أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد هادف - الوضع الأمني المغاربي على كف عفريت: هل الحرب هي الحل؟ (الجزء الثالث)















المزيد.....

الوضع الأمني المغاربي على كف عفريت: هل الحرب هي الحل؟ (الجزء الثالث)


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 7365 - 2022 / 9 / 8 - 16:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مستقبل الفضاء المغاربي في ضوء الحرب الروسية الأوكراينية
من هتلر إلى بوتين: الحرب العالمية الثالثة في غمار صدام الأنساق الجيوسياسية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدام الأنساق: المملكة المتحدة، الاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي ـــــــــــــــــــــــــــ
وجد الاتحاد الروسي نفسه إزاء ثلاث اتحادات: الاتحاد الأوروبي (UE)، الاتحاد الأمريكي (USA) والمملكة المتحدة (UK)، فضلا عن منظمة الأمم المتحدة (UN). وبالموازاة، وضعت بريطانيا نفسها في جبهة مزدوجة إزاء روسيا وأوروبا، ترتب عن ذلك استقالة حكومة جونسون.
وتحت عنوان (بريطانيا وضعت نفسها في مواجهة أوروبا كلها)، كتب غيفورغ ميرزايان (gevorg mirzayan)، في "فزغلياد"، شهر يونيو 2022، حول لعبة بريطانية ضد الاتحاد الأوروبي وروسيا في الوقت نفسه. وجاء في المقال: رسميا، العدو الأكبر لبريطانيا اليوم هو روسيا، على الأقل من وجهة نظر بريطانيا. وتكاد تكون لندن المصدر الرئيس للخطاب المعادي لروسيا ومقترحات العقوبات.
ويرى غيفورغ أنه على الرغم من كل عداء إنكلترا لروسيا، فقد تبين أن أوروبا هي خصمها الأول. شنت لندن ما لا يقل عن ثلاث هجمات على الاتحاد الأوروبي:
أولاً، أطلقت إلغاء ما يسمى ببروتوكول أيرلندا الشمالية - أي الاتفاقية التي تتبع بموجبها أيرلندا، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، المجال الاقتصادي والجمركي الأوروبي وليس البريطاني. ببساطة، تعمل لندن من جانب واحد على تمزيق صفقة بريكسيت من الاتحاد الأوروبي؛
وثانيا، تحبط إنكلترا محاولات الاتحاد الأوروبي إيجاد حل وسط مع موسكو؛
وثالثا، تحاول إنكلترا انتزاع أوروبا الشرقية من سيطرة بروكسل. فرئيس الوزراء البريطاني يريد إنشاء كتلة في المنطقة، معادية رسميا لروسيا، وهي في الواقع مناهضة للاتحاد الأوروبي.
ووفق غيفورغ، يبدو أن الاتحاد الأوروبي أقوى بكثير من لندن ويمكنه الرد بقسوة شديدة، فلا استجابات فعلية حتى الآن. ولا يعود ذلك فقط إلى غياب الوحدة في الاتحاد الأوروبي، ولا إلى كون الأمريكيين لا يريدون السماح بنزاع عام في صفوف الغرب الجماعي.
ويرى أن روسيا أنقذت المملكة المتحدة من العزلة التامة، حيث كلما وصلت العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى ذروة الأزمة، تكبس لندن زر "يجب أن نكون جميعا في خندق واحد ضد روسيا".
