أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد هادف - مجتمع الطغيان: المثقف الصرصور والمثقف العبرة














المزيد.....

مجتمع الطغيان: المثقف الصرصور والمثقف العبرة


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 7293 - 2022 / 6 / 28 - 00:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من المسلمات التي ترسخت في ذهن الناس أن الظلم يتولد عنه ظالم ومظلوم، وبما أن الظلم هو نقيض العدل، فإن الظالم هو المعتدي والمظلوم هو المعتدى عليه. يحدث هذا في حالات بسيطة وواضحة، ولاسيما في مجتمعات الحق والقانون. لكن هناك حالات ولاسيما في مجتمعاتنا قد يلتبس عليك الأمر حتى يصعب أن تميز الظالم عن المظلوم. يزداد الأمر تعقيدا كلما تداخلت العلاقات والتبست الحدود بينها، يكون المظلوم والحالة هذه متواطئا ضد نفسه بعد أن وفّر الشروط للطرف الذي مارس عليه الظلم.
يتعاظم دور المظلوم في تقوية الظالم حتى ليمكن القول أن المظلوم هو ضحية نفسه أولا، من حيث أنه هو من بادر إلى ظلم نفسه ليفسح المجال بعد ذلك إلى من يتربص بضحاياه عن سبق إصرار وترصد. وإذا كان هذا حال الفرد فكيف يكون حال المجتمع؟

في مجال التدبير السياسي، وفي ضوء المقدمة أعلاه، هناك مجتمعات وشعوب لا تتوقف عن الشكوى وعن المطالبة بالتغيير. تشعر أنها شعوب مظلومة، دون أن تسأل نفسها عن أسباب الظلم الذي تعاني منه، ودون أن تعي أن لها مسؤولية عن وضعها المأساوي.
وفي هذه الحالة يختلط الحابل بالنابل، وغالبا ما يذهب الأبرياء ضحية هذا الوضع ويستفيد منه الجناة. توصف هذه المجتمعات بالبربرية، وتوصف سياستها بالطغيان. وكلما استشرى الفساد وعم الكساد كثر الدجالون والكذابون وتصدروا المشهد بوصفهم نخبة المجتمع (كتاب، صحفيون، أكاديميون، ووعاظ في المجال الديني والحقوقي).

كنت في المقالين السابقين، سلطت الضوء على (الطغيان والدكتاتوريا والاستبداد) كمفاهيم متمايزة، وليست مترادفة كما درج البعض على استخدامها (انظر كتاب "في الطغيان والاستبداد والديكتاتوريا" للباحثة دولة خضر خنافر، ومقالين على هذا المنبر "في معنى الاستبداد المستنير" و"المستبد المستنير والمثقف الفيلسوف"، الرابط أسفل المقال).
يرى مونتسكيو أن الاستبداد الشرقي يتحدد بالقوانين الدينية، والحال، فإن هذا الدين ذاته يستعمل لمساندة الحكم الاستبدادي وتوطيده، وكان مونتيسكيو كفيلسوف ليبيرالي يتهم الاستبداد بشكل خاص، بعدم احترام الحريات الفردية وحرية الملكية الخاصة. في نظره، الاستبداد الشرقي هو حكم الجهل: جهل الحاكم وجهل الشعب، وبسبب هذا الجهل العام تغيب الفضيلة. والمستبد الذي تصوره مونتيسكيو، لا يمكنه أن يكون مستنيرا، فهو نقيض المستبد المستنير الذي كان المثال الأعلى لمعظم فلاسفة عصر مونتيسكيو.
إن الاستبداد القانوني، في نظر الفيزيوقراطيين، هو نقيض منظومة مونتيسكيو الذي يرى أن الاستبداد هو المرادف للفساد والبؤس. فالاستبداد عندهم، هو ريجيم سياسي يخلو من البؤس والخوف بحكم أنه يرتكز على العقل. وفي هذا النوع من الاستبداد تكون الغلبة للأفكار المعقولة وليس للأهواء.
كلما كانت النخبة الحاكمة جاهلة وكان الشعب جاهلا غاب العقل وطغت الأهواء، وتحول المجتمع برمته إلى طغيان. وإذا شئنا الدقة، ولأن الطغيان هو نتاج جهل عام، فهذا يعني أن نخبة المجتمع جاهلة وتوزع "علومها" بسخاء على الحاكم وعلى الشعب، وبالتالي تسير بالدولة في طريق الضلال.
في هذه المجتمعات يكون من الصعب العثور على مثقف يتمتع بالكفاءة والحكمة والسيادة، سواء كان داخل الحكم أو خارجه. ستصادف صنفين من "المثقفين": "المثقف الصرصور" و"المثقف العبرة". الأول دوره موسمي كما هو حال الصرصور، يوكل له دور تنشيط الواجهة، فيبذل كل ما في وسعه لتلميع سمعة الحاكم والثناء على حكمته وفرادته وقدراته الخارقة، ويغدق على الشعب كل صفات العظمة، ولا يتوقف عن "الصرصرة" إلا إذا جاءه أمر بغلق فمه.

