطبقات الاجتماعية أن تزج بأحزابها في المعركة السياسية الحاسمة، والتي بموجبها سيتم نقل علاقات الإنتاج إلى مستوى نوعي يتلاءم مع ما وصلت له قوى الإنتاج. إننا على أبواب الثورة الاجتماعية التي تخلفت عن الانطلاق لان شروطها الذاتية لم تتبلور بالنضج المطلوب. إننا أمام أبواب مرحلة جديدة، ستفتح كما كان يأمل المفكر بول باسكون.
التيتي الحبيب
20/09/2022



#التيتي_الحبيب (هاشتاغ)       El_Titi_El_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كانت افريقيا للافارقة؟
- بعد الإعلان عن تأسيس الحزب المستقل للطبقة العاملة ماذا سيتغي ...
- حول الصرح العظيم حول المشروع التاريخي
- العنف مولدة التاريخ والطبقة السائدة تلد حفار قبرها
- نتائج الباكالوريا أو ستار من دخان التزييف والتدليس
- قيس سعيد مهرج مكلف بمهمة
- أصبح المغرب مقبرة جماعية للأفارقة البؤساء
- 20 يونيو 1981 جريمة العهد الحسني
- إنهم يستهدفون الجامعة لتصبح أداة تطبيع العقول مع الكيان الغا ...
- الماركسية الثورية تسترجع وهجها وعنفوانها
- الدار البيضاء تحت الحصار
- مسيرة 29 ماي 2022 مناسبة إطلاق حملة نضالية ضد الغلاء
- حول مفهوم المحترف الثوري وضرورة الاجتهاد النظري
- الحوار الاجتماعي او كيف تشتري الدولة الفاشلة السلم الاجتماعي ...
- الدولة البوليسية والاعتقال السياسي
- من وحي الاحداث 457 : ماذا يجري هناك…هناك في الفوق؟
- النضال ضد الغلاء شأن شعبي وليس نخبوي
- الانتخابات الفرنسية من زاوية أخرى
- السدود بالمغرب تحت الأوحال
- لنناضل من اجل رفع قانون الطوارئ الصحية


المزيد.....




- اشتباكات بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب في ميدان تقسم بإس ...
- في يوم العمال العالمي تيسير خالد : يدعو الى استنهاض دور الحر ...
- رغم تحصين المتظاهرين الأبواب.. شاهد كيف دخلت شرطة نيويورك مب ...
- عمدة نيويورك يحذر من -جهات خارجية- تثير مشكلات في احتجاجات ا ...
- عزالدين اباسيدي// المجالس التأديبية، كاتم الصوت.
- بيان المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بمناسبة عيد الشغ ...
- لقطات من الحملة التي أقامها الحزب الشيوعي العمالي العراقي بن ...
- على طريق الشعب.. عشية انعقاد المؤتمر الرابع للتيار الديمقراط ...
- بيان تيار المناضل-ة فاتح مايو 2024: الكفاح العمالي، ومعه ال ...
- فاتح مايو يوم نضال العمال/ات الأممي: بيان الشبكة النقابية ال ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - التيتي الحبيب - من علامات الوضع والولادة