ويرى أن أمريكا وحدها القادرة على تدمير هذا المخطط، إذا أدركت واشنطن ضرورة إيجاد لغة مشتركة مع موسكو، وقد توقع صاحب المقال، أنه من المستبعد أن يتمكن بوريس جونسون وسياساته من التكيف مع هذا الخط. وبالتالي سيفقد الدرع الأمريكية. عندها، وعندها فقط، سيدرك عواقب أن الجميع يكرهونه. وفعلا، وجد جونسون نفسه مدعوا إلى الاستقالة بعد أن أصبح رحيله مطلبا ملحا لدى البريطانيين، لكن هل ستغير بريطانيا من غاياتاها أم من سياستها فقط؟

هل تقرع بريطانيا طبول حرب عالمية؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يفوت قائد الجيش البريطاني (القائد الإستراتيجي للقيادة) الجنرال باتريك ساندرز فرصة ظهوره الأول، الأربعاء (22 يونيو 2022)، أمام جنوده ليدق ناقوس الخطر بشأن إمكانية مواجهة روسيا بمشاركة الحلفاء الأوروبيين. وأثار القائد العسكري البريطاني، إثر استلامه لمنصبه، الكثير من الجدل عندما دعا كل قوات بلاده إلى أن تكون على أهبة الاستعداد للفوز بأي معركة قد تخوضها على الأرض.
وزاد من حرارة حديث القائد العسكري البريطاني إشارته إلى أن أي مواجهة مباشرة مع روسيا ستعني اندلاع الحرب العالمية الثالثة.
وحسب شبكة بي بي سي (BBC) البريطانية نقلا عن مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية، فإن هذا الخطاب لم يكن مفاجئا لبقية المسؤولين العسكريين الذين يتابعون تطورات المعركة في أوكراينا ويعرفون أن الأمور تسير في اتجاه مقلق.
وقبل الاجتياح الروسي لأوكراينا بأكثر من عام ونصف (ديسمبر 2020)، قال رئيس أركان الجيش البريطاني (رئيس أركان الدفاع) نيك كارتر إن الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا تهدد بإشعال فتيل حرب عالمية جديدة: "الحكام السلطويون مستعدون لاستخدام أي وسيلة لديهم، مثل المهاجرين أو زيادة أسعار الغاز أو القوى التي تعمل بالوكالة أو عمليات التسلل الإلكتروني لتحقيق أغراضهم". وتحدث عن حالة الغموض والقلق السائدة في العالم على خلفية الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا التي تهدد بإشعال فتيل حرب عالمية جديدة.
وشدد كارتر الذي تولى منصبه منذ عام 2018، في مقابلة أجرتها معه شبكة "سكاي نيوز" بمناسبة إحياء ذكرى ضحايا الصراعات المسلحة، على أن أي تصاعد للتوترات الإقليمية أو أخطاء في تقدير الأمور قد تؤدي في نهاية المطاف إلى نشوب صراع واسع النطاق. وأضاف كارتر، ردا على سؤال عما إذا كان هناك خطر حقيقي لنشوب حرب عالمية ثانية: "أقول إنها من المخاطر وعلينا أن نكون واعين لهذه التهديدات".
بعد عام من تصريحاته، وقبل رحيله عن منصبه بقليل، ألقى نيك كارتر، شهر ديسمبر 2021 (قبل الاجتياح الروسي بشهور) بتصريحات ثقيلة هزت الأوساط الأمنية والعسكرية في بريطانيا وأوروبا، عندما حذر من احتمال نشوب حرب مع روسيا.
ولم يتوقف الأمر عند التحذير من حرب محتملة مع روسيا، بل إن الجنرال البريطاني اعتبر أن هذه الحرب باتت أقرب من أي وقت مضى، مدفوعة بالأحداث الحاصلة شرق أوروبا وآخرها أزمة اللاجئين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.
ووفق مراقبين، تقاطعت تحذيرات قائد الجيش البريطاني مع تحذيرات مشابهة لعدد من المسؤولين السابقين في المخابرات الخارجية البريطاني "إم آي 6" (MI6)، ومن بينهم المفتش العام السابق للمخابرات الخارجية كريستوفر ستيل الذي قال إن روسيا "تعتقد أنها في حرب مع المملكة المتحدة".
