أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - وطن على شراع الذاكرة














المزيد.....

وطن على شراع الذاكرة


صباح بشير
كاتبة

(Sabah Basheer)


الحوار المتمدن-العدد: 7321 - 2022 / 7 / 26 - 02:24
المحور: الادب والفن
    


كانت الرسائل وما زالت منفذا هاما لمداخل بعض الشخصيات الأدبية، عبّروا من خلالها عن مناطق مظلمة في حياتهم، أضاؤوها بشعلة البوح والصدق، فكتبوا بحبر القلب ومداده، مشاعرهم وأفكارهم، وبالقلم رسول الكلمة، ضخّوا بالدماء فيها لتنبض بالشوق والحنين. ومن المعروف أن أدب الرسائل فن أدبي من الفنون النثرية، اهتم به الأدباء والنقاد رغم انحساره في وقتنا الحاضر، وقد يكون هذا النوع من الأدب، من أهم الفنون الأدبية التي تُسمِع صوت الكاتب وتعرّفنا به دون تصنُّع، وهذا هو سرّ قيمتها وجمالها، فمن خلالها نعرف كتّابنا على حقيقتهم، ذلك لأنهم حين يكتبون رسائلهم لا يتّخذون شخصية تخالف حقيقتهم.
ها هو هذا الفن النثري بأنواعه، يشهد نهضة جليّة وتنوّعا في مضامينه، وتطوّرا في المحتوى والأسلوب، وممّا يثبت ذلك، تعدّد الأدباء الذين اهتموا بالمشاركة في موضوعات متنوعة في رسائلهم، أدبيّة اجتماعيّة وسياسيّة، فعبّروا عمّا ينطوي بداخلهم دون تكلّف، ولنذكر على سبيل المثال لا الحصر البعض ممن تنوعت رسائلهم بين مواضيع مختلفة، أشجان وأحزان، مثل رسائل الرافعي لمي زيادة، مي زيادة والعقاد، غسان كنفاني وغادة السمان، جبران خليل جبران ومي زيادة، آمال عواد رضوان ووهيب نديم وهبة، محمود شقير وحزامة حبايب، ومؤخرا صدر كتابنا "رسائل من القدس وإليها" لجميل السلحوت وصباح بشير.
أما كتاب "وطن على شراع الذّاكرة" فقد صدر قبل أيام عن دار الأسوار في عكا، وهو رسائل متبادلة بين الشاعرة روز اليوسف شعبان المقيمة في قرية طرعان الجليلية، والشّاعر عمر صبري كتمتو المقيم في أوسلو.
يقع الكتاب في 120 صفحة من الحجم المتوسّط، وقد صمّمت غلافه ومنتجته الفنانة مرام صبّاح. حملت هذه الرسائل التي أُعدّت وكُتبت في شهر واحد، الشيء الكثير من عبارات حبّ الوطن، الحنين والأمل، وسنوات الطفولة الأولى والذكريات البريئة، مدينة عكا وبحرها، الانتماء والوفاء للأرض، فالوطن هو نبض القلوب وشريانها، إليه يحن كل مهاجر غائب، فكيف يكون الأمر حين يكون الغائب شاعرا وكاتبا؟ ساحته ومنبره الذي يعرف هو الكتابة، تلك التي تسكنه فتغدو وجوده وكيانه الذي يتماهى، ليعبّر عن نفسه ومكنونات وجدانه، فالشاعر كتمتو الذي ولد في عكّا، شرّد منها وأسرته خلال النكبة عام 1948م، أما الكاتبة شعبان فقد ولدت في قرية طرعان، تعيش فيها وتعمل، وقد تطوّرت علاقتهما بعد تعارفهما في ندوة اليوم السابع المقدسية الأسبوعية، فنشأت بينهما صداقة عن بعد، اجتمعا فيها على حبّ الوطن.
يقول د.عمر كتمتو ص8 بلغة شفيفة جميلة: أنه لم ينس بيته الذي كانت تجاوره شجرة تين معطاءة، ولا رحلته مــن خارج مدينته القديمة العريقة.
وتقول الكاتبة د. روز ص15 بلغة شاعريّة جميلة: هنا كانت جدّتـي وجدتك، تسقيان أحواض الحبق والنعناع، تعقدان المنديل على رأسيهما، تشمّران عــن سواعدهما وتزرعان كروم الزيتون والعنب والرّمان.
حققت هذه الرسائل التّماسك في الفكرة والتشويق في أسلوبها، فقد أفضت كلّ فقرة إلى الفقرة التي تليها بسهولة ويسر. هذا الأسلوب يضيء السطور للمتلقي ويفتح آفاقه على الصّلة الوثيقة بين الموضوع المطروح، كما لاحظنا الاهتمام بخواتيم الرسائل بنفس القدر والحرص على مقدّماتها، ولعلّ الكتّابين قد حرصا أيضا على المضيّ قدما نحو إقامة الفكرة التي تضمن تفاعل القارئ، وتنأى عن الأشكال التقليديّة للرسالة الأدبيّة، فجاءت اللغة جزلة واضحة في مجملها، وقـد أسعفهما موضوعها الإنساني الشفاف، الذي أبرز حالة المشاركة الوجدانيّة لكليهما، فأكّدا على صدق العاطفة وعشقهما للوطن، الذي حضر بكل ما يملكه من ماضٍ وتاريخ وحاضر.
ثمة أحاسيس كثيرة متزاحمة في هذه الرسائل، وازدحام هادئ محبب لطيف يطغى على كل جزء فيها، بدأً من الحنين الذي لا تكاد تخرج منه إلا وتعود إليه، وصولا إلى الأحلام والذكريات، والعناوين الكثيرة، فكل عنوان هو محطة بذاتها، إذ تبدأ الرسالة به ليجد القارئ نفسه أمام صور متعددة تتفرّع منه، يرافقها الأحاسيس التي تجتمع في ذات الهاجس، وهو الشوق إلى الوطن.
لم يخطر لي حين بدأت قراءة هذا الكتاب أن تلك الأحاسيس التي حمَلتها هذه الرسائل ستسكنني، فهي تروي حكاية شعب، وتسير في فضاءات الّذاكرة الجمعية التي تمتّد وتمتّد، تختبئ خلفها الأحلام والصور الشعرية، عبق التراب والأزهار وبيوتنا الصامدة، الأمنيات والرغبات وخطوات العابرين وأصوات المهاجرين، فتجمع غزالات القلب ومواسم الوعد، وتنثر الحبّ على جدران الدهشة، فتطّل الأمنيات خلف الحروف لتَرقُّب المستقبل، علّه يزهر بخطى العائدين ومواكب الغائبين.
أبارك للكاتبين هذا التميز في الكتابة وحسن اختيار الفكرة والوصف، مع كل الأمنيات بالتوفيق والتألق الدائم لكليهما.



