أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - صباح بشير - المرأة العربية بين الفرص والتقاليد















المزيد.....

المرأة العربية بين الفرص والتقاليد


صباح بشير
كاتبة

(Sabah Basheer)


الحوار المتمدن-العدد: 7353 - 2022 / 8 / 27 - 22:43
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


صباح بشير: المرأة العربية بين الفرص والتقاليد.

ما زالت المرأة العربية تخوض كفاحاً مستمراً لنيل حقوقها الاجتماعية والإنسانية، ومساواتها مع الرجل في جميع المجالات، فما الذي تمّخض عنه كفاحها حتى اليوم؟
يدعو واقع المرأة العربية إلى الاستقراء والتحليل، فقد تم إقصاؤها لفترات طويلة بموجب القوانين والأعراف الاجتماعية، لكن النساء بدأن فعليا باكتساب وتحقيق الكثير من الإنجازات في شتى الميادين، رغم صعوبة التقاليد والحياة الاجتماعية، التي ما زالت تُفضِّل الرجال عليهن بشكل عام.
في مطلع العام الفارط، أكدّت منظمة الأمم المتحدة أنه وعلى الرغم من القرارات التي تم اتخاذها في مجال المساواة بين الجنسين، إلا أن التراجع الكبير للمرأة، يستمر واضحا في العديد من المجالات الحيوية، بدءا من عدم المساواة في الأجور، إلى التعليم والتمثيل السياسي والقوانين المتعلقة بالأسرة والمرأة، وصولاً إلى الحياة العامة، مما يشكُّلُ فجوة كبيرة بين الجنسين. كما أعلنت المنظمة أن العنف الممارس ضد المرأة يؤثر على واحدة من بين ثلاث نساء في جميع أنحاء العالم، وهذه بالطبع نسبة عالية جدا!
وفقًا لتقرير الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2019م التابع لصندوق الأمم المتحدة: حتى الآن لم تحقق أي دولة في العالم مساواة كاملة بين الجنسين، لكن المنطقة العربية قد احتلت المرتبة الأدنى في العالم، على الرغم من بعض التقدم في المساواة الاقتصادية للمرأة في قطر والجزائر والإمارات العربية المتحدة، والفجوة بين الجنسين في المنطقة العربية هي بنسبة 39٪ (مقارنة بـ 33٪ في جنوب آسيا و 32٪ في إفريقيا) تلك الفجوة التي ستستغرق 356 عامًا أخرى لإغلاقها، والأسوأ من ذلك كلّه، فبين المجتمعات الأبويّة والحركات المحافظة المتزايدة وانعدام الإرادة السياسيّة للتحرك نحو المساواة بين الجنسين، يشهد العالم العربي اليوم ردود أفعال متطرفة ضد المرأة، حقوقها وحرياتها!

العنف القائم على النوع الاجتماعي:
وبحسب التقرير فواحدة من كل ثلاث نساء تتعرض لشكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي. يتخذ العنف ضد المرأة أشكالًا عديدة، لكن عنف الزوج الشريك هو الأكثر شيوعًا وقلّما يتم الإبلاغ عنه، بسبب الأعراف والتقاليد التي تقيّد المرأة وتمنعها من إبلاغ السلطات المختصة، لذا لا يتم تصنيفه كَجُرم في معظم المجتمعات العربية، وعندما تبلغ المرأة الجهات الرسمية بما وقع عليها من عنف وظلم وأذى، فإن وصمة العار الاجتماعية والضغوط الأسريّة والمجتمعيّة تلاحقها لسنوات!
كما تنتشر جرائم الشرف في العديد من الدول العربية التي أخفقت في تعديل القوانين ذات الصلة، تحتل الأردن وفلسطين أعلى نسبة في المنطقة: حيث يُسَجَّل كل عام ما بين 20 و 25 بلاغًا عن مثل هذه الجرائم، الذي يتم التعامل معها قانونياً على أنها قضية خاصة تخص رجال العائلة، فقتل أي أنثى بدوافع الشّك فقط على يد أحد ذكور العائلة، جريمة نكراء، عادة ما تلقى أحكاماً قانونية مخففة ويتم غض الطرف عنها!

