أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد هادف - فرنسا: هل ستلفظ الجمهورية الخامسة أنفاسها؟















المزيد.....

فرنسا: هل ستلفظ الجمهورية الخامسة أنفاسها؟


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 7221 - 2022 / 4 / 17 - 19:24
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


تأتي زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في سياق المساعي الفرنسية من أجل استعادة فرنسا لامتيازاتها بالجزائر، ومعالجة الأزمة التي تعمقت بين البلدين منذ حراك 22 فبراير. سبقتها زيارته الأولى نهاية العام الماضي التي أحدثت بعض الانفراج في العلاقات.
واتضح أن وزير الخارجية الفرنسي أصبح القناة الوحيدة للتواصل الدبلوماسي بين البلدين بعد أن رفضت الجزائر استقبال رئيس الوزراء الفرنسي، جون كاستاكس مرتين على الأقل منذ توليه هذا المنصب صيف 2020.
كما جاءت في سياق تأزم العلاقة الجزائرية مع محيطها المغاربي والمتوسطي: قطع العلاقة بالمغرب بسبب التطبيع مع إسرائيل، وتأزم العلاقة مع إسبانيا بسبب الاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء، وفي سياق اصطفاف الجزائر مع روسيا، وبعد زيارة وزير الخارجية الأمريكية إلى الجزائر... وفي ظل التقارب الجزائري الإيطالي. من جهة أخرى جاءت الزيارة بعد نتائج الرئاسيات التي فاز فيها ماكرون ومارين لوبان، وفي إطار الذهاب إلى الجولة الثانية من الرئاسيات.

على صعيد آخر، خلال العامين الأخيرين بقدر ما تقلص التواصل الفرنسي الجزائري اتسع التواصل الأمريكي الجزائري، ومن الواضح أن العلاقة الفرنسية الجزائرية لن تعود إلى مجراها الطبيعي إلا في إطار جديد.
هل استنفدت الجمهورية الخامسة مخزون طاقتها الإبداعية؟ ولم يعد بمقدورها تدبير علاقاتها بمستعمراتها السابقة؟ هل ستُطوَى وتَحلّ محلها "جمهورية سادسة" تكون في مستوى التحديات الراهنة؟ أم ستعرف هذه الجمهورية نفسا جديدا بعد نتائج الرئاسيات في جولتها الثانية؟
يمكننا أن نتخيل ما ستكون عليه السياسة الفرنسية مستقبلا وأن نضع جملة من السياناريوهات، لكن من الصعب التكهن بالمنحى السياسي الذي ستعرفه فرنسا بعد الرئاسيات. غير أن الأمر الذي ليس قابلا للجدل هو أن السياسة الفرنسية داخليا وخارجيا، ستعرف تحولا بناء على مصير علاقتها بالجزائر.

من 1792 إلى اليوم، وعلى مدى قرنين و30 عاما، عرفت فرنسا خمس جمهوريات (انظر الرابط أسفله)، كانت الجمهورية الثانية هي الأقصر (ثلاثة أعوام) وكانت الجمهورية الثالثة هي الأطول (70 عاما). وجاءت الجمهورية الخامسة (الحالية) بعد أن فشلت الجمهورية الرابعة في تدبير ملف حرب التحرير التي أشعلتها الجزائر المحتلة ضد فرنسا.
الجمهورية الخامسة بقيادة شارل ديغول عام 1958 نجحت في حسم الجدل حول الحرب، وأسست للعهد الفرنسي ما بعد الكولونيالي في سياق النظام العالمي الذي انبثق عن الحرب العالمية الثانية.
هذه الجمهورية (الخامسة)، بعد مرور 64 عاما من نشأتها، بدا عليها التعب منذ حراك 22 فبراير 2019؛ وكانت هذه الجمهورية خرجت غانمة من ثورات 2011، وكانت الجزائر من غنائمها في إطار مكافحة الإرهاب ومعالجة الأزمة التي حدثت في دولة مالي وبلدان الساحل والصحراء.