#صباح_بشير (هاشتاغ)       Sabah_Basheer#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعب على أوتار القيم!
- -مايا- رواية تحاكي عقول اليافعين
- قراءة في كتاب المتخيّل السرديّ الحديث، للدكتور رياض كامل.
- قراءَة في المجموعة القصصية -جدتي تفقد الحلم-
- التنوير الثقافي في -أقمار خضراء-
- عن رواية -عزف هادئ على أوتار الحبّ-
- قراءة في رواية تائه بين الفواصل
- قراءة في رواية -جسر عبدون- للكاتب قاسم توفيق
- يدا بيد نحو مجتمع أفضل
- أبي حبيبي
- ما بين الكاتب والناقد والنص.
- همسات وتغاريد والحسّ الإنساني
- عن رواية “الجرجماني” للأديب حسن حميد
- عن قصة الأطفال “ثابت والريح العاتية”
- -بين مدينتين- سيرة ذاتية مُبهرة للأديب فتحي فوراني/ صباح بشي ...
- من الرمال الساكنة إلى الرسم والإبداع
- صباح بشير: “نور العين” قصة إنسانية ملهمة
- لاجئة في وطن الحداد.. سيرة شعرية في أربعة فصول
- أنا من الديار المقدسة.. رواية تقدم شهادة انسانية
- عن رواية حيواتٌ سحيقة للروائي يحيى القيسي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح بشير - وطن على شراع الذاكرة