وبعد أن مرت ثلاثة أشهر على الاجتياح الروسي لأوكراينا، يأتي القائد الإستراتيجي للقيادة الجنرال باتريك ساندرز ليستنفر كل قوات بلاده من أجل الدخول في مرحلة التحضير لأي معركة وشيكة. ويتماشى هذا الخطاب مع الإستراتيجيا التي وضعتها الحكومة البريطانية لرفع الإنفاق العسكري بحوالي 3 مليارات جنيه إسترليني في كل عام.
ويحمل القائد الجديد للجيش البريطاني والذي سبق له أن خدم في أفغانستان والعراق همّ إعادة تكوين الجيش البريطاني خصوصا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي والتراجع في عديد الجيش الذي يبلغ نحو 72 ألف جندي وهو أضعف رقم منذ عقود طويلة.
وطالب القائد الجديد للجيش البريطاني الجنرال باتريك ساندرز، كل جنوده بالاستعداد لمحاربة روسيا في حرب عالمية ثالثة محتملة، بحسب ما نقلت صحيفة "ذا صن" البريطانية. وتعهّد "ساندرز" بتشكيل جيش يمكنه هزيمة روسيا في المعركة.
وشدد على أنه سيسرع في خططه؛ لتحديث الجيش، ونشره في الخارج على نطاق واسع للاستجابة بسرعة أكبر للأزمات، ولدعم دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" وحرمان روسيا من فرصة احتلال مزيد من الدول.
الموقفان البريطاني والأمريكي متناغمان، حيث تذهب عدة أطروحات أن واشنطن ضالعة بشكل أو بآخر في هذه الحرب. وقد حدد الأستاذ جون ميرشايمر من جامعة شيكاغو، بدقة الأسباب الحقيقية للحرب في أوكراينا، واضعا اللوم على عاتق أمريكا وحلفائهامعتبرا "الصراع في أوكراينا كارثة هائلة ستجبرنا على البحث عن أسبابها. أولئك الذين يتصادقون مع المنطق والحقائق سيدركون أن اللوم في الكارثة يقع على عاتق الولايات المتحدة وحلفائها". وصرح الفيلسوف الأمريكي البارز نعوم تشومسكي بأن أمريكا مصممة بشكل لا لبس فيه على إلحاق الضرر بروسيا.

القوميتان الروسية والأوكراينية بين براديغمين: سياقات ومداخل ــــــــــــــــــــــــــــ
ثمة سردية تلقي بمسؤولية الحرب على أوكراينا، فضلا عن الغرب وبشكل خاص، تلقي هذه الأطروحة باللائمة على لندن وواشنطن، ويشترك في هذه السردية متابعون روس وأمريكيون ومن قوميات مختلفة. بالمقابل نجد سردية مضادة، تتهم روسيا بغزو دولة سيدة، وتتسبب في أزمة أممية مفتوحة على جميع الاحتمالات.
سنحاول في هذا المقال أن نقرأ الأزمة، ولو بشكل مختزل، في سياقاتها المتعددة، ولا سيما في مظهرها الأيديولوجي بوصفه محركا للصراع ومعيقا للحوار، وبوصفه منتجا للأزمة وليس منتجا للحلول.