هل الزيارة مفاجئة؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وصفت الميديا زيارة لودريان بالمفاجئة، وهو وصف غير دقيق من حيث أن تَنقُّل وزيرٍ بشكل مفاجئ إلى بلد آخر لا يكون إلا، في حالات استثنائية، بين بلدين صديقين يتعاملان بمرونة في المسائل البروتوكولية، ولأن العلاقة بين الجزائر وفرنسا متأزمة فإن الزيارة كانت منتظرة وكل ما في الأمر أن البلدين لم يعلنا عنها.
في أعقاب هذه الزيارة، أكد وزير الخارجية الفرنسي لودريان أنه "لا غنى" عن التعاون بين البلدين من أجل استقرار المنطقة وإن البلدين يواجهان تحديات إقليمية، وفي مقدمتها الإرهاب. وأضاف أن "تطور الوضع في منطقة الساحل والحاجة إلى استئناف مسار الانتقال في ليبيا يؤكد الحاجة إلى ذلك". وأضاف "لقد واصلنا العمل الذي بدأناه بشأن إعادة إطلاق علاقاتنا الثنائية الضرورية لكل من بلدينا والتي نرغب أن تستمر في إطار الاجتماع القادم للجنة الوزارية العليا المشتركة". كما أشار إلى غزو روسيا لأوكرانيا، وتداعيات هذه الحرب على إمدادات الطاقة للدول الأوروبية، وعلى الإمدادات الغذائية في عدد من البلدان بما في ذلك الجزائر. وأشار لودريان إلى أنه "تناول مع الطرف الجزائري، هذه الملفات الحساسة في جو تسوده الثقة والتضامن كأساس للشراكة بين الدولتين".

مقاصد الزيارة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من البديهي أن لودريان يسعى إلى ترميم العلاقة الفرنسية الجزائرية التي تصدعت في العامين الأخيرين، ويبدو أن العلاقة في حاجة إلى إعادة بناء، وهي مهمة من الصعوبة أن تقوم بها الدولتان بشكلهما الحالي، وكل ما في استطاعتهما هو ترميم ما يمكن ترميمه في انتظار تحولات عميقة قد تحدث مستقبلا.
الملفات هي ذات الملفات: الملف الليبي، ملف الساحل والصحراء، المصالح الفرنسية في الجزائر، والرئاسيات الحالية (أما ملف الذاكرة فلا يتم طرحه إلا في إطار مسرحة العمل السياسي، كما هو حال المؤثرات الخاصة في العمل السينمائي).
في السياق نفسه، تلقّى رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح ڨوجيل، مساء الأربعاء، اتصالاً هاتفياً من جيرار لارشير، رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي. وبحث الجانبان، وفق بيان لمجلس الأمة، إعادة العلاقات البرلمانية المشتركة من خلال مباشرة التحضيرات ذات الصلة بتنظيم الدورة الثانية للمنتدى البرلماني الثنائي، بين مجلس الأمة الجزائري ومجلس الشيوخ الفرنسي.
ومباشرة بعد الزيارة، حثّ عميد مسجد باريس الكبير، يوم الجمعة، في بيان تم نشره على الصفحة الرسمية للمسجد عبر “فيسبوك”، المسلمين إلى التصويت لصالح المترشح، إيمانويل ماكرون، خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في 24 أبريل الحالي. واعتبر العميد حفيز، أن التصويت هو الحل الوحيد لقطع الطريق على اليمين المتطرف الذي يهدد بنفي المسلمين من فرنسا، مشيرا بأنه من الواجب عدم البقاء كشهود سلبيين ورهن مستقبل أبنائهم.
وفي سبيل هذا الترميم، هل جاء لودريان بعروض ترضي الجزائر وتعيد العلاقة إلى سابق عهدها؟ أم جاء بتحذيرات تحمل الجزائر على مراجعة مواقفها من فرنسا ومن الغرب؟ وعلى ماذا يراهن كل طرف؟