التمكين الاقتصادي والمشاركة السياسية:
تعتبر النساء في الدول العربية قوة اقتصادية غير مستغلة بشكل كاف، حيث تعمل 24٪ فقط خارج المنزل، وهذا من أدنى معدلات توظيف النساء حول العالم، وفي الحالات التي تصل فيها النساء إلى المجالات التي يسيطر عليها الرجال، تظل الديناميكيات التقليدية المتعلقة بالنوع الاجتماعي راسخة بقوة، لذا تقل فرص النساء في الترقيات والوصول إلى المناصب الهامة ومواقع صنع القرار.
بشكل عام تؤدي المساواة بين الجنسين إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، فالمزيد من العمال يعني المزيد من الإنتاجية.
في منطقة الخليج العربي بشكل عام، يفوق عدد النساء الملتحقات بالتعليم العالي عدد الرجال، والحال لا يختلف عن ذلك في معظم الدول العربية، وفقا لذات التقرير فلدى جميع دول الخليج العربي “سياسات تأميم” للقوى العاملة، تهدف هذه السياسات إلى تقليل الاعتماد على العمالة المهاجرة من خلال إشراك المزيد من النساء في القوى العاملة، كما حددت المملكة العربيّة السعودية أهدافًا تتمثل في مشاركة المرأة في العمل بنسبة 30٪ بحلول عام 2030م، وفي الكويت يفوق عدد المواطنات عدد المواطنين الذكور في القوى العاملة.
وعن التمثيل السياسي فالمرأة العربية متأخرة في المشاركة، وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، تم سد 9٪ فقط من الفجوة السياسية بين الجنسين، وتم إغلاق أقل من 3٪ من الفجوة السياسية بين الجنسين فقط. في قطر تم تعيين أربع سيدات بمناصب وزارية منذ العام 2003م، أما في الكويت فمنذ العام 2005م فقد شغلت 11 امرأة مناصب وزارية، بما في ذلك وزيرة الصحة ووزيرة النقل ووزيرة المالية، كما شهدت الإمارات العربية المتحدة تحسنا من حيث زيادة عدد البرلمانيات، وفي لبنان تشغل المرأة حاليًا أربعة مقاعد نيابية فقط، و 3٪ من المناصب الوزارية، وحوالي 5٪ من مقاعد المجالس البلدية. يرجع هذا النقص في المشاركة السياسية إلى الحواجز الثقافية والدينيّة في هذه المجتمعات.
في السنوات الأخيرة ناضلت نساء الخليج العربي بشدة لأجل حقوقهن، وقامت النساء السعوديات بحملة لأجل الحصول على الحق في القيادة، حتى تم منحهن هذا الحق أخيرا، فالسعودية التي طالما قيّدَت المرأة، بدأت بإصلاح نظام الوصاية الذي يمنح السلطة للذكور على حساب الإناث، وذلك منذ أغسطس 2019م، أصبح الآن بإمكان المرأة الحصول على جواز سفر والمغادرة إلى الخارج وتسجيل الزيجات والمواليد بمفردها.
في الواقع، يعود كل ذلك بفوائد حقيقيّة على المرأة العربيّة، فهو يمنحها استقلالية اقتصادية وصوتًا في الشؤون المحليّة والدوليّة، لكن وبكل أسف فالنساء العربيات في الشرق الأوسط ما زلن يواجهن تفاوتات اجتماعيّة وقانونيّة كبيرة، كما يعشن حياة تقليديّة في ظل مجتمعات لا تؤمن بهن، فالظلم والأمّيّة والعُنف الأُسري، النظرة الدونية للمرأة وعدم المساواة، كلّها ترتبط ارتباطا وثيقا بالموروث الثقافي والمُعتقدات الدينية المُتطرفة، التي حوّلت المرأة في معظم الأحيان إلى وكيل لذلك النظام الأبوَيّ الذكوري البائد، الذي يتبنى قمعها.

تقدم طفيف:
سجلت الحركات النسوية والحقوقية الفلسطينية، العديد من الإنجازات الهامة على مدى السنوات الماضية، فيما يتعلق بالتمييز القانوني وتعزيز الديمقراطية، تشمل هذه الإنجازات تأمين حصة تمثيل بنسبة 20٪ في المجالس المحلية والمجلس التشريعي، والمصادقة دون تحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، على الرغم من ذلك فالفوارق بين الجنسين تُعَدُّ كبيرة في كثير من جوانب الحياة المختلفة! والمنطقة العربية لا تتمتع بالحماية القانونية ضد العنف الموجه للنساء، لكن منذ عام 2017م اعتمدت تونس قانونًا شاملاً لدحض العنف ضد المرأة، يسمح لها بالحصول على حق الحماية الطارئة، طويلة الأمد ضد المعتدي، أما الأردن فقد عدّل قانون العنف الأسري لعام 2008م ببعض التحسينات الجزئية الطفيفة جدا، وفي 2018م أصدر المغرب قانونًا يعترف بالعنف ضد المرأة كشكل من أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي، وعن المرأة في المناطق الفلسطينيّة فهي تواجه واقعًا معقدًا، فالأعراف والعادات الاجتماعية البائسة تحد من وصولها الى الكثير من الإنجازات والمشاركة السياسية ومواقع صنع القرار.