حول التحول الديموغرافي والهوياتي في البؤرة التي انفجر منها الصراع، دونباس (Donbass) التي تضم الإقليمين المنفصلين، والتي عاشت صراعا دمويا منذ عام 2014، وفي سياق، التحول الجيوسياسي تفيد المعطيات أن:
- تاريخ هذه المنطقة يبدأ مع القرن الثامن، وكان هذا الإقليم تحت حكم تتار القرم حلفاء العثمانيين في القرون التي تلت ثم سقطت المنطقة في يد الاميراطوريا الروسية؛
- نهاية القرن السابع عشر أصبحت منطقة دونباس منجمية (منجم الملح) ونشأت أول مدينة، وفي غمار الثورة الصناعية حدث حراك كبير في الاستثمار، وأصبحت منطقة دونباس محجا للنازحين والمهاجرين؛
- مع نهاية القرن التاسع عشر كان الأوكراينيون يمثلون أكثر من خمسين في المئة من ساكنة دونباس والروس حوالي ثلاثين في المئة وما تبقى قوميات أخرى؛
- مع بداية العصر السوفييتي حدث تطهير عرقي وفق بعض المصادر وتعاظم عدد الروس في دونباس. ومع المجاعة التي ضربت المنطقة في الثلاثينيات كان الأوكراينيون على رأس لائحة الضحايا في المنطقة؛
- مع نهاية الحرب الباردة واستقلال أوكراينا، عرفت منطقة دونباس أزمة اقتصادية وحدث إضراب ضد السلطة في كييف وحراك احتجاجي متعدد المطالب بما فيها اللسان والهوية، بهدف الخروج من السياسة المركزية إلى سياسة فيدرالية. وبعد تصلب كل الأطراف وانسداد قنوات الحوار وتسيد الثقافة الدوغمائية، نشأت حركة متطرفة موالية للروس؛
- من 1990 إلى 2014 حدث الانفجار بعد طغيان الصراع الأيديولوجي في دونباس والسلطة في كييف؛
- هناك نسبة مهمة من المسلمين في المنطقة تقدر بعشرين في المئة.
- أصبح الاتحاد الروسي بقيادة بوتن بمثابة الجبهة الخلفية لليمين الأوروبي. وهناك معطيات تفيد أن موسكو قدمت الدعم والرعاية للأحزاب والتيارات الأوروبية اليمينية المتطرفة المتشبعة بالفكر النازي. من حزب الحرية النمساوي وانتهاء بحزب البديل الألماني مرورا بفيكتور أوربان في المجر ومارين لوبان وإريك زمور في فرنسا وماتيو سلفيني في إيطاليا وغيرهم في هولندا واليونان واسبانيا، فإن بوتن وجد في تلك التشكّلات نفوذا داخل أوروبا ولم يبد أي رفض للنوستالجيا التي يبدونها بديماغوجية للنازية القديمة. وسبق أن نشرت الصحافة الأوروبية تقارير عن استفادة اليمين المتطرف الأوروبي من تمويلات روسية.
- أوكراينا لا تشذ عن الفضاء الأوروبي، وما "النازيون الجدد" في أوكراينا إلا ظاهرة مستنسخة من أوروبا وأميركا وبلدان غربية أخرى، وإن "النازيين الجدد" الذين يحاربهم بوتن لم ينجحوا في الدخول إلى البرلمان في انتخابات عام 2019 في أوكراينا، وبقي تأثيرهم هامشيا داخل أروقة السلطة في كييف.
- تعتبر ميليشيا "آزوف" التي أسسها الفاشي الأوكرايني أندري بيلتسكي أخطر تجليات اليمين القومي المتطرف في أوكراينا. غير أنها هامشية في تمثيلها، ولا تعبر عن الرأي العمومي الأوكرايني.
- لم يحدث أن أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن خلال فترة حكمه اليمين الأوروبي المتطرف، بل لم يتحفظ في علاقاته وعلاقات بلاده مع أحزاب اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية في أوروبا وأمريكا.
- وإذا كان اليمين الروسي هو جوهر الاتحاد وروحه السياسية، من حيث تجاوب القيادة مع النظرية: تشبع بوتن بنظرية ألكسندر دوغين؛ فإن اليمين المتطرف الأوكرايني يبدو مختلفا وغامضا من حيث علاقته بالطبقة السياسية الأوكراينية، حيث تفيد معطيات أوردها تيري ميسان، أن المرجعية الأيديولوجية التي يستند عليها المتطرفون في أوكراينا تجد خلفيتها الفلسفية لدى مُنظِّرها ومؤسسها ليو شتراوس. وليو شتراوس (1899 - 1973) فيلسوف أمريكي يهودي من أصل ألماني، يعتبره البعض الملهم لأيديولوجيا المحافظين الجدد التي تسربت إلى الحزب الجمهوري الأمريكي.