إذا لم تحدث المفاجأة وفاز ماكرون بولاية ثانية، سيستأنف البلدان علاقتهما، ولكن ستبقى علاقة مشوبة بالحذر الشديد. أما إذا حدثت المفاجأة وفازت مرشحة اليمين مارين لوبين بالرئاسة، فإن العلاقة ستعرف منعرجا آخر، وأن فرنسا في حد ذاتها قد تدخل مرحلة جديدة من المحتمل أن يترتب عنها تحول عميق يفضي إلى جمهورية سادسة بعد أن فشلت الجمهورية الخامسة في معالجة علاقتها بمحيطها الكولونيالي بشكل عام والمغاربي بشكل خاص والجزائري بشكل أخص.

في ضوء التواصل السياسي والأنتروبولوجيا السياسية ومسرحة الفعل السياسي (théâtralisation du pouvoir) يمكننا فهم المعالجة المسرحية لـ"لمأزق" الذي تتخبط فيه العلاقة الجزائرية الفرنسية، وهو مأزق بنيوي حدث بفعل انحراف فرنسا عن المبادئ المنبثقة عن ثورتها من جهة وانحراف الجزائر عن المبادئ التي تبنتها في غمار حربها من أجل الاستقلال. هذه المعالجة المسرحية في مظهرها الضحل تتجلى في التصريحات والقرارات التي تصدر من هذا الطرف أو ذاك. ما يحدث في فرنسا والجزائر يحدث أيضا في عدد من البلدان، يبقى الفرق بين بلد وآخر هو جودة "المسرحة" ورداءتها وإلى أي مدى ستصمد هذه المسرحة ومدى قدرتها على تحقيق الوعود التي بشّرت بها.

وإذا سلمنا أن العالم أصبح في حاجة ملحة إلى نظام جديد، بعد أن طغت عليه ثقافة الدجل والكذب، وأصبحت مفضوحة، فإن الثقافة التي سيقوم عليها هذا النظام العالمي الجديد، ستكون أكثر علمانية وشفافية، وأكثر رفضا للأيديولوجيا ولكل خطاب زائف.
نحو هذا الأفق تتحرك العلاقة المغاربية الفرنسية، غير أن وتيرة التحرك تبقى مشروطة بوعي ودينامية النخب المغاربية والفرنسية.
ـــــــــــــــــــــــــ
على هامش الرئاسيات الفرنسية: أي مستقبل فرنسي مغاربي؟
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=753149



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على هامش الرئاسيات الفرنسية: أي مستقبل فرنسي مغاربي؟
- فضاء جيوسياسي مغاربي جديد قيد التشكل
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء السابع): تونس القرن التاسع ...
- الشعر في يومه العالمي: ما قصته مع الجمهورية؟
- المغاربيون في مرآة السعادة
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء السادس)
- خارج التغطية
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء الخامس)
- كيف نقرأ كمغاربيين ما يحدث في أوكراينا؟
- البلدان المغاربية وحرب روسيا على أوكراينا: المواقف والتدابير
- هل سيتحسن الوعي المغاربي في غمار هذه التحولات؟
- البلدان المغاربية والغزو الروسي لأوكراينا
- الرأي العمومي المغاربي والحاجة إلى صحافة بَناءة
- في ذكراه الثالثة: هل ستبقى شعلة حراك 22 فبراير متقدة؟
- قمة بروكسل بين الاتحادين: الأوروبي والأفريقي
- فبراير المغاربي
- النخبة المغاربية: ملف خاص (الجزء الرابع)
- فبراير إغران وفبراير أديس أبابا
- التعليم في يومه العالمي: البلدان المغاربية
- النخبة المغاربية: ملف خاص (الجزء الثالث)


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد هادف - فرنسا: هل ستلفظ الجمهورية الخامسة أنفاسها؟