|
هل الدستور هو سبب الازمات ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 7376 - 2022 / 9 / 19 - 20:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما تحتاجه الديموقراطية هو المقومات المادية و المعنوية المتوفرة لدى الشعب و في مقدمتها الوعي اللازم لاتباع وسائل تطبيق الديموقراطية كمفهوم الذي لم يفهمه الا من خلال الممارسه و تصحيح المسار الذي اتبعه الاخرين و اخطأ فيه، اي انها عملية دائمة مستمرة و متتالية و منذ بداياتها ابان التاريخ القديم في يونان لم تكن الديموقراطية نظرية غير ممارسة بعيدة عن الواقع يوما، بل بدات بممارستها منذ انبثاقها و الاعتماد عليها و باشكال و تطبيقات مختلفة و تم تعديلها او تطويرها حقا بمرور الايام. لننظر الى ديموقراطية بريطانيا و كبف وصلت الى ماهي عليه اليوم بعيدا عن الدستور و اعتمادا على وثيقة افرزت سلبيات العملية و ايجابياته و تم تعديلها من خلال تكرار ممارساتها و تم تصحيح الخطا اينما وجد في مسار العملية. كان العمل على تطوير العملية و السير الى الامام دائما ما عدا ما اصابها من العثرات هنا و هناك سواء كانت هذه العملية في وسط صغير او كبير الى ان وصلت الديموقراطية الممارسة اليوم في اكثر بقاع العالم و كل حسب ظروفه و ما يمتلك من البنى التحتية و الفوقية. اليوم نرى ما يتبعه العراق في ممارسة هذه العملية التي تحتاج الى ارضية مسالمة و مجتمع مدرك لتجنب افرازات الخطا الذي يمكن ارتكابه من خلال تطبيق هذه العملية، اي بوجود مجتمع مسؤول و مثقف و يتمته بانتماء عام للدولة و لديه القدرة على تحديد المسار و توجيهه لدرء الاخطار التي يمكن ان يواجهها هذا المجتمع. و يمكن ان يدرك ان العملية في هذا اليلد فتية ليس للمجتمع العراقي و الشرقي قاطبة اي تجربة واضحة و مناسبة بشكل كامل للعملية في اي بلد في الشرق الاوسط خلال تاريحه الطويل. اي النقص الموجود في كيفية ممارسة العملية و مقوماتها و متطلباتها على ارض الواقع سواء كانت البنية الفوقية او ما يمكن ان يمتلكه المجتمع ابان مخاض سير العملية و تكرارها و بيان الاصح من الافرازات الايجابية و السلبيه منها مناسبة او متقاطعة معها. العقلية العراقية و ما كان يحمله النموذج المتمكن القادر فكريا من الصفات الخاصة التي يحمله في فكره و كيانه في هذا البلد و ما يؤمن به من الثقافة الخاصة به هي التي كتب الدستور و وافق عليه المجتمع دون ان يعلم مضمونه اكثرية المجتمع العاقي لا بل لم يعلم الاكثرية المطلقة من الشعب فحوى تلك المواد و ما يبرز منها و ما العلة التي تكمن في تطبيق مضامينها يوما، و اليوم يلمس المجتمه خطورة كل كلمة ادرجت في هذا الكتيب و تبعاتها على الارض و تاثيرها على مصالح الجميع. بشكل عام لا عيب في الدستور بقدر العيب الموجود في تطبيقه و نظرة الجميع اليه وفق انتمائاتهم و مصالحهك و اهدافهم. لا عيب في الدستورمقارنة بقدر مدى امتلاك الشعب الوعي الدستوري و القانوني المفروض وجوده لدى الجميع من اجل التعامل معه خلال ممارسة الديموقراطية التي يجب ان يؤمن به كل فرد. لا عيب في الدستور بقدر فقدان المقومات الاساسية و وحود ما يمنع تطبيقه من العوامل المطلوب ايجادها في مسارها، اي العيب في الوسط او خارج الدستور و الارضية و العقل الذي يمارسه و الذي يمكن ان يجد ويرى و يحلل و يفسر مواده وفق مزاجه و اعتمادا على اصغر متطلباته الحياتية و مستندا على تربيته النابعة من بيئته المعلومة لدى الجميع، لا عيب في الدستور بقدر ما يحمله الفرد العراقي من الهويات الفرعية التي يعتمد عليها اكثر من الهوية العامة وما يجب ان يكون عليه من الانتماء الوطنية. فبهذه الصفات و السمات الموجودة، فهل من المعقول ان نرى التطبيق المثالي للدستور و الديموقراطية في مجتمع يقر و يعمل كقطيع معتمدا على اوامر ما يعلو عليه و يامره من الموجود على راس الهوية الفرعية التي يؤمن بها اكثر من القانون و الدستور الذي كتب له. اذا الخطأ ليس في الدستور و ما به، ان الخطا الكبير و العائق الاكبر يفرز من الخطأ الموجود في نوايا و عقلية و توجهات و افكارالممارسين له. هذا تاريخ العراق و ما مر به و ما يملكه شعوبه (اذا صح التعبير) اي اذا لم نعتبره مجموعات متفرقة متشظية وفق العرق و العشيرة و القبيلة و الدين و المذهب و اعتبرناه