عاش ليو شتراوس في عزلة طويلة، وأمضى وقتا طويلا داخل المؤسسات الأكاديمية في أمريكا الشمالية، ورغم ذلك فقد كان الرجل يعلن بصراحة شديدة كراهيته للديموقراطيا والليبراليا على حد سواء. حاول أتباعه كثيرا إخفاء هذه الحقيقة، والحقيقة أن الصورة التي تم رسمها لشتراوس باعتباره قوميا أمريكيا يعشق الحرية، هي صورة ملفقة تماماً، فهي أبعد ما تكون عن الحقيقة، حسب آراء المطلعين، والمشكلة بالنسبة لأتباعه هي أنهم مضطرون للكذب، وهذا ليس خطأهم. فشتراوس نفسه كان يميل بقوة نحو السرية لأنه كان يؤمن بأن الحقيقة قاسية جدا بحيث لا يمكن لأي مجتمع أن يتحملها وأن أنصار الحقيقة سوف يتعرضون للاضطهاد من جانب المجتمع وبخاصة المجتمعات الليبرالية.
وتفيد هذه المعطيات أن شتراوس كان عدو أمريكا الخفي. وحسب العديد من الشّهادات، كوّن شتراوس فرقة صغيرة من التّلاميذ الأوفياء اللّذين لقّنهم دروساً شفهيّةً. فسّر شتراوس لتلاميذه أنّ الوسيلة الوحيدة لحماية اليهود من إبادة جديدة هي بتكوينهم لديكتاتورية تابعة لهم. واليهود الشتراوسيون، وفق تيري ميسان، لم يكونوا يمثّلون، على الإطلاق، لا اليهود الأمريكيين، ولا اليهود في بقية العالم.
بدأ الشّتراوسيّون، يضيف ميسان، بتشكيل فريقٍ سياسيٍّ قبل نصف قرن، عام 1972، وكانوا أعضاءً في فريق عمل السّيناتور الدّيموقراطي هنري "سكوب" جاكسون، خصوصاً إليوت أبرامز، ريتشارد بيرل، وبول ولفويتز. تعاونت هذه الفرقة بشكلٍ وثيقٍ مع مجموعة من الصّحافيّين التّروتسكيّين، اليهود ايضاً، اللّذين كانوا قد تعرّفوا على بعضهم بعضاً في كلّيّة نيو يورك، وعمِلوا في تحرير مجلّة كومنتاري. كان لقب هؤلاء الصّحافيّين هو "الأدباء النّيو يوركيّين". كانت الفرقتَان (الشتراوسيّون والأدباء النّيو يوركيّين) على اتّصالٍ وثيقٍ بوكالة الإستخبارات المركزيّة، ولكن ايضاً بمؤسّسة راند، عبر ألبيرت وولستيتّر (الخبير الإستراتيجي) القريب من بيرل. الكثير من هؤلاء اليافعين تزوّجوا من بعضهم بعضاً، وتمكّنوا من تكوين مجموعة مُتراصّة تضمّ حوالي مائة شخص.
منذ عودة جو بايدن إلى البيت الأبيض هذه المرّة بصفته رئيساً للبلاد، يقول ميسان، يُمسك الشّتراوسيّون بِمقابض الحُكم: "جايك" سوليفان أصبح مُستشاراً للأمن القومي، بينما أصبح أنطوني بلينكن وزير الخارجية، وفيكتوريا نولاند نائبته، وكانت هذه الأخيرة قد توجّهت في أكتوبر 2021 إلى موسكو وهدّدت بسحق الإقتصاد الرّوسي في حال عدم امتثال القيادة لمطالبها. من هنا بدأت الأزمة الحالية يقول ميسان.
