أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد هادف - في معنى الاستبداد المستنير














المزيد.....

في معنى الاستبداد المستنير


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 7280 - 2022 / 6 / 15 - 22:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


الطاغية، المستبد والدكتاتور هي الأوصاف التي يقذفها المعارضون في وجه أي رئيس أو ملك يغلب على حكمه القمع والبطش بمعارضيه والتضييق على الحريات. وفي الغالب أن هؤلاء المعارضين متعطشون إلى السلطة ولا يحملون أي مشروع، ولا يقلون طغيانا وفسادا.
لكن ما هو وجه الاختلاف بين هذه المفاهيم؟ وهل الاستبداد (Despotisme) والطغيان (Tyrannie) والدكتاتوريا (Dictature) من صميم السياسة أم لا صلة لها بالسياسة؟
لن نخوض في المعنى اللساني لهذه الكلمات، وسنكتفي باقتضاب بالوقوف عند الدلالة الاصطلاحية. الطاغية (tyran) هو الحاكم المطلق غير المقيَّد بالقانون، أو هو من اغتصب السلطة العليا بطريقة تفتقد إلى الشرعية وإلى الدستورية. لدى أرسطو وأفلاطون يمثل "الطغيان" نقيض "السياسة"، والطاغية صفة من يحكم دون اللجوء إلى القانون، مستخدمًا أساليب متطرفة ومتوحشة ضد شعبه وجيرانه. والطغيان باختصار شديد لا صلة له بالسياسة على خلاف الاستبداد والدكتاتوريا كما سنرى.
وصف المفكرون السياسيون الطغيان بأنه أسوأ أشكال الفساد الحكومي. نادرا ما يتم الثناء على الطغاة والمستبدين، ودائما ما ينظر إليهم بعين الكراهية والخوف. يمكن للحاكم الذي يتمتع بسلطة استبدادية غير محدودة أن يصبح طاغية. لكن الطاغية والمستبد لا يعنيان نفس الشيء. يمكن للحاكم المستبد أن يكون خيراً إذا كان منذورا ومخولا وحكم لمصلحة الرعايا عكس الطاغية الذي لا يمكن أن يكون خيرًا بسبب أنانيته وارتهانه إلى رغباته.
الحاكم المستبد تغلب عليه روح الأبوة ويعتبر الرعايا أبناءه، كما لو أنهم في حاجة إلى حاكم يرعاهم ويدير شؤونهم. نفهم هذا المعنى بالعودة إلى كلمة مستبد "ديسبوت" في اللسان الإغريقي، التي تعني رب الأسرة الذي يشرف على شؤون القاصرين أو مجموعة من العبيد. بينما كلمة طاغية، لدى الإغريق، ذات صلة بالحكم وتعني قائد دولة أو حكومة اغتصب الحكم.
لقد أظهر التاريخ أن الحاكم الذي يتمتع بسلطة مطلقة يمكن أن يكون مستبدا خيرًا وطاغية في نفس الوقت، من حيث أنه يمارس القمع، وفي ذات الوقت يجد في الرعايا من يدعمه ويزكيه عن قناعة واعتقادا منهم أنه يمارس القمع لأهداف محمودة، وأن من يمارس عليهم القمع مجرد متآمرين ومتعطشين إلى السلطة.
لهذا نجد في السياسة مفهوم الاستبداد المستنير (despotisme éclairé). غير أن السؤال الذي يحتاج إلى جواب: لماذا هناك مجتمعات تنجب الطغيان والاستبداد؟ وما علاقة الطغيان بالجهل وثقافة العنف؟ وما مدى مسؤولية النخب الثقافية في تكريس خطاب العنف والغطرسة وثقافة الطغيان؟ ولماذا هناك مجتمعات تنجب "ساسة" أكفاء ومحترمين؟ وما علاقة السياسة بالعلم وثقافة الحوار؟ وما مدى مسؤولية النخب الثقافية في نشر الثقافة السلمية وثقافة الحوار؟
يحتاج المشهد السياسي المغاربي والثقافة المغاربية بمعناها الأنثروبولوجي إلى إضاءة وتهوية وتطهير سوسيولوجي، وإلى إزالة الأعشاب الضارة والفاسدة من الحقل السياسي، ففي تربة هذه الثقافة بذور العقلانية والإنسانية وبذور السلام والإبداع معقمة تحتاج إلى تخصيب.
وتحتاج جينيالوجيا الحركات القومية المغاربية إلى قراءة سوسيولوجية وسيكولوجية لرصد نزعاتها الاستبدادية وخلفياتها الأيديولوجية التي أعاقت أو حدّت من تطور الثقافة السياسية الديمقراطية وحرمت الشعوب من أن تتمثّل بشكل عقلاني ذاتها الجمعية ومحيطها الأممي.
إن النخب المغاربية التي تتخندق مع قوى التغيير، وإذا لم تعثر على مفردات التغيير ستبقى كأسلافها تجتر مفردات منتهية الصلاحية وستتقطّع أنفاسها في إعادة إنتاج أوضاع بائسة، بل أكثر بؤسا من أوضاع الماضي.



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملف النخبة المغاربية (الجزء التاسع): تونس ومسار التحرر: من ب ...
- ملف خاص:النخبة المغاربية (الجزء الثامن): الحركة القومية التو ...
- بين الذكاء والغباء
- ملفات مغاربية: بعد ستة أشهر من عام 2022
- مايو: أحداث وأسماء جزائرية
- الجزائر: سؤال الهوية بين حقيقة العقل وحقيقة الواقع
- اليوم العالمي -العيش معا في سلام-
- الفرنسيون ذوو الأصل المغاربي والشأن السياسي
- الصحافة المغاربية: بين الحصار وسوء التعبير
- بعد أسبوع على فوزه بالرئاسة: هل سينجح ماكرون في الوفاء بوعود ...
- على هامش رحيل إيدير: كيف نبني خطابا خلاقا خاليا من الجهل وال ...
- تأشيرة شنغن: كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى البلدان المغاربية ...
- البلدان المغاربية في ضوء المنطق
- العلاقة الجزائرية الليبية في ضوء تحركات الدبيبة
- فرنسا: هل ستلفظ الجمهورية الخامسة أنفاسها؟
- على هامش الرئاسيات الفرنسية: أي مستقبل فرنسي مغاربي؟
- فضاء جيوسياسي مغاربي جديد قيد التشكل
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء السابع): تونس القرن التاسع ...
- الشعر في يومه العالمي: ما قصته مع الجمهورية؟
- المغاربيون في مرآة السعادة


المزيد.....




- مشتبه به يرمي -كيسًا مريبًا- في حي بأمريكا وضابطة تنقذ ما دا ...
- تعرّف إلى فوائد زيت جوز الهند للشعر
- مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم ...
- مسؤول إسرائيلي: العملية العسكرية في معبر رفح لا تزال مستمرة ...
- غارات جوية إسرائيلية على رفح.. وأنباء عن سماع إطلاق نار على ...
- من السعودية والإمارات.. قصيدة محمد بن راشد في رثاء بدر بن عب ...
- شاهد.. أولى الدبابات الإسرائيلية تسيطر على الجهة الفلسطينية ...
- هل انتقلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى السودان؟
- فيديو: ارتفاع حصيلة القتلى جرّاء الفيضانات والأمطار في كينيا ...
- فيديو: آلاف المجريين يخرجون في مظاهرة معارضة لرئيس الوزراء ف ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد هادف - في معنى الاستبداد المستنير