شعبا موحدا و هذا توجه خيالي و نظرة غير واقعية، فهل من المتوقع ان يعبٌر الفرد بشكل صحيح عن فكره و معتقداته و نظرته الى الحياة بامر فزاعة اخرى مسيطرة على كيانه فكرا و جسما. اي الخلل الكبير الموجود و ما لا يدركه المتمرسين للسياسة وفق مصالح شخصية و حزبية و دينية و عرقية و مذهبية او ما يدركونه جيدا حقاو هم غافلون عنه او يتغاضون عما لا يجيير مع ما يهمهم. اما الدستور الموجود يمكن ان يُطبق بشكل صحيح و مفيد ان كانت الارضية و الواقع و الموجود يريد الخير للجيمع اولا و من ثم ينظر الى بلده ككيان واحد موحد و لا يمكن هذا الا بما يفرضه عليه نظرته لبلده و صحة انتمائه العام لوطنه او ايمانه الكامل العميق بانه وطنه و يكون الايمان من عمق كيانه و ليس مفروضا عليه و سطحي القول و الفعل، اما اليوم فلم نر ذلك ابدا و هذا لها اسباب ذاتية و موضوعية و من حقه عدم الايمان بهذا الانتماء نتيجة غدر التاريخ له و كل ما موجود في تفكيره هو استغلال الدستور لهدف سواء مرحلي كان ام بعيد المدى وفق العقلية التي تدير البلد و الجميع على العلم بمن يدير العراق بعد سقوط الدكتاتورية. و عليه لا يمكن ان يُصحح المسار من قبل من انحرف و غير توجه المسار وفق اهدافه، و ما هو الحل اذا؟ انه ليس حل وافي شافي و لا استصال للمشاكل و الازمات باي شكل كان و من قبل اي كان و انما توجد حلول متجرءة يمكن اعتمادها مرحليا لحين العمل على انهاء الخلل جذريا و بعقول متميزة بشكل نهائي من خلال عملية قيصرية او يتاثير الزمن على ممارسة العملية الذي يكون كفيلا ان كانت الطريق خالية من المؤامرات و هذا محال. فيمكن ان نؤمن بان القوى العراقية يمكن ان يدرسوا الحال و ان كانت وفق مصالحهم فقط ، و يجب ان يبقوا بعيدا عن اتهام الدستور بما يحصل، ففي هذه الحالة يمكم ان يجدوا الحل الجزئي لمرحلة معينة او اتباغ الترقيع للخلاص مما افرز من المشاكل المرحلية الحزئية و من ثم انتظار الانعطافة التي يمكن ان يمر بها العراق و تاريخه المليء بها-ن و بها يمكن ان تجرف العوازل والعوائق و المسببات الخطرة التي تراكمت امام مسار الديموقراطية و العملية السياسية بمجملها لاسباب داخلية و خارجية و من ثم يمكن ان يُستهل البناء الصحيح فوقيا و تحتيا و هذا ما يحتاج لوقت طويل جدا، و بغير هذا لا يمكن ان نجد البديل المناسب السريع ان اردنا الحل المناسب العلمي بعيدا عن الترقيعات المطلوبة حاليا.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل رُسخت ثقافة القطيع عند الشعب الكوردي ؟
-
برمجة الفكرالعبودي في مخنا الشرقي
-
كيف يمكن الخلاص من الدين الوقح اصلاً
-
اراقة الدماء في عنق المحكمة الاتحادية
-
نجاة الكادحين في بقعة ما تشجع في اخرى على التحرك؟
-
تقصٌد الاحزاب في خلق الازمات المستفحلة
-
انتقائية عمل المحكمة الاتحادية
-
قرارات مجلس القضاء الاعلى مشكوك في امرها
-
كوردستان في مفترق الطرق
-
عملية خرق سيادة ام جنون قائد
-
قصف اربيل حمالة الاوجه
-
اعادة الخارطة السياسية الاقتصادية بعد هذه الحرب الملتهبة
-
الغول في عمق الحضارة و التاريخ بتعصب ايديولوجي
-
من يدير شؤون الوزارات في كوردستان ؟
-
النقد الفكري بخلفية ايديولوجية في كوردستان
-
هذه هي حقيقة امريكا
-
هل تدافع روسيا عن وجودها ؟
-
لا تنبهروا بمظاهر اقليم كوردستان
-
هل يمكن الوصول الى العقلية الانسانية في منطقتنا؟
-
الانتخابات العرقية المذهبية لتجسيد الديمقراطية الشاذة
المزيد.....
-
ضابط روسي: تحرير -أوليانوفكا- ساهم بانهيار خط دفاع أوكراني ب
...
-
تصريح غريب ومريب لماكرون عن سبب عدم فرنسا من مشاركة إسرائيل
...
-
طهران للوسطاء: لا تهدئة قبل استكمال الرد الإيراني على إسرائي
...
-
فيديو.. الأمن الإيراني يطارد -شاحنة تابعة للموساد-
-
إسرائيل تقلص قواتها في غزة لأقل من النصف.. ما علاقة إيران؟
-
إسرائيل.. ارتفاع عدد القتلى بعد انتشال جثتين من تحت الأنقاض
...
-
-منتدى الأعضاء السبعة-.. متى وكيف قررت إسرائيل ضرب إيران؟
-
فيديو.. قتلى ومصابون في هجوم إيراني جديد على إسرائيل
-
فيديو.. صاروخان إيرانيان يشعلان النار بمحطة طاقة في حيفا
-
تقرير -مخيف- عن الدول التسع المسلحة نوويا.. ماذا يحدث؟
المزيد.....
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|