وبصرف النظر عن مقاربة تيري ميسان لعلاقة الشتراوسيين بجو بايدن، فإن السياسة الأمريكية وإن وفرت مساحة لهذا التيار الشتراوسي داخل البيت الأبيض فمن المؤكد أن أهدافها تختلف عن أهدافه، من حيث أن المشروع الأمريكي يمثل النسق الجيوسياسي الأممي في حين أن التيار الشتراوسي يمثل "نسقا نقيضا" للنسق الأممي من جهة، ومن جهة ثانية يمثل "نسقا مضادا" للنسق الجيوسياسي الروسي في نزعته الأوراسية المضادة للغرب وللنسق الجيوسياسي الأممي.
الاتحاد الروسي كنسق جيوسياسي تغلب عليه النزعة القومية بشحنتها الهوياتية الإثنية/الدينية يستمد قوته من ثقله التاريخي، الديمغرافي، العسكري والجغرافي فضلا عن سلاح الغاز والنفط، ما يحمله على النظر إلى أوكراينا وبلدان الجوار نظرة استخفاف. أما أوكراينا، وبالرغم من نزوعها إلى الغرب، فهي لا تختلف عن روسيا من حيث نزعتها القومية، الإثنية/الدينية. وإذا كانت روسيا معتدة بقوتها فإن أوكراينا متعدة بالغرب. الغرب يمثل نزعة قومية مدنية تقف على الطرف النقيض من روسيا وأوكراينا، وهو بالتالي يدير حربا بين بلدين تتحكم فيهما نفس النزعة القومية. الغرب إذن، ليس متموقعا في الحرب مع هذا الطرف ضد ذاك، فمن جهة لن يدخل في حرب دفاعا عن أوكراينا، لكن من جهة ثانية لن يسمح لروسيا بأي نصر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: أستعمل مفهوم القومية بدل الوطنية، باعتبار أن القومية (Nationalisme) نسبة إلى (الجماعة البشرية) القوم/الأمة (Nation)، بينما كلمة وطن (Patrie) لا تحيل على الجماعة البشرية بل إلى الأرض، أرض الآباء والأجداد بالمعنى البيولوجي والروحي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوضع الأمني المغاربي على كف عفريت: هل الحرب هي الحل؟ (الجزء الأول)
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=767717
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوضع الأمني المغاربي على كف عفريت: هل الحرب هي الحل؟ (الجزء الثاني)
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=767806#



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوضع الأمني المغاربي على كف عفريت: هل الحرب هي الحل؟ (الجزء ...
- الوضع الأمني المغاربي على كف عفريت: هل الحرب هي الحل؟ (الجزء ...
- تبون وماكرون وجها لوجه: هل ستكون العلاقة الفرنسية الجزائرية ...
- مفدي زكريا: شاعر القومية الجزائرية
- زيلنسكي إزاء بوتن: صراع النازيات
- في معنى الشعبوية: هل قيس سعيد شعبوي؟
- عندما تتشبع السياسة بروح الصداقة
- تونس 25 يوليو: الرهانات والتحديات
- الفضاء المغاربي في ضوء نظرية الألعاب
- -فيتش-: دول في طريقها إلى الإفلاس
- جدل سياسي: دولة مدنية؟ أم أمة مدنية؟
- مجتمع الطغيان: المثقف الصرصور والمثقف العبرة
- المستبد المستنير والمثقف الفيلسوف
- في معنى الاستبداد المستنير
- ملف النخبة المغاربية (الجزء التاسع): تونس ومسار التحرر: من ب ...
- ملف خاص:النخبة المغاربية (الجزء الثامن): الحركة القومية التو ...
- بين الذكاء والغباء
- ملفات مغاربية: بعد ستة أشهر من عام 2022
- مايو: أحداث وأسماء جزائرية
- الجزائر: سؤال الهوية بين حقيقة العقل وحقيقة الواقع


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد هادف - الوضع الأمني المغاربي على كف عفريت: هل الحرب هي الحل؟ (الجزء الثالث)