بينما تجد المثقف العبرة، يصر على أنه مثقف من طراز رفيع، وأنه يفني حياته في خدمة الوطن، وفي الوقت الذي يقدم نفسه لأتباعه بوصفه يحمل مفاتيح كل الأزمات، تجده يبكي ليل نهار بوصفه ضحية الحسد والتهميش. بين هذا المثقف وأتباعه علاقة عجيبة يتبادلان من خلالها مشاعر سطحية وبطولة زائفة، علاقة يغيب فيها النقد والمصارحة، كما تغيب فيها روح التضامن. هذا المثقف غالبا ما يعيش حياة البؤس، ويوفر لأعدائه كل أسباب الانتصار عليه دون أن يبذلوا أي جهد في إسقاطه، فهو بطبيعته يوفر عليهم هذه المهمة وهو من يتكفل بها ويقوم بها عن طيب خاطر وعلى أحسن وجه. وفي الوقت الذي يفرغ غضبه على الواقع السياسي يظل ينتظر من هذا الواقع أن يمنحه بعض الاعتراف والاعتبار، وفي النهاية يصبح عبرة لمن يعتبر بدل أن يصبح مثالا للاحتذاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في معنى الاستبداد المستنير
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=759342
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المستبد المستنير والمثقف الفيلسوف
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=759858



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستبد المستنير والمثقف الفيلسوف
- في معنى الاستبداد المستنير
- ملف النخبة المغاربية (الجزء التاسع): تونس ومسار التحرر: من ب ...
- ملف خاص:النخبة المغاربية (الجزء الثامن): الحركة القومية التو ...
- بين الذكاء والغباء
- ملفات مغاربية: بعد ستة أشهر من عام 2022
- مايو: أحداث وأسماء جزائرية
- الجزائر: سؤال الهوية بين حقيقة العقل وحقيقة الواقع
- اليوم العالمي -العيش معا في سلام-
- الفرنسيون ذوو الأصل المغاربي والشأن السياسي
- الصحافة المغاربية: بين الحصار وسوء التعبير
- بعد أسبوع على فوزه بالرئاسة: هل سينجح ماكرون في الوفاء بوعود ...
- على هامش رحيل إيدير: كيف نبني خطابا خلاقا خاليا من الجهل وال ...
- تأشيرة شنغن: كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى البلدان المغاربية ...
- البلدان المغاربية في ضوء المنطق
- العلاقة الجزائرية الليبية في ضوء تحركات الدبيبة
- فرنسا: هل ستلفظ الجمهورية الخامسة أنفاسها؟
- على هامش الرئاسيات الفرنسية: أي مستقبل فرنسي مغاربي؟
- فضاء جيوسياسي مغاربي جديد قيد التشكل
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء السابع): تونس القرن التاسع ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد هادف - مجتمع الطغيان: المثقف الصرصور والمثقف العبرة