الأسرة المقيّدة:
قوانين الأسرة في الدول العربية تؤيد عدم المساواة بين الزوجين وتميز ضد المرأة في جميع جوانب حياتها، هذه عقبة رئيسية وأساسية أمام التنمية والتغيير المطلوب، منذ العام 2000م أدخلت مصر بعض التغييرات القانونية، دون تأثير يذكر، شملت التغييرات موضوع الطلاق، إذ يمكن للمرأة أن تشرع بالخلع، مع ذلك فالمرأة عند الخلع تفقد حقها في الدعم المادي وعليها سداد المهر أو المستحقات المادية التي حصلت عليها من الزواج، من هنا فالنهج الشامل لإصلاح قانون الأسرة يفتقر للكثير، ذلك لأن محاكم الأسرة تواصل ارتكاب ذات القوانين البالية والتمييزية. في العام 2004م أدى إصلاح قانون الأسرة المغربي إلى زيادة حق المرأة في الطلاق وحضانة الأطفال، وكذلك تقييد تعدد الزوجات، لكن الحكومة المغربية تتردد في تنفيذ هذه الإصلاحات فعليًا. وفي لبنان تواجه جهود الإصلاح تحديات عديدة بسبب تنوع قوانين الأحوال الشخصيّة المفصّلة لمختلف الطوائف الدينية المعترف بها رسميًا هناك.

أخيرا، نأمل أن تُنشئ مجتمعاتنا العربية فكرا جديدا معافى بعد كل المخاضات العسيرة والانتكاسات التي مَرَّت بها، وما فَتِئَت تؤثر عليها بتداعياتها وتعصف بها مداً وجزراً، فالإصلاح والتغيير المطلوب، لن يحدث إلا من خلال بناء السياسات المستقبليّة وإصلاح قوانين الأسرة وحقوق الإنسان، والتوافق مع الأهداف العالميّة لبناء أساس المساواة الكاملة، ذلك لأن النهوض بالمرأة هو الطريق الأمثل، الذي يُمَكِّن المجتمعات العربية من تقديم صورة إنسانية دولية إيجابية عنها، كما يحافظ على علاقاتها السياسية والتجارية والاجتماعية الجيدة مع العالم، ويخفف من حدة الانتقادات الموجهة إليها.
رغم هذه الظروف فالمرأة العربية متمسكة بحقوقها، دورها ومكانتها في تطور المجتمع، تقدمه وازدهاره، وهذا لن يكون بمعزل عن تحرير الإنسان، الفكر والمجتمع، من الموروث التقليدي والشروع بالمساواة الكاملة.



#صباح_بشير (هاشتاغ)       Sabah_Basheer#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن على شراع الذاكرة
- اللعب على أوتار القيم!
- -مايا- رواية تحاكي عقول اليافعين
- قراءة في كتاب المتخيّل السرديّ الحديث، للدكتور رياض كامل.
- قراءَة في المجموعة القصصية -جدتي تفقد الحلم-
- التنوير الثقافي في -أقمار خضراء-
- عن رواية -عزف هادئ على أوتار الحبّ-
- قراءة في رواية تائه بين الفواصل
- قراءة في رواية -جسر عبدون- للكاتب قاسم توفيق
- يدا بيد نحو مجتمع أفضل
- أبي حبيبي
- ما بين الكاتب والناقد والنص.
- همسات وتغاريد والحسّ الإنساني
- عن رواية “الجرجماني” للأديب حسن حميد
- عن قصة الأطفال “ثابت والريح العاتية”
- -بين مدينتين- سيرة ذاتية مُبهرة للأديب فتحي فوراني/ صباح بشي ...
- من الرمال الساكنة إلى الرسم والإبداع
- صباح بشير: “نور العين” قصة إنسانية ملهمة
- لاجئة في وطن الحداد.. سيرة شعرية في أربعة فصول
- أنا من الديار المقدسة.. رواية تقدم شهادة انسانية


المزيد.....




- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - صباح بشير - المرأة العربية بين الفرص والتقاليد