أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - همسات وتغاريد والحسّ الإنساني














المزيد.....

همسات وتغاريد والحسّ الإنساني


صباح بشير
كاتبة

(Sabah Basheer)


الحوار المتمدن-العدد: 7139 - 2022 / 1 / 18 - 19:40
المحور: الادب والفن
    


عن دار طباق للنشر والتوزيع صدر كتاب "همسات وتغاريد" للكاتبة عدلة شدّاد خشيبون (2020م)، وقد جاء في ثلاثة وثلاثين نصّا، ضمن مجموعة منتقاة من الخواطر والنصوص النثرية والصور القلمية، التي جمعتها الكاتبة في قالب فني وصياغة أنيقة, وأهدتها إلى روح والدتها وأختها، وهو كتابها الثاني بعد كتاب "نبضات ضمير" الذي صدر في العام 2014م.
قدّمت الكتاب الروائية دينا سليم حنحن، واستهلّت قائلة: " هذا القلم المميز عندما يكتب، يقودنا إلى أنفسنا المغتابة ليمسح الغبار عن عوالم سحرية مدفونة، نريد لها الخروج من فانوسها السحري".
كان العنوان ثريا بما يكفي لإضاءة العتبة الأولى للقراءة وما جاورها من متن نصيّ، فحضر مباشرا أنيقا، ذو جرس موسيقي رَنَّان، ملتحما بمحتواه معبّرا عنه، عكسَ مرآه ومكنوناته ووصف الحالة الوجدانية التي تعيشها الكاتبة.
وبما يخصّ الفكرة فقد حققت التوازن والترابط في الجمل والألفاظ والتراكيب، كانت واضحة متماسكة بعيدة عن التعقيد والجفاف، وبأسلوب منسجم وقالب أدبي لطيف أفصحت كاتبتنا عن نفسها وعبرت عمّا يجول في خاطرها، اعتمدت التنوّع ووجدانية الأسلوب، ما بين الومضة واللقطة والخاطرة الإنسانية، الرومانسية والاجتماعية، وامتازت سطورها بالإيجاز وجمال الصياغة وقوة التأثير، تزاحم الصُّوَر والتشبيهات، بساطة الألفاظ والاتِّساق مع الدفقة ‏الشعوريّة المرافقة.
وعن اللغة فقد امتلأت بالحس الإنساني الشفيف والأسئلة الوجودية، التماسك التعبيري، سرّدا ووصفا، تمكنت من الولوج إلى فضاءات متخيّلة وعوالم جديدة, وصفت الواقع ونقلَته وزادَت في معانيه سَعَةً ونَمَاء.
أما عناوين النصوص فقد مثلّت البوابة الفنية المبدَئيّة التي يجتازُها القارئ وينطلق منها إلى باقي الصَفحات بفضولٍ كبير، تلك الصفحاتِ التي ازدحمت بثيّمات المشاعر، الحزن الألم والدموع، الحلم والأسرار، الشوق والذكريات، الحنين والنسيان، فكانت بمثابة المُقوِّم الأساسيّ لعُروج هذا العمل إلى منصَّة الإبداع.
يشعر قارئ هذه النصوص بأنه أمام واقع الحياة وما تكتنفه من أحداث، فتلك الشذرات والنبضات قد استعادت الغياب الذي تحقق في النصّ، الفقدان وخسارة الأُم والأخت، وجع عميق جاثم في الصدر، وُصفته خشيبون بمنتهى الصِدق والتدفق، كانت صورة الأم مترابطة لامتناهيّة وظَهَرت في قالبٍ يحمل شيئا من روحها أحيانا، أو يحمل فلسفتها في تجاوز الألم أحيانا أخرى، واسترسَلَت تمَضي معتمدةً أساليب هادئة يسيرة، شاعريّة المشهد ‏والحركة والإيماءات، واعتبرت الحياة قيّمة ثريّة بما يتذكر الإنسان، فاسْتَهْجَنَت الفناء واستحضرت الغياب بحضور النصّ، وقبضت على اللحظة الشعوريّة قائلة : "موجوعة أنا يا أمّي! وصفير قاطرتي بعيد بعيد.. بردانة أنا يا أمّي! ودفء غطائي جليد جليد، حجم الاشتياق كبير لا يعرف للزّمن ساعة، لا.. ولا يكترث بعقارب لاسعة، بألم السّنين، فقدت ألواني باهتة، بل رثّة وريشتي ضائعة".
وأمام تلك الحالة الحسيّة ومناجاة الأم الراحلة، نقف أمام الوصف وجمع من الأسئلة، المواقف والتفاصيل، ونَسَق جميل من الدهشة والبهجة من جهة، واللَّوم الإحباط من جهة ثانية، وعن العتاب كتبت تقول: "أنا يا صديقي لا أقرأ كفّ الظالمين..لا، ولا أشرب قهوة العابسين، لي كفٌ من دفء نسيم عليل، أداعبها، وأرتشف قهوتي ساخنة، وأحلم باليقين".
ولا بدّ هنا من التّطرق للصدق، فهو كما ‏استَشعَرتُه، كان العنصر الأهم في هذه المجموعة، ليس بما اقترفه الخيال، بل بما نبع من عفوية الخواطر ووطأة الشعور، فالصدق هنا حرّر الذات المبدعة، وأطلق سجيّتها دون رتوش أو تجميل أو إضافة، وجعلها تستَرسل بتلقائية طبيعية.
وعن خريف المشاعر كتبت تقول: "لا أقف مكتوفة الأيدي، بل أقف جالسة على يد ضاقت ذرعا بهواء يمنع عنها الهواء، هي صفعة قدر جديدة، جادت بها سخرية الأيام.. أنا يا صديقي لا أكتب الطلاسم، هو واقع يقع على الحدّ الفاصل بين زرقة السّماء وشجرة صفصاف حزينة، بحجم عتمة المساء"..
أخيرا، فقد وثقت عدلة لحظتها والشعور، وعلى أعتاب البوح انعتق حرفها وطار في فضاء لوحاتها محلّقا، ليكشف عن أبعادٍ جماليّة وإيحائيّة، هكذا حتى اكتمل المشهد وانسابت كلماتها كلحنِ ناي، تَسَلَّلَ فَلَوّن القصَب وتورّد، ومن يعرف الكاتبة عن قُرب يعرف أنها تتميّز بعفويتها وإنسانيّتها، فهي تسكب ذاتها مع كل سطر تخطّه، ودائما ما تشي كتاباتها بتفاعلها الإيجابي مع محيطها، لذا فهي تصعد إلى معارج الوجد في عالم من السكينة والرواء.
أبارك للصديقة عدلة خشيبون هذا الإصدار، وأتمنى لها نجاحا أدبيًا مشرقًا، ومزيدا من التألق والنجاح.



#صباح_بشير (هاشتاغ)       Sabah_Basheer#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن رواية “الجرجماني” للأديب حسن حميد
- عن قصة الأطفال “ثابت والريح العاتية”
- -بين مدينتين- سيرة ذاتية مُبهرة للأديب فتحي فوراني/ صباح بشي ...
- من الرمال الساكنة إلى الرسم والإبداع
- صباح بشير: “نور العين” قصة إنسانية ملهمة
- لاجئة في وطن الحداد.. سيرة شعرية في أربعة فصول
- أنا من الديار المقدسة.. رواية تقدم شهادة انسانية
- عن رواية حيواتٌ سحيقة للروائي يحيى القيسي
- عن كتاب أشواك البراري لجميل السلحوت
- مع رواية -هناك في شيكاغو-
- عن رواية -مدينة الله- للروائي حسن حميد
- عن قصة الأطفال-قراءة من وراء الزجاج-
- قراءة تحليلية لقصة -زغرودة ودماء-
- حول رواية الخاصرة الرّخوة


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - همسات وتغاريد والحسّ الإنساني